النقاب عادة وليس عبادة
د. علي جمعة, د. يوسف القرضاوي, شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي, شمس البارودي, د. آمنة نصير, شيخ الأزهر, مفتي مصر, د. سعاد صالح, جامعة الأزهر, فتوى, علماء الدين, اتحاد النقابات الفنية, النقاب عادة, النقاب عبادة, مدارس, معاهد, المدن الجامعية, معاهد الأزهرية
26 أكتوبر 2009 أطلق شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي فتوى جريئة عندما أعلن أن النقاب عادة وليس عبادة وأيد منعه في المدارس والمعاهد والمدن الجامعية. ورغم أن بعض المتشددين عارضوه وحاربوه فإن علماء الدين أيدوا فتواه مؤكدين أن كشف الوجه واليدين ليس بعورة والأدلة الشرعية تثبت هذا. «لها» رصدت رأي شيخ الأزهر وآراء علماء الدين.
الصحابيات لم يكنّ منتقبات
يقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر: «النقاب ليس من الإسلام في شيء والصحابيات كن مكشوفات الوجه أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، ولابد أن نسعى للسمو والرقي بالأخلاق والفضائل وليس مجرد الشكل، فالنقاب ليس فرضاً على المرأة المسلمة والأحاديث والأسانيد الشرعية على ذلك كثيرة.
النقاب ليس فرضاً ولا سنّة وبالتالي فهو ليس مأموراً به بحيث تأثم من لا ترتديه، وإنما يعتمد على روايات ضعيفة لا يعتد بها مما يؤكد أنه مجرد عادة لأن الإسلام حدد الزي الشرعي للمرأة وحدد شروطه بأن يستر كل جسدها عدا الوجه والكفين، مما يعني أن وجه المرأة ليس عورة.
وأؤيد إصدار قرار بمنع ارتدائه في معاهد ومدارس البنات بعكس الحجاب الذي فرضه الله تعالى والثابت بنصوص القرآن والسنة النبوية وله شروط محددة. ولكن إذا رأت المرأة البالغة العاقلة التي تعمل أن النقاب يحميها ويحافظ عليها فهي حرة في ارتدائه رغم إيماني المطلق بأن النقاب عادة ولا علاقة له بالعبادة.
وقد أعجبني اجتهاد الشيخ محمد الغزالي في كتاب «مئة سؤال في الإسلام» عندما خصص سبع صفحات للنقاب وانتهى إلى أن جمهور الفقهاء قالوا إن الوجه ليس بعورة والمالكية أفتوا بأن النقاب مكروه بدليل حظره في الإحرام للحج».
أصله يهودي
وطالبت العميدة السابقة لجامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير بسن قانون يجرم ارتداء النقاب للحفاظ على سلامة المجتمع «لأنه في حقيقته زي يهودي اقتحم حياة المسلمات بلا سند شرعي من القرآن والسنة.
وهذه عادة لا عبادة وعلينا اتباع أحكام شريعة الإسلام التي منهجها اليسر والتبسط والاعتدال، امتثالاً لقوله تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الدين يسر».
ولا يوجد رأي فقهي يعتبر النقاب من الدين، والدليل الشرعي أنه عندما دخلت أسماء بنت أبي بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصح أن يُرى منها إلا هذا»، وأشار إلى وجهه وكفيه.
وكذلك حديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم: فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يارسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير» لو كان كشف الوجه محرماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بأن تغطي وجهها، كما أن الإسلام حرم للمحرمة بالحج تغطية وجهها مما يؤكد عدم فرضيته».
عادة وليس عبادة
وأعلن وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق معارضته للنقاب، حتى أنه أصدر كتاباً بعنوان «النقاب عادة وليس عبادة». وعلل ذلك بقوله: «النقاب يخفي هوية المرأة ويفصلها عن محيطها الاجتماعي، فكيف تكون المنتقبة داعية إسلامية ولاترى حتى النساء منها شيئاً؟ فرؤية الوجه تعلن هوية الإنسان وتجعله مألوفاً ومعروفاً من الآخرين.
وكم من الجرائم الأخلاقية والأمنية ترتكب تحت ستار النقاب، ولهذا منعت تعيين مرشدات دينيات في المساجد بسبب النقاب ووزعت الكتاب على الخطباء في المساجد لتوضيح الحكم الشرعي للمصلين ووزعته كذلك على المرشدات غير المنتقبات لبيان حكم الشرع لغيرهن، بل إنني أرى أن منع النقاب وحظره في كل مؤسسات الدولة صارا أمراً ضرورياً خاصة أنه لا علاقة له بالدين، لكن الأمر يحتاج إلى مجهود كبير جداً لمواجهة الفكر المتشدد الذي يحاول غزو جميع المؤسسات عبر دعاة الفضائيات الذين يركزون على الأمور الهامشية ومنها النقاب.
حتى إن بعضهم يؤكد أن من شروط النقاب أن يغطي كل وجه المرأة حتى بياض عينيها ورموشها، وقال آخرون انه يجب ان يغطي إحدى العينين وتترك عين واحدة فقط. ومن المؤسف انتشار النقاب بصورة ملحوظة في المجتمع المصري».
أدلة شرعية
يقول الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر:« رأي شيخ الأزهر سليم سواء من الناحية الشرعية أو الوظيفية خاصة أن النقاب لا يوجد له أصل لا في القرآن ولا في السنة فشريعة الإسلام تقتضي بوجوب التحلي بالفضائل والاعتصام بالعفاف والتستر والاحتشام والأمور التي يفهمها العاقل أن المرأة تستعمل النقاب خشية أن يراها الرجال وليس من المعقول أن تستعمله المرأة في مكان كله من السيدات لذا فإن الإصرار على استعماله في وجود النساء مع النساء هو لون من التشدد الذي ترفضه الشريعة ومن يعارضني عليه الاستشهاد بآيات من القرآن لبيان أن النقاب فرض إسلامي لأن ما توصلت إليه أنه تقليد اجتماعي والإسلام الذي أقر بأن وجه المرأة ويديها ليس من العورات بل إن النقاب يتنافى مع ما أمر به القرآن الكريم في قوله تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ...» آية ٣٠ سورة النور. فلو كانت المرأة منتقبة وتغطي جسدها كله فكيف يغض الرجل بصره ومن أي شيء؟».
المنع تأخر كثيراً
وقالت مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح عن قرار شيخ الأزهر انه تأخر كثيراً «مما تسبب بترسيخ فكرة أن النقاب فرض شرعي مع أنه عادة، واستغل من يروجون له صمت المؤسسات الدينية فجعلوه فرضاً شرعياً مع أنه عادة مثل البرقع الذي جاءنا من تركيا والإسدال من إيران...
كلها موضات أوعادات لا علاقة للشرع بها، فمن تنتقب تدفع نفسها الى العزلة عن محيطها الاجتماعي. ولهذا لابد من تعاون كل المؤسسات الدينية والحكومية والإعلامية للتصدي لهذا الفكر المغلوط الذي يحاول البعض أن يربطه بفرضية الدين مع أنه لا أصل له في الإسلام فإذا رغبت المرأة في أن ترتديه فيكون من منطلق الموضة أو العادة وليس الدين، وعليها ألا تعتقد أن غيرها من النساء غير المرتديات للنقاب مخالفات للشرع.
والغريب في قضية النقاب أن من يحاول أن يقترب منها يتعرض لهجوم كبير مما يؤكد أن هناك أياديَ خفية وراء ترسيخ النقاب.
بل ان هناك من أباحوا إهدار دمي لمعارضتي النقاب. وليتذكر هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تأتيه النساء وهن كاشفات وجوههن ولم يحرم عليهن ذلك بدليل أن الله تعالى قال لنبيه: «لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن» آية ٥٢ سورة الأحزاب، والإعجاب بالحسن لا يكون إلا إذا كان وجه المرأة مكشوفاً».
بدأت القضية أثناء تفقد شيخ الأزهر للمعاهد الأزهرية في اليوم الأول للعام الدراسي، فوجد في أحد معاهد البنات فتاة في الصف الثاني الإعدادي مرتدية النقاب رغم أن الموجودات في الفصل هن مدرساتها وزميلاتها وبالتالي لا داعي لارتداء النقاب الذي ليس من الإسلام في شيء بل إنه عادة اجتماعية أساء البعض استخدامها في ارتكاب الجرائم، وبالتالي فإن مرتديات النقاب يضعن أنفسهن موضع الشبهة، والدين يسر وليس عسراً.
وبرر شيخ الأزهر أوامره بمنع ارتداء النقاب داخل المدارس والفصول بالحرص على عدم تخريج أجيال معقدة نفسياً مما يتعارض مع الأصول المهنية التي تفرض على المعلمة التواصل مع الطلاب. وأيده مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر فأصدر فتوى بحظر ارتداء النقاب في أماكن التعليم والصحة.
شمس البارودي: خلعت النقاب بفتوى مستنيرة
تروي الفنانة المعتزلة شمس البارودي قصة خلعها النقاب والاستعاضة عنه بالحجاب قائلة: «سألت الدكتور يوسف القرضاوي عن الحكم في خلع النقاب فكان رده قاطعاً: الأصل كشف الوجه. فقال له زوجي: سمعنا أن بعض الأخوات اللواتي جعلها الله سبباً في حجابهن يهاجمن كشفها وجهها.
فقال الدكتور القرضاوي لزوجي بالحرف الواحد: قل لها، يا شمس أنت على الحق وهن على الباطل. بهذا التشدد والتعنت ولذا كشفت وجهي حباً لديني وعقيدتي ولأعلم القاصي والداني في الغرب وغيره أن ديننا دين رقي واحتشام وليس دين تزمت وعبوس».
بعضهن غشاشات
وأبدى رئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد الطيب تجاوبه مع موقف شيخ الأزهر حيث تقرر منع الطالبات والمعلمات من ارتداء النقاب داخل المحاضرات والكليات الخاصة بالبنات خاصة التي تقوم بالتدريس فيها المدرسات من النساء فقط، كما أن «قرار المنع يسري على المدن الجامعية، مع التأكيد أن الأزهر ليس ضد استعمال المرأة للنقاب في حياتها الشخصية التي تتعلق بسلوكها في الشارع ولكنه ضد استعمال هذا الحق في غير موضعه لما يترتب عليه من غرس ذلك في عقول الصغيرات من الفتيات واتباع رأي الأقلية من الفقهاء الذين يعارضون رأي جمهور الفقهاء الذي يقول إن وجه المرأة ليس بعورة.
والأزهر ليس ضد استعمال المرأة للنقاب في حياتها الشخصية سواء في الشارع أو في عملها أو في تعاملها بين الناس، ومن خلال التجربة أن بعض الطالبات المنتقبات تم ضبطهن يقمن بالغش في الامتحانات ويتخذنه وسيلة للتحايل».