500 ألف ريال عقوبة القذف والتشهير في السعودية

المملكة العربية السعودية, القانون, التواصل الإجتماعي, قضية / قضايا التشهير, المجتمع السعودي, بلاغ, القذف, الفيسبوك, تويتر

22 أكتوبر 2012

في بادرة قد تبدو غريبة على المجتمع السعودي، أقامت الإعلامية السعودية أماني العجلان دعوى قذف على أحد المغردين السعوديين في «تويتر» الذي هاجمها تحت اسم مستعار. وبهذه القصة تكون العجلان قد اتخذت خطوة تجاه ردع المعتدين على شبكات التواصل الاجتماعي. «لها» تفتح الملف من خلال هذا التحقيق.


تقول أماني العجلان لـ «لها»: «فوجئت بأحد الحسابات تطل علي وهي تحمل صورتي ولكن تحت اسم فهد. لم أستبعد التصرف من بعض الطائشين، ولكن فضلت أن أتعامل بكل حلم مع هذا الشخص، وطلبت منه أن يغيّر صورتي، فجاء الرد خارج حدود الأدب، واتبعت الأسلوب المعتاد وهو حجب الحساب، فراسلت إدارة موقع «تويتر» التي ردّت علي بالحجب والتوجه الى السلطات المحلية لإجراء اللازم».
وأضافت: «بعد أيام جاءني أحد المتابعين ليستفسر مني عن موقفي من هذا المتعدي، ودخلت الحساب لأفاجأ بكمية الشتائم ووابل السب السوقي الذي خرج عن حدود المعقول ليطال أبي وأمي بكلمات ينأى الإنسان عن ذكرها. هنا علمت أن هذا الحساب لم يوضع إلا لمضايقتي، ورجعت في حينه الى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في مادته الثالثة البند الخامس».

وتابعت: «بعد هذا الحادث بأسبوعين توجهت إلى مركز الشرطة برفقة والدي بناء على النظام الذي وضعته وزارة الداخلية، والى مكتب مدير المركز الذي استنكر في أول الأمر نوع الشكوى، إلا أن جدية الموضوع الذي تحدثنا به أنا ووالدي دفعته لأن يكتب توصيته على المعاملة للتعامل معها بسريه تامة وباهتمام بالغ. بعد أيام توجه والدي لمتابعة الموضوع من المركز، وأنا واجهت مشكلة مع العاملين في المركز خصوصاً أن المحقق المشرف على القضية لا يملك أي خبرة عن موقع تويتر وكيفية الدخول اليه أو استخدامه. وتحسبا لأمر مماثل فقد صوّرت كل التغريدات التي وصلت الي وسلّمتها للمحقق. وبعد أسبوعين تقريبا وبعد عناء طويل استطعنا تحديد موقع مرتكب هذا الفعل والمفاجأة أنها كانت فتاة، واضطررت لأن أتنازل عن القضية ولكن بعد أن تحدثت معها مطولا لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء فعلها فاكتشفت جهلها التام بالقانون الذي يحاسب على عمل كهذا».


فيسبوك

تقول نجلاء الوليد إنها تعرّضت للسب والقذف في الفيسبوك عن طريق شخص لأنها طرحت وجهة نظرها في قيادة المرأة السعودية للسيارة، فأخذ يرميها بسيل من الشتائم التي لا تصدر من شخص سويّ. وتضيف:» صورت كل ما قام به وذهبت به إلى الشرطة حيث حُرر محضر. وبعد شهرين اتصل أحد الضباط وطلب مني مراجعة قسم الشرطة، فقد تعرفوا على الشخص وهو يسكن منطقة الحدود الشمالية، فتقدّمت بشكوى الى للمحكمة الجزئية في منطقة مكة المكرمة ومازالت المعاملة قيد التنفيذ».
وطالبت الوليد بمحاسبة «القاذفين»، وهم أشخاص بعضهم يدخل بمعرّفات مجهولة، وآخرون بمعرّفات معروفة، ويكتبون اتهامات وعبارات نابية وقذفا صريحا لآخرين ويتسترون تحت غطاء التقنية.

قال وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية عبدالرحمن الهزاع إن غرامات القذف والتشهير تصل إلى 500 ألف ريال، مؤكداً  أن الإعلام الجديد والفيسبوك وتويتر تطبق عليها العقوبة مثلها مثل الصحف والمواقع الإلكترونية.

وذكر المستشار القانوني ظافر العجمي أن عقوبة القذف والسب على مواقع التواصل الاجتماعي  بحسب قانون مكافحة جرائم المعلوماتية هي السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات وغرامة مالية لا تتجاوز 3 ملايين ريال أو بإحدى العقوبيتن، في حال ثبوت جريمة «القذف».
وأضاف: «المواقع الإلكترونية تخضع لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 17 وتاريخ 8/ 3/ 1428 بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم (79) وتاريخ 7/ 3/ 1428هـ، والذي يعرف الموقع الإلكتروني في المادة الأولى في البند التاسع بأنه مكان إتاحة البيانات على الشبكة المعلوماتية من خلال عنوان محدد، وبالتالي فإن أي فعل مخالف للقانون يقع في محيطه يخضع لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية».

من جهته، يقول الخبير القضائي الدكتور محمد العمري إن «الاعتداء على الغير يكون باللسان (مسموع) مواجهة أو مهاتفة، ويكون بالبنان - القلم - (مقروء) في الإعلام القديم (الجرائد) والإعلام الجديد (الإلكتروني) بما فيه مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «تويتر» على نوعين أولاً القذف، والسب والشتم والتشهير. فالقذف هو رمي آخر بالفاحشة وعقوبته حد القذف ثمانون جلدة، وأما ما سوى الرمي بالفاحشة كالسب والشتم وتشويه السمعة والتشهير فعقوبته التعزير بما هو دون حد القذف غالباً، وهذا من الناحية الشرعية والقضائية».
ويضيف: «ومن الناحية القانونية إن كان قذفاً تختص به المحاكم الشرعية، وأما إن كان شتماً فينظر إلى وسيلته، فإن كان مباشرة فالمحاكم الشرعية، وإن كان وسيلة إعلامية سواء تقليدية أو إلكترونية فتختص به وزارة الإعلام، ما لم تكن جريمة فيكون مشمولاً بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية وهي من اختصاص المحاكم. ولذا فكل قذف في تويتر ونحوه تختص به محاكم وزارة العدل بطلب حد القذف، وكل شتم في تويتر ونحوه تختص به اللجنة القضائية في وزارة الإعلام».
ويطالب العمري بإنشاء مركز وطني لمكافحة الجرائم الإلكترونية ليستقبل شكاوى المتضررين ويحيلها على هيئة التحقيق والإدعاء العام لإجراء اللازم مع هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات، ومن ثم إحالة القضية على القضاء حسب الاختصاص.

ويقول المحامي عسير القرني: «رغم أن النظام موجود لا تزال مواقع التواصل الاجتماعي تعج بمثل هذه الجرائم من سب وقذف أو تشهير، والعقوبات لم تحد من تلك الجرائم، وهذا راجع إلى سببين: جهل العامة بالأنظمة، وكذلك عدم عمل الجهات الحكومية المختصة على توعية المواطنين تجاه مثل هذه الجرائم وعقوباتها».
ويقول عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود عبدالله الرشيد: «التأكد من جدوى قانون مكافحة التشهير والقذف في مواقع التواصل الاجتماعي يبدأ بإثارة بعض التساؤلات المهمة حول هذا القانون، فهناك مشكلات مهمة في نص كهذا، من أهمها ضرورة تحديد مفهوم التشهير والقذف في بنود واضحة ومفصلة، وتحديد العقوبات بناء عليها، فالقذف والتشهير ليسا درجة واحدة، وليسا نوعاً واحداً».
ويضيف: «من خلال هذا التحديد يمكن نشر الوعي أكثر بين الفاعلين في هذه المواقع بأن تجاوز هذه البنود يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، أما ترك الكلمات مفتوحة فهذا يعني أننا أمام كلمات مطاطة غير واضحة بإمكان كل طرف تفسيرها بالطريقة التي تحلو له».
 ويؤكد الرشيد أن هذا القانون سيواجه مشكلة مهمة في قضية الاسماء المستعارة التي قد يتستر خلفها كل من يريد ممارسة التشهير والقذف، فماهي الآلية القانونية لملاحقة المتسترين خلف هذه الأسماء المستعارة الذين قد يكونون الأكثر خطورة سواء في التشهير أو القذف أو شق الوحدة الوطنية، أو حتى بث أفكار مغلوطة أو متطرفة تخلّ بالسلم والأمن، وكيف يمكن إدانتهم قانونياً؟
ويشير إلى أن هناك نقطة من الأجدر أن يعالجها القانون، وهي قضية التشهير والقذف لجهات خدمية، (دوائر حكومية، أو مؤسسات قطاع خاص)،  فكيف سيتم التعامل مع هذا الأمر؟ بمعنى لو تضرر مواطن من جهة حكومية أو تجارية، واتهم هذه الجهة بالتقصير معه أو خداعه أو تضليله أو سرقته، كيف سيتم التعامل معه وهل يعتبر كلامه قذفا أو تشهيراً؟ ماذا إذا كان يملك الأدلة على صحة كلامه، ووجد تويتر أو فيسبوك منبراً لإيصال صوته؟


الداخلية السعودية تنشئ نموذجاً للبلاغات عن الإساءة على «تويتر» و«فيسبوك»

بدأت وزارة الداخلية السعودية الحد من الإساءات الشخصية التي يتعرّض لها الأشخاص عبر شبكات الإنترنت والمنتديات الإلكترونية بعد إنشاء نموذج على موقعها الإلكتروني لاستقبال الشكاوى عن المشاركات المسيئة التي تواجه الأفراد على الإنترنت.
ويتيح الموقع التقدّم عبر التسجيل بخدمات الموقع أولا، ومن ثم التقدم بتعبئة النموذج المختص بذلك والموجود في قسم الجرائم الإلكترونية، ويطلب فيه من المستخدم إضافة عنوان الموقع الإلكتروني الذي أساء إلى الشخص واسم المشارك أو المسيء الذي قام بالمشاركة، إضافة إلى رقم الملقم port الخاص بالمستخدم الذي يرسل الطلب. ويطلب النموذج من المستخدم أيضا تاريخ المشاركة التي تمت ووقتها حسب المنطقة المدونة في المنتدى الإلكتروني أو إحدى صفحات الشبكات الاجتماعية.

ويأتي استحداث هذه الخدمة الإلكترونية ضمن سلسلة الأنظمة والتشريعات التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته يوم الاثنين 7 ربيع الأول 1428هـ برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كنظام لمكافحة الجرائم المعلوماتية الذي يهدف إلى الحد من نشأة تلك الجرائم، وذلك بتحديدها والعقوبات المقررة لها.
وفرض النظام عقوبة بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تزيد عن خمس مئة ألف ريال أو بإحداهما على كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المنصوص عليها في النظام، ومنها الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني أو الدخول إلى موقع إلكتروني لتغيير تصاميمه أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله أو شغل عنوانه أو المساس بالحياة الخاصة، عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا أو ما في حكمها بقصد التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة.

كذلك فرض النظام عقوبة السجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن خمسة ملايين ريال أو بإحداهما على كل شخص ينشئ موقعاً لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره لتسهيل الاتصال بقيادات تلك المنظمات أو ترويج أفكارها أو نشر كيفية تصنيع المتفجرات.
ومع صدور هذا النظام الذي يسعى إلى تحقيق توازن ضروري بين مصلحة المجتمع في الاستعانة بالتقنية الحديثة ومصلحة الإنسان في حماية حياته الخاصة والحفاظ على أسراره، والمساعدة على تحقيق النظام المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية، كما يهدف إلى حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة وكذلك حماية الاقتصاد الوطني.