الشكل الجميل بين المظهر الأنيق والهَوَس المُبالغ فيه

عمليات تجميل, خبراء التجميل, طب, ريتا أبو سمرا, ميراي سلّوم, الرجل

03 يونيو 2013

في لبنان تختلف الآراء عموماً إزاء التجميل، إذ يسعى البعض إلى إستخدام مختلف الوسائل الحديثة المُتاحة للتحسين والتعديل، ويتهافت الكثيرون للإستفادة من الطب التجميليّ بتنوّع فروعه، بينما يفضّل قسم آخر، المحافظة على الشكل الذي يتمتعون به، من ملامح وتقاسيم، بغضّ النظر عن الموضة السائدة ورغبة التماشي مع العصر وإرضاء نظرة الآخرين.
ويقع الرجل في حيرة من أمره، إذ لا بدّ له من الاعتناء بشكله، كي يظهر بأناقة وترتيب وبصورة يتقبّله المجتمع بها، تكون لائقة بمكانته وشخصيته وعمله. لكنه إذا «أفرط» في الإهتمام، ينقلب السحر على الساحر، إذ يصبح التجميل «وصمةً» أو يتحوّل إلى إبتذال وتخطّ للمعاير المقبولة.

تتحدّث الإختصاصيّة اللبنانية في علم الإجتماع ريتا أبو سمرا، عن نظرة المجتمع إلى الرجل بشكل عام، وكيفية تقبّل إهتمامه بشكله، عارضةً للخطّ الرفيع ما بين العناية بالشكل، والهوس بالتغيير. كما تتطرّق إختصاصية التجميل ميراي سلّوم، إلى مختلف وسائل التجميل والتحسين في الشكل التي قد يستفيد منها الرجل.
طبعاً، لا بدّ من التقيّد ببعض القواعد العامة التي تقضي بأن يحافظ المرء على تعابيره وتقاسيمه وملامحه الفريدة، مهما تطوّرت ميادين التجميل. فالتحسين وإزالة الشوائب وتصحيح التشويه أمر مطلوب، بيد أنّ المرفوض هو المبالغة والتغيير الجذري والتعديل الشامل لمختلف ملامح الوجه ومناطق الوجه.


نظرة المجتمع

يطرح المجتمع تساؤلات عندما يدخل الرجل إلى ميادين لم تكن بعد مألوفة بالنسبة إليه. فعالم التجميل على سبيل المثال، كان حكراً على السيدة التي لا توفّر مجهوداً للتألّق والإستفادة من برنامج عناية شاملة بالجسم والوجه والبشرة والشعر... تقول أبو سمرا: «غالباً ما ننسب الإهتمام بالشكل الخارجي والإنتباه إلى القوام والبشرة وسواها إلى النساء، متناسين أنّ للرجل أيضاً حقاً، لا بل واجب الحفاظ على شكل لائق مرتّب ونظيف، وهذه من أسس العيش المشترك بين الناس. فالفكرة النمطية هي أن يطغى الحسّ الأنثويّ على التجميل بشكل عام، كونه مخصّصاً لهذه الفئة من المجتمع دون سواها».

وتضيف: « نحن نتقبّل أن نرى سيّدة تهتمّ بشكلها وتستخدم مستحضرات للعناية ومنتجات للتجميل، وتخضع لمختلف الوسائل التجميلية، جراحية كانت أو غير جراحية. وينضوي ذلك تحت لواء الأناقة والإهتمام الروتينيّ بالذات، إذ على كلّ امرأة أن تخصّص من وقتها للعناية المنزلية بالبشرة والشعر والأظافر، كما عليها أن تتوجّه إلى المنتجعات ومراكز التجميل للعناية المختصّة، يدوياً وآلياً. لكن لا تزال فكرة الرجل في المركز التجميلي غير مألوفة، أو غير مستحبّة لدى البعض، كونه ينتقل من عالمه الخاص الذكوري إلى عالم المرأة، أي إلى التجميل والعناية».
من جهة أخرى، لا يتقبّل الرجال كلّهم حتى فكرة الإهتمام بشكلهم الخارجيّ، كون هذا الأمر لا يتصدّر الأولوية في سلّم حياتهم. فنرى أن فئة خجولة تبوح فعلاً بالإهتمام بالبشرة والشكل.

 تقول أبو سمرا: «إذا أراد معظم الرجال الإهتمام بمظهرهم الخارجيّ، نراهم يتوجّهون إلى النوادي الرياضية لصقل القوام وتنمية العضلات وممارسة شتى أنواع الرياضة، كما قد يتوجّهون عند الضرورة عند اطباء جلد لمعالجة شوائب فاضحة في البشرة أو أمراض جلدية، فقط، لا سعياً للتجميل». ويُطلق لقب «رياضي» على الرجل الذي يهتمّ بجسمه ليتبوّأ صدارة المجتمع من حيث نظرة الآخرين إليه، مفعماً بالرجولة والحياة والقوّة.
أما الدافع إلى الإهتمام المبالغ بالشكل، فهو حسب أبو سمرا «الرغبة في التشّبه بالمشاهير، أو محاولة لفت النظر أو إرضاءً لرغبة جامحة، أو مجاراة للغرب والموضة والعصر، أو ببساطة، اقتناع وثقة بأنه سوف يكون مميّزاً في المجتمع وسوف يكسب ربحاً، معنوياً أو نفسياً».


تعديلات مقبولة

في بعض الأحيان، يضطرّ المرء للترميم أو التحسين بسبب وجود مشكلة تؤثّر جسدياً، أو حتى نفسياً على الإنسان، فتراه يقصد المختصّ للحصول على الحلّ.
وتلفت أبو سمرا إلى «إنّ الهدف من عمليات التجميل لا يكون التجميل البحت والتغيير لإرضاء نزوة عابرة، وإنما قد يأتي بهدف ترميميّ أيضاً. وفي هذه الحالات، لا مانع من قيام الرجل ببعض التحسينات الطفيفة التي من شأنها أن تزيل التشوّه أو الشائبة أو أن تعدّل في المظهر الخارجي. ذلك أنّ الترميم قد يكون للتغلّب على مرض سرطانيّ، مما يستلزم إعادة زرع عضو أو عضل أو جلد، كما قد يصبح ضرورة إثر التعرّض لحوادث أو حروق بالغة، إضافة إلى معالجة التشوّهات الخلقيّة».  وثمة حالات طفيفة تستدعي إستعمال الليزر لإزالة الشعر غير المرغوب فيه في أماكن محدّدة ومن الوجه والجسم على حدّ سواء عند الرجل، كون الكمية تتخطّى الطبيعي، إضافة إلى الإستعانة ببعض المستحضرات الطبيّة-التجميلية، خاصة في منطقة الوجه، لمعالجة الندوب أو البثور أو الكلف وغيرها من المشاكل الجلدية. 


متى يتخطّى الرجل الحدود المقبول بها في التجميل؟

حسب أبو سمرا «عندما يبدأ الرجل التغيير الجذري في شكله، من دون سبب صحيّ أو جسديّ واضح، يكون قد تخلّى عن القواعد المتعارف عليها إجتماعياً، بحيث يخضع لعدد من عمليات التجميل غير الضرورية، إرضاءً لنزوة أو رغبة، أو مجاراة لموضة العصر. كما أن استعمال مستحضرات التجميل أي الماكياج أمر غير مقبول عند الرجال في المجتمع، إضافة إلى التخلّي عن مظاهر الرجولة الواضحة، مثل الشعر في مختلف أنحاء الجسم وخشونة البشرة إلى حدّ ما، والتكاوين البيولوجية الذكورية». وينعكس هذا الأمر أيضاً في طريقة الملبس والمشي والكلام، إذ يتأثر الرجل بشكله الخارجيّ «الجديد» ويتماشى معه جملةً وتفصيلاً، وهذا أمر مرفوض إجتماعياً.

تضيف: «عندما يبالغ الرجل في العناية اليومية بشكله، إلى حدّ الهوس بالشكل، يكون قد تخطّى المجتمع وما حوله، لتصبح المعضلة إجتماعية-نفسية. فالخضوع لأقنعة الوجه مداورة وترسيم الحاجبين وتعبئة الخدين ونفخ الشفتين لا تدخل ضمن نظاق العناية، وإنما تلامس الإبتذال في التجميل عند الرجل. تجزم أبو سمرا بأنّ «نمط الحياة يتغيّر بين الشريكين، وفي العائلة، وبين الأصدقاء وفي المجتمع، عندما تتداخل الأدوار بين النساء والرجال، من حيث الشكل. فكما أنّ فكرة المرأة «المسترجلة» في الشكل غير محبّبة إجتماعياً، فكذلك صورة الرجل «المجمّل والناعم» لا تتقبّلها المجتمعات الشرقية».


مراكز تجميل للرجال

ليست رغبة الرجل في تحسين شكله خطأ، إذا عرف كيفية السيطرة على التغيرات التي سوف تطرأ على شكله. فكثيرة هي المراكز التجميلية التي تقدّم خدمات وافرة للرجال، كي يحصلوا على مبتغاهم ويتمتعوا بالترتيب في الشكل، مما يزيد الكاريزما والجاذبية.

تقول الإختصاصية ميراي سلّوم: «أضحى الشباب مطّلعين على أبرز ما في عالم العناية بالبشرة والشعر والجسم، بواسطة الإعلانات والبرامج التلفزيونية والمواضيع الطبية-التجميلية، بالإضافة إلى توافر عيادات تجميلية خاصة تُعنى بالرجال وتضع في متناولهم خياراً واسعاً للإهتمام بالذات، حسب الرغبة والحاجة. يجب أن يستعين الرجال بمستحضرات وكريمات ومنتجات خاصة بالبشرة. ويكون ذلك إمّا وقائياً أو علاجياً. ولهذه الغاية، طوّرت شركات عالمية رائدة في مجال التجميل والعناية بالبشرة والشعر مجموعة واسعة خاصة بالرجل تتألف من أنواع متعدّدة من مستحضرات الحلاقة، ومن كريمات مقلّصة للمسام أو مرطّبة او لمعالجة الإفرازات الدهنية ولمعان البشرة. وهناك كريمات خاصة بتجاعيد العين، إضافة إلى الأقنعة والمقشّرات والمنظّفات على أنواعها. فلم يعد هناك من داعٍ يدفع بالرجل إلى «إقتراض» كريم أو إستعمال مستحضر خلسةً لحلّ مشكلة جمالية تزعجه شكلياً وتؤثر في نفسيته أيضاً».

تضيف: «يكون مطلب الرجل عموماً دقيقاً ومحدّداً في البداية. ولعلّ أبرز ما يُطلب هو العناية بالبشرة لتحسين مظهرها والحدّ من مشاكلها. إذ  يمكن أن يتوجّه الرجل للخضوع  لكل علاجات الترطيب والتطهير من الدهون. كما قد يخضع لجلسات التقشير لمحاربة التجاعيد والإحمرار والجفاف والتشقّق والهالات السوداء». وقد يتوّجه البعض حتى إلى حقن وجوههم لإخفاء كلّ أثر للتجاعيد ولتعبئة الفجوات في الخدود لإستعادة إستدارة الخدّ والوجه ولمنح البشرة نضارة وصبا.


التخلُّص من الشوائب

تتابع سلّوم: «من جهة أخرى، إنّ الرجل الذي يحافظ على جمال بشرته ونظافتها، لا يمكنه إهمال أظافره التي تُعطي الإنطباع الأوّلي عن ترتيبه. فتقليم أظافر اليدين والرجلين وتدريمها هو أيضاً منتشر بين الرجال، خاصة ذوي المراكز الإجتماعية المرموقة. إذ يريد هؤلاء التحلّي بطلّة متكاملة أنيقة، من الرأس إلى أخمص القدمين، لفرض حضورهم بين الناس. لكن يجب القول إن الخضوع الدوري لجلسات تقليم الأظافر هو ذو منحى طبّي أحياناً، منعاً لإنغراس ظفر في اللحم مثلاً، أو تفادياً لإنتشار الفطريات حتى. كما أنّ التدريم يشمل فقط القصّ والتنظيف وليس طلاء الظفر بلون ما!

كما يهتمّ الرجال عموماً بإزالة الشعر الزائد من الوجه والجسم وذلك من منطلق تجميليّ. فالآن، يختار الرجل جلسات الليزر للتخلّص من الشعر غير المرغوب فيه، وحسب لون البشرة ونوعيّة الشعر يتمّ التوجّه نحو ماكنة الليزر المتخصّصة للقضاء على الشعر الزائد نهائياً من دون التسبّب بالحروق والدبوغات. ويمكن نزع الشعر من منطقة الوجه من الخدّين والجبين والحاجبين والرقبة، بالإضافة إلى الظهر والصدر وسواهما.
وأمّا في الحالات الأكثر تطوّراً، فيلجأ الرجال إلى الجراحة التجميليّة من دون تردّد ملحوظ للتخلّص من العيوب في الوجه والجسم. ويكون ذلك طبعاً تحت إشراف طبيب إختصاصيّ في جراحة التجميل».


عناية ضرورية

تقول سلّوم: «قد يدمج الرجل العناية الطبية والتجميل معاً، خاصة في ما يتعلّق بشعره. إذ يعاني غالبيّة الرجال مشاكل تساقط الشعر أو حتى الصلع، في مرحلة معيّنة، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة. يختار الرجل بدقّة نوع الشامبو الخاص الذي يلائم شعره، بالإضافة إلى أنواع متعدّدة من السيروم أو الزيوت والمغذيات والمقوّيات الخاصة بفروة الرأس، للحصول على اللمعان، وللحدّ من مشكلة تساقط الشعر إثر تلفه وتعبه وضعف بُصيلته». ويوصف نوع خاص من الشامبو وأدوية لفروة الرأس. وقد يُصار إلى تناول خلطة من الفيتامينات المساعدة على تخفيف الإفرازات الدهنية الزائدة مثل الفيتامين «ب» ومعدن الزنك ومادة السيستين. 

أمّا في المراحل المتقدّمة، فلا بدّ من إتباع تدابير أخرى للمحافظة على ما تبقّى من الشعر ولزرع شعر بدل الذي تساقط. ويمكن إستعمال أدوية خاصة لكن بشرط المثابرة عليها دونما توقّف. لكن لإنهاء مشكلة الصلع بشكل نهائيّ يجب الخضوع للزرع الذي تطوّر كثيراً في العقود الأخيرة. فهناك تقنيّات متطوّرة لزرع الشعر بشكل طبيعيّ وغير مرئيّ مثل الزرع شعرة شعرة أي Micro-Graft بدلاً من طريقة المجموعة التي تكون إصطناعيّة الشكل، وسواها من الطرق الطبيّة.


في الختام

تختم الإختصاصية سلّوم: «إنّ الجمال والنظافة مترابطان إلى حدّ كبير، شرط أن يعرف الرجل كيفية إستثمار ما يبغيه وسبيل الحصول عليها من دون مبالغة أو إبتذال». من جهتها، تنصح أبو سمرا «كلّ الناس بالتخفيف من الحكم على الآخرين، بمجرّد الإستناد إلى المظهر الخارجي، الذي قد لا ينمّ أحياناً عن جوهر المرء. إذ أنّ الإهتمام بالذات ليس أمراً يستحقّ «وصمة عار»، حتى عند الرجل، متى أحسن إستعماله لخدمته»


أبرز جراحات التجميل للرجال:

  • جراحة تقويم الأنف.
  • زرع الشعر.
  • شفط الدهون من البطن أو الصدر.
  • جراحة إزالة الجيوب تحت العين.
  • جراحة شدّ العنق.