'عرش معشق' رواية رمزية واقعية

ربيعة جلطي, كتب, كاتبة, رواية / قصة

13 أبريل 2014

الكتاب: «عرش معشق»

الكاتبة: ربيعة جلطي


تعرض رواية «عرش معشق» (منشورات ضفاف والاختلاف) للكاتبة الجزائرية ربيعة جلطي حقيقة مجتمع ذكوري ينبذ المرأة التي لا تمتلك مواصفات جمالية ومقاييس أنثوية ثابتة، في حين يغرق في علله وبشاعته ومفاسده.

نجود امرأة قبيحة، ضخمة الجثّة، تتنقّل بثقل مثل «سلّم كبير». تلتمس يومياً كره المجتمع لها، فتزذاد كرها لنفسها. تقف أمام المرآة، تُمسك الشعيرات النابتة أسفل ذقنها وتحاول نتفها. تنظر إلى وجهها وتُطيل النظر إليه، كأنها تحاول أن تعتاد على بشاعتها، لكنّ المجتمع لا يسمح لها بأن تعيش سلاماً داخلياً ولو للحظة واحدة. «كيف يمكنني أن أختبئ؟ كيف يمكنني أن أسلم من عيون الآخرين؟».

بعد وفاة والديها، عاشت نجود عند خالتها وزوج خالتها بو علام الذي يُمثّل رجال مجتمع تنتمي نجود إليه. هو رجل قبيح لا يتوارى عن السخرية من قبح نجود، كأنّ الجمال فرض على المرأة، وليس الرجل الذي يبقى رجلا مرغوباً ومحبوباً مهما كان شكله ذميماً.

تحمل بطلة «عرش معشق» اسم شقيقتها «نجود» التي ماتت قبل خمس سنوات من ولادتها. لكنّ نجود المتوفاة كانت طفلة جميلة بشعر أشقر وعينين خضراوين. وهذا ما جعلها تحمل عبئاً إضافياً لأنها مثار مقارنة مستمرة بينها وبين طفلة جميلة لكنها ميتة.

هذه المأساة تصفها ربيعة جلطي بأبعادها النفسية والإجتماعية، لكنها تترك لبطلتها فرصة التغلّب على معاناتها بالعقل الذي لم يحرمها القدر منه، بعدما حرمها نعمة الجمال والأهل والراحة. هكذا تنتفض نجود على واقعها، فتغيّر اسمها الذي أُسقط عليها إسقاطاً. تتحوّل إلى زليخة، امرأة باسم جديد وطموح كبير. تحبّ شاباً وتنجح في أن تجذبه إليها بالرغم من عوائق المجتمع الكثيرة.

تقدم ربيعة جلطي في روايتها «عرش معشق» انتقاداً صارخاً لعقلية مجتمعات رجعية راقدة، لا يمكن أن تنهض من غفوتها وسباتها طالما أنها تُحاسب الناس على أشكال خارجية لا يد لهم في صنعها...