الطلاق المبكِّر شبحٌ يهدِّد العديد من الأُسَر العربية والأرقام لا تُصدَّق!

طلاق, الزواج, مصر, المملكة العربية السعودية, الإمارات العربية المتحدة, وزارة العدل, المجتمع السعودي

27 أبريل 2014

ظاهرة خطيرة تتفاقم في مجتمعاتنا يوماً بعد يوم، إنها ظاهرة الطلاق المبكِّر التي تدفع بالأزواج ممَّن لم يتجاوزوا الثلاثين من العُمْر إلى الانفصال عن بعضهم، لتتولَّد عن ذلك مشاكل إجتماعية خطيرة تصيب الآباء والأبناء على السواء، ومن يقع في محيطهم القريب أو البعيد.
وتتداخل الأسباب والدوافع التي تجعل الشباب المتزوجين ينفرون فجأة من بعضهم. ولعلَّ التسرُّع في الزواج يأتي في طليعة هذه الأسباب، وقد يكون صِغرُ السِّن هو السَّبب، أو الوضع الاقتصادي والعجز عن تلبية احتياجات العائلة المادية. ومهما يكُنْ، فإن المسؤولية تقع في الدرجة الأولى على الشباب المتزوجين الذين يندفعون في غالب الأحيان وراء عواطفهم، ولا يدرسون بشكل كافٍ الظروف المحيطة بزواجهم. والأهل أيضاً مسؤولون عن توعية أولادهم ودراسة أوضاعهم قبل الإقدام على تزويجهم، وما لم يحدث ذلك، فستكون مجتمعاتنا في مهبّ خطر كبير ناتج عن الخفَّة في زواج الشباب، وعن الخفَّة في طلاقهم.


في مصر: حالة طلاق كل ست دقائق

يجلس العروسان في «الكوشة»، تبدو على كليهما ملامح السعادة، يتمنى لهما الجميع علاقة سعيدة مديدة... لكن الأمنيات الطيبة سرعان ما تتحطم على صخور الواقع. وتتحقق مقولة «البعض يذهب إلى المأذون مرتين» بسرعة غير متوقعة. في السنوات الأخيرة أصبح الطلاق المبكر من أخطر الظواهر الاجتماعية التي انتشرت في المجتمع المصري، وتحولت إلى شبح يخيف المقبلين على الزواج، خاصةً بعد تزايد نسبة الانفصالات السريعة من 7 في المئة قبل خمسين عاماً إلى 40 في المئة من حالات الطلاق، وفقاً لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. الغريب أن هذا الشبح لم يرحم أحداً، فهو يظهر للمتزوجين عن حب مثلما يلتهم الزيجات الناتجة عن لقاءات الصالونات. لكن فترة المناعة تتفاوت، فهناك من ينفصل بعد ساعات من عقد القران، وهناك علاقات تقاوم لمدة تقترب من الثلاث سنوات قبل أن تنهار مستسلمة لمصيرها...

غادة: تسع سنوات من الحب انتهت بعد شهر ونصف
تروي غادة طارق (صيدلانية) قصة طلاقها بعد زواج لم يستمر سوى شهر ونصف الشهر، فتقول: «كنت طالبة في كلية صيدلة، وأعجبت بزميلي ونشأت بيننا قصة حب استمرت تسع سنوات، عاندت خلالها آراء الجميع فيه ولم أستجب لنصيحة أحد، لأن الحب كان يغشي على عينيَّ. وعندما تقدم لخطبتي قابل والدي رغبته في الارتباط بي بالرفض، لأنه كان يراه دون مستوى العائلة نظراً إلى اختلاف المستوى الاجتماعي الكبير بيننا. ولكن مع إصراري وعنادي استجاب والدي أخيراً لرغبتي، وكانت النتيجة أننا تزوجنا وسافرنا للعمل معاً في دبي لكي نبتعد عن أي ضغوط عائلية ونكوِّن مستقبلنا. غير أن قراري الزواج منه أدى إلى ما لا تحمد عقباه، فسرعان ما اكتشفت بعد شهر من الزواج تغير طباعه، وظهرت معاملته السيئة لي، وكانت صدمتي الكبرى في أنه من متناولي الكحول، وهذا لم أقبله أبداً لأنني فتاة تلتزم تعاليم دينها ولا تستطيع معاشرة إنسان يغضب ربه. شعرت بالندم الشديد لأنني لم أستجب لنصائح أهلي وكل من حولي، واكتشفت أنهم كانوا على صواب، وهنا قررت الانفصال عنه رغم زواجي منه قبل أسابيع قليلة، وتنازلت عن كل مستحقاتي، وشكرت ربي أنني اكتشفت عيوبه بسرعة قبل أن أنجب طفلاً يكون والده بهذا السوء».
وتنصح غادة أي فتاة أن تتأنى في اختيارها لشريك حياتها، وتتأكد من أخلاقه جيداً وأن تستمع إلى نصائح من حولها وتفكر فيها بعقلانية، وتقول: «إذا عاد بي الزمن كنت سأفكر جيداً في انتقادات أهلي التي وجهوها لمن أحببته وأوافقهم لأنهم لديهم خبرة في الحياة تجعلني أثق بآرائهم».

منة فوزي: تابعت انهيار أسرتين في يوم واحد عقب عامين من الارتباط
منة فوزي الطالبة في كلية الإعلام لم تتزوج بعد، لكن الظاهرة شغلتها بعد أن لاحظت تكرارها في محيط معارفها، وتحكي قصة اثنين من أقاربها مرا بهذه التجربة المريرة، وتتعجب قائلةً: «تم الطلاق بينهما بعد سنتين فقط من الزواج، رغم أنهما ارتبطا بعد قصة حب استمرت أربع سنوات. وكانت ثمرة هذا الزواج طفلاً صغيراً بريئاً، ومشكلة الانفصال لم تلق بظلالها على الطرفين والطفل فقط، فأثناء حفلة الخطوبة أعجب شقيق الفتاة بشقيقة الشاب، وقوبل هذا الإعجاب بمباركة العائلتين وتمت خطبتهما أيضاً، وتزوجوا جميعاً في يوم واحد وأنجبت كل عائلة طفلاً. وبحكم الصداقة والقرابة بين العائلتين، كانت أسرار كل بيت معروفة في البيت الآخر، وهو ما أدى إلى تصدير المشادات إلى الأسرة الأخرى، وبالتالي كانت أي مشكلة تؤثر على أفراد الأسرتين، ولم يكن لأهلهم أدنى دور في إرشادهم لأن كل عائلة كانت تنحاز إلى الطرف المنتمي إليها. وكانت النتيجة انفصال الأسرتين في اليوم نفسه، وقررت كل عائلة التنازل عن المؤخر ونفقة الطفل مقابل تنازل العائلة الأخرى».

محمد شريف: الشك وراء طلاقي السريع
في البداية لم يكن محمد شريف، المحاسب بإحدى الشركات، يرغب في التحدّث عن قصة انفصاله السريع بعد عام وشهرين من الزواج، لكنه تغلب على ما تثيره القصة في نفسه من ضيق وقرر أن يحكي: «حكايتي بدأت عندما رأيت فتاة في أحد المطاعم وأعجبت بها، فتقدمت لخطبتها وتزوجتها بعد شهرين من الخطوبة، وسرعان ما اكتشفت أنها غير أمينة على بيتها وتشارك والدتها كل شيء، فإذا اشتريت أي شيء تعطيها إياه. لم يكن لديَّ مشكلة في ذلك، لكن مشكلتي أنها كانت تفعل كل هذا دون علمي، وهو ما جعلني أشعر بعدم أمانتها عندما عرفت بتصرفاتها، كما اكتشفت في إحدي زياراتي لوالدتها أنها تحكي لها كل شيء عن أسرار بيتنا، وهو ما كان يولد مشاكل في معظم الأحيان. وبدأ الشك يتسرب إلى داخلي في كل تصرفاتها لأنني لم أعد أثق بها، وكانت نتيجة هذا الشك تصاعد المشكلات بيننا. وفوجئت بها في إحدى المشادات بيننا تقول لي: «طلقني سأتزوج غيرك»، فجن جنوني وزادت المشكلة، إلى أن صارحتني أنها بسبب كثرة مشاكلنا تفكر في الانفصال وستتزوج من أحد أقاربها». يصمت محمد قليلاً قبل أن يضيف: «صدمت مما قالته، ولكي أسترد كرامتي أخبرتها أنني موافق على الطلاق إذا تنازلت عن كل حقوقها، لكنها رفضت وغضبت وانتقلت لتقيم في بيت أهلها أشهراً، حاولت خلالها إصلاح الأمور بيننا لأن «أبغض الحلال عند الله الطلاق»، لكن كل محاولاتي باءت بالفشل. وعندما شعرت بإصرارها على الطلاق بعد كل محاولات الصلح لم أقبل على نفسي العيش مع امرأة لا تحبني، وطلقتها بعد عام وشهرين من المشاكل المتواصلة، ولو عادت بي الأيام إلى الوراء كنت سأطيل فترة الخطوبة حتى أتأكد من طيب أخلاقها من عدمه، وكنت سأحاول التحكم في أعصابي أثناء بعض المشاكل التي دارت بيننا، وأيضاً كنت سأبعد الشك عن ذهني، لأنه بداية هدم البيوت وهو السبب الرئيسي لانفصالنا».

محمد نبيل: الأهل هم السبب
يسرد محمد نبيل (محامٍ) قصة أحد أصدقائه الذي تزوج من ابنة خاله وانفصل عنها بعد شهرين فقط من الزواج، قائلاً: «ظلت والدة صديقي تضغط عليه كي يتزوج من ابنة خاله، رغم عدم حبه لها وعدم اقتناعه بتوافق شخصيتها مع طباعه، وفي الوقت نفسه كان الضغط مستمراً من الجانب الآخر على الفتاة لتوافق على الزواج من ابن عمتها الذي ترى عائلتها أن مواصفات الزوج الجيد تتوافر فيه، لكنها بدورها لم تكن ترى فيه مواصفات شريك حياتها. ومع إصرار الأهل رضخ الطرفان وتزوجا. وكما كان متوقعاً، تأكد كل منهما أن شخصية الآخر تتناقض مع طباعه ولم يستطيعا التوافق، وتنامت المشاكل بينهما وامتدت إلى العائلتين وتفاقمت، إلى أن وصل الجميع إلى أن الطلاق هو الحل الوحيد لوقف المهاترات، وبالفعل تم الانفصال بعد شهرين من الزواج، وأدى ذلك بطبيعة الحال إلى تعكير صفو العلاقات بين الأهالي».

عبد المنعم عوض رئيس جمعية المأذونين: طلقت زوجين في يوم عقد القران!
لدى كل مأذون شرعي قصص عديدة حول هذه الظاهرة، لكن ذاكرته عادةً ما تحتفظ بأطرفها، وتعد أسرع حكايات الطلاق المبكر التي عايشها عبد المنعم عوض، رئيس جمعية المأذونين الشرعيين، تلك التي كان بطلها مديراً عاماً في الطيران المدني. يروي عوض: «كان الرجل متزوجاً، لكنه أحب فتاة أخرى وجاء معها كي أعقد قرانهما، كانت زميلته في العمل والأمر نفسه ينطبق على الشاهدين اللذين جاءا معهما. علمت بعد ذلك أنه بمجرد إتمام الزيجة وذهاب الزوجين إلى بيتهما، قام الشاهدان بإبلاغ الزوجة الأولى بما فعله زوجها بكل التفاصيل، وعند عودته فوجئ بزوجته تنتظره في الشارع، أخبرته أنها تعلم كل شيء وأصرت على أن يأتيا إليَّ لأقوم بتطليق زوجته الجديدة. وعندما وصلا فوجئت بأن الزوجة هي التي تطلب مني أن أتمم إجراءات طلاق زوجها من الفتاة التي تزوجها قبل ساعات، تعجبت وسألته: هل توافق على هذا؟ وكانت إجابته حاسمة: «نفذ ما قالته يا عم الشيخ»، وأنهيت إجراءات الطلاق بعد أن أحضرنا شاهدين من مقهى مجاور، وكان هذا أسرع طلاق رأيته في حياتي. لكني علمت بعد ذلك أن الرجل سرعان ما عاد ليتزوج من الفتاة التي يحبها مرة أخرى، لكنه تزوجها هذه المرة عرفياً حتى لا تعلم زوجته الأولى وتسبب لهما مشاكل جديدة».
ومن خلال ما يواجهه من حالات، يؤكد رئيس جمعية المأذونين أن نسب الطلاق المبكر تقل في الأحياء الراقية مقارنةً بالمناطق الشعبية، وترجع معظم حالات الطلاق المبكر إلى اختلاف طباع الطرفين، أو لاختلاف الصورة التي كان كل منهما يرسمها للطرف الآخر، ويضيف أن هناك بعض الحالات التي تحدث عن طريق توكيل من الزوج الذي يعمل في الخارج لأحد أفراد أسرته ليطلق زوجته بسبب تعرفه على سيدة من البلد الذي يعمل فيه، ولديها دخل كبير أغراه بعديد من الأحلام، فيتخلى عن زوجته التي ليس لها أي ذنب إلا طمعه.
ويرجع عبد المنعم قلة الطلاق المبكر في الأحياء الراقية إلى أن زواج هذه الطبقة يقوم على أساس الحب أو المصلحة، وفي كلتا الحالتين يكون غرض الزواج مستمراً لفترة، لذا فليس من السهل أن يتخلّى أي من الطرفين عن الآخر، وإذا حدث ذلك يكون بسبب عدم توافر الثقة بين الطرفين لأسباب مختلفة. ويشير إلى أنه يجب على أي مأذون أن ينصح من يلجأ إليه من أجل الطلاق بالتحلي بالصبر ويمهله فترة ليفكر في الأمر جيداً، لكن حالات قليلة هي التي تستجيب للنصيحة وتحافظ على أسرتها.

الدكتورة رضوى سعيد: اختلاف الطباع يزيد احتمالات الطلاق السريع بنسبة 90 في المئة
توضح الدكتورة رضوى سعيد، استشارية الطب النفسي في قصر العيني، أن ظاهرة الطلاق المبكر هي التي تحدث قبل مرور ثلاث سنوات من الزواج، وأشارت إلى أنها لا تقتصر على صغار السن، وترجع أسبابها إلى عدم اتفاق الطرفين وإفراغهما كل ما في جعبتهما من محاولات لإصلاح العلاقة، لكن كلها تنتهي بالفشل. وتحمل التعجل في إتمام الزواج جانباً من مسؤولية حالات الطلاق المبكر، وتضيف أن اختلاف الطباع بين الزوجين من أبرز أسباب انتشار هذه الظاهرة، فكلما ازداد التضاد بينهما في التصرفات والقرارات المصيرية تزداد الفجوة التي تفتح مجالاً كبيراً للمشاكل وترفع نسبة وقوع الطلاق إلى 90 في المئة.
وتنصح سعيد كل زوجين بألا يسرعا في اتخاذ قرار الطلاق، ويعطيا نفسيهما فترة كافية تراوح بين سنتين وثلاث من بداية علاقتهما الزوجية حتى يستطيعا التجانس والتطبع بطباع بعضهما، ويعرف كل منهما الآخر جيداً، وأن يسرعا بالتوجه إلى المختصين النفسيين في حالة مواجهتهما مشاكل كبيرة في السنة الأولى من الزواج ولم ينجح عقلاء العائلتين في حلّها، وأيضاً عليهما تأجيل قرار الإنجاب.
وتوضح أن الطلاق يسبب مشاكل نفسية لمن يتعرض له قد تصل إلى الاكتئاب، خاصةً أن تغير الحالة الاجتماعية من عازب إلى متزوج تؤدي إلى تغيرات بيولوجية من الصعب إزالة آثارها في حالة الطلاق.
وتستعرض الدكتورة رضوى بعض حالات الطلاق المبكر التي مرت عليها، وتتذكر أن إحداها حدثت بعد الزواج بأسابيع لضعف الزوج جنسياً، وحالة أخرى توجهت إليها بعد ثلاث سنوات من الزواج، ولكن الزوجة كانت لا تزال عذراء لأنها تعاني تشنجات في العضلات المهبلية منعت إتمام العلاقة الزوجية، وذلك بسبب المفاهيم الخاطئة حول مدى الألم الذي تسببه هذه العلاقة، وقد أدى ذلك في النهاية إلى الانفصال. بينما عايشت حالة أخرى لزوجة علمت أن زوجها على علاقة بأخرى ولكن بعد أن حملت وأصبحت في الشهر الخامس.
وتؤكد الدكتورة رضوى أن معظم الحالات التي تلجأ إليها تكون مشكلتها قد تفاقمت مما يصعب ثني طرفيها عن قرار الطلاق، ولكن هناك حالات أخرى يمكن رصد مشاكلها وعلاج الطرفين مبكراً حتى يستطيعا الوصول إلى تناغم وتفاهم في العلاقة، مما يساهم في اتخاذ القرار الأنسب حول مصير العلاقة.

الدكتورة بسمة جمال: العام الأول من الزواج هو الأخطر
الندية والعناد، الاختيار الخاطئ، الجهل الجنسي، غياب التفاهم والحكمة، عدم الشعور بالمسؤولية، هي أهم أسباب الطلاق المبكر في رأي الدكتورة بسمة جمال شفيق، خبيرة العلاقات الأسرية والحاصلة على الدكتوراه في مجال الاستشارات الزوجية والأسرية من جامعة ميسيسبي الأميركية، ومؤسسة مركز «حياة» للاستشارات الزوجية، والتي تبدأ حديثها عن خصوصية العام الأول بين الزوجين، قائلةً: «العام الأول من الزواج هو الأخطر، لأنه يشهد ظهور أكبر فجوات التفاهم والتعامل مع الآخر، لذلك يعتبر العام الذي يقع فيه الاحتمال الأكبر لوقوع الطلاق، بينما يقل الاحتمال في العامين الثاني والثالث».
تضيف: «غالباً ما  يتوقع المقبلون علي الزواج كمال الطرف الآخر، وهو ما يخلق نوعاً من الصدمة في حالة ظهور العيوب التي يفشل الطرف الثاني في التعامل معها، هذا إلى جانب السرعة التي دخلت إلى البيوت المصرية فيما يتعلق بقرارات زواج الأبناء، واختفت الحكمة والاختيارات القائمة على الأخلاق أو التأكد من سمعة الطرف الآخر، إلى جانب ظهور طرق جديدة للتعارف، مثل الإنترنت، وهي الوسائل التي تنتهي غالباً بزيجات فاشلة، لعدم قيامها على قنوات سليمة في الاختيار».
وعن حالات الطلاق رغم وجود قصص حب طويلة، قالت: «أغلب الزيجات التي وصلت إلى مراحل الفشل النهائية هي زيجات ناتجة عن قصص حب طويلة، غالباً ما تنتهي على عكس ما توقع الطرفان، نظراً إلى غياب الجانب العقلي، وتغليب متعة الحب والرومانسية على المشكلات الحقيقية التي قد تواجه الطرفين في مؤسسة الزواج وخاصةً في السنة الأولى... غالباً ما يتوقع الطرفان سعادة مزيفة من واقع الحب، وينتظر كل طرف من الآخر تحقيق أحلام وردية غير موجودة على أرض الواقع، وهو ما يسبب حالة من الصدمة بعد مواجهة المشكلات الحقيقية للحياة، والمرور باختبار المسؤولية وتحمل ظروف الحياة القاسية التي يفشل الحب وحده في مواجهتها».
الندية والعناد، وتبادل الأدوار بين الطرفين، أسباب أخرى تحدثت عنها الدكتورة بسمة قائلةً: «الندية والعناد النابعان من التربية الخاطئة أحياناً، وصغر السن أحياناً أخرى، من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار حالات الطلاق المبكر، إلى جانب ما يعرف «بتبادل الأدوار» بين الطرفين، وهو الأمر الذي كان سبباً لفقدان الثقة بين الطرفين، وعدم فهم كل طرف للدور الحقيقي المطلوب منه داخل هذه المؤسسة، إلى جانب بعض العوامل الأخرى التي دخل فيها تغير النسيج المجتمعي، ودخول السرعة والأحكام الخاطئة والتربية غير السليمة كأحد أهم عوامل فشل العلاقات الزوجية، إلى جانب الجهل الجنسي بين الطرفين، وظروف الحياة الصعبة التي فرضت على المتزوجين حديثاً حالة دائمة من اليأس والإحباط في الوصول إلى أحلام تمنوا تحقيقها في منزل الزوجية».
وعن الحلول التي يمكنها الحد من هذه الظاهرة قالت: «حلول هذه الظاهرة لا يمكن مناقشتها سوى بعد اعتراف الطرفين بوجود مشكلة يجب حلها، واستعدادهما على حد سواء في الوصول بالعلاقة إلى بر الأمان، إلى جانب غياب ثقافة طلب المساعدة من خبراء أو متخصصين، واللجوء إلى استشارات الأهل التي غالباً ما تزيد الأمور تعقيداً».

ماجدة سليمان: الضحايا أطفال على حافة المجهول
ماجدة سليمان، مديرة برنامج التنمية الاجتماعية في مؤسسة قضايا المرأة، تحدثت عن حالات الطلاق المبكر، وما تتركه هذه الظاهرة من جوانب نفسية سيئة على المرأة في المقام الأول، إلى جانب ما تسببت به ظاهرة طلاق السنة الأولى من كوارث اجتماعية وأطفال وقفوا على حافة المجهول في عدد فشل العلاقات الأسرية بين ذويهم، تقول: «تجربة السنة الأولى تحولت في الفترة الأخيرة إلى أصعب الاختبارات التي يمر بها الزوجان، خاصةً من الشباب الذين غالباً ما يقبلون على التجربة بالكثير من الرومانسية الزائفة التي تتسبب غالباً في فشل التعامل مع الأمور بشكل واقعي، وهي الظاهرة التي تركت أطفالاً على حافة المجهول، وخلقت ظاهرة أخرى أكثر خطورة تتعلق بمستقبل طفل حكمت عليه تجربة فاشلة بالخروج إلى المجتمع بصورة غير سوية».
وعن الحالات التي تتعرض لها يومياً في رصد ظاهرة الطلاق المبكر، قالت: «حالات الطلاق المبكر في تزايد يومي، وغالباً ما تتسم المرأة التي تعرضت لتجربة مماثلة بمجموعة من المكتسبات التي أضافتها صعوبة هذه التجربة، أغلبها فقدان الثقة بالنفس، والشعور بالإحباط العام، والصدمة من واقع الحياة بعد الشعور بالفشل في إدارة المنزل أو تحمّل المسؤولية، إلى جانب القلق الدائم في حالة وجود طفل حكمت عليه الظروف بالنشأة غير السوية بين طرفين فقدا القدرة على التفاهم، وهو ما يؤثر سلباً على نفسيته التي تنحصر بين الشعور بالتشتت وعدم استقرار الأسرة».
تكمل: «قديماً كانت البيوت المصرية تمتلك من الحكمة ما يسمح بتنشئة أبناء قادرين على تحمل المسؤولية، وهي الحكمة التي اختفت تماماً في ظل غياب التوعية، والشعور بصعوبة الزواج وتكاليفه الباهظة، إلى جانب خوف الأهل من مشكلة العنوسة التي تشكل عاملاً للضغط على الأسرة في قبول زواج سريع، وهو ما يحول الفتاة من عانس محتملة إلى مطلقة. ولم تعد قدسية الزواج وثقافة «حافظي على بيتك» هي المبادئ الرئيسية التي يتحدث عنها الأهل».

دراسة: 34 في المئة من نسب الطلاق من المتزوجين حديثاً
«حالة طلاق كل ست دقائق، و240 حكماً بالطلاق تصدر يومياً عن محكمة الأحوال الشخصية، وما يقرب من 88 ألف حالة طلاق كل عام»، هذا ما يؤكده آخر إحصاء رسمي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، وطبقاً لأحدث إحصاء سكاني فإن النسبة الأكبر من حالات الطلاق تقع بين المتزوجين حديثاً، حيث تصل نسبة الطلاق في العام الأول إلى 34 في المئة، بينما تقل النسبة إلى 21.5 في المئة خلال العام الثاني من الزواج. وبحسب دراسة أخرى نشرها مركز معلومات دعم واتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء المصري، احتلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم في معدلات الطلاق، كما أكدت الدراسة ارتفاع معدلات الطلاق خلال الخمسين عاماً الماضية من 7 في المئة إلى 40 في المئة، ليصل متوسط حالات الطلاق اليومية إلى 240 حالة طلاق. ويبلغ مجموع عدد المطلقات في مصر 2.5 مليون مطلقة ونصف هذه الحالات في السنة الأولى من الزواج، ومعظم هذه الحالات من الفئة العمرية 30 سنة.


في السعودية
: ظاهرة الطلاق تجتاح أكثر من خمْس عدد المتزوجين

أكّد تقرير صادر عن وزارة العدل السعودية تدني معدل الطلاق ليصل إلى 21.5 في المئة، ولكن تلك النسبة لا تزال غير كافية وتنذر بأخطار كبيرة على المجتمع، والأخطر في الأمر أن معظم هذه الحالات تحصل بين المتزوجين حديثاً، والذين لم تتجاوز فترة زواجهم ثلاث سنوات. فلم يعد من الغريب أن تحصل الفتاة أو الشاب على لقب مطلق أو مطلقة في عمر لم يتجاوز الـ25. تتداخل أسباب ومؤثرات مختلفة في هذه المشكلة فلا نعلم إن كان التسرع وصغر السن، أم قلة الصبر وغلاء المعيشة وراءها.  تستعرض «لها» في هذا التحقيق بعض الحالات التي تعكس نظرة المجتمع السعودي إلى هذه القضية.

أفنان: الحب ليس كافياً لتحقيق زواج ناجح
بعد قصة حب استمرت أكثر من عام، كان الطلاق في أقل من عام، ذلك ما حدث مع أفنان علاء (29 عاماً) التي تحكي عن تجربتها قائلة: «بعدما تعرفت إلى شخص عبر الانترنت، فوجئت بمدى جديته بطلبه الزواج مني، وفعلاً جاء وقابل أهلي، وعلى الرغم من كونه ما زال طالباً وليس لديه وظيفة أو عمل ثابت، وافق أهلي عليه. كان أهله مقتدرين مادياً وبإمكانهم التكفل بالمصاريف الخاصة بنا، ولكن لم تستمر فترة الخطوبة طويلاً كون والدته كانت مريضة، وستخضع لعملية وكانت تخشى أن لا تتمكن من أن ترى ولدها يوم زفافه، ولذلك عجّلنا في الزواج. كنت في الـ22 من عمري، وكان يكبرني بعامين فقط. وبعد فترة من الزواج، شعرت بأنني تسرعت وانجرفت إلى مشاعري دون التفكير بأشياء مهمة، كالوضع المادي والمعيشي، واختلاف الثقافات كوننا من جنسيتين مختلفتين، بالإضافة إلى بعض الطباع التي لم أكتشفها قبل الزواج، وصغر سنه وقلة خبرته. كل هذا جعلني أفكر بالطلاق بجدية قبل إتمام العام على زواجنا، وحصلت على الطلاق في النهاية».

هشام: طيشها وتعلّقها بصديقاتها سيدفعانني إلى الطلاق من دون شك
على الرغم من عدم مضي ستة أشهر على زواجه، إلا انه يفكر بالطلاق بجدية، يقول هشام حسن (27 عاماً) :»كانت فترة خطوبتي طويلة إلا إنني لم أتمكن من اكتشاف عيوب زوجتي، وكنت أظن أن طيشها وعلاقاتها المفرطة مع صديقاتها ستزول بشكل تدريجي بعد الزواج، إلا إنها أصبحت تتمادى بعنادها، فلم أعد أشعر بأي استقرار أو حتى اهتمام من قبلها، فهي دائماً خارج المنزل، أو تقيم الحفلات في البيت ويمنع علي القدوم، وأبقى عالقاً خارج البيت، ولا تقدم أي شيء لحياتنا الزوجية، وهمها الحصول على المال للخروج مع صديقاتها وأهلها. ورغم ازدياد المشاكل بيننا وتدخل الأهل، ما زالت مصرة على التمسك بطباعها وبأسلوب حياتها، وذلك يجعل من استمرار الزواج مسألة مستحيلة».

نسيبة: استعجال أهلي في تزويجي من طبيب أدَّى إلى طلاقي
اختلاف الثقافات ونمط المعيشة بين الزوجين أحد الأسباب التي دفعت نسيبة قولق (25 عاماً) إلى الطلاق، وتقول عن تجربتها: «وافق أهلي في شكل متسرع على تزويجي من شخص يكبرني بعشرة أعوام كونه طبيباً، وانتقلت للعيش معه ولم أكن اعرف عنه الكثير، ولكنني بعد فتره من الزواج اتضح لي أنه أراد أن أكون صغيرة وغير متعلمة حتى يستطيع التأثير علي، وفرض الأوامر، وقد ظن أنني لن أعترض. فمنعني من زيارة أهلي أو محادثتهم عبر الهاتف، كونه لا يريد من أحد التدخل أو معرفة شيء عن حياتنا، ومنعني من إتمام دراستي الجامعية، بالإضافة إلى كونه بخيلاً جداً في ما يتعلّق بمصروف البيت، لذا ومنذ اليوم الأول لزواج لم يكن هناك أي توافق بيننا، وحصل الطلاق قبل إتمام سنة من الزواج».

دانية: أصبحت مطلّقة في عمر 23
البخل وسوء الأخلاق والضرب صفات أصبحت متفشية بين الشباب في شكل كبير، ذلك ما تؤكده دانية يوسف (25 عاماً)، فتقول عن تجربة طلاقها: «فترة الخطوبة مهما طالت ليست كفيلة بكشف العيوب والخصال التي تكون لدى الزوج. وبما أن مجتمعنا محافظ وبعض العائلات تمنع بناتها مع الخروج مع الخطيب حتى بعد عقد القران، تصبح مسألة التعرف إليه أصعب. وحتى المكالمات الهاتفية ليست كافية ولو كانت كثيرة، فأنا لم أتمكن من التعرف إليه خلال فترة الخطوبة واكتشفت بعد الزواج أنه عصبي ويضرب بشكل هستيري، ويتلفظ بألفاظ نابية. ظننت أن اللجوء إلى أهله سيكون الحل، إلا أنني اكتشفت أن هذه التصرفات امر طبيعي لديهم، وأنه من المفترض أن أكون امرأة صالحة وأصبر على ذلك. وبعد فترة لم تتعد الشهرين عدت إلى عائلتي، وأقمت قضية خلع كونه رفض أن يطلقني، وأصبحت مطلقة في عمر يقل عن 23 عاماً».

الدكتور محمد عبد القادر: الدور الإرشادي للأهل يساعد على تجاوز خلافات بداية الزواج
يقول الدكتور محمد عبد القادر المدير التنفيذي لجمعية وئام لرعاية الأسرية في المنطقة الشرقية عن أسباب الطلاق المبكر: «من أهم أسباب الطلاق المبكر ضعف التأهيل، وعدم نضج كلا الطرفين قبل مرحلة الزواج، ثم تأتي مسألة ضعف الدور التوجيهي والتقويمي للوالدين قبل الزواج وأثناء مراحله الأولى خوفاً من الحساسيات والتدخل، وذلك بالتأكيد ينعكس سلباً كون الزوجين الحديثي العهد ينتميان إلى بيئتين مختلفتين ويحتاجان في شكل رئيسي إلى مقوم وموجهه يرشدهما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و يتعامل معهما بحوار ايجابي لإيجاد نقطة تلاقٍ بينهما. ومع غياب هذا المقوم والناصح، تقوى روح الخلاف بين الزوجين لتصل المسألة أحياننا إلى الطلاق في مراحل الزواج الأولى، وكذلك يكون التدخل المفرط وبعض السلوكيات من أهل الزوجة أو أهل الزوج ذات اثر سلبي على العلاقة». ويعتقد أن دور الآباء مهم جداً في المراحل الأولى للزواج، ويساعد في الحد من مسألة الطلاق المبكر بنسبة كبيرة قد تصل إلى 90 في المئة.
وعن الحالات الأكثر زيارة لمركز الوئام يضيف الدكتور عبد القادر: «70 في المئة من الحالات التي تأتي إلى المركز، تعاني ضعف جاهزية أحد الطرفين، ونقص الانسجام والتجانس بينهما، وتأثر كل منهما ببيئة مختلفة. فمنهم من يشجعه أهله على أن يكون حازماً أو أن يتصرف تصرفات عدوانية تجاه الزوجة. ولعدم تلقي أي من الطرفين دورة تدريبية،  يحدث هذا الشقاق والاختلاف، ومن هنا يأتي دورنا بحيث نقدّم برنامجاً خاصاً للمقبلين على الزواج بتقديم جرعات نفسية وشرعية وتربوية تنشط فكر كلا الطرفين بأهمية دوره ومساهمته في إنجاح العلاقة الزوجية».

المحامي ريان عبد الرحمن مفتي: المشكلة في ثقافة المجتمع
إجراءات الطلاق لا تزال صعبة ولكن ثقافة المجتمع عن الطلاق أصبحت سهلة
ينفي المستشار القانوني والمحامي ريان عبد الرحمن مفتي سهولة إجراءات الطلاق، ويلقي اللوم على ثقافة المجتمع بحيث يقول: «الطلاق ليس بالشيء السهل وبالذات في محاكمنا بالمملكة.  فبعد تعبئة استمارة إثبات الطلاق، يعطى موعد لا يقل عن أسبوعين لمقابلة القاضي، ويعطى الراغب بالطلاق كتيبات توعوية عن أخطار الطلاق، ومن ثم تحول القضية على هيئة الخبراء التي تقوم بمراجعتها، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة. ولكني أرى أن معدل الخلع في المحاكم يرتفع في شكل كبير في الآونة الأخيرة، ولعل ثقافة المجتمع أصبحت تشجع على ذلك. فكلمة طلاق أصبحت سهلة على الجيل الجديد ولو كانت لمجرد التأديب أو التهديد، وهذا خطأ كبير تقع فيه فئة كبيرة من المتزوجين حديثاً. فيعتقد الشاب أن الشرع حلل له ثلاث طلقات، مما يعني ان بإمكانه استخدامها متى يشاء. وتعتقد الفتاة أن بإمكانها وفي أي وقت إنهاء الزواج بالخلع. وللأسف تشجيع بعض العائلات على ذلك، وأحياننا لأسباب غير مقنعة من أهمها الوضع المادي، يزيد نسبة الطلاق في السنوات الأولى من الزواج. فالفتاة وبكل سهولة تفكر في العودة إلى بيت الأهل حيث كانت تُمنح الحرية وتعيش بدون مسؤوليات». وكحلول يقترح مفتي دورات ما قبل الزواج. «هي دورات لها أهمية كبيرة حتى يتمكن الأزواج من فهم الحياة الزوجية في شكل أفضل»، ويرى ضرورة إلزام المقبلين على الزواج هذه الدورات قبل موعد عقد النكاح كإجراء وقائي روتيني مثله مثل الفحص الطبي، إضافة إلى إلزام الذهاب إلى لجان الإصلاحية قبل الطلاق.

د. عبد الله الجفن: لا بد من أن يكون الطلاق ودياً ليكون مشروعاً
يقول الشيخ الدكتور عبد الله الجفن: «أبغض الحلال عند الله الطلاق،  وعلى الرغم من كونه مشروعاً، إلا أنه إذا كان بغير مقصده، وبغير وجه حق، فهو إثم. فالطلاق له صفة وواجبات مترتبة عليه، مثله مثل الصلاة والزكاة وغيرهما من الفرائض والواجبات. للأسف الطلاق اليوم انتشر ونشر البغضاء والعداوة بين الناس. فمن النادر جداً أن ترى عائلات مطلقة بتفاهم ومحبة. فأصبح الطلاق في مفهومنا الحديث نزاعاً على المال والأبناء وتباغضاً وأكلاً لحقوق الأخر، وهذا الشيء يقرب من الشيطان». ويرى أن الطلاق المبكر سببه غياب الوعي لدى الطرفين بمقاصد الزواج وأهدافه، لذا يقوم حالياً مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني والأسري ببرنامج مع مدربين مختصين يركزون على 5000 طالب وطالبة خلال الفصل الدراسي الجامعي،  ويضعون مناهج إجبارية على الطلبة الجامعيين لإعطائهم مادة عن فن التحاور الأسري ومقاصد الزواج ويعطى الطالب والطالبة شهادة فس هذه المادة.  وكنصيحة للمقبلين على الطلاق يقول: «أتمنى من أي شخص يعزم على الطلاق أن يفكر بأمور عدّة، أهمها أن يستخير الله عز وجل، ويتمهل في قراره، وأن يعلم أن في الطلاق قربى للشيطان، وستترتب عليه خسائر مالية من أهمها نفقة العدة، والمؤخر، ونفقة ألأولاد. الطلاق ينتشر مثل العدوى في المجتمع. ولا يريد أحد منا أن يتسبب بنشر هذه العدوى، فيجب على كل فرد منا وقاية نفسه وأهله».


في الإمارات:
الطلاق يرتفع في السنة الأولى من الزواج ويؤدي إلى انفصال خمس المتزوجين

في إطار بحثنا عن الأسباب التي تدفع الأزواج إلى الطلاق، تبين ارتفاع معدلات الانفصال خلال السنة الأولى لأسباب عدة، ويقدّر خبراء في الشؤون الأسرية معدلات الطلاق في الإمارات بخِمس عدد حالات الزواج.
يقول المحامي عبد الله آل ناصر رئيس مجموعة آراء للمحاماة في دبي: «كثير من القضايا التي أتولاها تعود أسبابها إلى الطلاق في السنة الأولى، منها أن عمل المرأة اليوم قلّل إلى حد ما من تبعيتها الرجل، فالطلاق لم يعد معوقاً لاستكمال حياتها. كما أن التسرّع في الزواج تأتي نتيجته في نهاية السنة الأولى طلاقاً، بالإضافة إلى أن الخلافات أصبحت تحدث لأبسط الأسباب. وأعتقد أن الوضع الاجتماعي في عصرنا تغير كثيراً، فالرجل الذي يتزوج الآن لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية الزواج». ويضيف: «أذكر إحدى قضايا الطلاق التي شهدتها، فقد كانت قرارات الزوج بيد أمه وأخته، ومن ضمنها إجباره على تأجير مسكنه الخاص الذي من المفترض أن يكون منزل الزوجية، فسكن وزوجته في منزل والديه إرضاء لوالدته وأخته. حينها بدأت المشاكل بين والدته ووالدة زوجته، وبدلاً من العمل لإصلاح العلاقة اتسعت دائرة المشاكل وتحولت إلى المحاكم ووقع الطلاق في النهاية».

الزواج التقليدي وراء الكثير من حالات الطلاق السريع
يعد الزواج التقليدي، الذي كان الأساس من قبل، من أسباب الطلاق، لأن الإصرار على إقحامه في ظل المتغيرات اليومية قد يثير بعض المشاكل، منها عدم ملاءمة أحد الزوجين الآخر، سواء من الناحية الفزيولوجية أو السيكولوجية. ويقول آل ناصر: «هذا ما فوجئنا به في الآونة الأخيرة إذ وجدنا بعض العائلات تمنع منعاً باتاً أولى خطوات الزواج وهي النظرة الشرعية واللقاء الأول، في حين أن هذا يطابق الشريعة ولا يخالفها. وبرأيي الشخصي أنه يشترط قبل أي زواج أن يحضر الأزواج دورات متخصصة ويكون ذلك إلزامياً».
ويشدد آل ناصر على دور التنشئة «فغالباً ما تعود أسباب الطلاق إلى ترسبات فكرية واجتماعية لدى أحد الزوجين أو كليهما من واقع ما عاشه أحدهما في أسرته وحياته منذ نشأته، فمن الصعب أن يعرف صيغة التفاهم من حرم منها في بيته، فكيف لنا أن نطالبه بحل النزاعات في شكل منطقي إذا كان قد وجد نفسه بين أبوين منفصلين مثلاً؟».
ويشير إلى أن «هناك مشكلة حقيقية على الشاب والفتاة أن ينتبّها إليها لأنها قد تكون سبباً حقيقياً لوقوع الطلاق، فمثلاً في إحدى القضايا كانت المرأة تقول لجارتها كل ما يحصل بينها وبين زوجها، وبدأت الجارة إعطاء النصائح للزوجة وهي بدورها باتت تطبقها، مع أن تلك النصائح كانت ضد مصلحتها، وسببت الكثير من المشاكل. إلا أن الزوجة بقيت مقتنعة بأن جارتها تقدم لها خدمة، وأن كلامها صحيح مئة في المئة. عندها اكتشف الزوج سبب المشكلة، وتحدث معها مراراً وتكراراً إلا أنها لم تقتنع، وكبرت المشكلة حين بدأ الزوج التحدث مع أصدقائه عن مشاكله وبدورهم أعطوه النصائح الخاطئة ودخل الاثنان في متاهة العناد ومحاولة فرض رأي كل منهما على الآخر، وفي النهاية وقع الطلاق». والعناد يعد سبباً قاتلاً للحب، وحين يختفي عنصر الوعي لدى أحد الزوجين تصبح الحياة صعبة بينهما، وبالتالي يكون الطلاق هو الحل.

إهمال أحد الزوجين للآخر وراء الكثير من حالات الطلاق
أما عدم اهتمام الزوجين ببعضهما فقد يؤدي إلى الطلاق السريع، فحين يشعر أحدهما بأنه مهمل وليس من أولويات الطرف الآخر يحصل الفراق العاطفي، وقد يتسبب ذلك بصمت المشاعر بينهما، «وهنا أتذكر رجلاً قصدني وكان قد تزوج فتاة أحبها، إلا أنه وبعد الزواج بدأت الزوجة إهماله وإهمال نفسها، فكانت تقصد منزل أهلها من الصباح حتى المساء، وتفضل الخروج مع صديقاتها، كما أنها أهملت واجباتها كزوجة، مما ولّد الكثير من المشاكل بينهما. وكلمها كثيراً وأوضح لها وجهة نظره لكنه لم يجد نتيجة، وتفاقم شعوره بأنه مهمل في منزله مما أدى إلى مشكلة أكبر، وهي محاولته البحث عن الاهتمام خارج المنزل، وبعد فترة وجيزة وقع الطلاق». ويضيف: «إحدى القضايا كانت بسبب عدم قدرة الطرفين على حل مشكلاتهما الصغيرة التي تراكمت خلال أشهر، وبالتالي كانت سبباً للطلاق، فالزوجان في بداية حياتهما اعتبرا الزواج حلبة للصراع والحرب، وبالتالي حاول كل منهما فرض رأيه على الآخر، كمن يحاول تطبيق مقولة «اقطع رأس القط من الليلة الأولى». فالزوج حين يقدم على أي تصرف تعتبره الزوجة كأنه بداية الحرب، وفي المقابل لا يتقبل الزوج أي رأي لزوجته ويعتبره خطوة منها محاولة لفرض سيطرتها، وبالتالي يتحول الزواج إلى شجار دائم وعدم تقبل كل منهما طباع الآخر أو تصرفاته، عندها تصبح الحياة مستحيلة بينهما ويفضلان الطلاق. وهنا عليهما أن يعرفا أن الزواج حياة رائعة إذا تفاهما على الأساسيات، وعرف كل منهما واجباته وحقوقه، فلا يكفي أن نعي حقوقنا دون الوفاء بواجباتنا، فإذا قام كل منا بواجبه فمن الطبيعي أن يحصل على حقوقه دون طلبها والسعي وراءها».

أرقام
بلغ عدد حالات الطلاق خلال العام 2012 في دبي 1125 حالة، مقابل 4200 عقد زواج تشمل المواطنين وغير المواطنين، حسب تقرير حالات الزواج والطلاق الصادر من مركز دبي للإحصاء وفقاً لبيانات محاكم دبي، وارتفعت حالات الطلاق بنسبة 25.6 في المئة. وشكلت عقود زواج المواطنين من مواطنات نحو ربع عقود الزواج المسجلة لدى محاكم دبي، إلا أنها انخفضت بنسبة 6.8 في المئة عما كانت عليه عام 2011. وبالنظر إلى عقود زواج المواطنين من غير المواطنات لوحظ الارتفاع الطفيف في عدد تلك العقود بنسبة 1.2 في المئة، أما غير المواطنين من غير المواطنات فتشير البيانات إلى الزيادة المسجلة بين عامي 2011 و2012 بحيث ارتفعت عقود الزواج بنسبة 10.2 في المئة، كما ارتفعت عقود الزواج الإجمالية بنسبة 4.06 في المئة.
وتتضح الزيادة الواضحة في شهادات الطلاق للفترة نفسها ولكل الجنسيات، وتأتي نسبة الزيادة في حالات الطلاق المسجلة لزوج مواطن من زوجة مواطنة في المرتبة الثانية إذ بلغت 22.8 في المئة، أما النسبة الأقل فكانت في حالات الطلاق المسجلة لزوج مواطن من زوجة غير مواطنة 13.9 في المئة، وتأتي في المرتبة الأولى حالات الطلاق لزوج غير مواطن من زوجة غير مواطنة التي ارتفعت بمقدار يزيد عن الثلث عام 2012 عما كانت عليه عام 2011 وبلغت نسبة الزيادة 31.2 في المئة.


أهم 10 أسباب لارتفاع معدلات الطلاق:
1 - الفجوة المالية والاجتماعية
2 - الأنانية
3 - نقص الترابط والحب
4 - غياب الحوار والتفاهم
5 - تدخل الأقارب
6 - العنف وميل الأزواج إلى فرض السيطرة
7 - فشل الزوجين في تحمّل المسؤولية
8 - هيمنة ثقافة المستهلك في الحياة الزوجية
9 - ضعف الدوافع الدينية
10 - الزواج من امرأة أخرى.

18 حالة طلاق يومياً في الكويت والحصيلة 15 ألف مطلّقة صغيرة
في الكويت هناك أكثر من 15 ألف مطلقة دون الرابعة والعشرين من العمر، و18 حالة طلاق يومياً. وبهذا تجاوزت نسبة الطلاق 42 في المئة حسب إحصاءات وزارة العدل، رغم وجود مكتب استشارات أسرية يقرع ناقوس الخطر ويطالب بحلول ناجعة وتدخل فوري لإنقاذ النسيج الاجتماعي من التفكك الأسري وتزايد عدد المطلّقات الصغيرات اللواتي لا تجد أكثرهن فرصة ثانية للزواج، ويشكلن أعباء مادية على الدولة التي تتكفل بمساعدتهن بإعانات شهرية لغير العاملات منهن. ويبدو أن مقولة أن الزواج المبكر يؤدي إلى الطلاق المبكر صارت واقعاً في الكويت حيث الشكوى متكررة من عدم تحمل الزوجين الشابين لمسؤوليات الزواج الجسيمة.

شريفة: لا يصلح لأن يكون أباً لأطفالي
شريفة مطلقة (22 عاماً) قالت: «زوجي يكبرني بعامين. تزوجنا زواجاً عائلياً بعدما سأل والدي عنه في العمل ومحيط الأصدقاء وكان يتمتع بسمعة طيبة وهو فعلا كذلك، لكن مشكلته إنه وحيد العائلة و«دلوعة» ماما، ومعتمد على والديه في كل شيء. والده يشترى دشاديشه، أمه تشتري عطوره وثيابه، والسائق في خدمته يشترى حاجاته... شعرت بأنهم اشتروا عروساً لعبة لابنهم ليستمتع بها ويتسلى حين يعود إلى البيت. وضعي مثل وضع مزهرية... يخرج معي لنأكل أحيانا في المطاعم، ثم يعود إلى البيت ليركب البانشي ويسابق السيارات في الشوارع بمغامرات مخيفة، ويذهب إلى الديوانية للسهر مع الأصدقاء. وحين أذهب إلى بيت أهلي لا يسأل عني بحجة «عيشي حياتك». واذا مرضت أذهب مع أمي أو صديقتي، وحين يشبع نوماً صباحاً يتوجه إلى مكتبه في شركة والده. جلست معه أكثر من مرة وطلبت منه أن يتحمل مسؤولية الزواج ويتغير، وقلت له إنه الآن في مرحلة مختلفة وعليه أن يقوم بكل شيء بنفسه دون انتظار من يقوم بدوره. فسألني لماذا عليه أن يتغير ولماذا لشخص مرتاح أن يبحث عن التعب إلا لأن زوجته نكدية وتبحث عن المشاكل والمتاعب؟ وقال إن علينا أن نستمتع بحياتنا وزواجنا. وشعرت بأنني أمام رجل لايصلح أن يكون أبا لاطفالي، وقد أظلمهم إذا أنجبتهم. وسمعت نصيحة والدتي ألغيت فكرة الأنجاب وصبرت عليه عامين وهو في وادٍ وأنا في آخر, رغم إن أخلاقه جيدة ووضعه المادي ممتاز. لكن الزواج مسؤولية أخلاقية أولا وأخيراً، لذا طلبت الطلاق ولم يزعج نفسه كعادته أو يتمسك بي بل طلّق على الفور».

أبرار: تقليدي وتحكمه النظرة الاجتماعية
أبرار جاسم (20 عاماً) عاما طالبة جامعية مطلقة حديثا قالت: «نحن جيل اعتاد على الرفاه والحياة المنعمة ونتخيل أننا سنجد هذا النمط في بيوت أزواجنا كما هو في بيت أهلنا. وأنا بطبعي إنسانة اجتماعية ودرست في مدارس اميركية حتى الهاي سكول وبالتالي لدي هامش كبير من الحرية والصديقات وأحضر الأعراس وحفلات صديقاتي، أدخل أول واحدة وأخرج آخر واحدة في المناسبات. حياتي عفوية وبسيطة ومزدحمة بألوان الفرح وقلوب الأصدقاء، أنفق راتبي على ما أحب أن أشتريه وعلى الهدايا. تقدم لخطبتي شاب درس في أميركا فاعتقدت أن هذا يكفي لأن أحظى بشخص مثلي، لكنه رجل ذهب شرقياً وعاد شرقياً ولم يتغير إلا خارجياً أما داخلياً من حيث الأفكار ونمط الحياة فهو رجل تقليدي يضع اعتبارات كثيرة للنظرة الاجتماعية وآأراء الأهل. ووجدنا إن بيننا هوة عميقة، وأنا لا يمكنني أن أخسر نفسي لينجح زواجي فأكون شخصية أخرى لا أحبها ولا اتعايش أو أتصالح معها لكنها تعجب زوجي. وبما إني مادياً واجتماعياً لست مضطرة لذلك قررت أن أكسب نفسي وأخسر الزواج بالطلاق وأشعر بالارتياح دون ندم، فالحياة في طياتها دائماً تحمل مفاجآت جميلة مهما فشلنا في تجارب حياتية».

باسمة: بخيل... ويريد استغلالي مادياً
باسمة (24 عاماً) مطلقة منذ عام قالت: تزوجت عن طريق العائلة بشاب أخلاقه جيدة لكنه بخيل للغاية، وكل شيء عنده يخضع لحسابات وميزانيات وأولويات، ويضع خطة إنفاق لكل حاجة وغرض وكأنني متزوجة من معلم رياضيات متقاعد. أنا ابنة عائلة كريمة ومعتادة على الخير والصرف، ووالدي دللنا، وكانت بطاقات الفيزا الخاصة به في حقيبتي دائما كلما أردت أن أتسوّق أستخدمها... أما زوجي فلم يعد يشتري لي بعد زواجنا أي هدية أو يعطيني مصروفاً شهرياً، فعرفت أنني في المكان الخطأ وطلبت الطلاق. ومن شدة بخله رفض تطليقي إلا بعد أن أعيد له المهر والشبكة وأتنازل عن المؤخر، ففعلت ما أراد وخرجت خاسرة من هذه الزيجة الفاشلة وذهب ليتزوج بأخرى بعد أسبوع من طلاقنا».

أم مشاري: زوجت ابني حتى أرتاح
أم مشاري قالت: «زوّجت ابني حتى ارتاح... أريد أن أسافر كل ستة أشهر للعلاج وإجراء فحوص كاملة في تايلاند، وأريد أن أسافر مع زوجي إلى بيتنا في تركيا للراحة والاستجمام. لكن للأسف بنات هذه الأيام لا يتحملن مسؤولية بيت، فزوجة أبني ترفض دخول المطبخ بحجة أنها موظفة وتريد الغداء جاهزاً عند عودتها من العمل، وهما شخصان وتريد خادمة وطباخاً. حاول ابني معالجة الوضع، فكان يذهب بالملابس إلى المصبغة ويطلب من المطاعم وجباتهما، لكن إلى متى؟ وحين يصبح لديهما أطفال كيف ستتحمل مسؤولية الصغار؟ وفشل أن يصلحها أو يغيرها فتم الطلاق للأسف... بنات هذا  الجيل أفسدهن الدلال ودلع الأهل وتوافر الحياة المرفهة والماركات والساعات الثمينة والسيارات الفارهة، وكلّها تثقل كاهل الزوج. وأنصح الأمهات أن يدربن بناتهن على الصبر وتحمّل المسؤولية، فالزوجة لها حقوق وعليها واجبات، ولا ينفع أن يكون العطاء من طرف واحد».

الزواج المبكر ينتهي بطلاق مبكر
الدكتور شملان يوسف العيسى علق على الظاهرة بقوله: «يتبين لنا من احصاءات وزارة العدل لعام 2012 أن هناك 9404 حالات زواج بين المواطنين و4667 حالة طلاق ايضا بمعدل 43.3 في المئة. هل هذا المعدل للطلاق طبيعي ام مرتفع مقارنة بدول العالم المتقدم؟ فحسب في بلجيكا نجد الطلاق بمعدل 71 في المئة - البرتغال بمعدل 68 في المئة – هنغاريا 67 في المئة – التشيك 66 في المئة – اسبانيا 61 في المئة... ماذا عن معدل الزواج والطلاق في الدول العربية؟ تأتي الكويت أولى بنسبة42 في المئة (وهذا الرقم قريب من دراسة وزارة العدل لعام 2012) وتليها قطر 33 في المئة والاردن  25 في المئة والسعودية 21 في المئة»...

أضاف: «السؤال، لماذا جاء ترتيب الكويت الأول في معدلات الطلاق بين الدول العربية وجاءت النسبة قريبة من معدلات الدول المتقدمة؟ هناك أسباب كثيرة أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق، منها سهولة إجراءات الطلاق، فكل المطلوب من الزوج «الغاضب» اعلان كلمة «طالق» وينتهي الامر في المحاكم. أما أصحاب المذهب الشيعي الجعفري فيتطلب الطلاق لديهم واسطة شيخ الدين أو مندوب المرجعية قبل إتمام إجراءات الطلاق. ومن الاسباب الاخرى لارتفاع معدلات الطلاق الزواج المبكر الذي ينتهي غالباً بالطلاق المبكر بسبب عدم التفاهم بين الطرفين والضغوط الاقتصادية على الزوج وضعف الوعي لدى الزوجين قبل الزواج».

ناقوس الخطر
الأكاديمي والإعلامي عايد المناع قال: «تزايدت حالات الطلاق في السنوات الأخيرة، حتى أصبح كأنه سمة من سمات المجتمع الكويتي. وكان الطلاق قبل مدة صعباً لأنه يعتبر أمرا مستنكراً من الدين والمجتمع كله، أما الآن فنجد أن أعداد المطلقات ازداد بشكل كبير. ومن الضروري قرع جرس الخطر لأنه ارتفع بشكل كبير، ومبالغ به، إذ قاربت حالات الطلاق 50 في المئة من مجموع حالات الزواج. ونلاحظ ان أغلب حالات الطلاق تكون لأسباب تافهة جداً، وهذا يدل على عدم وعي كلا الزوجين». وبيّن أن «نسبة حالات الطلاق بين حديثي الزواج تكون مرتفعة بسبب الزواج المبكر الذي يعتبر ذا آثار سلبية على الأسرة وعلى النسيج الاجتماعي بشكل كامل، فكثرة حالات الطلاق تؤدي إلى نزاعات بين الأسر الكويتية، كما ان له انعكاسات خطيرة على المجتمع، خصوصاً إذا كان لهؤلاء أبناء فهنا المشكلة تكون أكثر تعقيداً». ولفت إلى أن «الطلاق واحد مهما تعددت أسبابه، وأن هناك أسباباً عامة للطلاق تكون موجودة في كل المجتمعات مثل الضعف الجنسي والعامل المادي وعدم القدرة على الإنجاب وغيرها من العوامل، ولكن المراقب في أروقة المحاكم يلاحظ ان من أهم أسباب الطلاق في الكويت الزواج المبكر، وعدم تحمل الزوج للأعباء والالتزامات الزوجية، وذلك بصرف النظر عن دوافع الأهل لتزويج أبنائهم في هذه السن».

المحامي فايز العتيبي: الاستخفاف بالطلاق زادت معدلاته
قال المحامي فايز العتيبي: «للطلاق أسباب كثيرة، ومنها اعتداء الرجل على زوجته بالضرب، وعدم تحمل المسؤولية من الطرفين، وخصوصا المشاكل المادية. كما ان تدخل الأهل المستمر في حياتهم الخاصة يعتبر من أسباب الطلاق، وعدم قناعة الزوجة بإمكانات الزوج، وسهر الزوج خارج المنزل كثيراً، والضغوط المادية، والعقم عند أحد الزوجين، واكتشاف أمراض نفسية أو عضوية بعد الزواج... وأضاف ان من الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق طغيان الحياة المادية والنظر باستخفاف إلى الطلاق وانتشار حب النفس والأنفة، وسهولة التغيير وإيجاد البديل، وذلك بحكم ان المادة تسيطر. كما ان الخيانة الزوجية تعتبر من ابرز الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، خصوصاً إذا جاءت من المرأة .


توصيات ومقترحات

وضعت أمينة جمعية العمل الاجتماعي الكويتية  ليلى عبد العزيز توصيات ومقترحات للحد من تفاقم ظاهرة الطلاق في دراسة كبيرة للحفاظ على استقرار الحياة الزوجية. وهنا أهم التوصيات:

1 حسن الاختيار وانتقاء الزوج أو الزوجة على أسس ومعايير موضوعية. 

2 توعية المقبلين على الزواج بمسؤوليات كل من الزوجين وحقوقهم وواجباتهم التي تصون الحياة الزوجية.

3 تفعيل مكاتب التوجيه والإرشاد الأسري للقيام بدورها في حل المنازعات الأسرية قبل وقوع الطلاق، سواء كانت مكاتب رسمية (وزارة العدل، الشؤون الاجتماعية والعمل، أو مكاتب أهلية).

4 توعية الأسر في المجتمع الكويتي بأسس الاختيار الموضوعية والثابتة التي تحفظ كيان الأسرة واستمرار الحياة الزوجية مثل مراعاة القيم الأخلاقية والتمسك بأهداب الدين في طرفي الزواج، وكذلك مراعاة تقارب المستوى الاجتماعي والثقافي وعدم وجود فارق كبير في السن وعدم تدخل الأهل في شؤون الزوجين إلا بغرض التوفيق والإصلاح، والحد من الزواج المبكر.

5 توفير مساكن مستقلة للمتزوجين الجدد من قبل الحكومة حتى لا يكون المسكن المشترك من دواعي كثرة المنازعات التي تؤدي في النهاية إلى الطلاق.

6 إجراء فحص طبي للمقبلين على الزواج للتأكد من خلوهم من الأمراض التي تؤثر على الإنجاب أو العلاقات الزوجية السوية.

7 تقديم الإرشاد الزواجي حتى بعد وقوع الطلاق والانفصال بهدف تحويل تجربة الطلاق من حالة مؤلمة إلى خبرة مفيدة لعدم تكرار الأخطاء التي أدت إلى الطلاق ودخول الحياة الجديدة برغبة صادقة في التوافق، وكذلك حل معضلة الرعاية المثلى للأبناء ثمرة هذا الزواج الذي فشل، وأهمية تعاون المطلقين والمطلقات على التفاهم لصالح الأبناء وعدم اتخاذهم وسيلة للانتقام من بعضهم البعض.

8 التوسع في منح القروض الاجتماعية للراغبين في الزواج من الشباب وإعطاؤهم الأولوية للحصول على بيت حكومي وتقليل فترة الانتظار التي تعوق زيجات كثيرة.

9 تدريس منهج علم الاجتماع العائلي لطلبة السنوات النهائية في كليات جامعة الكويت ومعاهد التعليم التطبيقي وما يعادلها حتى يدرك الشباب حقوق الزوجين وواجباتهما وأسس الاختيار الزواجي الناجح وكيفية التعامل مع النزاعات الزوجية وتربية الأبناء.

10 دعم اللجان الأهلية في جمعيات العمل الاجتماعي التطوعي القائمة في المجتمع الكويتي التي تقوم بالإرشاد الزواجي وتضطلع بدور فعال في العون المادي للراغبين في الزواج إذا كانوا معسرين.

11 التنسيق بين مكاتب الاستشارات الأسرية في وزارة العدل ومكاتب مراكز تنمية المجتمع في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تحل المنازعات وتذلل المشكلات التي تواجه المتزوجين قبل وقوع الطلاق، حتى تضطلع بدورها في الحد من تزايد حالات الطلاق في المجتمع الكويتي.