حفلات 'البيبي شاور' ظاهرة رائجة في السعودية

البيبي شاور, الأمهات, حفلة, الحامل, السعودية

01 أغسطس 2014

لم يعد اليوم «السابع» أو «العقيقة» من الطقوس الرائجة سعودياً للتعبير عن البهجة، والفرحة بقدوم المولود الجديد، فيما استحوذت فكرة حفلات «البيبي شاور» على اهتمام بالغ من الأمهات الشابات، في مجاراة للموضة الغربية التي يتهافت عليها الجميع. وعادة ما يكون الاحتفال قبل موعد الولادة بشهر أو أقل. وبين تكاليف الاحتفال، ومصاريف جناح المستشفى الفاخر، والزينة، و«التوزيعات» (الهدايا التذكاريّة) التي لا بد أن تأخذ شكلاً مميزاً، تبهت مشاعر السعادة، ويتحمل الوالدان عبء التفكير بكماليات قد تنسيهم الاستعداد النفسي والعاطفي لقدوم هذا المولود. آراء متضاربة وأفكار غريبة حول حفلات «البيبي شاور» تقدمها «لها» في هذا التحقيق...

احتفال «البيبي شاور» وفر لي أهم مستلزمات طفلي الأول
كانت حفلة «البيبي شاور» ضرورية جدا لنسرين محمد (27 عاماً)، فبهجة المولود الأول لا تضاهيها بهجة، وبمساعدة من بعض الأقرباء اكتمل هذا الاحتفال على أكمل وجه. وبأفكار بسيطة من العمل اليدوي، صنعت هي ووالدتها «توزيعات» جميلة كتب عليها اسم المولود الذي تنتظره. وبتنسيق مسبق مع أفراد العائلة تم إهداء جميع المستلزمات الضرورية للمولود القادم في هذه المناسبة، من حفاضات، وملابس، وسرير للنوم، وكرسي للطعام. وتؤكد نسرين كون الاحتفال قبل قدوم المولود أفضل من جميع النواحي، ذلك أن كلفة الاحتفال شملت قالب الحلوى و«التوزيعات» الرمزية والضيافة لا أكثر.

احتفال «البيبي شاور» ضروري وليس من الكماليات
وتعتقد ألاء البلبيسي ( 29 عاماً)، أم لطفلتين، أن من حق كل مولود أن ينال نصيبه من الاهتمام، والتعبير عن فرحة قدومه التي لا تكتمل طقوسها إلا بمظاهر الدلال، فلا بد أن تكون غرفة أو جناح الولادة مزين بطريقة جميلة تبقى كذكرى حلوة. ويعد الاحتفال بالمولود قبل أو بعد قدومه أمراً ضرورياً لأنه يعبر عن السعادة بقدوم هذا المولود من جهة، ويوفر عناء استقبال أفواج المباركين في المنزل، إضافة إلى أنه يساهم في تقليل المستلزمات التي يود الأهل شراءها للمولود. وتؤكد البلبيسي ضرورة الاحتفال مع الابتعاد عن أي مظاهر للتقليد أو المبالغة في ظل متطلبات الحياة والظروف المادية الصعبة.

الغربة والبعد عن الأهل والأقارب حرمتها من بهجة الاحتفال بمولودها
في حين لم تكن فكرة « البيبي شاور» واردة أبدا لهديل صالح ( 26 عاماً)،  وذلك لغربتها في بلد لا يقطن به أحد من أفراد أسرتها أو حتى أصدقائها. لذا لم يكن هناك أي معنى أو ضرورة لهذا الاحتفال. وبحسب ما ذكرت، فقد وفر عليها ذلك الكثير من العناء، وأعطاها الوقت الكافي للتفكير بشيء أهم، وهو قدوم مولودها الأول، ومحاولة تثقيف نفسها بالمعلومات الضرورية، والدورات التدريبية التي ستساعدها على استقبال مرحلة الأمومة، ورعاية مولودها في أيامه الأولى بشكل أفضل.

تعاون أفراد العائلة له طعم خاص
وترى هناء عبد الحليم أن متعة التفكير والتفنن بالإعداد لهذه المناسبة شيء لا يمكن تفويته، فقدوم خمسة أحفاد لها على التوالي جعلها تعيد ذكرياتها، وتصقل مهارتها في العمل اليدوي والتزيين، فصنع الهدايا و«التوزيعات» وترتيب الزينة، يعطيان إحساساً بالبهجة والسرور، إذ أنها أقدمت على تزيين حفلات حفيداتها الخمس، وتعاونت هي وأفراد العائلة على شراء وتقديم الحلويات، و«التوزيعات».

قالب على شكل بطن الأم الحامل
وعن قوالب الحلوى الخاصة بهذه المناسبة، يقول سامي شاولي وشريكته سارة قاري، اللذان يديران محلّاً للحلوايات  إن طلبيات قوالب الحلوى الخاصة بالبيبي شاور قد تتجاوز مرتين في الأسبوع الواحد، وغالبا ما يطلب منهم شكل» بطن الأم الحامل» للتعبير عن هذه المناسبة. وقد يتجاوز عدد هذه التوزيعات 200 قطعة، حسب عدد الحضور.
وفي حديث موسع عن التوزيعات، أو الهدايا الرمزية، التي تقدم في احتفال البيبي شاور، تشيرسارة صاحبة متجر «للتوزيعات» وتغليف الهدايا إلى أن أشكال وأفكار التوزيعات والهدايا، تتأثر بموضة معينة، إضافة إلى أفكار الأم والتكلفة المادية. وتعد حالياً إضافة الكروشيه والأشغال اليدوية إلى الهدايا التذكاريّة أمراً رائجاً جداً، بحيث أصبحت فكرة الصندوق الصغير الذي يحتوي على قطع شوكولاته، أو حبات من الحلوى، فكرة قديمة ومستهلكة. وأوضحت سارة أنهم يسعون دائماً إلى تقديم  أفكار جديدة ومبتكرة من خلال إضافة الألوان المختلفة غير اللونين الزهري والأزرق، فتقول: «في إحدى الطلبيات كان علينا وضع سمكة حقيقية في الزينة الخاصة بالمولود، لأن فكرة الاحتفال كانت تخص البحر. الأفكار الغريبة والمبتكرة هي التي تلقى استحسان الأمهات، فلم تعد «التوزيعات» مجرد قطع شوكولاته مغلفة بالألوان المعتادة، وكذلك الهدايا المقدمة من المدعويين في هذه المناسبة ليست مجرد هدايا مغلّفة بطريقة تقليدية، فيتم وضع الملابس المهداة للمولد على سبيل المثال في صندوق أو سلّة تحوي بعض المستلزمات مع بعض قطع الشوكولاته، وبعض اللمسات التي تجعل منها هديه مميزة».

الرسم على البالونات
زينة الأبواب والبالونات المتطايرة من أهم طقوس حفلات «البيبي شاور»، ويؤكد مسؤول محل بالونايزر للزينة والبالونات أحمد المقرش إن اتجاهات الناس في انتقاء الزينة سواء للحفلات الخاصة بالمولود أو للمستشفى، أصبحت تأخذ شكلاً جديداً، سواء من ناحية الألوان أو التصاميم، «فأصبحنا ندخل الألوان مثل الأصفر، والتفاحي، والبنفسجي. كما تعد الكتابة والرسم على البالونات رائجين جداً هذه الأيام، فتقريبا ننفذ ما لا يقل عن عشرة طلبات أسبوعياً لحفلات المواليد. وتعد تكاليف هذه الزينة متفاوتة حسب الطلب. فالبالونات ارخص ثمناً من الفلّين، مما يجعل الطلب عليها أكبر، لكونها تناسب جميع الزبائن من الناحية المادية».

السيدة الخليجية الأكثر اهتماماً بتفاصيل مولودها الجديد
تقول صاحبة متجر لتصميم المفارش: «عادة تهتم السيدات الخليجيات أكثر بهذه العادة، وبالذات في وقت قدوم المولود الأول، بحيث تهتم بأدق التفاصيل المتعلقة بمفارش السرير ومهاد الطفل وملحقاته، والتي تتلاءم مع الزينة و«التوزيعات» الخاصة باحتفال المولود والمستشفى، وانتقاء اللون والخامة المناسبة. وتتفاوت الأسعار وفقا لتلك الخيارات، فمنها الاقتصادي، ومنها المكلف، وغالبًا ما تعتمد السيدات في اختياراتهن على الأفكار الغريبة والتي لم يسبق عملها من قبل، ومن الأفكار التي حظيت باستحسان من قبل الزبونات، فكرة عربة «السندريلا» و مفارش الشخصية الكرتونية«هللو كيتي» إضافة إلى شعارات بعض النوادي الرياضية، وكتابة أسماء المواليد بالكريستال أو بالخيوط».

النصير: ظاهرة تدلّ على هشاشة التفكير وتبني الثقافات الدخيلة والاهتمام بالمظاهر
ترى المستشارة التربوية، والأسرية، والنفسية بمكتب الأمل للاستشارات الدكتورة نادية النصير أن ظاهرة «البيبي شاور» وانتشارها الواسع، يدلان على هشاشة التفكير وسهولة تبني الأفكار الغربية التي لا تمت إلى العرب والمسلمين بصلة، متسائلة: «كيف تحتفل الأم بمولود لم يولد بعد؟ وترهق نفسها ماديا بتكاليف هذا الاحتفال، وتجبر من حولها على جلب الهدايا الثمينة لهذه المناسبة، علما أن ثقافة الاحتفال بالمولود موجودة في السنة النبوية بما يعرف (بالعقيقة)، والتي يذبح فيها شاة للمولودة الأنثى، وشاتان للذكر، فليست هنالك حاجة لابتداع أفكار ليس الهدف منها سوى المظاهر، والتباهي أمام الناس، وتحميل الوالدين الجديدين عبء هذه الكماليات». وترى نصير أن انتشار هذه الظاهرة له أثر سلبي على الجيل القادم الذي لن يعي السنن النبوية في الاحتفال، ولن يأبه لعاداته وتقاليده.

حفلة «بيبي شاور» كألف ليلة وليلة
أما بالنسبة إلى ريم الأرناؤوط (25 سنة) التي لم يتسنَّ لها إقامة احتفال «بيبي شاور» بسبب ولادتها المبكرة، فعبّرت هي وأسرتها عن فرحة قدوم مولودتها «بيسان» باحتفال كبير، تم خلاله حجز قاعة أفراح، ودعوة الجميع لمشاركتهم بهذه المناسبة. اهتمت ريم بأدق التفاصيل في هذا الاحتفال، من المهرج، والتوزيعات بمختلف أشكالها، وقالب الحلوى، والزينة، والبالونات، فكان احتفال كألف ليلة وليلة.