الأعراس

مناف زيتون: لن أهاجر ولن أكتب عن الظرف الراهن

مناف زيتون, كاتب, التلفزيون, خيانة

31 يوليو 2014

بعد روايته الأولى «قليل من الموت» التي وصلت إلى القائمة الطويلة في جائزة الشيخ زايد، صدرت للكاتب السوري الشاب مناف زيتون رواية جديدة عن دار «هاشيت- أنطوان» بعنوان «طائر الصدى».
عن أجواء الرواية الجديدة ومعاناة الكتابة من الداخل وسبب بقائه في سورية ونظرته إلى مستقبل الشباب السوري يُحدّثنا مناف زيتون في هذا الحوار.


- كتبت روايتك الأولى «قليل من الموت» بأسلوب يقترب من الفانتازيا. فهل هذه الأجواء ولّدتها لديك فانتازيا الإجرام والقتل الذي نشاهده يومياً في التلفزيون؟
أحاول جهدي دائماً أن أبتعد في كتابتي عن الظرف السوري لعدم اتضاح الصورة بما يكفي لنقلها بأسلوب أدبي، ولكن الوقوف على مسافة قريبة من الموت أو غيره من المخاطر التي تهددني وتهدد عائلتي، تجبرني على طرح الكثير من الأسئلة غير ممكنة الظهور في الظرف العادي، هذه الأسئلة بالتأكيد تحفز الكثير وتساعد على التفكير خارج الحدود التقليدية، سواء من الأسئلة المتعلقة بتفاصيل بسيطة ككيفية عمل جسم الإنسان، إلى الأسئلة الأكبر التي قد تصل أحياناً إلى محاولة فهم طبيعة الوجود.
دون معاناة لا يوجد إبداع، ونحن كسوريين حصلنا على الحصة الكبرى من المعاناة، يبقى أن نكون قريباً قادرين على توظيف هذه المعاناة بالشكل الأنسب.

- روايتك الثانية «طائر الصدى» تصدر عن دار أنطوان- هاشيت، فهل تحمل هي أيضاً عوالم سوريالية وغرائبية؟
القول إن «قليل من الموت» تميزت بالسوريالية فيه ظلم للرواية والأهم للسوريالية، أمّا في ما يخصّ الرواية الجديدة «طائر الصدى» فقد استوحيت عنوانها من الميثيولوجيا العربية القديمة.
الروايتان تتقاطعان في نقطة الحبكة «المشوقة» كما يحب بعضهم تسميتها، ولكن هذه المرة الأحداث تشغل مساحة أكبر من تلك التي تشغلها في «قليل من الموت»، وبالنسبة إلى الغرابة، فإن هذا العنصر بالذات لن يكون مفتقداً في الكتاب الجديد.

- إلى أي مدى يتقبّل القارئ العربي هذا النوع من الروايات؟
أعتقد أن ما يميز رواياتي هو وجود قصة حقيقية يتابعها القارئ، بدلاً من مذكرات المثقفين المملة التي يتحفنا بها كتّاب الجيل الجديد، والتي تفترض أن حياة الكاتب فيها ما يستحق الكلام عنه وقراءته.
أرى أنّ القارئ العربي اليوم قادر على تقبّل أي جديد، خصوصاً إذا كان يجعل القراءة أكثر متعة وأقل تعباً، لا أكترث كثيراً بالتقييمات النقدية بقدر ما أكترث بأن أنال إعجاب القارئ، الأمر الذي أعتقد أنني أحققه حتى الآن.

- أنت لم تترك سورية، فكيف تجد الكتابة من قلب المعاناة؟ وهل الحروب والأزمات تُفجّر الإبداع أم تخنقه؟
في معظم الأحيان تجعل المهمة أصعب، كوني غير متفرغ للكتابة، فإن العمل بات يستغرق وقتاً أطول لتجاوز الظرف الاقتصادي الصعب داخل البلاد، مما يترك وقتاً ضئيلاً للقراءة والكتابة، ولكن بشكل عام أعتقد أن أثر الحرب القائمة في سورية سيكون شديد الإيجابية على الإنتاج الأدبي للشباب السوري المقيم في الداخل، ولكن من المبكر البحث أو مراقبة هذا الأثر الآن، سيستغرق الأمر بعض الوقت كي تأخذ آثار الحرب مداها.

- لماذا لم تترك سورية في مثل هذه الظروف الخطيرة؟ وهل تعتبر الخروج منها في هذه المحنة خيانة؟
السبب الرئيسي لإقامتي في دمشق هو عملي على إتمام بحث للحصول على ماجستير في الإعلام من جامعة دمشق، وعدم توافر فرصة سفر ملائمة لا تتضمن استغلالاً أو تسولاً على حساب معاناة شعبي، إضافة إلى كون مكان إقامتي وإقامة أسرتي في مناطق هادئة نسبياً، وإن كان التنقل والحصول على بعض أساسيات الحياة والخدمات أكثر صعوبة من السابق.
لا يمكن اعتبار السفر في هذا الظرف خيانة، لا أعتقد أن الوصف دقيق في هذه الحالة، من الطبيعي الهروب من أي بلد تشهد حرباً طاحنة كالتي نشهدها في سورية، في النهاية لكل شخص ظرفه، ولكن أعتقد أن من خرجوا دون أن يكون لديهم ظرف قاهر يجبرهم على السفر يتنصلون بشكل أو بآخر من مسؤوليتهم بعدم السماح للمنتج السوري الأدبي والفكري عموماً بالخروج من بيئته الأساسية، ليصبح أدب مهجر أو شتات، أو الأسوأ دعاية سياسية رخيصة تلبس أسمال الأدب.

- كيف تقوّم مستقبل الشباب في سورية وما رأيك في دور المثقف السوري في هذه الحرب المدمرة التي تعيشها سورية منذ أعوام؟
الدور الذي يفترض أن يلعبه مهم جداً، ولكن للأسف معظم الشباب ممن يصنفون أو ينظر لهم المجتمع كنخبة مثقفة ضلّوا عن دورهم، وسقط الكثير منهم في السجالات السياسية والطائفية أحياناً معمقين الشرخ بين الأطياف السورية المختلفة بدلاً من العمل على رأبه.
مستقبل الشباب السوري مثير للقلق، خصوصاً ذوي الفئات العمرية القريبة من عمري أو أصغر قليلاً، جاءتهم الحرب وهم في نقطة حاسمة جداً من التأسيس لمستقبلهم، واستعادة توازنهم بعد انتهاء الحرب ستكون أمراً صعباً جداً ما لم تبذل جهود خارقة لإنقاذ مستقبلهم، المشكلة في سورية اليوم ليست الحرب ذاتها بالنسبة الى الكثيرين البعيدين عن المناطق المشتعلة، إنما هي انعدام الثقة بقدوم الغد، الثقة الضرورية لأي تخطيط عقلاني من الممكن أن يقوم به الشاب لبناء مستقبله.