بعد رمضان والعيد وارتفاع الأسعار سنويًا سعوديون يقترضون بسبب المدارس!

المملكة العربية السعودية, مدارس, طلاق, الاكتئاب

23 أغسطس 2014

بعد موسمي رمضان وبعده العيد، يواجه السعوديون الموسم الأكبر على مستوى النفقات السنوية، وهو دخول المدارس. ومع أن التعليم الحكومي في المملكة العربية السعودية مجاني، فإنَّ نسبة كبيرة من السعوديين تلجأ إلى المدارس الأهلية الخاصة بحثًا عن راحة أبنائهم ومزيد من الرفاهية. في المقابل، يقع الكثير من الآباء في فخ ارتفاع المصاريف الدراسية سنويًا، رغم تحذيرات وزارة التربية والتعليم للمدارس بعدم رفعها، بل وحض الأهالي على الشكوى. ويلجأ كثيرون من السعوديين أحيانًا إلى الاقتراض، سواء من صديق، أو حتى من البنك، لتسديد الفواتير المدرسية التي لا تنتهي... الأخطر في القضية، نتائج القروض على البيوت السعودية، والتصريح المثير الذي أدلى به أحد أساتذة الطب النفسي لـ «لها»، من أن القروض قد تسبب الاكتئاب والانتحار، وربَّما الطلاق أيضًا. «لها» تطرّقت إلى ملف لجوء السعوديين إلى القروض بسبب المدارس، والتفاصيل في هذا التحقيق.

يقول وكيل عمادة البرامج التحضرية للشؤون الطلابية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور طلال الطريفي: «القروض من أجل المدارس تعطينا مؤشرًا لأننا أصبحنا عبثيين، فالأسر فاشلة في إدارة ميزانيتها السنوية، وفاشلة أيضًا في عدم فهمها أن التعليم الأهلي لن يرفع مستوى الطالب، رغم أن رسوم التدريس حوالي 20 ألف ريال للطالب الواحد، فإذا كانت الأسرة لديها أربعة أطفال، يعني ذلك إنفاق 80 ألف ريال على المدارس الأهلية فقط، وهذا يؤثر بالضرورة على ميزانية الأسرة التي ليس لديها إدراك لما تعيشه».
ويضيف الطريفي: «الأسر تحاول رفع مستوى الطالب خصوصًا في مرحلة الثانوي، حتى يلتحق بالجامعة بالحصول على درجات أكبر، فيما تكشف اختبارات «قياس» مستوى الطالب الحقيقي، وبالتالي الناس تغضب من اختبارات «قياس».

ويلفت إلى ضرورة «مناقشة ثلاثة أسئلة، الأول: هل التعليم الأهلي ضرورة أم لا؟ الثاني: لماذا يلجأ أرباب الأسر إلى تدريس أبنائهم في المدارس الأهلية؟ أمَّا الثالث فهو ما الفرق بين المخرجات بين المدارس الحكومية والأهلية؟ ومن خلال هذه المحاور، يمكن أن نقوّم هل القروض من أجل المدارس ضرورة أم لا؟ والواقع يقول لو قسنا الفوارق بين خريجي المدارس الحكومية والأهلية، فأنا بحكم كوني أستاذًا جامعيًا أقول إن مستوى طلاب المدارس الحكومية أعلى من مستوى نظرائهم في المدارس الأهلية، وذلك بسبب اشتراط أولياء الأمور على المدارس الأهلية التدليل الزائد للأبناء، وكذلك غض الطرف عن الغياب، وراحة للآباء من متابعة أبنائهم، وهذا أعتبره نوعًا من الدلال و«البرستيج» الاجتماعي، فيما التعليم الحكومي المجاني أقوى».


لا مانع من القرض

الإعلامي التربوي محمد آل ماطر يؤكد أن «البحث عن المدارس الأهلية عند السعوديين بهدف البحث عن رعاية أكبر بالطالب، من خلال العدد الأقل وإمكان التواصل مع المعلمين وإدارة المدرسة عن طريق الهواتف الجوالة يوميًا، وهذا لا يتوافر مع المدارس الحكومية».
أمَّا عن لجوء السعوديين إلى الاقتراض بسبب موسم المدارس، بسبب ارتفاع الطلبات والنفقات بشكل عام، فيشير آل ماطر إلى أن «هذا أمر وارد بالطبع»، مضيفًا: «أنا شخصيًا لا أرى أي مانع في هذا، ورغم أني أعمل في الحقل التربوي الحكومي، فإن ابني يدرس في مدرسة أهلية، وإذا شعرت بأن مصاريفه تمثل ضغطًا لا أتحمله، فلن أجعله يكمل إلا في الحكومي. إذا كان الأمر يتعلق بقرض أعرف تمامًا أني سأرده في أقرب وقت، فلا مانع في هذا أبدًا من أجل مستقبل الأبناء الذين يمثلون مستقبل بلد بأكمله، نحبه ونحرص عليه».


توالي المواسم

يتفق جاسر حسين (مصمم غرافيكس) مع رأي آل ماطر، ويقول: «لا مانع أبدًا من اللجوء إلى القرض الشخصي من أجل مستقبل الأبناء. لكنَّ الأمر ليس بسبب الدراسة فقط، المواسم المتوالية هي السبب، فلم نكد ننتهي من مصاريف السفر في الإجازة الصيفية، حتى هلَّ شهر رمضان، ومن بعده عيد الفطر المبارك، ثم نواجه استعداد الطلاب للذهاب إلى المدارس».
وعن لجوء السعوديين إلى القروض يقول: «كثير من أصدقائي يلجأون إلى الاقتراض سواء من البنوك أو من أصدقاء مقربين منهم جدًا، حتى تمرَّ هذه الفترة على خير، من دون أي منغصات، فأقساط المدارس الأهلية في الرياض مثلاً قد تلامس الـ20 ألف ريال مثلاً، إضافة إلى إيجار السكن، وغير ذلك من متطلبات الحياة كلها تقع على عاتق الزوج، فماذا يفعل غير الاقتراض؟».


مبالغة

تقول خبيرة التجميل السعودية صدفة أحمد: «لا أتصور أن يصل الأمر إلى القروض من أجل المدارس في السعودية، وأرى أن الحديث عن القروض من أجل المدارس فيه مبالغة كبيرة. لكن من الممكن أن يلجأ البعض إلى استخراج «فيزا كارد» لسداد متطلباته، وتقسيط ديون. أمَّا الهم الأكبر من وجهة نظري فيكمن في البحث عن فرصة تملّك سكن، فأنا شخصيًا رغم أني أدَّخر، لا أزال غير قادرة حتى الآن على الحصول على مسكن تمليك، وأرفض فكرة القروض لأي سبب من الأسباب، لا مدارس، ولاغيره».


د. قنش: القروض تسبب الاكتئاب والطلاق أحيانًا

يؤكد استشاري علم النفس والسلوكيات الأسرية، المدرب المعتمد لنظرية تريز من الهيئة الوطنية الأميركية الدكتور ماجد قنش، أن القروض بشكل عام قد تؤدي إلى الاكتئاب، وقد تسبب أيضًا خلافات أسرية. ويقول: «قد يفرح الشخص بأنه أدخل أبناءه مدارس أهلية «خاصة»، لكنه قد لا يرى الفخ الذي أوقع نفسه فيه إذا لم يكن قادرًا ومستعدًا لكل هذه الأموال التي سيكون مضطرًا لدفعها إن آجلاً أو عاجلاً. ويروي قنش: «أنا كنت في أحد البنوك، وإذا بأحد عملاء البنك يدخل ويتفوه بألفاظ نابية بحق الموظفين، لأن البنك سحب قسطين دفعة واحدة من راتبه، من دون الرجوع إليه، لأن المدين سحب راتبه كله من دون أن يسدد، وفي الشهر الذي تلا ذلك سحب البنك القسطين دفعة واحدة». ويضيف: «القروض سواء بسبب المدارس أو لأي سبب آخر، لها من النتائج السلبية الكثير مما يندى له الجبين، وأبرزها المشاكل الزوجية التي قد تنتهي بالطلاق».