حرب الجبل في لبنان كما تصوّرها ماري قصيفي

ماري قصيفي, حرب الجبل, كاتب, رواية

13 سبتمبر 2014

الكتاب: للجبل عندنا خمسة فصول

الكاتبة: ماري القصيفي


بعد مرور نحو نصف قرن على نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، ما زالت هذه المرحلة بمختلف وجوهها ومفاصلها مسيطرة على مخيّلة جيل كامل من اللبنانيين الذين عاشوها عن كثب طوال خمسة عشر عاماً. وقد كان لهذه الحرب تأثير كبير على مسار الرواية اللبنانية التي أنتجت ما يصحّ تسميته «رواية الحرب»، وقد برز فيها كتّاب كبار ساهموا في تأسيس هذا النوع من الرواية.
وما زالت ثيمة الحرب تشغل الكتّاب اللبنانيين الذين اختار كل منهم أن يستعيدها بوجه جديد ومختلف، ومن هؤلاء الكاتبة ماري القصيفي التي قدّمت أخيراً روايتها «للجبل عندنا خمسة فصول». وفيها تستحضر وجهاً من وجوه الحرب الأهلية المتمثلة في معارك الجبل التي خاضها المسيحيون والدروز وراح ضحيتها مئات الضحايا وآلاف المهجرين.

سلوى بو مرعي، بطلة الرواية والساردة الرئيسة فيها، هي امرأة مسيحية في الخمسين من عمرها، عاشت يوميات حرب الجبل بعد تهجير العائلات المسيحية من قرية «عين يوسف» التي قتل من تبقّى فيها. عاشت مع شقيقها المختلّ عقلياً سليم في «دير الصليب»، لكنها قرّرت بعد ثلاثين عاماً على مرور ذكرى حرب الجبل (1983) أن تكتب رواية توثّق فيها ما رأته وما سمعته خلال تلك المرحلة، لاقتناعها بأنّ التاريخ يكتبه المنتصرون، بينما الحقيقة تخرج من أفواه الناس العاديين الذين عايشوا الوقائع عن كثب.

تتابع سلوى الأحداث المأسوية التي يعيشها العالم العربي اليوم وتستذكر ماضي الحرب التي قضى فيها عدد من أفراد عائلتها وأهلها وجيرانها وتشعر برغبة عارمة في الحكي، أو ربما الكتابة. تقول إنّ زمن الإنترنت و «الفيسبوك» و «الواتس آب» حوّل كلّ الناس إلى أدباء وشعراء.
إنها تقنع نفسها بقدرتها على إنجاز رواية عن الحرب، مع العلم أنّها لم تكتب رواية الجبل بخلفية الروائية، وإنما كضحية من ضحايا الحرب اللبنانية: «أيّ عذاب هذا أن أحمل في ذاكرة روحي عمراً من التهجير المهين والغربة القسرية، وفي ذاكرة جسدي عمراً آخر من الحرمان الصارخ والرغبة المكبوتة. وبين العمرين، انقصفت أعمار أحلامي...» (ص 209).