فتوى أثارت ضجة: امتنعي عن الإنجاب حفاظاً على جمالك!

إنجاب,الرشاقة,جمال,علماء الدين,د. علي جمعة,د. سعاد صالح,د. عفاف النجار,د. أحمد عمر هاشم,د. مهجة غالب,د. عبد الحي عزب

أحمد جمال (القاهرة) 25 أكتوبر 2014

هل يحق للمرأة الامتناع عن الإنجاب خوفاً على جمالها ورشاقتها؟ مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة أجاب بنعم، مستنداً إلى اجتهاد فقهي للإمام أبي حامد الغزالي، وبعدها حدثت ضجة بين علماء الدين بين من يؤيد فتوى الدكتور جمعة ومن يرفضها تماماً. «لها» ترصد كل الآراء المختلفة حول تلك الفتوى المثيرة للجدل.

بدأ الجدل حول تلك القضية في برنامج «الله أعلم»، المخصص لفتاوى الدكتور علي جمعة في إحدى الفضائيات الشهيرة، فقد أكد أنه يستند في جواز امتناع المرأة عن الإنجاب للحفاظ على جمالها إلى اجتهاد فقهي لشيخ الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي.
لكنه عاد وحذر المرأة إذا تمادت في هذا الأمر، إلى درجة الامتناع التام عن الإنجاب حفاظاً على الجمال، فإنها ستندم في المستقبل بعد حرمانها نعمة الأمومة، مع العلم أنها بامتناعها عن الإنجاب لا ترتكب ذنباً أو فعلاً حراماً شرعاً.


مخالفة للشرع

يعارض الدكتور سامي هلال، عميد كلية القرآن، فتوى الدكتور علي جمعة قائلاً: «رغم أن الأصل في الأمور الإباحة، فإن هناك من النصوص الشرعية ما يدعو للإنجاب باعتباره أحد المقاصد الكبرى للزواج والطريق الشرعي الوحيد له، ولهذا جعل الله الزواج والإنجاب آية من آياته، فقال الله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم، وقول الله تعالى أيضاً: « وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ» آية 72 سورة النحل.
وأشار هلال، إلى أن حب الإنجاب فطرة قوية لدى المرأة، ولهذا فإن التي تفضل المحافظة على جمالها على أن تكون أمًّا ليست طبيعية، وإنما هي امرأة أنانية ولا يجوز لزوجها الرضا بذلك، بل إنه يجب عليه شرعاً الإنجاب حتى يكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تناكحوا تناسلوا، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة».
وأنهى هلال كلامه مؤكداً أنه على المرأة التي أنعم الله عليها بالزواج أن توازن في أمور حياتها بين إشباع فطرة الأمومة لديها وبين رشاقتها وجمالها لزوجها فقط، وليس للتبرج والإغراء والإثارة، لأن الجمال والزينة لا يكونان إلا للزوج وأمام المحارم فقط، لقول الله تعالى: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» آية 31 سورة النور.


تعقيم مرفوض

تؤكد مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، أن امتناع المرأة عن الحمل تماماً للمحافظة على جمالها أمر مخالف للشرع، لأنه أقرب إلى عملية التعقيم بدون ضرورة صحية، ولهذا فهو أمر غير جائز شرعاً ولا حتى عقلاً لأنه يمكن للمرأة الذكية الواعية أن تحمل وتنجب وفي الوقت نفسه تحافظ على جمالها، مع العلم أن الجمال زائل بمرور الزمن، في حين تتزايد الفرحة بالأولاد والإحساس بالأمومة الذي لا تعادله أي سعادة في الدنيا.  
وحذرت الدكتورة سعاد من أن تتخذ بعض النساء ضعيفات الإيمان من فتوى الدكتور علي جمعة مبرراً شرعياً للامتناع عن الإنجاب، تنفيذا للمبدأ المكيافيللي «الغاية تبرر الوسيلة» وبالتالي يرين أن المحافظة على الجمال والرشاقة أهم من الإنجاب، الذي لا يجوز شرعاً الامتناع عنه إلا لمانع شرعي قوي، مثل المرض أو الخطر على حياة الأم.
 وأنهت الدكتورة سعاد كلامها قائلة: «إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وصوّره في أحسن صورة وميّزه عن جميع الخلق، كما أن الإنسان بطبعه– خاصةً المرأة- يحب كل شيء جميل، ولهذا يحرص على أن يظهر بمظهر لائق وشكل جميل متناسق، لأن الله جميل يحب الجمال، ولكن يجب ألا تقود تلك الرغبة الجامحة في الجمال الزوجة إلى منع الإنجاب».


اتفاق باطل

تشير الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، إلى أنه يحق للزوجين الاتفاق قبل الزواج على عدم الإنجاب بشكل موقت، بشرط ألا يتضمن الاتفاق ما هو محرم شرعاً، مثل التعاهد على الإجهاض إذا ما حدث حمل بطريقة غير مقصودة، أو الامتناع التام عن الإنجاب.

وأشارت النجار إلى أن المرأة التي تفضل جمالها على أمومتها غير طبيعية وفطرتها غير سوية، لأن الله تعالى الذي خلقنا وصفنا بقوله: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً» آية 46 سورة الكهف.
وتصف الدكتورة عفاف، الزوجة التي تفكر في الأخذ بفتوى الدكتور علي جمعة وتقديم الاهتمام بجمالها ورشاقتها على فطرة الأمومة، بأنها مخطئة في اختيارها، ولهذا يجب شرعاً تقديم النصيحة المخلصة لها بأن تلبي نداء الأمومة أولاً، وهذه النصيحة واجبة شرعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قال الصحابة: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم». 


فتوى صحيحة ولكن

أما الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، فيرى أن فتوى الدكتور علي جمعة صحيحة شرعاً، بصرف النظر عن العواطف، لأن الامتناع عن الإنجاب ليس حراماً قياساً على العزل– إلقاء نطفة الرجل خارج محل الجماع– كوسيلة من وسائل تنظيم الأسرة، وكان هذا موجوداً أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم ينه عنه ولم ينزل قرآن فيه، فقد روي عن الصحابي جابر بن عبد الله أنه قال: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا».
وأوضح الدكتور عبد الله، أن الحكم الشرعي يختلف إذا حدث حمل بدون إرادة الزوجة وأرادت إجهاضه للمحافظة على جمالها، فهذا محرم شرعاً، لأنه أصبح روحاً، وخاصةً إذا بلغ عمره 120 يوما، وقد نهى الله عن قتل الأجنة بالإجهاض لأي سبب، حتى ولو كان خشية الفقر وهو أمر أصعب من قضية محافظة المرأة على جمالها، فقال الله تعالى: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَکُمْ خَشْيةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِياکُم إنَّ قَتْلَهُمْ کَانَ خِطْئًا کَبِيرًا» آية 31 سورة الإسراء، حتى يعلم كلٌّ من الزوجين أن الحمل رِزْقٌ من الله وهو المتكفِّل به.


الإجبار على الإنجاب

يشير الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء، إلى أنه من حق الزوج إجبار زوجته على الإنجاب، حتى لو كان قد سبق له الاتفاق معها على عدم الإنجاب، ثم رأى الخير في الإنجاب، فمن حقه إجبارها بصرف النظر عن قضية المحافظة على جمالها.
وأوضح الدكتور عمر هاشم، أن الزوجة إذا امتنعت عن طاعة الزوج الراغب في الإنجاب فهي ناشز شرعاً، ويجب العمل على إصلاحها بالطرق الشرعية لإصلاح الناشز، والتي حددها الله تعالى في قوله: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً» آية 34 سورة.
  وأنهى كلامه، مؤكداً أن مخالفة شرط عدم إنجاب الزوجة، حتى إذا كان منصوصاً عليه في عقد الزواج، لا يخالف الشرع ولا يتعارض مع قول رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إِلا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالا أَوْ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا»، وذلك لأن هذا الشرط بعدم الإنجاب حرم حلالاً، وهو الإنجاب الذي يعد أحد المقاصد والأهداف الكبرى للزواج.


تحايل مرفوض

تحذر الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية البنات الإسلامية في القاهرة، من أن يكون اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب ليس بسبب رغبتها في المحافظة على جمالها فقط، وإنما قد يكون مع هذا السبب أسباب أخرى، مثل خشية الفقر أو الشك في قدرة الله الرازق، مع أنه سبحانه القائل: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا» آية 31 سورة الإسراء. ويلاحظ هنا أن الله تكفل برزق الأولاد القادمين للحياة قبل الآباء والأمهات الموجودين في الحياة بالفعل.
ورفضت الدكتورة مهجة، رغبة الزوجة في المنع الأبدي للإنجاب إلا في حالة واحدة فقط، وهي أن تكون هناك خطورة مهلكة للزوجة إذا حملت، في حين يجوز شرعاً المنع الموقت للحمل، حتى ولو كان السبب رغبة الزوجة في المحافظة على جمالها، على يكون ذلك بموافقة ورضا الزوج الذي يعد الطرف الثاني في قرار الإنجاب أو تأجيله موقتاً أو منعه.
وتنهي الدكتورة مهجة كلامها بالتأكيد على أنه يجب أن يكون الحفاظ على الأصل أو الجنس البشري وتلبية نداء الأمومة أولى وأهم من أي شيء آخر، حتى ولو كان جمال المرأة الذي لن يقضي عليه الحمل والولادة، كما تظن عاشقات الجمال اللواتي يتصفن بالأنانية إلى درجة حرمان أنفسهن من نعمة الأمومة الدائمة من أجل جمال موقت زائل.


طلاق الممتنعة

يشير الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة والقانون في طنطا جامعة الأزهر، إلى حق الزوج في تطليق زوجته إذا رفضت الإنجاب للحفاظ على جمالها، لأن الله تعالى عندما امتن على البشر بنعمة الزوجية وجعلها آية من آياته، إنما جعل هذا الزواج ليكون طريقاً لنعمة أخرى هي إنجاب الأبناء، ولهذا أمر الشرع بزواج الودود الولود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة»، وفي رواية أخرى: «تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى».
 وأضاف الدكتور قزامل: «إن الإنجاب مقصود شرعاً ومطلوب فطرةً، ومن المطالب المشروعة في الترغيب في النكاح لأجله، ولهذا فإن أي رغبة أو شرط يؤدي لإيقاف هذا المقصد أو منعه بشكل دائم وبدون مبرر معتبر شرعاً فهو باطل، وعليه فليس من حق الزوجة– حتى لو وافق الزوج- عدم الإنجاب بحجة المحافظة على جمالها، لأنه نوع من التوافق على معصية في حالة الامتناع الدائم عن الإنجاب، والقاعدة الشرعية التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
وأنهى الدكتور سيف قزامل كلامه بالتأكيد على أن قرار الزوجة بالامتناع نهائياً عن الإنجاب للمحافظة على جمالها يتنافى مع حكمة الله في استخلاف الإنسان في الأرض والتمكين له فيها عن طريق الإنجاب لتعميرها، فقال تعالى: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ» آية 30 سورة البقرة. وبالتالي فإن امتناع الزوجة عن الإنجاب يجعلها آثمة شرعاً، والأفضل لها في الدين والدنيا أن تنجب.


مبرر غير شرعي

يرفض الدكتور عبد الحي عزب، عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، توصيف محافظة الزوجة على جمالها مبرراً شرعياً معتبراً لمنع الإنجاب بشكل دائم، لأن المحافظة على الجمال ليس من باب الاضطرار والضرورة التي قال الله تعالى عنها: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» آية 173 سورة البقرة. كما أن هذا الامتناع الدائم عن الإنجاب لا تنطبق عليه القاعدة الشرعية «الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها».
 وحذر الدكتور عبد الحي الزوجات من اللجوء لمنع الإنجاب بشكل دائم بحجج وأسباب أخرى معلنة حتى يتقبلها الرأي العام، في حين يكون هدفها الباطن المحافظة على جمالها، كأن تتحجج بالمرض أو عدم القدرة على الإنجاب، ولابد أن تدرك الزوجة أن الله مطلع على نواياها في منع الإنجاب، وهو المحاسب على النوايا التي لا يعلمها البشر، فقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل أمرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
وأنهى كلامه بالتأكيد أن رغبة الزوجة في عدم الإنجاب محافظة على جمالها أمر مخالف لفطرة الله التي فطر الناس عليها، حيث جعل الإنجاب من أسباب زينة الحياة الدنيا، كما أن الإصرار على عدم الإنجاب رغم القدرة عليه وعدم وجود مانع شرعي أو صحي قهري يعد إثماً عظيماً، بل إنه نوع من «الوأد المسبق» للإنجاب الذي ربطه الله بالزواج الشرعي، مع العلم أن وجود الأولاد يزيد من المودة والرحمة في الزواج، لما في ذلك من زيادة قوة العلاقة الزوجية وسعي الزوجين لسعادة أولادهما. 


الأنانية النفسية

حذرت الدكتورة إيمان فوزي شاهين، مديرة مركز الإرشاد النفسي في جامعة عين شمس، النساء من أن يكون شعارهن في الحياة «أنا ومن بعدي الطوفان والابتعاد عن أي شيء يقلل من جمالي»، ولهذا لابد أن يكون لأسرتها، وخاصةً الأم، دور في تغيير المفهوم الخاطئ بأن الحمل عدو للجمال، فهذه رؤية خاطئة لابد من تصحيحها والتعايش مع بعض التغيرات التي قد تبدو لدى بعض النساء كبيرة، مثل: تضخم الصدر وزيادة حساسيته، أو تضخم بعض أجزاء من الوجه أو آلام الظهر بسبب اتساع حجم البطن وتغير شكل جسدها، وخاصة مع بداية حملها الأول.

وأوضحت الدكتورة إيمان، أنه لهذا يمكن تناول علاجات ومكملات غذائية والمتابعة مع أطباء تغذية لسرعة استعادة ما تظن أنها خسرته من جمالها أثناء الحمل والولادة، وكذلك المتابعة مع أطباء نفسيين لإزالة أي تأزم نفسي قد يؤثر– من وجهة نظر المرأة– على جمالها، الذي تراه أهم لديها من نعمة الإنجاب، مع أنه لدى المرأة الذكية المتزنة نفسياً لا تعارض بينهما، بل إن الحمل والولادة يجب أن يكونا مصدراً للسعادة النفسية التي يكون لها تأثير إيجابي على الجمال الجسدي والروحي.


الثقة والتعايش

تشير الدكتورة ألفت أدهم، خبيرة التنمية البشرية، إلى أنه من المعروف أن المرأة الحامل تمر بعدد من التغيرات الجسدية المتنوعة طوال شهور الحمل ثم الولادة والرضاعة، ولهذا لابد من بناء ثقتها في نفسها أثناء تلك المراحل المختلفة، والتعايش النفسي مع ما طرأ على مظهرها الخارجي من متغيرات جسدية، بدلاً من الامتناع عن إشباع فطرة الأمومة.
وأشارت الدكتورة ألفت إلى أنه يمكن النساء استعادة رشاقتهن ونضارة بشرتهن بعد الولادة وفي أسرع وقت، عن طريق الأطباء ومراكز التجميل والأندية الرياضية، لاستعادة الجمال كما كان قبل الإنجاب، وتغيير مظهر الجسم.
وأنهت الدكتورة ألفت كلامها مؤكدة أنها شخصياً حافظت على جمالها رغم أنها أنجبت طفلين يمثلان السعادة الكبرى في حياتها.