زواج الألوان يؤدي إلى الطلاق أحياناً!

أثاث عصري,المنزل,الديكور,غرف المنزل,الصالو,ألوان,ألوان العصرية,الأرجواني,أكسسوارات

نجاة شحادة (باريس) 13 ديسمبر 2014

الذين يعتقدون أن عالم الألوان في الديكور هو حصري للمهنيين والعاملين في المجال الزخرفي يخطئون في إعتقادهم هذا، بل إن هذا الاعتقاد يشكل نقيضاً حاداً للطبيعة نفسها، للطبيعة الإنسانية وللطبيعة البيئية.


ذلك أن الأذواق، كل الأذواق، تنتمي الى مصدر واحد هو الطبيعة، بحيث يخضع تَشَكّل هذه الأذواق في المقام الأول لتأثيراتها بكل عناصرها البيئية. والأذواق نفسها، في مكان ما، تشكل جزءاً أساسياً من هذه الطبيعة.

ولكي لا نسترسل أكثر في التحليل، سنقول إن الألوان هي «البارومتر» الذي يمكّننا ليس من قياس الأذواق فحسب، وإنما أيضاً قياس كل ما هو وراء الأذواق وصولاً الى الشخصية.

هذه المقدمة لا تعني أن التعامل مع الألوان عملية بسيطة وسهلة بل على العكس، فهي بقدر حساسيتها الشخصية تنتمي الى العمليات الدقيقة والحرجة في كل مراحلها. لذا تنص القاعدة الأولى من قواعد التعامل مع الألوان في المجال الزخرفي على ضرورة تجنب المزاوجة بين أكثر من ثلاثة ألوان في الغرفة الواحدة، ذلك أن جمع أربعة ألوان أو أكثر يعطي الأنطباع بأننا في مكان تسكنه الفوضى واللامبالاة.
ومثل هذا الجو يبدو مصدراً للقلق والإرهاق للساكنين. وللمزاوجة بين ثلاثة ألوان من دون خداع أنفسنا علينا أن نلعب على الظلال، مع الوردي الباهتمثلاًنغمة وسيطة من لون التوت مع لمسة من الأرجواني. مزاوجة ألوان عدة من الدرجة نفسها في ثلاث كثافات، هي طريقة مضمونة النتائج لتلافي الخطأ.

كما ينبغي لنا أن نتنبه تماماً خلال عملية التعامل مع الألوان الزاهية، وأن نحدّ من استخدامها متجاورة في مكان واحد. لأن القاعدة الثانية في التعامل مع الألوان في الداخل تقتضي منا معرفة أن العين تنجذب الى نقاط القوة. وبما أن الألوان الزاهية تتصارع إذا وُضعت جنباً الى جنب، فإن ذلك ينعكس بالتأكيد على العين، ويجعل من الصعب أن تستقر على شيء محدد
. فما نراه لطيفاً ومقبولاً في مطعم أو فندق أو في مركز تجاري أو في أي مكان عام، قد يكون بالغ التعقيد والنفور في صالون منزل أو شقة أو في غرفة جلوس. ففي هذه المساحات الخاصة سنجد أننا نحمّل العين فوق طاقتها، مما يصيبها بالإرهاق والتعب.
لذا من الضروري قبل الشروع في أعمال الديكورمن دهانات أو تغيير أثاث - أن نستجوب رغباتنا وميولنا. فإذا وجدنا الإجابات المقنعة، علينا أن نقدم بجرأة على أختيار ألوان مؤكدة للجدران، على أن تتبعها خياراتنا من الأثاث والأكسسوارات.

بالطبع بعض الغرف في المنزلصالون أو غرفة نوم أو مطبخ - لا تحتمل زواج ألوان غير عادية، وتنفر من مزيج الألوان المتفجرة. لذا علينا، وفق القاعدة الثالثة، أن نتجنب هذه الألوان.
بينما سيكون من الممكن ترك العنان لمزاجنا في بعض المساحات المنزلية التي تُعتبر أمكنة عبور أكثر منها أمكنة استقرار، أي تلك الأمكنة التي لا يستغرق مكوثنا فيها أكثر من دقائق، مثل الممرات بين الغرف أو المدخل أو غرفة الملابس أو الحمام.
هنا يمكن أن نتحقق من جرأتنا في مزاوجة الألوان، كما يحدث في لوحة فنية معاصرة، وصولاً الى تلك التي تبدو بالغة التناقض.

بعض مزاوجات الألوان تبدو مثقلة بالشكوك، فهي تحتاج الى التوازن والدقة نظراً إلى حساسيتها. لذا فإن القاعدة الرابعة لزواج الألوان تحذرنا من الإقدام على عمليات غير محسوبة. الأخضر والأحمر، البنفسجي والأصفر، الأزرق والبرتقاليمثلاًكل لونين من هذه الألوان يتعارك مع الآخر.
وقد يسفر إعتبار هذه الألوان مكملة بعضها لبعض عن نتائج «كارثية». فإذا لم يكن تمكننا من معرفة الألوان وطبائعها كافياً، علينا الاسترشاد بـ «زيجات» الإيقاعات اللونية الطبيعية، مثل لون الكتان، الحبال، ونغمات الأخشاب، مع بعض اللمسات الأكثر حيوية.


الجدران ملعب الألوان

أما القاعدة الخامسة للتعامل مع الألوان، فهي دعوة للتفكير بإستمرار بأن الألوان في الأساس محجوزة للجدران، وسعادتنا تكمن في البحث عن التفرد من خلال ألوان جديدة تغطي جدران منزلنا. وعلينا التذكر أن مزاوجات بعض النغمات اللونية مستحيلة، لأن المسألة قبل أي شيء هي مسألة وضوح وجرأة.
والجمع بين ألوان مختلفة يمكن أيضاً أن يتم من خلال الإلتفاف على الأبواب أو الخشبيات أو الأسقف. ومن أجل نتيجة مرضية، علينا اللعب بالنسب. جدار أخضر، مثلاً، يمكننا تحديده بخط رفيع من الأحمر. المسألة كلها تتعلق بالجرعات والإيقاعات.
تثبيت لون على جدار مع «لطشة» من لون آخر قد يعطي نتائج بديعة. على أن الأمر لا يختلف كثيراً عندما تحمل الجدران ألواناً حيادية. فالمسألة هنا أن العناصر الأخرى في الغرفة تصبح مجالنا للعب، فخياراتنا تتمتع بحرية أكبر، وترتبط مباشرة بكل ميولنا ورغباتنا اللونية.

إستسلامنا لرغبة عميقة في الألوان والتغيير يجعلنا ننسى بسرعة أن المنزل بالفعل «مسكون» بعدد من الألوان على الجدران، أو على الأثاث أو على بعض العناصر التي تكون فيه.
لذا تقول لنا القاعدة السادسة إن إدراج لون جديد في الداخل دون الأخذ في الاعتبار الألوان الموجودة، للأثاث أو للديكور، يمكن أن يؤدي الى نتائج رديئة.
ولكي نتلافى هذا الأمر، ينبغي لنا الانطلاق من نقطة مهمة في الغرفة: ورق جدران مرسوم، أو كنبة كبيرة صفراء، أو ستائر قديمة رائعة. يجب اعتبار هذه العناصر مرجعيات والاستعانة بعائلة لونية تنطلق منها. هنا يمكن ضمان التوازن بين رغباتنا اللونية الناشئة وتلك الموجودة في الأساس.

يبدو الحديث عن قواعد ومرجعيات في عالم الألوان معقداً للوهلة الأولى، ولكن الأمر ليس هكذا بالتأكيد. بالطبع ليست هذه القواعد والمرجعيات وغيرها نصوصاً صارمة حازمة ولكنها استنباط ذكي يسهل لكل الراغبين في التعامل مع الألوان التوصل الى نتائج باهرة في حال استثمارها مع الكثير من حساسيتنا الشخصية وذوقنا البكر الذي يستمد كل معاييره من الطبيعة.
فزواج الألوان على سهولته عند البعض وعلى تعقيده عند البعض الآخر، ينبغي أن نتذكر دائماً أنه كأي زواج، يحتمل الطلاق ايضاً.