أبنائي وحدهم في المنزل... بين الفوضى والمسؤولية

المنزل,الفوضى والمسؤولية,أخبار سارة,جنون,أطفال,ألعاب,الطفل,عطلة نهاية الأسبوع,مرحلة المراهقة,مراهق,فترة قصيرة,المراهق,تدابير وقائية

19 أبريل 2015

في فيلم Home Alone  يمكث الطفل كيفن وحده في المنزل لأن عائلته نسيته أثناء السفر لتمضية إجازة العيد في باريس، ضحكنا جميعنا من المقالب التي قام بها كيفن  باللصين، عندما كنا صغارًا.
هذا الفيلم الكوميدي بأجزائه الأربعة الذي دخل ضمن كلاسيكيات هوليوود، لا يزال الجزء الأوّل منه يضحكنا بعدما أصبحنا راشدين ويضحك أطفالنا اليوم رغم مضي عقدين على انتاجه.
فهل هي المقالب وحدها التي تضحكنا وتضحك الأطفال والمراهقين؟ أم الرغبة في خوض مغامرة كيفن والبقاء مثله وحدهم في المنزل يتدبرون أمورهم كما فعل بطل الفيلم؟


غالبًا ترتاب الأم من بقاء أبنائها وحدهم في المنزل، خصوصًا إذا كانوا بين الثامنة ومرحلة المراهقة. فكثيرات نسمعهن يوصين أبناءهن قبل الخروج من المنزل «لا تستعملوا الهاتف كثيرًا، لا أريد فوضى في غيابي، لا تتشاجروا، إذا جاء أصدقاؤكم، أتمنى أن أجد البيت نظيفًا ومرتّبًا حين أعود، لا تفتحوا الباب لأحد».
وغالبًا يوافق الأبناء وقد ينفذون أمرًا واحدًا مما طلبته أمهم، فغياب الوالدين عن المنزل لفترة وإن كانت قصيرة تكون بالنسبة إلى كثير من الأبناء مساحة زمنية، ومكانية، لفعل ما يشاؤون من دون أوامر وقوانين. فالمراهق عندما يكون وحده في المنزل، يميل إلى دعوة أصدقائه إلى المنزل أو الخروج للقائهم في المطعم أو السينما. أمّا الطفل الصغير فقد يشعر بالقليل من الحرية التي تسمح له ببعض الفوضى أثناء غياب والدته.

في أي سن يمكن ترك الطفل وحده في المنزل؟
تبدو الإجابة عن هذا السؤال صعبة، ذلك أنها مرتبطة بعوامل عدة تؤخذ في الاعتبار. فترك الطفل وحده في المنزل، يرتكز على نضجه وقدرته على تدبّر شؤونه خلال الوقت الذي يكون فيه الأهل غائبين.
يكون بعض الأطفال قادرين على المكوث وحدهم بين السادسة والسابعة، فيما بعضهم الآخر ليس لديه  ثقة بالنفس وإن كان في سن العاشرة. ومن المفضل أن يترك الطفل مع الجدّة أو الخالة أو الجارة إذا كانت الأم تثق بها.
وراهنًا يضطر الأهل لترك أبنائهم وحدهم في المنزل بسبب الوظيفة، وقد يسمحون لهم بالبقاء فترة بعد الظهر عند الجدّة أو مع الخادمة في المنزل.
لذا من المهم جدًا أن يستغل الأهل عطلة نهاية الأسبوع ويمضونها مع أبنائهم، الذين قد يشعرون بأنهم مهملون من أهلهم. وفي المقابل، لبقاء الطفل وحده في المنزل حسنات كثيرة، أهمها أنها طريقة لجعل الطفل مسؤولاً وأن أهله يثقون به.

لماذا يرغب المراهق في البقاء وحده في المنزل، وقد يفضّل عدم الذهاب في إجازة مع أهله؟
يسعى المراهق إلى الاستقلال الذاتي والانفصال عن أهله لبناء شخصيته وهويته الذاتية، ويحاول التحرّر من العلاقات التبعية لأهله، ويميل شيئًا فشيئًا إلى عدم الخضوع لرغباتهم أو التقيد بالنشاطات التي يقومون بها.
ويحاول قصارى جهده إبراز استقلاليته، وهذه أمور طبيعية في مرحلة المراهقة. ومن الأمثلة على ذلك رغبته في عدم تمضية عطلة الأسبوع في رحلة خارج المدينة، أو الذهاب برفقتهم إلى زيارة عائلية، خصوصًا إذا لم يكن هناك أشخاص في سنّه. ويشكل شعوره بثقة أهله به أمرًا مهمًا جدًا بالنسبة إليه.
وفي المقابل، توثق تجربة مكوث المراهق وحده في المنزل شعوره بالانتماء إلى العائلة. وتضعه مباشرة في مركز المسؤولية. وهي طريقة جيدة لتعلّم الاستقلالية وإدارة شؤونه بنفسه. يمكن الأهل أن يسمحوا له باختبارها من حين إلى آخر.
ولكن ليس من الجائز السماح لمراهق دون الخامسة عشرة بالبقاء وحده برفقة أترابه في المنزل ليلة كاملة. إذ من المحتمل عدم استطاعته التحكّم أو السيطرة على ما يقوم به رفاقه فتحصل الفوضى من حيث لا يدري.
لذا من الأفضل أن يحقّق الأهل طلبه هذا على مراحل. مثلاً في المرة الأولى، يمكنهم أن يغيبوا عن المنزل حتى الساعة الأولى بعد منتصف الليل.

هل هناك قواعد محدّدة يفرضها الأهل على المراهق إذا قرّر البقاء وحده في المنزل؟
يحتاج كل مراهق إلى قواعد وقوانين يتقيّد بها. فرغم معارضته لها، فإنّها في الوقت نفسه تشعره بالطمأنينة وكذلك تعلّمه كيفية التأقلم مع عادات المجتمع ونظمه.
لذا من المهم جدًا أن يضع الأهل قواعد وتعليمات يتقيّد بها أثناء غيابهم. مثلاً أن يؤكدوا له أن من غير المسموح إثارة ضجة في ساعة متقدمة من الليل، وممنوع عليه الخروج وحده ليلاً، وألا يدعو أكثر من ثلاثة أصدقاء. ويمكنهم الاتصال به في ساعة محدّدة ليطمئنوا الى أنه لا يواجه أية مشكلة.

ما الذي على الأهل توفيره للمراهق أثناء غيابهم عن المنزل لفترة قصيرة؟
يظن الأهل أن تأمين كل ما يحتاج اليه المراهق أثناء غيابهم عن المنزل أمر مفيد. وهذا ليس صحيحًا، فعوضًا عن ملء ثلاجة المطبخ بالطعام، يمكنهم إعطاؤه مبلغًا صغيرًا من المال يصرفه لتلبية حاجاته.
وفي إمكانه أن يتسوّق ويحضّر وجباته الغذائية وحده. وهذه طريقة مثلى كي يتعلّم كيفية إدارة شؤونه المالية، وكذلك يتعرف في شكل واقعي وغير مباشر على المسؤوليات الملقاة على عاتق أهله. فمعظم المراهقين ليست لديهم فكرة واضحة عن متطلبات الحياة وكلفتها. وفي المقابل، ينبّه الاختصاصيون إلى أنه رغم إيجابيات بقاء المراهق وحده في المنزل، لا يجوز أن يصبح ذلك عادة أو تقليدًا. فتعوّد المراهق على ذلك قد يؤدي إلى فتح الباب على مصراعيه على أمور لن يستطيع الأهل السيطرة عليها لاحقًا.
فقد تمرّ عطلة الأسبوع الأولى في شكل جيد، وفي المرة التالية ينظّم حفلة يدعو إليها أصدقاءه وينتهي الأمر بالسماح لأشخاص بدخول المنزل مع أنهم ليسوا موضع ثقة.

أحيانًا يضطر الوالدان للسفر معًا بسبب أمر طارئ فيلقيان على عاتق أبنائهما المراهقين مسؤولية رعاية إخوتهم الأصغر سنًا. فهل هذا تصرف جيد؟
يجد الأهل أنفسهم أحيانًا أمام خيار إلقاء مسؤولية رعاية الإخوة الصغار على عاتق الإبن  أو الإبنة الأكبر سنًا أثناء غيابهم عن المنزل. غير أن ذلك يتطلب منهم أن يشاركوا أبناءهم الكبار همومهم بصراحة، وأن يشعروهم بأنهم معاونون لهم كي لا يحسّوا بالظلم.
كما ينبغي توزيع المسؤوليات بين البنت الكبرى وشقيقها، إذ لا يجوز أن تتحمّل البنت معظم المسؤوليات بينما يعفى شقيقها منها، وتقتصر مسؤوليته على إعطاء الأوامر فقط، كأن يمنع أخته من التحدث على الهاتف مثلاً أو عدم مشاهدة البرنامج التلفزيوني المفضل لديها. فهذا سيشعرها بالغبن والحقد على أخيها، ما يؤدي إلى نشوب شجار حاد بينهما.
لذا على الأهل توزيع المهمات والمسؤوليات بالتساوي بين الأولاد كل حسب قدراته، ما يعزّز روح التعاون بينهم. ومع التطور الحاصل اليوم في وسائل الاتصال، صار في إمكان الأولاد الاتصال بذويهم أينما كانوا في حال حدوث شجار عنيف أو حادث خطير.

هل يجوز ترك المراهق وحده في المنزل إذا كان يمر بفترة من القلق العاطفي؟
يشدّد الاختصاصيون على ضرورة عدم السماح للمراهق بالبقاء وحيدًا في البيت، إذا أحسّوا بأنه يمر بفترة من الاضطراب العاطفي والنفسي، فقد تكون لديه رغبة في التقوقع في قمقمه. وهو يطلب ذلك ليس لأنه يريد أن يستفيد من هذا الأمر، ولكن لينعزل في وحدته.
وفي هذه الحالة هو في حاجة إلى وجود أهله.هناك فارق بين دعم استقلالية المراهق وبين التخلي عنه. فالمراهق الذي يظهر عليه حزن وغم غير عادي، ربما يكون على وشك الانهيار العصبي أو الكآبة. إذًا، الأجدر بالأهل أن يعملوا على دعمه وأن يقفوا إلى جانبه، لا أن يتركوه وحيدًا.

 

 تدابير وقائية في حال اضطرت الأم الى ترك طفلها وحده في المنزل لفترة قصيرة:

  • إبعاد كل المنظّفات عن متناول الطفل لأنها تشكل خطرًا على حياته. فالطفل وإن كان في الثامنة ويدرك خطر استعمال هذه المنظفات، إلا أن فضوله قد يدفعه  لاستعمالها، إذا ما رغب في تنظيف الطاولة أو تحضير مائدة الطعام ليفاجئ والدته.
  • شحن بطارية الهاتف الجوّال، والتأكد دائمًا من أنه ضمن التغطية  فلربما حدث أمر طارئ وأراد الطفل أن يتصل بوالدته أو والده، كما يمكن الطلب من الطفل الاتصال بجدته أو خاله أو الجارة في حال تعذّر عليه الاتصال بأهله.
  • إعلام الجارة أو أحد المقربين أن الطفل وحده في المنزل.
  • تحضير وجبة خفيفة له، فهذا يجنّبه تحضير الطعام واستعمال الأدوات الحادة.
  • الطلب من الطفل عدم فتح الباب لأي كان وكذلك عدم استعمال الفرن أو السكاكين.
  • إيجاد نشاط يقوم به أثناء غياب الأم عن المنزل، فإذا كان على الطفل البقاء وحده في المنزل بشكل يومي، أي بعد عودته من المدرسة، الطلب منه تناول غدائه ومن ثم انجاز فروضه إلى حين عودتها، أما إذا كانت عودة الأم إلى المنزل ليست محدّدة بشكل دقيق، ففي إمكانها الطلب من طفلها مشاهدة فيلم أو اللعب في غرفته.
  • إذا كان الطفل يستعمل الكمبيوتر، على الأم أن تضع برنامج حماية الطفل من المواقع الإلكترونية الخبيثة التي تبتز الأطفال والمراهقين. كما يمكنها حجب الدخول إلى الكمبيوتر العائلي بوضع كلمة سر لتجنب أن يستعمله أحد في غيابها.
  • الاتصال من وقت إلى آخر بالطفل لأجل طمأنته والاطمئنان عليه وأن كل شيء على ما يرام وتحديد ساعة العودة إلى المنزل.
  • عدم ترك الطفل وحده في المنزل لأكثر من ساعتين، ذلك أن الطفل قد يشعر بالملل، مما يدفعه إلى ارتكاب حماقات نتائجها قد تكون خطرة.

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة