رقيّ ونقاء يغلّفان تصميماً عصرياً

رقيّ,تصميم,عصري,الكلاسيكية الهادئة,المهندس,الصالون,الأثاث,قاعة الاستقبال,مصابيح,الجلد الرمادي,طاولة,اللون الرمادي,غرفة الملابس,غرفة الطعام,الغرفة,خشب,الدروسوار

روزي الخوري 05 يوليو 2015

أسلوبه عصري، أنيق وراقٍ. لا تخطئ العين تصاميم المهندس جان بوضومط الذي يسير بخطّه الهندسي بثبات وثقة كاملة بالجمالية التي تنتهي إليها أعماله.
فالرقيّ والنقاء بالنسبة إليه يلازمان التصاميم العصرية، وليس فقط الكلاسيكية الهادئة. ولكن التناغم بين البساطة والابتكار والذوق معاً هو الذي يؤدي إلى هذه النتيجة الهندسية التي تظل تنبض بالحياة على مرّ السنين.


المنزل في الأساس مساحته كبيرة، فكيف إذا تعمّد المهندس إظهار المساحة أكثر رحابةً من خلال تصاميمه؟ وهذا كان واحداً من الأهداف عندما قرّر المالكان الاستعانة بالمهندس لترميم هذه الشقة السكنية في الطبقة الأولى والمطلّة مباشرة على الحديقة.

الخطوة الأولى كانت خرق جدار الصالونات بواجهات كبيرة من الزجاج أدخلت الضوء والإشعاع إلى الداخل وعكست جمال الحديقة المحيطة بالمنزل.
قاعة الاستقبال فسيحة اتّسمت بالأرضية البيج اللمّاعة من الرخام وبمقعد مميّز معلّق في السقف، حيث انسدلت قطعة مستطيلة من الخشب شكلت ظهر الكرسي حتى المقعد في الأسفل. وهذه القطعة المبتكرة هي أحد تصاميم الأثاث التي قام المهندس بتنفيذها كأول صالون من الجلد الرمادي الذي يطالع الزائر بعد قاعة الاستقبال. هذا الركن سقفه من الخشب الذي صمّم بمستوى أقل انخفاضاً من بقية الجلسات، لغاية هندسية معينة. فالمهندس بوضومط يحب عادة أن يترك الأسقف بيضاء ولا يشغلها حتى الجفصين الذي يعتبر وجوده غير ضروري، ويكتفي بإنارة لافتة منبعثة من مصابيح مبتكرة بطريقة فريدة، وعادة ما تكون من تصميمه.
لكنه هنا استخدم الخشب ليكون المستوى أكثر انخفاضاً قياساً ببقية أجزاء المنزل «فأعكس بعد المرور بهذا الصالون مساحة أكثر رحابةً وسقفاً عالياً، وهكذا يشعر المالكان كما الزوار بعد اجتياز هذه المساحة الأولية لندلف إلى بقية قاعات الاستقبال، بانشراح مفعم بالضوء والرحابة».

استخدم اللون الداكن فقط في قاعات الاستقبال. الصالون الأول، مقاعده وثيرة من الجلد الرمادي، تقابله مكتبة من الخشب الداكن أيضاً شغلت فقط وسط الجدار الأبيض المستطيل، وعليه مدفأة واجهتها من الحديد الأسود، وقد توسطه جهاز التلفزيون العملاق الشبيه بشاشات السينما. وهنا مقعد باللون الأصفر من ماركة عالمية تصنع قطعاً فريدة، شغل لنفسه مكاناً خاصاً قبالة الصالون والمكتبة، شكّل علامة فارقة أضفت لمسة فريدة.
وفي الوسط طاولة كبيرة خشبها مشغول بنقوش ناعمة تذكّر بتصاميم الثمانينات من القرن الماضي.

أما الصالون الثاني فاتّسم بالبياض. قماشه باللون البيج وخلفه جدار أبيض ناصع البياض اخترقته أيضاً واجهة من الزجاج جعلت الخضار والشتول جزءاً من الداخل. إلى جانب المقعد البيج، مقعدان منفصلان من الجلد البني الزاهي، وآخران في المقابل بسيطا التصميم باللون الرمادي.
الطاولة في الوسط من الرخام مقسّمة إلى جزءين بيضوي الشكل، قسم أبيض والثاني رمادي.
وبما أنّ للمالكين شغفاً في تجميع القطع الأثرية، استأثرت هذه الأخيرة بحيّز من الديكور. فقد ارتدى الجدار المقابل لهذا الصالون حلّة من الحجر الأسود شغلته مربعات من الخشب لجهة وسط الحائط وعلى امتداده، كلّ مربع على قياس القطعة الأثرية. وبذلك يكون جمع الجمال والعراقة في قالب جديد أعطى هذه القطع قيمتها التاريخية، لتضفي بدورها مسحة من الرقي والحضارة على المنزل. إحدى هذه القطع تجسّد امرأة ورجلاً جالسين وكأنهما ينتظران أمراً ما، أو يراقبان بشغف، ويقول المهندس: «تذكّرني هذه القطعة بالمالكين اللذين يتأملان في الحياة وفي منزلهما».

ركن غرفة الطعام أيضاً تملأه الإنارة والحياة، ولكن هنا فقط، الأبواب المطلة على الحديقة تداخلت فيها قطع من الحديد المقسّم إلى المربّعات على غرار الطراز الهندسي الياباني.
«ولهذه التقنية أيضاً إفادة في جعل المساحة أكثر رحابة»، وفق المهندس. وهنا وضع ستار من «الفوال» الشفاف ينسدل من الجنب ويبقى ثابتاً، بما أنهّ مصمّم ليكون غير قابل للتحكم به، ويضفي شكله لمسة رومانسية هادئة.
ركائز الطاولة عبارة عن قطعتين أثريتين من الحجر كان المالكان يحتفظان بهما منذ زمن بعيد، استفاد منهما المهندس ووضعهما في قالب جمالي وعملي في الوقت نفسه.
وجه الطاولة من الزجاج لإظهار القطع الأثرية، وحتى المقاعد بسيطة التصميم من القماش الداكن كي لا تحجب جمالية الركائز.
وقد أنارت هذا الركن مجموعة مصابيح بمستويات مختلفة من تصميم المهندس بوضومط الذي تولّى تصميم كلّ الثريات في المنزل. أما الدروسوار، فقطعة أثرية أيضاً كان يحتفظ بها المالكان نظراً الى قيمتها التاريخية.

وبالعودة إلى غرفة الاستقبال، تطالعنا ثلاثة جدران بمستويات مختلفة وعلى كلّ منها لوحة زيتية، ندلف بينها إلى جناح غرف النوم، حيث تمت هندسة غرفة الماستر بالطراز نفسه، عصري أنيق، مريح وعملي، هكذا أرادت المالكة غرفتها، حيث خصّص لها المهندس ركناً لمكتبها إلى جانبه مكتبة مستطيلة وضعت على جدار من خشب خلفه غرفة الملابس والحمام. وإلى جانب السرير من الأزرق والرمادي، مصباح منسدل كأنّه وعاء معلّق بقضيب رفيع من حديد، طبع الغرفة بلمسة مميزة. وهنا الباب أيضاً، كما في غرفة الطعام، مقسّم إلى مربعات أضفت على الغرفة جواً يابانياً مميزاً.

CREDITS

تصوير : منصور ديب