'جنيّة دمّرت حياتي لأنّني رفضتُ الزواج بها'

جنيّة, الجن, مريض نفسي, مصر

01 سبتمبر 2013

بطل هذه القصة تاجر عاش أسوأ أيام حياته. أكد لجميع المحيطين به أنه ضحية جنيّة حاولت الزواج به لكنه رفض بشدة، فقرّرت تحويل حياته إلى جحيم. الضحايا هم زوجته وأولاده الذين كاد يقتلهم غضباً بسبب ضغوط الجنيّة.
ولم يجد تاجر الغلال سوى اللجوء إلى المعالجين الروحانيين. وانتهت الأزمة بعد شهور طويلة من الأحداث المثيرة التي شهدها منزل ماهر، بدايةً من اشتعال نيران مجهولة، ونهايةً بليالي الرعب التي عاشها أولاده وقصّوا تفاصيلها على جيرانهم.
القصة ليست محض خيال، بل حدثت في أحد أحياء محافظة الجيزة المصرية، وترصد «لها» تفاصيلها التي كان سكان المنطقة شهوداً عليها!


قبل شهور، كان تاجر الغلال الثري ماهر يعيش أجمل أيام حياته مع زوجته التي يحبها، وأولاده الذين كانوا يمثلون له الدنيا وما فيها. لكن يبدو أن السعادة لها نهاية، فقد انقلبت حياة ماهر رأساً على عقب في أيام معدودة، وتبدّل من حال إلى حال وبلا مقدمات. كاد يتحوّل إلى قاتل، وتضيع أسرته على يديه بعد أن فقد أعصابه من جراء الأحداث المثيرة التي تعرّض لها.

يقول ماهر: «كنت أعيش حياة سعيدة، حتى ظهرت الجنيّة المشاكسة في حياتي وقلبتها رأساً على عقب. عمري تجاوز الواحد والأربعين عاماً، زوجتي هي ابنة عمي التي ارتبطت بها بعد قصة حب كبيرة، واستمر زواجنا أحد عشر عاماً لا تشوبها شائبة».


مفاجأة

يكمل الزوج: «رزقت من زوجتي أربعة أبناء أحبهم بجنون، وكانت الحياة تسير بنا بشكل جميل، لكنني نسيت أنني ابتعدت عن الله وكنت أمضي وقتي في اللهو مع أصدقائي، حتى جاء أحد الأيام الحارة في فصل الصيف حين بدأت أشعر بأشياء غريبة تحدث لي، ومنها أن هناك من يحاول أن يلمسني أو يهمس في أذني.
وظننت أن ما يحدث مجرد إرهاق أو خيال عارض، لكن الأمور تطورت بشكل سريع، فأثناء غياب زوجتي عن المنزل كنت ما بين اليقظة والنعاس أرى طيفاً لجنيّة في قمة جمالها وأنوثتها، تظهر أمام عينيَّ، وبدأت أراها بشكل منتظم في منامي وطاردتني في أحلامي، وتحوّل الحلم إلى واقع وتجسدت أمامي الجنيّة بشكل شبه آدمي، وبعد أيام طلبت مني الزواج بقوانين الجان!».

يكمل ماهر مؤكداً أنه رفض العرض وطلب منها الابتعاد عنه، مؤكداً أنه يحب زوجته ولن يتخلى عنها. لكن الجنيّة رفضت الابتعاد عنه وهدّدته بتحويل حياته إلى جحيم: «كنت أظن أن الأمر انتهى وما قالته الجنيّة مجرد تهديد، لكنني بالفعل عشت قصة غريبة، تبدل الحال في منزلي واختفت السعادة، وأصبحت أكره زوجتي وأراها قبيحة مثل القردة رغم أنها حسناء».

ويواصل: «حاولت أن أتغاضى عن هذه الأحداث وأقترب من زوجتي، لكن الجنيّة واصلت تهديدها، وأصبحت أشمّ رائحة كريهة للغاية تنبعث من زوجتي، رغم أن هذا لم يحدث من قبل طوال زواجنا.
وأصبحت أرى وجه زوجتي الصافي وهو يمتلئ بالشعر مثل وجوه القردة، رغم أنها أبعد ما تكون عن هذا الوصف، وهنا أدركت أن الجنيّة نفذت تهديدها».

يكمل تاجر الغلال حديثه: «بدأت الأحداث تتصاعد بشكل أكثر حدة، خاصة أن الجنيّة أدركت أنني لن أتراجع عن موقفي مهما حدث، فقررت أن تواصل رحلتها مع تدمير حياتي. كنت أستيقظ من نومي فزعاً على أصوات فحيح الثعابين، وكنت أراها ومعها حشرات كثيرة في غرفتي، وأشعر بلعاب الثعابين يسقط على وجهي أثناء نومي.
وقصصت على زوجتي ما حدث فطلبت مني أن أستعيذ بالله، ولكن الأحداث لم تنته عند هذا الحد».

يضيف ماهر: «في مساء أحد الأيام زارتني الجنيّة، لكنها كانت في أبشع صورها، وكان بصحبتها اثنان من أشباه القردة، الشعر كان يغطي جسديهما، وكان لهما ذيلان.
وكرّرت الجنيّة عرضها عليَّ بالزواج، مؤكدة أنها حتى هذه اللحظة لم تفعل شيئاً، وقالت لي إنها تدخر مفاجآت قاسية في حالة رفضي، لكنني كررت لها إني أحب زوجتي ولن أتركها. جنّ جنونها وصرخت في وجهي وقالت إنها ستنتقم من أسرتي بأكملها، وبدأت بالفعل الكوارث التي شهدها الجيران، بدايةً من النيران المجهولة التي كانت تشتعل وتنطفئ بلا سبب مقنع، ونهاية بالأصوات المدوية التي لا يعرف أحد مصدرها، وكانت تمزق سكون العمارة كلها».

يبكي الزوج ويقول: «كنت أستيقظ من نومي فجراً على أنفاس ابني الأصغر، الذي أجده فوق فراشي وهو في صورة غريبة، وكذلك أشقاؤه الذين كنت أجدهم وقد سقطوا من فراشهم على الأرض والنيران تشتعل في غرفتهم. والمثير أن أبنائي كانوا يستيقظون من نومهم باكين، وتظهر على أجسادهم آثار الضرب المبرح، وأجد آثار كدمات وسحجات دون معرفة سبب ذلك.
وأكد لي أطفالي أنهم كانوا يشاهدون أشباحاً قبيحة المنظر تهاجمهم في فراشهم، وكثيراً ما كنت أصحو مع زوجتي على صوت صرخات أطفالي».


التلفزيون ينفجر

لم تنته مفاجآت الجنيّة عند هذا الحد، بل قررت أن يشهد الجيران بعض هذه المشاهد المؤلمة، فحين كانت أسرة التاجر تستقبل جيرانها للتهنئة بعد نجاج مازن ابن ماهر في الشهادة الابتدائية، فجأة تهشم زجاج النوافذ كلها بشكل مفاجئ وهو يصدر دوياً مرعباً، فانتفض التاجر من مكانه، وتوقع المزيد من الكوارث.
وبالفعل لم تمض لحظات حتى انفجر التلفزيون والذهول يكسو وجوه الجيران الذين انصرفوا على الفور خوفاً من أن يصيبهم أذى، وقد تأكدوا أن جارهم لم يكن مبالغاً في وصفه للأحداث التي يتعرض لها.

ويكمل التاجر مؤكداً أنه أصبح شديد العصبية، وكثير الشجار مع زوجته، وكثير الاعتداء على أولاده. كان يضربهم بقسوة، وكاد يفتك بمازن في إحدى المرات وبلا سبب مقنع، ويقول: «أصبحت شديد الكراهية لمنزلي وأسرتي، تصيبني الكآبة حين أعود إلى منزلي، وأبخل بكلمة طيبة على زوجتي وأولادي، لكن الندم كان يصيبني بعد ذلك، وبدأت أهمل عملي وأحسست أن حياتي تتسرب مني.

وبدأت أشكو لأصدقائي سوء حالي، وفي هذه الأثناء سمعت صوت الأذان، فذهبت إلى المسجد ودعوت الله أن ينقذني، وأرشدني أحد الأصدقاء إلى أحد الشيوخ المعالجين بالقرآن، فذهبت إليه وعرضت عليه مشكلتي واستمع إليَّ جيداً وقرر زيارتي في المنزل، وأخبرني أن حالتي تسمى العشق الجني للإنس، وهو نوع نادر الحدوث، فقد تجسدت لي الجنيّة وطلبت مني الزواج وحوّلت حياتي إلى جحيم بعد أن رفضت طلبها.
وبدأت رحلة ماهر مع العلاج بسماع الأذان الشرعي مدة طويلة، والذهاب إلى الصلاة بانتظام في المسجد، وسماع أذكار معينة ودعوات وآيات قرآنية بشكل منتظم.
ويقول إنه كان يتألم بشدة في بداية العلاج، ويشعر بأن أذنيه تتمزقان بسماع صوت الأذان، والدموع تتساقط من عينيه رغماً عنه، وجسده ترتفع درجة حرارته ويشعر بإجهاد شديد. لكن مع مرور الوقت بدأت الجنيّة تختفي من حياته وتختفي معها الأعراض وتعود الصورة الأولى للزوجة والأبناء.
وتنتهي قصة أسرة تاجر الغلال التي سطرت أحداثها محاضر الشرطة حين اشتعلت حرائق بها بلا سبب، وتم قيد الحادث ضد مجهول!


رأي الدين: مخالف للشرع

يهاجم الدكتور عبد الرحمن العدوي، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، القائلين بوجود زواج أو عشق بين الإنس والجن، وذلك لمخالفته النصوص الشرعية الصريحة، حيث يقول الله تعالى: «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً» آية 72 سورة النحل.
وبالتالي فإنه لا تزاوج للبشر إلا بين بعضهم، حيث امتنَّ الله تعالى على الرجال بأن خلق النساء من الجنس نفسه حتى يحدث بينهم السكن والألفة ويتم إعمار الأرض بالذرية.

وأشار العدوي إلى أنه لم تثبت حالة واحدة عبر التاريخ لزواج جني بإنسية أو زواج إنسية بجني، لأن هذا مخالف لطبيعة الجنسين التي ميز الله بها كل واحد منهما عن الآخر، فالجن غير مرئي ولا يمكن التحكم فيه أو ملامسته، ثم إننا لا نعلم كثيراً عن طبيعته الخلقية والجسدية، فكيف يتم التزاوج أو حتى العشق بين مخلوقين مختلفين في الطبائع والخلقة تماماً؟

وأنهى كلامه بأن «السحر موجود لكن لا يقع تأثيره إلا بقدرة الله القائل: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» آية 102 سورة البقرة. وإذا كان الشرع يعترف بوجود السحر، إلا أنه أعطى المسلم تحصيناً لنفسه بأن يكون قريباً من الله حتى يكون الله معه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ, إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، وربما تكشف التحقيقات في هذه القضية أن هناك مكائد بين هذا التاجر وآخرين أدت إلى الحرائق التي تمت نسبتها إلى الجن ظلماً وعدواناً».


خيال

أشارت الدكتورة مريم الدغستاني، رئيسة قسم الفقه في كليّة الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، إلى أن الترويج لمثل هذا الزواج مخالف للشرع والعقل ويفتح باباً للفتنة والجرائم الأخلاقية، حيث يمكن أن تحمل المرأة من الحرام وبغير زواج شرعي، وعندما يلومها أحد تقول إنني متزوجة من جني وحامل منه، أو إنه على أقل تقدير قد فض بكارتها.
وكذلك يمكن أن يزعم الرجال أن الجن يجبرهم على الزواج من إناث الجن، وهذا مخالف لنص الآية القرآنية التي يقول الله تعالى فيها: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.

وأوضحت الدكتورة مريم أن ما ورد في كتب التراث عن إمكان زواج أو حتى عشق الجن للإنس أو العكس، ما هي إلا أقوال ضعيفة لم تحدث على أرض الواقع، أو مجرد افتراضات لا أساس شرعياً لها، وبالتالي لا يجوز اتخاذها مبرراً للقول بأن هناك عشقاً وزواجاً بين الجن والإنس، وإنما هو ضرب من الخيال الذي لا يقيم حكماً شرعياً، ويجب التفرقة بينه وبين حدوث السحر الذي هو أمر معترف به شرعاً، ولكن له ضوابط معينة، ويمكن الوقاية منه بالتقرب إلى الله القائل: «وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى» آية 69 سورة طه.

ورداً على القائلين بإمكان زواج الإنس بالجن، تقول: «هذا أمر يسيء إلى الإسلام وهو منه بريء، لأنه لم يرد نص شرعي، بل إن النصوص الشرعية الثابتة كلها تنفي حدوث هذا الزواج المزعوم، الذي لا أساس له إلا على ألسنة السحرة والسذج الذين يصدقونهم ويقعون فريسة لهذه الأوهام.
والأولى بأطراف هذه القضية أن يبحثوا عن الجاني الحقيقي الذي يشعل الحرائق في هذا البيت، وهو بالتأكيد من الإنس أما الجن فهو بريء. وصدق الله العظيم إذ يقول: «أَيَحْسَبُ الْأنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى» الآيات 36-39 سورة القيامة.