ماذا إذا لم يكن الاكتئاب مشكلة نفسية

الاكتئاب,مشكلة نفسية,دراسة حديثة,الإصابة,الدراسة,الحالة الجسدية,العوامل المسببة

كارين اليان ضاهر 02 أغسطس 2015

بعدما كثر الحديث لسنوات عن الاكتئاب وأسبابه وتم الربط ما بين الإصابة به والعوامل الجينية وغيرها من المسببات واعتبر مسألة نفسية بحتة، ظهرت دراسة حديثة قلبت المقاييس بتأكيدها أن الإصابة بالاكتئاب ترتبط بعوامل جسدية بقدر ما ترتبط بالحالة النفسية.
مع انتشار حالات الاكتئاب التي لم تتبين أسبابها الواضحة، تحدث طبيب الأمراض النفسية فاضل شحيمي عن العلاقة ما بين الإصابة بالاكتئاب والصحة الجسدية استناداً إلى هذه الدراسة التي قد تؤثر في تطوير طرق التشخيص والمعالجة وتغيير مسارها.


أظهرت دراسة حديثة وجود علاقة ما بين الإصابة بالاكتئاب والحالة الجسدية التي تتأثر تحديداً بالالتهابات ونظام المناعة، كيف يمكن تفسير ذلك؟
لسنوات طويلة، بقيت الأمراض النفسية مجهولة السبب وغالباً ما اعتبرت العوامل الجينية مسؤولة عن ظهورها في كثير من الأحيان.
أما اليوم فقد أصبح لها مبرر عضوي وصار من الممكن الحديث عن مرض وخلل هورموني في المستقبلات العصبية وليس مجرد اضطراب لا يُعرف مصدره.

هل يمكن أن تكون الالتهابات من العوامل المسببة؟
قد تسبب الاضطرابات الالتهابية ظهور الاكتئاب. لذلك، أصبحت مضادات الالتهاب مرتبطة بعلاج الاكتئاب لاعتبار أن المنشأ هو نفسه.
أما السبب فيكمن في انخفاض مستويات المستقبلات، وأصبح العلاج مباشراً وأكثر فاعلية في حال التأكد من السبب المحدد. لكن حتى الآن، ليست هناك قاعدة علمية ولا تتوافر التجارب الكافية للانطلاق من هذه النظرية وتطبيقها عملياً في التشخيص والعلاج.
لذلك، هي لا تُعتمد الآن عيادياً، لأن المسألة لا تزال في طور التجارب. وحتى في ما يتعلق بالعلاج، تنحصر فاعليته في حالات عدة، إذ لا تزال مسألة اعتماد مضادات الالتهاب قيد التجارب... فيما يمكن أن تصل الأمور إلى مراحل متقدمة في تطبيق هذه النظرية. حالياً يكفي القول إن التطور الحاصل أتاح مجالاً لأن يكون سبب الاكتئاب عضوياً.

وأين التطور في علاج الاكتئاب استناداً إلى هذه النظرية؟
مع هذه النظرية يمكن أن يصبح العلاج مباشراً. حتى أيامنا هذه، كانت معالجة الاكتئاب تتم على أساس قصة المريض وما يشعر به والأعراض التي تظهر عليه، كما بالنسبة إلى أمراض عدة.
وبالتالي يوصف العلاج على أساس الأعراض والفحص العيادي وقصة المريض. تلك هي العناصر التي تسمح بالتشخيص حتى الآن.
لكن عندما يصبح للاكتئاب سبب عضوي، يختلف العلاج ويوصف على أساس معدلات السيروتونين في الجسم ليعمل على رفعها. مع الإشارة إلى أنه حتى في التشريح الجنائي في حالات الانتحار يكتشف أن معدل السيروتونين متدنٍ إلى حد كبير، مما يشير إلى وجود روابط. لكن لا بد من الإشارة إلى أن الأسباب الجينية تلعب دوراً في الإصابة بالاكتئاب.
فكل مريض يحضر، يتم البحث في تاريخ عائلته، ويعتبر أكثر عرضة مع وجود حالات، مما يدل على أن الاكتئاب وراثي ولا بد من الاستناد إلى ذلك في التشخيص والمعالجة.

 

وفق دراسة قام بها الاختصاصي في علم النفس العيادي جورج سلافيتش في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس وتناولت موضوع الاكتئاب، تبيّن أنّ للسبب العضوي دوراً في الإصابة بالاكتئاب يكون بقدر أهمية العامل النفسي. وأشار إلى أنه قد لا يتم الحديث عنه بمعزل عن الصحة الجسدية.
وتشير الدراسة إلى أن الالتهابات وجهاز المناعة تلعبان دوراً في الإصابة بالاكتئاب. حتى أن الاصحاء قد يكونون عرضة للاكتئاب عند إجراء لقاح كلقاح التيفوئيد لاعتباره يؤثر في معدلات الـCytokines في الجسم المرتبطة بالالتهابات.
ويبدو أن الاشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الرثياني هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل واضح. كذلك بالنسبة إلى مرضى السرطان الذين يتلقون علاجات تسبب لهم الالتهابات وتؤثر سلباً في نظام المناعة لديهم. في هذه الحالة أيضاً يكون الاكتئاب من الآثار الجانبية للعلاج. وتطرق الى تأثير النظام الغذائي الغني بالدهون والسكر في زيادة احتمال الإصابة بالالتهابات فيما يساعد النظام الذي يعتمد على حصة من الفاكهة والخضر والسمك الغني بالدهون في إبعاد خطرها.
كما تعتبر السمنة من عوامل الخطر لأن تراكم الدهون في محيط الخصر بشكل خاص يساهم في تكدس كمية كبرى من الـCytokines.
كذلك بالنسبة الى التوتر، خصوصاً ذاك المرتبط بالانعزال والوحدة والرفض الاجتماعي للشخص، مما يساهم في زيادة الالتهابات في الجسم أيضاً فتتحول الحالة بالتالي إلى اكتئاب.
التطور المهم الذي قدمته هذه الدراسة هو على صعيد معالجة الاكتئاب بحيث صار من الممكن إضافة مضادات الالتهابات إلى مضادات الاكتئاب مما يساعد ليس في تحسين الأعراض فحسب، بل في تحفيز قدرة الشخص على التجاوب مع العلاج. لكن ثمة حاجة إلى المزيد من التجارب في هذا الإطار. هذا ويبدو أن للأحماض الدهنية أوميغا 3 تأثيراً مماثلاً.