خطف طفلاً والسبب جهاز «بلاي ستيشن»

حي السيدة زينب,خطف,بلاي ستيشن

نسرين محمد (القاهرة) 02 أغسطس 2015

في أحد الأحياء الشعبية الشهيرة، جلس الصغير وسط مجموعة من أصدقائه كعادتهم اليومية، يلعبون في الشوارع الضيقة، يتبادلون الضحكات في براءة صنعت أجمل اللحظات في عيون من يراهم، حتى حدث ما لم يتوقعه أحد لتتبدل الابتسامات بدموع وصرخات تخرج من قلب موجوع.

في حي السيدة زينب وسط القاهرة، كان محمد ينعم بحياة هادئة وسط أسرته، كان محمد الذي لم يكمل عامه الثاني عشر يلعب مع أقرانه في الحارة، فيصدرون ضجيجاً يزعج بعضهم ويرسم ابتسامة على وجوه البعض الآخر، فتارة يختبئون من أحدهم الذي يظل يبحث عنهم عله ينجح في الإمساك بأي منهم، ويتبادلون الأدوار وسط ضحكات لا تتوقف.
غاب محمد عن الأنظار وهو يلهو معهم، فبحثوا عنه لكنهم لم يجدوه مختبئاً في أي من الأماكن التي اعتادوا عليها، فأخذوا ينادون عليه لكن بلا جدوى، فظنوا أنه ذهب الى منزله من دون أن يخبرهم، فعادوا الى أماكنهم يواصلون اللعب، حتى جاء صوت والدته وهي تنادي عليه... تكرر نداء الأم من دون أن تجد أي إجابة، فنظرت في وجوه الصغار تبحث عن ابنها بينهم بلا فائدة، ليتسلل الشك إلى قلبها بعدما أكدت كلماتهم عودته الى المنزل.

حالة ذعر
دخلت الأم وهي في حالة ذعر تبحث عن صغيرها، ربما يكون قد عاد بالفعل من دون أن تشعر به، لكن خاب ظنها، فأسرعت إلى الشارع تسأل عنه الجميع، لتؤكد كلماتهم اختفاءه منذ أكثر من ساعة.
من دون أن تدري وجدت دموعها تنهمر وهي تتصل بزوجها تبلغه باختفاء صغيرها، لوعة كانت كفيلة بأن تدفعه للعودة الى منطقة بعد لحظات ليشاركها البحث عن صغيرهما، وانطلقت السيارات تعلوها الميكروفونات تناشد أهالي الحي المساعدة في البحث عن الطفل أو الإدلاء بأي معلومة قد تقود إلى العثور عليه، لكن بلا فائدة.

بلاغ الغياب
في اليوم التالي كان الأب محمد الراوي، «47 سنة»، سائق، يجلس في قسم الشرطة ممسكاً بصورة لصغيره في انتظار ضابط التحقيقات كي يحرر له محضراً بغياب طفله. وقبل أن يحضر الضابط إليه، رن هاتفه لتتبدل ملامح وجهه عندما سمع كلمات المتصل: «أنا خطفت ابنك»، كانت هذه الكلمات التي سمعها الرجل من المتصل، ليعجز عن الرد من هول الصدمة، فقد كان يظن أن ابنه ضل الطريق، ولم يتوقع خطفه على الإطلاق.

شخص معروف
صوت المتصل لم يكن غريباً على والد الطفل، لكن هول الصدمة جعله لا يفكر وهو يدلي بأقواله في المحضر، الذي تحول من غياب إلى اختطاف بعد هذا الاتصال.
لم يطلب المتصل أي مبالغ مالية لإطلاق سراح الصغير، لكن عبارته كانت محددة: «ابنك عندي لحد ما شقيقه يتعلم الأدب»، كلمات قليلة لكنها كانت كفيلة بأن تقلب تفكير الرجل.
ظل الأب شارداً وهو يفكر في من يكون الشقيق الذي يقصده المتصل، فهو لا أطفال له سوى هذا الذي خطف في ظروف غامضة، حتى تذكر أمر الزواج الأول لزوجته.

مشاكل الابن
بالفعل كان لمحمد شقيق من الأم يدعى محمود يكبره بثمانية أعوام، لكن نظراً الى كثرة مشاكله وما يسببه لوالدته من مضايقات، صدر «فرمان» بعدم دخوله المنزل تفادياً لمشاكله تاركين أمره لوالده.
شكوك كثيرة جالت في خاطر الأب وهو يروي لرئيس المباحث تفاصيل الواقعة، فبعدما اتهم الزوج الأول بخطف صغيره عاد لينفي اتهامه، فهو ليس صاحب مصلحة، خاصة أن الخاطف يحمل ضغينة لابن هذا الرجل كما ظهر من كلماته.
لم يكن أمام رجال الشرطة سوى تتبع رقم الهاتف الخاص بالخاطف، حتى يتمكنوا من الوصول إليه، لتقود التحريات إلى أن جميع المكالمات صادرة من منطقة الهرم، ليصبح الجميع أمام مهمة تحديد أي شخص له علاقة بشقيق محمد يقيم في هذه المنطقة.

خلافات سابقة
وجد رجال المباحث إجابة عن تساؤلاتهم لدى والدة الطفل المختطف، عندما خرجت كلماتها لتؤكد أن ابنها غير الشقيق للابن المخطوف كان يعمل في كافتيريا في منطقة الهرم، واختلف مع صاحبها وترك العمل لديه.
تحريات أجراها رجال المباحث قبل أن يتم استصدار إذن من النيابة العامة بضبط صاحب الكافتيريا وإحضاره، عندما جاءت المعلومات لتؤكد تطابق موقع المتصل مع عنوان الكافتيريا.
ساعات معدودة وكان صاحب الكافتيريا في قبضة رجال المباحث، بعدما سقط في أحد الأكمنة التي أُعدّت عقب مجاراة والد الطفل، عندما اتفق معه على تسليمه شقيق الطفل المخطوف مقابل إطلاق سراحه له، ليتم إلقاء القبض عليه وبصحبته الصغير.

سبب الجريمة
لم يجد المتهم مفراً من الاعتراف بعدما سقط متلبساً، ليكشف أن ارتكابه هذه الجريمة حدث من أجل إعادة جهاز «بلاي ستيشن» كان شقيق الطفل قد سرقه من داخل الكافتيريا قبل أن يترك العمل فيها، فجنّ جنونه وقرر تأديبه، خاصة بعدما اتصل به يطالبه بإعادة ما سرقه، فقام بسبّه والاعتداء عليه بألفاظ بذيئة.
ولم يكن المتهم محمد عادل يدرك أن الطفل المخطوف هو أخو هذا العامل من الأم فقط، فظن أنه بخطفه هذا الصغير سيأتي الأب اليه راكعاً بصحبة الابن الأكبر حتى يفدي الطفل الصغير ويعيد إليه الجهاز المسروق، فتمت إحالته الى النيابة التي قررت حبسه وتسليم الصغير الى أسرته.