سن الأربعين... بداية خريف العمر أم ربيع من نوع آخر؟ شهادات جميلات بعد الأربعين

سن الأربعين,خريف العمر,شهادات,جميلات

محمد سالم (مصر),دينا الأشقر شيبان (لبنان) دينا الأشقر شيبان (لبنان) 30 أغسطس 2015

الجمال لا يتوقف على سن معينة، فالمرأة الذكية تعرف كيف تعيش جمالاً من نوع آخر، حتى لو بدأ العمر يتقدم بها، كما أن هناك من يرين أن فترة الأربعينات من العمر ليست بداية خريف الجمال، وإنما هي ربيع لجمال آخر يتفتح بالعمل والنضج والعطاء، فلا يستسلم هؤلاء للاحساس بالعجز والاكتئاب اللذين يقع فيهما البعض بل يتطلَّعن الى حياة جديدة وآفاق جديدة. «لها» تلتقي جميلات فوق الأربعين من مصر ولبنان لتكشف كيف ترى المرأة نفسها في هذا العمر، وما هو الجمال الذي تشعر به من الداخل والخارج...
 

الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن المصرية: الجمال الحقيقي للمرأة في عطائها المتواصل في أي عمر

الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر تؤكد أنها تشعر بنوع خاص من الجمال من خلال الاهتمام بالشأن العام والعمل على إسعاد الآخرين ورسم البسمة على وجوههم. وتشير إلى أنها تؤمن بأن الجمال الحقيقي للمرأة يتمثل في قدرتها على العطاء المتواصل في أي مجال وفي كل مراحل عمرها. وتضيف أن أسعد اللحظات التي عاشتها قبل تولي الوزارة وشعرت فيها بالجمال والعطاء كانت نجاحها في مجال تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة، حيث ترأست الجمعية المصرية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ثم عملها قبل الوزارة أمينَ عام للصندوق الاجتماعي للتنمية.

 ولا تحب الدكتورة غادة من يمتدح أناقتها وجمالها، حيث كتب بعض الإعلاميين أنها «أجمل وزيرة»، مؤكدة أن جمالها الروحي أو عشقها للعمل الاجتماعي هو ما يُظهر جمالها الحقيقي ومعدنها، حيث تعلمت قيم العطاء منذ الصغر من والدها الدكتور فتحي والي، أستاذ القانون الشهير الذي جعلها تؤمن بأن السعادة الحقيقية للإنسان لا تكون بتحقيق رغباته وطموحاته فقط، وإنما بشعوره بأنه إنسان يتفاعل مع مشكلات الآخرين ويعمل على حلّها، ولهذا فإن مسيرة حياتها التي تعبر من خلالها عن «الجمال الروحي» ستستمر بقوة حتى بعد الوزارة.

وتنهي الدكتورة غادة والي كلامها، مؤكدة أن الله منحها مقداراً من جمال الشكل وتحمده على ذلك، إلا أنها تؤمن بأن الجمال الحقيقي والدائم هو جمال الروح، كما قال الشاعر الكبير حسين السيد في الأغنية الشهيرة لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب «عاشق الروح»، «وعشق الروح مالوش آخر... لكن عشق الجسد فاني».


ماري بشارة: جمال المرأة ليس في مظهرها الخارجي فقط

 تعبّر ماري بشارة، مديرة مؤسسة «غير مذنب» للرعاية الأسرية، عن جمالها بعد الأربعين بشكل مختلف تماماً، إذ تؤكد أنها تعشق العمل الخيري والإغاثي المستمر، حيث عملت 24 سنة في هيئة الإغاثة الأميركية في مصر، وكانت تحرص على توصيل المساعدات إلى الفقراء في مختلف المحافظات، وتشعر بتأنيب الضمير إذا فشلت في إنجاز مهامها الإنسانية.

 وتوضح ماري أنها تشعر بالجمال الحقيقي من خلال عملها منذ ثلاث سنوات في مؤسسة «غير مذنب»، التي تمتلك رؤية ثاقبة في معالجة مختلف قضايا المجتمع الخاصة بكل أفراد الأسرة، ويتم التركيز حالياً على قضية «التحرش» التي انتشرت في المجتمع بشكل مخزٍ لكل مصري ومصرية.

 وتلفت الى أنها تعبر عن جمالها الحقيقي كامرأة، من خلال المساهمة في حماية الأولاد والبنات من التحرش، «وفي سبيل ذلك، نعمل على نشر التوعية في الشوارع من خلال اللقاءات الحية، وكذلك في المدارس حيث نطلق دورات توعية بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم لتعريف الأطفال والشبان والفتيات والمدرّسين والمديرين والعمال، وقبلهم الآباء والأمهات، بكيفية التصدي الشجاع لظاهرة التحرش بمجرد ظهور أي بادرة لها، حتى لو وصل الأمر إلى إبلاغ الشرطة والاستغاثة بالمارة، وتحديد الشخص الذي يلجأ إليه من يتعرض للتحرش».

 وتنهي ماري بشارة كلامها بالقول: «باختصار شديد، نحن نبحث عن «الخير والإنسانية» في نفوس البشر، ونعمل على توظيفهما لما فيه مصلحة الوطن والمواطن. ويوم نُسعد حزيناً ونمسح دمعته ونغيث ملهوفاً ونساعد محتاجاً حقيقياً ونكون عاملاً إيجابياً في إزالة الصعاب، نصبح أسعد أناس في الدنيا، ونشعر بمعنى مختلف للجمال، لأننا أخرجنا أفضل ما فينا وهو «الإنسان النقي الجميل ذو الفطرة السوية»، فما أجمل هذا الإحساس الذي أحرص على أن أُبقي عليه طوال حياتي، خاصة بعد الأربعين، وأنقل هذا إلى أسرتي الصغيرة، خاصةً ابنتيَّ المهندسة سالي والدكتورة نانسي، حيث أواظب على أن تُشاركاني في العمل الخيري ليستمر معهما طوال حياتهما، ويدركا أن جمال المرأة ليس في مظهرها الخارجي فقط، وإنما جمالها الحقيقي يكمن في داخلها وفي مختلف مراحلها السنية، ويكبر معها كلما تقدمت في السن».


ميرفت مقار: أنصح النساء بالاهتمام بجمال الجوهر مع جمال الشكل

 تشير ميرفت مقار، مدرّسة اللغة الانكليزية، إلى أنها تحرص على التواصل مع أمهات الطالبات والطلبة وآبائهم، خاصةً من يعانون خلافات أسرية، وتظل مهمومة بمشكلاتهم كأنها مشكلاتها الشخصية، وتحاول جاهدة البحث عن حلول لها.

وتؤكد أن عملها في التدريس علّمها أسس «الجمال الحقيقي» الذي يتمثل في العطاء بلا مقابل أو حدود، فهو الترجمة الحقيقية للمحبة التي دعت إليها كل الأديان، إلا أن عالم الماديات قتل في نفوس الكثيرات هذه المعاني الجميلة، التي عبرت عنها المقولة المهمة: «ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط».  وتوضح ميرفت أنها تحرص على زراعة هذا الجمال الروحي، بالاشتراك مع زوجها المهندس جميل فرح في نفوس أبنائهما «مونيكا وجورج ومينا».

وإلى جانب عملها في التدريس، تندمج مقار مع مؤسسة «غير مذنب» للرعاية الأسرية، وتحاول القيام بدور إيجابي معهم وتشعر بسعادة بالغة حينما تنجح في حل مشكلة أي إنسان، فهذا هو الجمال الباقي الذي يجب أن يحرص كل إنسان منا على تنميته باستمرار، مع احترامنا لمن يشغلون أنفسهم بجمال الشكل فقط، إلا أنني أهمس في أذن المرأة: «احرصي على التوازن بين جمال الشكل والجوهر».


مريم حليم: جمال الجسد يتناقص بمرور العمر وعلى المرأة أن تبحث عن جمال آخر

 توضح مريم حليم، المستشارة الإعلامية لمجلس شباب الثورة، أو «أم البنات» كما تحب أن يناديها الناس، مفهومها للجمال بعد الأربعين قائلة: «أنا أعيش الجمال الروحي والجسدي معاً، حيث حباني الله بقدر من الجمال، ومن منا لا تحب أن تكون جميلة من حيث الشكل، إلا أن هذا الجمال يتناقص ويذبل بمرور الزمن، ولهذا فإن المرأة الذكية هي التي توازن منذ سن مبكرة بين اهتمامها بالروح واهتمامها بالجسد، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر».

 وتؤكد أنها تحرص على غرس تلك المعاني النبيلة والقيم السامية في نفوس بناتها الأربع، وقد شعرت بقيمة هذا من خلال السعادة والنجاح في الحياة الزوجية لبناتها الثلاث، سالي، إنجي ونانسي، وآخر العنقود ماري طالبة الثانوي. وتضيف: «أحرص على اصطحابهن إلى مؤسسات العمل الخيري ودور الأيتام والمسنين، ليتعرفن عن قرب على المعاناة التي تعيشها الفئات المقهورة والمطحونة، حتى أنني أسألهن: ماذا يمكن أن نقدم لخدمة هؤلاء؟ ونتشاور ثم نتخذ القرار السليم بنوعية المساعدة اللازمة في حدود طاقتنا، وفي الوقت نفسه، نرشد الآخرين من الأقارب والأصدقاء إلى هذه الجوانب الخيرية». وتشير مريم إلى أنها بعدما زوّجت بناتها الثلاث، أصبح لديها متسع من الوقت للعمل الاجتماعي، ولهذا فهي ستترشح الى مجلس النواب المقبل، وتتمنى النجاح لتساهم في توصيل أصوات المقهورين إلى صنّاع القرار، فيكون هذا تعبيراً عملياً عن جمالها الروحي الذي سيستمر معها حتى آخر يوم في حياتها، وسيظل الناس يذكرونها بذلك، لأن قيمة الإنسان الحقيقية تكمن في ما يقدمه الى الآخرين من عطاء بلا مقابل.


مها حلمي شريف: الأربعينات فترة ذهبية في حياتي

 تصف مها حلمي شريف، رئيسة تيار «المستقبل الجمهوري»، فترة الأربعينات في حياتها بأنها تمثل «الفترة الذهبية» بلا منافس، حيث يجتمع فيها النضج والخبرة، وتزداد شبكة العلاقات الاجتماعية والسياسية تطوراً، مما يمكنها من حل الكثير من مشكلاتها ومشكلات الآخرين بسهولة.

 وتلفت مها إلى أنها شخصياً تستمتع جداً بهذه المرحلة الذهبية، بعدما أدت دورها في تربية ابنتيها، الإعلامية رانيا، وسيدة الأعمال نورهان التي تجيد العمل في مجال «البيزنس»، مع التأكيد أن لكل منهما واجباً تجاه المجتمع.

وتقول: «حرصت طوال حياتي على غرس هذا المفهوم في نفسيهما، وشعرت بالرضا التام لأن ما غرسته قد أثمر، وأن جهدي في تربية ابنتيّ على هذه المعاني النبيلة لم يذهب سدى».

 وتكمل: «مشوار حياتي بعد الأربعين أكثر متعة وعطاءً وخيراً، منه قبل الأربعين، وهذا يُبطل المقولة السيئة التي أمقتها عن بداية الأربعين، بأنها «سن اليأس»، مع أنها في الحقيقة سن الأمل والعطاء».


الدكتورة ماجدة محمود: هكذا يمكن أن نهزم الخوف من تراجع جمالنا بعد الأربعين

تكشف الدكتورة ماجدة محمود، رئيسة مؤسسة «مجد مصر للإعلام والتنمية»، عن إحساسها بالجمال بعد سن الأربعين قائلة: «أنا اجتماعية بطبعي، وهذا يشعرني بالجمال في أي وقت، لأنني أجد الجمال في التعامل مع الآخرين. وقد عبرت عن هذا منذ سن مبكرة، حيث أعشق خدمة الآخرين في أي موقع أشغله. فمنذ تخرجي في الجامعة حتى الآن توليت العديد من المناصب الخدمية، إلى جانب عملي الرئيسي مراسلةً في قطاع الأخبار في التلفزيون المصري، حيث فزت بعضوية مجلس إدارة نادي الترسانة الرياضي لدورتين متتاليين، وكنت أول سيدة ترأس لجنة الألعاب الفردية التي تضم 13 لعبة، بالإضافة إلى ترؤسي لجنة المرأة في النادي، مما أتاح لي فرصة التعرف على مشكلات المرأة، ليس من عضوات النادي فقط، وإنما كل سيدات محافظة الجيزة، حيث نتواصل معهن باستمرار ونقدم لهن ما يحتجن إليه، من توعية ومساعدات خيرية وتنظيم حملات محو الأمية».

 وتؤكد الدكتورة ماجدة أنها تتواصل مع كل المؤسسات التي تعمل في الأنشطة المشابهة لمؤسساتها، بغية تبادل الخبرات وتنظيم الفعاليات المشتركة، وقد زاد هذا النشاط في مرحلة الأربعين التي تعيشها وتستمتع بها، من خلال نجاحها في مجال الإعلام والتنمية وخدمة المجتمع، مما يشعرها بالسعادة والجمال، من دون أن يتنافى ذلك مع اهتمامها بمظهرها.

 وتنهي الدكتورة ماجدة محمود كلامها قائلةً: «عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، أما عندما نعيش لغيرنا، أو لفكرة ما، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة. ولو أصبح هذا مفهومنا للحياة، فإن أشياء كثيرة ستتغير إلى الأفضل، وسنتخلص من خوفنا أن يتراجع جمالنا بعد الأربعين».


الدكتور عادل الأشول: هذه نصائحي لتتغلبي على أي أزمات نفسية بعد الأربعين

 يشير الدكتور عادل الأشول، أستاذ علم النفس والرئيس السابق لمركز الإرشاد النفسي في جامعة عين شمس، إلى أن بلوغ المرأة سن الأربعين يعد مرحلة جديدة ومختلفة في حياتها، ويترك تأثيره في حالتها النفسية، حيث تصبح أكثر نضجاً، عقلياً وفكرياً، بما اكتسبته من تجارب حياتية.

ويوضح الدكتور الأشول، أن بعد سن الأربعين عادة ما تكون نظرة المرأة الى الحياة عامة، والى مفهوم الجمال والحب خاصة، أكثر حكمة وتأنياً عن المراحل السابقة من عمرها. ولهذا نجدها تحاول الخروج من التقوقع في مشكلاتها الذاتية إلى مزيد من الاندماج في المجتمع والتفاعل معه بإيجابية، من خلال التواصل مع الآخرين، مما يشبع لديها الشعور بالرضا عن النفس والإحساس بالسعادة لمجرد إسعاد الآخرين، ليس على مستوى الأسرة فقط، كما كان الحال في المراحل العمرية السابقة، وإنما على مستوى أوسع خارج نطاق الأسرة.

 ويضيف الدكتور الأشول أنه لا يمكن إنكار التأثير السلبي لبعض التغيرات الداخلية في الجسد، في ما يتعلق بالخصوبة والقدرة على الإنجاب وتوقف الدورة الشهرية، وتأثير ذلك في نفسيتها إلى حد ما، إلا أن المرأة الذكية تستطيع الخروج من هذه الأزمة النفسية بسلام وفي أسرع وقت إذا امتلكت الإرادة القوية للتخلص من هذه المشكلات وبدء مرحلة أكثر استقراراً نفسياً، من خلال مضاعفة الأنشطة الاجتماعية والرياضية، وإبعاد شبح ما يطلق عليه «سن اليأس» من بؤرة شعورها، بل إننا ننصحها بمحاولة تجاهل أي هموم أو أزمات نفسية متعلقة بذلك من طريق شغل وقت فراغها بما يفيد، حتى تقلل من التفكير في هذه الأعراض أو الإحساس بها، مثل الاكتئاب خوفاً من تقدم العمر، فتتغلب على ذلك من خلال ما يطلق عليه استغلال الساعة البيولوجية للجسم، لأن جسم المرأة تختلف قدرته على العطاء من ساعة إلى أخرى، ولهذا عليها استثمار الساعات التي يكون جسمها في ذروة نشاطه، وعادة ما تكون في بداية اليوم أو بعد البداية بقليل، ليقل هذا النشاط تدريجاً مع انتهاء اليوم.

 وينصح الدكتور الأشول، المرأة بعد سن الأربعين بالحرص على الراحة والاسترخاء وقت القيلولة لتجديد نشاط الجسم وحيويته، مع محاولة تثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ قدر المستطاع، مما يساعد على ضبط الساعة البيولوجية للجسم، مع زيادة شرب الماء مما يخفف الشعور بالقلق، والتقليل من المنبهات المنشطة للجسم والعقل، خاصةً التي تحتوي على الكافيين، لأن الإفراط في تناوله يضر بالصحة ويقلل الضغط في الجسم، كما يجب الابتعاد عن تناول السكريات والنشويات، وتعويض ذلك بتناول الأطعمة الغنية بالألياف والفيتامين سي، لتقوية مناعة جسم المرأة وحمايته من الأمراض، مما يجعل حالتها الصحية والنفسية مستقرة.

ويختتم الدكتور عادل الأشول كلامه بنصيحة المرأة بعد سن الأربعين، بالانخراط في العمل الخيري ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وأن تكون أكثر قرباً من الله، مما يشعرها بالسعادة، وأن تحاول إبراز أفضل ما في داخلها من صفات العفو والتسامح والرحمة والرفق واللين مع الجميع، مما يجعلها إنسانة محبوبة من الآخرين فتشعر بأنها أصبحت أكثر جمالاً.
 

الاختصاصية الاجتماعية ساندرا جبور: «إنّ السعادة الحقيقيّة تأتي بعد سنّ الأربعين»...

عبارة تستشهد بها غالبية النساء اللواتي قرّرن الانتفاض على الواقع والأحكام المسبقة والنماذج التقليديّة والهواجس النفسيّة والجسديّة وحتى الاجتماعيّة. الاختصاصيّة في علم الاجتماع ساندرا جبّور، تتطرق الى ظاهرة «المرأة بعد الأربعين» ونظرة المجتمع إلى مختلف الإنجازات التي تفتخر بها شريحة لا يُستهان بها من الناس.

تقول جبّور «إنّ مرحلة منتصف العمر - كما هو مُتعارف عليها - تمكّن الشخص من السيطرة على زمام الأمور في حياته، نتيجة الشعور بالاستقرار العاطفيّ والمعنويّ والماديّ والوظيفيّ والأسريّ. صحيح أنّ المرأة على وجه الخصوص تتعرّض للتغيرات النفسيّة والبيولوجيّة الكثيرة، إلاّ أنّه مع توافر العوامل المُلائمة، تصبح هذه التغيّرات إيجابيّةً، إذ تصبح السيدة أكثر وعياً لخياراتها وأكثر نُضجاً في أحكامها، فتختار عن تروٍّ وعقلانيّة، وليس عن تهوّر وانفعاليّة».

وتضيف: «تفتخر غالبية النساء بذكر أعمارهنّ من دون خجل، بعيداً من نظرة الآخرين وتصنيف المجتمع لهن والأحكام المسبقة التي تطاولهن. ومع تطوّر المجتمعات، بات من السهل تعزيز مكانة المرأة التي أصبحت تحضن مفاهيم الزوجة والأمّ وربّة المنزل والسيدة العاملة... وهذه كلّها عوامل تحفز النساء على عيش حياتهنّ وتحقيق أحلامهنّ في مختلف المراحل العمريّة».

لا حدود لطموح الانسان

من جهة أخرى، تشير جبّور «إلى أنّ الطموح لا حدود له، كما أنّ محبّة الحياة ليست حكراً على عمر معيّن. من هنا، تبرز نماذج عدّة لنساء رفضن الانصياع لفكرة العمر وبدأن مسيرات عمليّة وعلميّة وعاطفيّة في أعمار متقدّمة. فبعد البلوغ والنضوج والتجارب المكتسبة، تختار السيدة الطريق الذي يناسبها، فقد تفضّل فئة من السيدات متابعة تحصيلهنّ العلميّ عبر متابعة حصص دراسة لغات أو كمبيوتر أو رياضة وسواها... كما قد تؤسّس المرأة عملها الخاص، أو تنصرف إلى متابعة كلّ جديد في الموضة والأسفار والهوايات... أو قد تتوّج حياتها الزوجيّة بإنجاب «آخر العنقود» ليكون إضافة جديدة إلى العائلة». فلا شيء يمنع المرأة من اتخاذ قرار مصيريّ حاسم يغيّر مجرى حياتها نحو الأفضل.

وتختتم جبوّر بالقول: «إنّ نظرة المجتمع سيف ذو حدّين. فمن جهة، يكون الدعم المعنويّ الذي تتلقّاه أيّ سيّدة كفيلاً بمساعدتها في تحقيق أهدافها، خاصة في حال أتى هذا الدعم من الزوج والعائلة والمقرّبين. ولكن من جهة أخرى، في حال كانت شخصيّة السيدة ضعيفة بعض الشيء، فسوف تبوء محاولاتها بالفشل، كونها تتأثر بالنقد غير البنّاء وتخاف من الإقدام على خطوتها بكلّ ثقة».


مارتا لوزادا: أقصد النادي لأتخلَّص من الطاقة السلبية

مارتا لوزادا أبي حبيب سيّدة في الثامنة والأربعين من عمرها. هي كولومبيّة متأهلّة من لبنانيّ. لديها ثلاثة أولاد: كريس (28 عاماً)، سارا (24 عاماً) وإيما (4 أعوام). بعد عشرين سنة على إنجاب ابنتها سارا، قرّرت مارتا وزوجها إعادة إحياء الحبّ الذي يجمعهما، وقد تُوّج بطفلة صغيرة هي إيما التي تملأ البيت فرحاً وحيوية من جديد. تقول مارتا: «بعدما كبر ولداي، انصرفا إلى الجامعة والعمل والأصدقاء، فشعرت بأنّ المنزل فارغ وموحش. وبعد قدوم إيما تبدّلت حياتنا، إذ أعادت البراءة إلى البيت وأرجعتني سنوات عدة إلى الوراء، لأكون أنا رفيقتها الصغيرة، فليس لديها إخوة من جيلها لتعلب معهم!». وعن نظرة المجتمع والمحيطين تورد مارتا: «تختلف وجهات النظر بين الناس، فمنهم من يبتسم للفكرة ويستلطفها، وآخرون يتعجّبون ويقولون لي إنهم لا يفكّرون مطلقاً بهذه الخطوة لأنها متعبة وتستنفد قواهم. أفرح كثيراً عندما يسألونني ممازحين إذا كنت قد تزوّجت في العاشرة من عمري! أعتقد أنّ الفضل يعود إلى شغفي بممارسة الرياضة، فقد كنت مدرّبة رياضة وزومبا، وتوقّفت عن العمل منذ حوالى السنة، لكنني ما زلت أقصد النادي بانتظام للتخلص من الطاقات السلبية». وتؤكّد مارتا أنّ هذه التجربة من أجمل ما عاشته في حياتها وهي مقنتعة تماماً بها وتشكر الله على هذه النعمة وتقول إنها ستظلّ تتمتّع بحبّ الحياة والمغامرة واللعب مهما بلغت من العمر.


ماري شعيا: أتابع الموضة بحذافيرها وأهوى السَّفر

ماري شعيا سيّدة في منتصف الخمسينات من العمر، لكنها لا تتصرّف على هذا النحو أبداً. فهي مسؤولة في نادٍ رياضيّ وتحب الرياضة إلى أقصى الحدود، كما تتابع الموضة بكلّ حذافيرها وتهوى السفر وتعلّم اللغات وخوض المغامرات التي يُقدم عليها الشبان فقط. تقول إنها لا تتقيّد أبداً بالعمر، فهو مجرّد رقم على الهويّة، لأنّ النفسيّة والمعنويّات والصحّة والأحاسيس هي ما يُحدّد عمر الإنسان. وتشير إلى أنّها تعيش نمط حياة متوازناً وصاخباً، بحيث تنتبه إلى غذائها ورياضتها، كما تحبّ السهر والسفر كثيراً، ولا تفوّت أي فرصة للاستمتاع والتألّق والتأنّق. وتؤكّد أنها على احتكاك مباشر مع الشبان والشابات بحكم عملها، ما يوقد فيها روح الشباب الدائم. هي عزباء، لا تحبّ الارتباط أو التقيّد، بل تسعى إلى عيش الحياة بكلّ ما فيها! كما توضح أنّ نظرة المجتمع المتحجّرة لا تؤثر في أيامنا هذه كالسابق. فمع التقدّم والانفتاح، بات من السهل التمتع بالاستقلاليّة والاستقرار الماديّ وحتى العاطفي من دون علاقات ضاغطة أو نظرة «ستيريوتيبيّة» إلى المرأة. فنحن نشكّل نصف المجتمع ولنا الحق في أن نعيش كما نشاء!


روز شويري دياب: عودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية

روزلين شويري دياب زوجة وأمّ لثلاثة أولاد، قرّرت بعدما دخل أولادها إلى المدرسة أن تعود إلى مقاعد الدراسة الجامعيةّ لتنال شهادة إضافية، لكن هذه المرّة في علم النفس. وقد حقّقت حلمها وتخرّجت بتفوّق ولا تزال تتابع الدراسات العليا والندوات والمؤتمرات كافة، لتُضيف إلى رصيدها العلميّ والمهنيّ. تقول إن لا شيء يمنع المرأة من متابعة تحصيلها العمليّ ولو كانت أمّاً أو حتى سيّدة عاملة. فصحيح أنّ التعب لا مفرّ منه، لكنّ العزم والإرادة أقوى من كلّ شيء. وتشير إلى أنّها تهوى علم النفس منذ صغرها، لكن الظروف لم تكن مواتية، فتخصصت في مجال آخر، لكن سرعان ما حقّقت ما كانت تحلم به لتتبوّأ مراكز مشرّفة. وتؤكّد أنّها بنت صداقات من مختلف الأعمار، وتحاول قدر المستطاع التوفيق ما بين عائلتها ودراستها، لكنها تُرجع الفضل الأوّل في ذلك إلى دعم زوجها وأولادها والمحيطين بها. وتفتخر روزالين بما حقّقته وهي مثال لأولادها الفخورين بها إلى أقصى حدود. ففي النهاية، القلب والعقل هما أساس الوجود وليس العمر والسنوات!