علماء الدين يحذّرون الرجال: زواج المكيدة غير جائز

زواج المكيدة,غير جائز,إذلال زوجاتهم,يبررون الأمر,الشرع أباح لهم التعدد,الفهم الخاطئ

القاهرة – أحمد جمال 14 فبراير 2016

بعض الرجال تصل بهم الرغبة في إذلال زوجاتهم وإغاظتهن وكيدهن بالزواج بأخرى، ويبررون الأمر بأن الشرع أباح لهم التعدد، لكن أفتى أخيراً الدكتور خالد عمران، أمين دار الإفتاء المصرية، بأن زواج المكيدة ليس حقاً للرجل، وأيده علماء الدين الذين يطلقون عبر «لها» تحذيراً للرجال من الفهم الخاطئ لحق التعدد.


بعدما وصلته شكوى من سيدة تزوّج عليها زوجها لمجرد إغاظتها وإذلالها، أعلن الدكتور خالد عمران أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن هذا الفهم للتعدد خاطئ، وأن ليس من حق الزوج أن يتزوج بأخرى ليكيد زوجته الأولى، وأضاف: «هذا التصرف من سوء الفهم للدين، الذي رغَّب كل رجل بالزواج بامرأة واحدة، وهذا هو الأصل، وهو الغالب، وهو الأفضل لمن خاف عدم العدل بين الزوجات. فتعدد الزوجات ليس هو القاعدة، بل إنه أمر نادر قد يلجأ الإنسان إليه عند الحاجة، ولهذا لم توجبه الشريعة الإسلامية على كل الرجال، وإنما أباحته الشريعة بشروط خاصة ولأسباب داعية إليه، مثل مرض الزوجة الأولى وعدم قدرتها على القيام بواجباتها أو عدم قدرتها على الإنجاب».
وأوضح الدكتور خالد أنه يشترط للتعدد الذي يريده الإسلام عند الضرورة العدل، ولهذا قال الله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا» (آية 3) سورة «النساء».
 وأكد الدكتور خالد عمران، أن الزوج الذي يعدّد من دون داعٍ كمكيدة لزوجته، عاصٍ لله ولم يتق الله فيها، بل إنه ناشز شرعاً، لأنه حارب ما أمر الله به الأزواج من الحرص على «السكن والمودة والرحمة»، لقول الله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (آية 21) سورة «الروم».
وطالب الدكتور خالد، الزوجة التي يرغب زوجها في الزواج عليها كيداً وانتقاماً، أن تحاول الاستعانة بأقاربه وأصدقائه لمنعه من تنفيذ مخططه الظالم، فإن لم يستطيعوا فلها الحق في اتخاذ حكمين من أهلها وأهله، تنفيذاً لقول الله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» (آية 35) سورة «النساء».
وأنهى الدكتور خالد عمران كلامه قائلاً: «إذا فشل المحكمان في الصلح بين الزوجين ومنع الزوج من الانتقام من زوجته بالتعدد، فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي لإنصافها ومنع الظلم عنها من طريق الحكم بالعدل، لقول الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا» (آية 58) سورة «النساء».

ضوابط شرعية
أكدت الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد- جامعة الأزهر، أن الله عز وجلَّ أباح تعدّد الزوجات بضوابط وليس وفق المزاج والأهواء الشخصية للزوج، وكأنه يتسلّى بالتعدد ولا كرامة للزوجة السابقة.
وأشارت الدكتورة عبلة إلى أن هناك أسباباً عامة للتعدد عند الضرورة، مع حفظ كل حقوق الزوجة وكرامتها، كأن يعالج التعدد مشكلة قلة الرجال وكثرة النساء، ولهذا فإنه يجب صيانةً للنساء من التبذل والانحراف الأخلاقي بسبب عدم الزواج. كما يجوز التعدد بلا مكائد إذا كانت الدولة تعاني تناقصاً في عدد السكان.  وأوضحت الدكتورة عبلة، أن هناك أسباباً خاصة قد تبيح التعدد بلا مكيدة أو إذلال، مثل إشباع الرغبة الجنسية عند بعض الرجال الذين لا تكفيهم زوجة واحدة، أو لتقدم الزوجة في السن وكراهيتها المعاشرة الزوجية، أو لوجود خلل في الهورمونات التي تجعل مدة حيضها طويلة بشكل غير طبيعي ولا يصبر الزوج على طول هذه المدة، أو عقم الزوجة أو مرضها أو سوء طباعها بشهادة المحيطين بها وليس الزوج وحده... ففي هذه الحالات أباح الله التعدد رحمةً بالعباد تحقيقاً لهذه المصالح العظمى التي تعود بالنفع على الزوجين والأمة، وفي الوقت نفسه أعطى الزوجة حق طلب الطلاق للضرر.  كما حذرت الدكتورة عبلة الأزواج الذين يعددون بلا ضرورة من الضرورات السابقة بهدف إذلال الزوجة والكيد لها، بأنهم من الظالمين الذين توعدهم الله بالعذاب، فقال الله سبحانه: «وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (آية 140) سورة «آل عمران». والظُّلم هو وضع الشيء في غير موضعه، ولهذا وصفه النبي (صلّى الله عليه وسلّم) فقال: «الظلم ظلمات يوم القيامة».

العدل بينهما
أشارت الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، إلى أن الله عندما أباح للرجل أن يتزوج بأربع نساء، لم يجعل الأمر بإطلاق، كما يفهم كثير من الأزواج الذين يعدّدون ويطلّقون ويغيّرون زوجاتهم كما يبدلون سياراتهم أو قطعة أثاث في المنزل، فمثل هؤلاء الأزواج جهلاء ويجب التصدي لهذه الأهواء المخالفة للشرع.
وأوضحت الدكتورة سعاد، أن الزوج الذي يعدد بلا ضرورة شرعية ويستهدف الكيد لزوجته، هو زوج غير مؤتمن على زوجته ولا يستطيع التقيّد بالضوابط الشرعية للتعدد، خاصة العدل بين الزوجات، وكذلك عدم تحمّل المسؤوليات تجاه زوجته الأولى التي يتعمد إيذاءها في مشاعرها والمكيدة لها، ولهذا فهو من الخاسرين للآخرة، لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل».
وتساءلت الدكتورة سعاد صالح: «هل يستطيع زوج يعدد مكيدةً لزوجته أن يعدل بينهما في المبيت والنفقة والعِشرة؟ بالطبع لا، بل إنه سيميل إلى الزوجة الجديدة ويعطيها كل حقوقها ويحرم الزوجة الأولى أو من أراد الكيد لها، إذا كان له العديد من الزوجات».
ورفضت الدكتورة سعاد صالح ما قد يبرره الزوج الظالم لنفسه من أن مشاعره ليست بيده، وقد اعترف بذلك الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) حين قال: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك». لأن هذا الزوج الذي يريد أن يعطي لتصرفه الظالم مبرراً شرعياً، ولديه نية الإضرار بزوجته بالزواج عليها منذ البداية، والقاعدة الشرعية حددها الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) في قوله: «لا ضرر ولا ضرار». 

تحذير
أبدت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، استياءها الشديد من سلوك الزوج الذي يعدد للكيد والانتقام من زوجته، قائلةً: «يجب أن يعلم الزوج الذي يعدد للكيد والإذلال لزوجته الأولى، أن الجزاء من جنس العمل وينتظره الخزي والعار في الآخرة، لأنه استحل ظلم النساء اللواتي أوصى الله تعالى بهن حين قال: «... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (الآية 19) سورة «النساء». 

وحذرت الدكتورة إلهام شاهين هؤلاء الأزواج الظالمين الذين يطوّعون أحكام الشرع لإذلال شريكات حياتهم، بالانتقام الإلهي منهم، لقول الله تعالى: «‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏»‏ (‏آية 30) ‏سورة «الأنفال». وإذا مكر الله به أهلكه وجعله عبرة لمن يعتبر، لأنه سبحانه القائل متوعداً الظالمين فرادى وجماعات: «وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ» (الآيتان 102-103) سورة «هود».

 وطالبت الدكتورة إلهام شاهين، القضاة بالتصدي لمثل هذه السلوكيات والأخلاق المنافية لأحكام الشرع، بسن تشريعات تمنع التعدد للمكيدة، فهذه مهمة القاضي في إنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ولهذا يجب على الزوجة المكيد لها أن ترفع أمرها إلى القاضي ليحميها من كيد زوجها، وفي هذه الحالة إما أن يطلقها للضرر، أو يمنعه من التعدد لعدم وجود ضرورة، بعد أن تتم دراسة الحالة على أرض الواقع واتخاذ القرار المناسب، وأنه بهذه النفسية الانتقامية لن يستطيع العدل بين الزوجات، وبالتالي فليس له أن يتزوج إلا واحدة.

عاصٍ وآثم
يتعجب الدكتور محمد محمود أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر، من «الزوج الكيَّاد»، كيف يستطيع القيام بالواجبات الشرعية في السكن والمبيت والإنفاق والكسوة مع زوجة يتربص بها لإذلالها والانتقام منها، فهذا زوج آثم شرعاً ويجب معاقبته من طريق القضاء، لأنه خالف أمر الله في الحفاظ على كرامة زوجته، فقال الله تعالى متوعداً أمثال هؤلاء الأزواج: «وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (الآية 231) سورة «البقرة».  ووصف الدكتور أبو هاشم الزوج الذي يعدد كيداً وانتقاماً من زوجته بأنه إنسان غير سوي، بل يفتقد أدنى درجات الإنسانية، لجرأته على أحكام الشرع وتعمّد الكيد لزوجته، مخالفاً بذلك وصية الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) بالنساء عامة والزوجات خاصة، حين قال: «إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم».   كما طالب الدكتور أبو هاشم الزوجات اللواتي يعدد أزواجهن عليهن كيداً وانتقاماً، بأن ينصحن أزواجهن أولاً بأن يتقوا الله فيهن، لأن حق النصيحة مطلوب شرعاً لكل من رأى سلوكاً خاطئاً، بشرط أن تكون النصيحة بالحسنى وسراً، لأن النصيحة بغير الحسنى وعلى الملأ فضيحة، لقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». وأنهى الدكتور أبو هاشم كلامه مخاطباً الأزواج الذين يعددون انتقاماً وكيداً، بقوله: «اتقوا الله في زوجاتكم؛ واقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهـلي»، وقوله (صلّى الله عليه وسلّم) أيضاً: «أكمل المؤمنين إيماناً، وأقربهم مني مجلساً، ألطفهم بأهـله».

زوج ناشز
طالب الدكتور عبدالهادي زارع، رئيس لجنة الفتوى في الأزهر، بنشر الوعي الديني بين الأزواج والزوجات حتى يعرف كل منهم حقوقه وواجباته لأن الجهل بالدين هو سبب كل المشكلات الزوجية، وبالتالي إذا كان التعدد حقاً للزوج، فهو ليس حقاً بلا ضوابط أو حقوق للزوجة الأولى التي يجب عليه شرعاً أن يطيّب خاطرها بدلاً من الانتقام منها. 

 وأشار الدكتور زارع إلى أن الزوج الذي يعدد انتقاماً، ظالم ومخالف لتعاليم النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، حين قال: «استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقاً، ولهن عليكم حقاً»، وقد سأل الصحابي حكيم بن معاوية القشيري النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر»، فهل مثل هذا الزوج الكيَّاد سيفعل تلك الحقوق بحب ورضا؟ أم إنه سيواصل إذلاله وانتقامه؟  ووصف الدكتور عبدالهادي زارع، الزوج الذي يعدد كيداً لزوجته بالزوج «الناشز»، وقد حدد الإسلام علاجاً له حتى لو وصل الأمر إلى الطلاق للضرر، إذا كان فيه إنصاف لها، حيث قال الله تعالى: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً. وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً. وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً» (الآيات 128-130) سورة «النساء».

المواجهة
أما الدكتورة سهير الفيل، وكيل كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر فتقول: «التعدد في الإسلام مشروط بالعدل، وطالما أن من صفاته الكيد والانتقام، فمن حق الزوجة رفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليدرس حالتها ونفسية زوجها، ويحاول أن يعالج الأمر أولاً بالحسنى، فإن لم تنفع مع الزوج الكياد فله أن يعاقبه ويمنعه من التعدد لمنع الضرر عن الزوجة الأولى طالما أنها صاحبة حق استطاعت إثبات مظلمتها». 

وأشارت الدكتورة سهير إلى ضرورة مواجهة هذا الزوج الكيَّاد بالرفق واللين، وإثبات الخطأ في تفكيره من طريق العقلاء والحكماء من أقاربه وأصدقائه، لجعله يتراجع عن فكره في التعدد للكيد والانتقام، فهو أفضل طريق للمواجهة قبل اللجوء إلى القضاء مما يزيد العداوة والعناد الذي يولد الكفر- كما يقولون في المثل العامي.

 وطالبت الدكتورة سهير بالرفق في معالجة هذه المشكلة، تنفيذاً لما جاء في الشرع، حيث قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»، وقوله (صلّى الله عليه وسلّم) أيضاً: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه»، وأن يخلص المصلحون بين الزوجين النية لله، حتى يوفَّق بينهما كما قال الله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» (الآية 35) سورة «النساء».