كاتب وناقد ومترجم لبناني أنطوان جوكي: أقرأ وفقاً لمزاجي ولا أعير كتاباً سيئاً

كاتب وناقد,مترجم لبناني,أنطوان جوكي

مايا الحاج 30 أبريل 2016

عندما يقع الإنسان في عشق الورق، تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة ولا يُمكن أحداً أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه الذي يرى في كتبه ثروته الحقيقية... ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية الى مكتبة أحد «عشاّق الكتب» الخاصّة وجئنا بالاعترافات الآتية... 

علاقتي بمكتبتي:
إنها علاقة عاطفية، حسّية، عضوية، جمالية، بقدر ما هي فكرية، وبالتالي أجدها تختصر علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين. مكتبتنا الخاصة مرآة لذاتنا، وفي الوقت نفسه، هي فضاء ذهني مفتوح يشكّل دعوة ثابتة إلى السفر، أي إلى الخروج من الذات في اتجاه الآخر. ومن هذا المنطلق، لا أجد مبالغة في تحوير ذلك القول الشهير على النحو الآتي: «قل لي ماذا تقرأ، أو ماذا تحتوي مكتبتك، أقل لك مَن أنت».

أزور مكتبتي مرة كل:
لحظة، كوني أعيش داخلها. فشقّتي عبارة عن مكتبة لا تحتل الكتب جدرانها فقط، بل تجتاح كامل فضائها. من جهة أخرى، وبحكم عملي الذي يمكن اختصاره بكتابة مراجعات في الكتب الصادرة حديثاً، إلى جانب الترجمة الأدبية، ترينني في علاقة يومية مع مكتبتي، عبر القواميس التي تتضمّنها، وأيضاً أحد الكتب الذي أعمل عليه ولن يلبث أن يحتل مكاناً داخلها. 

أنواع الكتب المفضلّة لديّ:
المجموعات الشعرية والروايات أولاً، ثم الكتب الفكرية والنقدية، علماً أن مزاجي هو الذي يتحكّم بقراءاتي ويدفعني في اتجاه هذا النوع الكتابي أو ذاك.

كتاب أُعيد قراءته:
ما من كتاب محدد، وإن كانت النصوص الشعرية الكبرى هي التي أعود إليها من حين إلى آخر، وفي كل مرة تمنحني انطباعات جديدة وأكتشف فيها أشياء فاتتني في قراءاتي السابقة. أما الروايات فأفضّل البقاء على الانطباع الذي تمنحني إياه القراءة الأولى، باستثناء الروايات الغنية بالتأملات والتي لا ترتكز بشكل رئيس على الحبكة.

كتاب لا أعيره:
الكتاب السيئ طبعاً، إذ لا ضرورة لتعذيب شخصٍ آخر وتضييع وقته بقراءته. أما الكتاب المهم، فتجب إعارته، على رغم المجازفة في عدم عودته إلينا، أو في عودته ربما ممزّقاً أو متسّخاً، وهو ما يثير حفيظتي إلى أبعد حد ويجعلني أرفض استرداد النسخة وشراء نسخة أخرى. ربما أبالغ في قولي إن معاملتنا للكتب تعكس مدى احترامنا لذاتنا، للآخر، ولأثمن ما في الحياة بشكل عام، لكن هذا هو شعوري، ويتعذّر عليّ تغييره أو حتى تلطيفه.

كاتب قرأت له أكثر من غيره:
لا يوجد كاتب محدد. أحاول أن أقرأ جميع أعمال الكتّاب الذين أُعجَب بمهاراتهم الكتابية ومضمون كتبهم. أنا شخص استحواذي. وبما أنني لم أمنحك اسم أي كاتب إلى الآن، أغتنم الفرصة هنا كي أقرّ بعشقي لنصوص وجوه الحركات الطليعية في أوروبا، مثل أندريه بروتون وتريستان تزارا وكريستيان دوترومون وغي دوبور، لكنّ هؤلاء لا يختصرون إطلاقاً حقل قراءاتي.

آخر كتاب ضممته إلى مكتبتي:
«ألعازر، يا حبّي» وهو عبارة عن بورتريه للشاعرة الأميركية سيلفيا بلاث، بقلم الروائية والمفكّرة الفرنسية غويناييل أوبري.

كتاب أنصح بقراءته:
رواية «أركيولوجيا سديم العشق» (دار al Dante) للشاعر والكاتب والمسرحي الجزائري مصطفى بن فضيل، لكونها لم تنل في وطننا العربي ما تستحقه من اهتمام. بن فضيل أحدث في هذا النص ثورة في مجال الكتابة الروائية، وهذه الملاحظة لا تختصر قيمة هذا العمل الفذّ.

كتاب لا أنساه أبداً:
«مرثيات دوينو» للشاعر الألماني ريلكه هو العنوان الأول الذي حضر في ذهني الآن، لكن الأكيد هو أنه ليس الوحيد الذي لن أنساه، فذاكرتي مثقلة بعناوين الكتب التي سترافقني مدى الحياة، لحسن حظّي!

بين المكتبة والإنترنت أختار:
المكتبة طبعاً. لكن يجب عدم التقليل من شأن شبكة الإنترنت وما يمكن أن توفّره من معطيات مهمة وتسهيلات أضحت ضرورية. لا أظن أن ثمة تضارباً بينهما، بل هو تكامل يصبّ في مصلحة القارئ اليقظ. وكما أن الشبكة الإلكترونية تتضمن نفايات كثيرة، ثمة مكتبات لا تتألف إلا من نفايات.