بين قابل ورافض: هل يساعد الأزواج زوجاتهم في الأعمال المنزلية؟

هل يساعد الأزواج زوجاتهم,في الأعمال المنزلية,إعداد الفطور,إيقاظ الأطفال,المذاكرة,قص حكاية قبل النوم,السيناريو المتكرر يومياً

مصر: فادية عبود - سورية: «لها» - لبنان: كارولين بزي 30 أبريل 2016

نهار كامل تظهر ملامحه بالنسبة للأم مع شروق الشمس. يبدأ ببعض الأعمال المنزلية ثم إعداد الفطور، وإيقاظ الأطفال من أجل تحضيرهم للذهاب إلى المدرسة، ثم تسرع الأم في الذهاب إلى عملها، وفور عودتها من العمل يأتي دور إعداد طعام الغداء والمذاكرة مع الأطفال، ثم القيام بباقي الأعمال المنزلية، وغالباً ما يحدث أن تتولّى الأم قص حكاية قبل النوم للأطفال. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين دور الأب في هذا السيناريو المتكرر يومياً؟ لها تسأل بعض الأمهات العاملات: هل يساعدك زوجك في المهام المنزلية؟ وتتلقى إجابات من مصر وسورية ولبنان.


هدير البسطاويسي: مساعدة الرجل للمرأة في الأعمال المنزلية ضرب من الخيال
«للأسف لا يوجد رجل يساعد زوجته في الأعمال المنزلية»، بهذه الكلمات الصادمة تبدأ هدير البسطاويسي خبيرة تجميل، الإجابة عن سؤال: «هل يساعدك زوجك في المهام المنزلية؟»... وتتابع: «أدركت مبكراً أن مساعدة الرجل لزوجته العاملة ضرب من الخيال، لذا غيّرت مجال عملي قبل إتمام الزواج بشهرين، رغم كوني حاصلة على بكالوريوس في الإعلام، وعملت في مجال العلاقات العامة سنوات عدة قبل الزواج، لكن إدراكي لصعوبة الاستمرار في الوظيفة اليومية جعلني أترك هذا المجال، فدرست التجميل على مدار سنة بعد الزواج، وبعد وضعي لابنتي بدأت العمل بشكل جاد».
وتكمل هدير حديثها: «اخترت مهنة حرة أتحكم في مواعيدها من أجل مراعاة أسرتي وطفلتي، خصوصاً أن زوجي يراني قادرة على تحمل كل الأعباء، وبالتالي يُعرض عن مساعدتي، وأقصى مساعدة يقدمها لي عندما يتغاضى أحياناً عن تناول الطعام المطهو في المنزل. أما المساعدة الأهم فتكمن في انتظاره أتوبيس مدرسة ابنتنا نظراً الى قرب مركز عمله من المنزل، واصطحابها إلى منزل أهلي في الحي نفسه، من دون أن يجلس معها وقت غيابي، أو حتى يعتني بها في تلك الفترة، لذا أؤكد أن الزوجة تبذل مجهوداً يفوق مجهود الرجل بكثير».

 دينا سامي: زوجي يساعدني في شراء حاجات المنزل
من خلال معرفتها بالزوج المصري، تبين لدينا سامي، مديرة تحرير موقع نسائي، أن من المستحيل أن يساعد زوجته في المهام المنزلية، على عكس نظيره الأوروبي، موضحة أن الزواج يأتي بعكس توقعات الفتيات في ما يخص مشاركة الزوج في الأعمال المنزلية.

وتتابع: «لهذه الأسباب قررت أن أتزوج رجلاً يعمل في المجال الإعلامي، وبالفعل تزوجت بصحافي يقضي كل وقته خارج المنزل، حتى لا يقف عائقاً أمام طموحي المهني، وحتى يكون أمامي متسع من الوقت أنهي فيه مهامي المنزلية من دون تعكير صفو حياتي الزوجية، أو إلزامي بتغيير مجال عملي، أو التخلي عن طموحي المهني كما هو حال غالبية الزوجات».
وعن معاناة الأم العاملة، تقول دينا: «في بداية الزواج تسير الأمور على ما يرام، لكن تبدأ المعاناة بالتزامن مع الحمل، نظراً الى مراحله المرهقة، وكان رد زوجي الطبيعي عند الشكوى من التعب هو التخلي عن طموحي والتفرغ لشؤون البيت، خاصة أنني لا أشارك براتبي في شراء حاجات المنزل، فتعلمت ألا أشكو حتى لا يطلب مني ثانية ترك العمل، لكن جاءت الصدمة الكبرى بعد الولادة، فكيف لي أن أكون مسؤولة عن كائن ضعيف عليَّ الاعتناء به وتربيته الى جانب مهامي الوظيفية ومهامي كزوجة في الوقت نفسه! عندها حلّت ساعة الجنون، خاصةً أنني اضطررت إلى العودة الى العمل بعد شهر واحد من الوضع، فقررت الانتقال بحياتي الأسرية إلى منزل أهلي، ووافق زوجي مرغماً حتى تساعدني أمي في رعاية رضيعتي بينما أكون في وظيفتي».
وتضيف: «بالفعل حاولت تنظيم حياتي وفقاً لمواعيد أمي، خاصةً أنها تعمل مثلي، فكنت أستيقظ باكراً لأرتب المنزل وأُعد الطعام، وبعد عودة أمي من عملها أترك لها رضيعتي وأذهب بدوري إلى عملي الذي جعلت دوامه في فترة ما بعد الظهر. وعند عودتي إلى المنزل مساءً، أمارس مهامي كأم لا ينام رضيعها كعادة كل الأطفال في الشهور الأولى، وأسهر حتى مطلع الفجر، لأعاود السيناريو نفسه في اليوم التالي... وسط هذا الكم من المعاناة، اقتصر دور زوجي على تفهم المرحلة ودعمي نفسياً، وأنا شخصياً كنت راضية بهذا الدور، خاصة أن الكثير من الرجال لا يتقنونه، فتقع الزوجة في براثن الاكتئاب».
وعلى الرغم من التعب والجهد الذي تبذله المرأة، ترى دينا سامي أن عمل المرأة مفيد لأطفالها، نظراً الى امتلاكها ذمة مالية منفصلة، فينشأ الأطفال على الاستقلالية، هذا فضلاً عن مواكبتها الأحداث الجارية والتكنولوجيا، فتكون أمّاً مثقفة تخرج جيلاً مثقفاً مختلفاً».

أمنية سعيد: زوجي يساعدني في متابعة التمارين الرياضية لطفلي الأكبر
أمنية سعيد، مصممة أزياء، أم لطفلين أكبرهما عمره 7 سنوات والآخر شهران، تؤكد أن العمل الأنسب للزوجة المصرية هو أن تدير مشروعها الخاص، فتتحكم في مواعيد عملها كما تفعل هي كمصممة أزياء.
وتتابع: «أنسّق مواعيد عملي بما يتناسب مع دوري كأم وزوجة، نظراً الى كوني أدير مشروعاً حراً. ورغم الصعوبة التي أعانيها منذ التحاق ابني الأكبر بالمدرسة، يقدم لي زوجي مساعدات ليست منزلية، لكنها هامة بالنسبة إلي، كاصطحابي الى أي مناسبة، وتكفله بتوصيل ابننا الأكبر إلى النادي ومتابعة تمارينه».
تفيد أمنية بأن هذه الأمور هامة جداً بالنسبة اليها، وأنه لا ينبغي أن تنحصر مساعدة الرجل لزوجته في المطبخ أو أعمال النظافة، بل من الممكن أن تكون مساعدات مختلفة تسعدها بتحمله المسؤولية تجاه أسرته... وتقول: «في المقابل، ثمة رجال يساعدون زوجاتهم في المهام المنزلية، فأخي على سبيل المثال كان يطهو ويعتني بأطفاله الكبار بعد ولادة زوجته. وأعتقد أن تعاون الرجال مع زوجاتهم يعود إلى التربية، فغالبية الرجال الذين يتنصلون من مساعدة زوجاتهم قد نشأوا في بيئة وثقافة ذكورية قائمة على أن الرجل يُخدَم فقط».

 أمنية رشدي: زوجي وحماتي يدعمانني في الاعتناء بطفلي بعد عودته من المدرسة
أمنية محمد رشدي، مديرة مكتب رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات، تفيد بأن مشكلتها الكبرى كأم عاملة تكمن في تضارب المواعيد، وليس في دعم زوجها، وتقول: «عملي يبعد عن منزلي مسافة ساعة ونصف ساعة، فلا أعود إليه المنزل قبل السادسة مساءً، وأحياناً أتأخر حتى الثامنة، ومع دخول ابني الى المدرسة تفاقمت هذه المشكلة، لكن زوجي دعمني وساعدني في الاعتناء بالطفل خلال فترة غيابي عنه، فأحياناً كان ينهي عمله باكراً ويعود الى المنزل ليحضر الطعام لابننا ويساعده في المذاكرة، وفي حال تأخره في العمل، كانت حماتي تستضيف طفلنا وتعتني به حتى أعود من عملي».

وتتابع: «حصلت على إجازة أمومة لطفلي الثاني، لكن المشكلة التي تفرض نفسها بقوة عليَّ هي عند العودة إلى العمل، فزوجي أصبح بدوره يتأخر في العمل، وبالتالي باتت تربية الطفلين مسؤوليتي وحدي، لذا فكرت في التحايل على انشغال زوجي باستقدام مربية تعتني بالطفلين بعد عودتهما من المدرسة والحضانة الى حين عودتي من العمل».

الدكتور أحمد عبدالله: عدم مساعدة الزوج تعرّض الزوجة للاكتئاب
في الجانب النفسي، يؤكد الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، أن من المهم في العلاقة الزوجية أن يتعرف كلا الطرفين على ميول الآخر واهتماماته وهواياته وعمله، قبل أن يتخذا قرار الارتباط، وأن يدعم كل طرف الآخر في التقدم في ما يحب، سواء كان عملاً أو هواية، لكن ما هو غير الطبيعي أن يقف عائقاً بينه وبين طموحه بسبب تنصله من مسؤولية الدعم والمساعدة. ويتابع: «يأتي قرار الزواج بناء على الاتفاق والتفاهم والمساعدة والدعم، فيكون الزواج عقداً يبرم كلا الطرفين اتفاقه مع الآخر في كيفية تسيير الأمور في ما بعد، وبالتالي يجب على كلا الطرفين دعم الآخر من أجل التقدم في العمل، لكن عدم صوغ اتفاقات محددة هو ما يصيب العلاقة بخلل».
ويضيف أستاذ الطب النفسي: «غالباً ما تعمل الأم المصرية من أجل مساندة الأسرة وزيادة دخلها، لكن تنصل الرجل من مسؤوليته يحول الحياة الزوجية إلى جحيم، بحيث لا يشعر كلا الطرفين بمجهود الآخر ودعمه».
ويتابع: «الاكتئاب أيضاً يكون من نصيب الأم العاملة التي لا يساعدها زوجها، الأمر الذي ينعكس على الصحة النفسية للأطفال، فيصابون بدورهم بالاكتئاب، ويعانون التوتر وصعوبات التعلم». ويختتم الدكتور أحمد عبدالله حديثه موضحاً أن ضروب الخيال وعدم الواقعية التي يعيش فيها الشباب، راسمين صوراً وردية للزواج، تكون سبباً كبيراً في صدمتهم، وبالتالي عليهم أن يكونوا أكثر واقعية.

الدكتورة سامية خضر: مساعدة الرجل لزوجته ضرورية. وتنصله منها يعود إلى التربية الذكورية
وفي الجانب الاجتماعي، توضح الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، أن مساعدة الرجل لزوجته تكون نتاج تربيته على التعاون والمشاركة، لكن الغالبية العظمى من الأزواج يتنصلون بشتى الطرق من أدوارهم في مساعدة زوجاتهم، خاصة العاملات، وذلك نتيجة تربية ذكورية فرضتها العادات والتقاليد على المجتمع، ومفادها أن الرجل يُخدَم من جانب جميع النساء... أمه وأخته وزوجته. وتضيف: «بناء عليه، أؤكد أننا كنساء نخطئ في حق أنفسنا وفي حق غيرنا من النساء، عندما نربي الولد على أنه خُلق للخدمة لكونه ذكراً فقط، وهذا مغاير لأساليب التربية الحديثة، التي تشدد على ضرورة المساواة بين الولد والبنت في التربية والمهام المنزلية، فيكبر الرجل على تحمل المسؤولية، لكن العادات والتقاليد أنشأت رجالاً يتنصلّون من المسؤولية، وبالتالي يفشلون في حياتهم الأسرية، مما أدى الى ارتفاع معدلات الطلاق المبكر، فضلاً عن ارتفاع معدلات سن الزواج».

الدكتور محمود عاشور: مساعدة الزوج لزوجته العاملة واجب شرعي
أما في الجانب الديني، فيؤكد الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر سابقاً، أن مساعدة الزوج لزوجته العاملة في مهام المنزل ومتطلبات الأسرة واجب شرعي، لافتاً إلى أن الحياة الزوجية لا تقوم على كل طرف منفرداً، وإنما هي شراكة بين اثنين يتعاونان من أجل إخراج جيل جديد صالح يفيد المجتمع.

ويتابع: «لقد أمر الله الناس جميعاً بالتعاون في قوله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا على الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا على الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ». (آية 2) سورة «المائدة». وإذا كان أمر الله للناس جميعاً بالتعاون، فما بالنا بالزوجين، لذا ينبغي عليهما التعاون في تحمل أعباء الأسرة والمشاركة في المهام المنزلية، وتربية الأبناء تربية صالحة حتى يخرجا إلى المجتمع جيلاً يعرف معنى الحب والتعاون ومساعدة الآخرين».

في سورية: بعض الأزواج يقدمون المساعدة والبعض يرفضون
هل يساعد الرجل الشرقي زوجته في الأعمال المنزلية؟ وهل ينتقص ذلك من رجولته أو يقلل من قيمته كرجل؟ وهل مساعدة الزوجة في المنزل تزيد فعلاً من استقرار العلاقة بينهما؟... رغم سهولة تناول هذه المسائل، إلا أن معالجتها لا تزال شائكة ويختلف الكثيرون حولها... وفي هذا الاستطلاع، نعرض بعض الآراء المختلفة والمتضاربة من سورية.

ريم ريحاوي: كنا نتقاسم الأعمال المنزلية قبل الحرب، واليوم يعمل زوجي لتأمين معيشتنا
تقول ريم ريحاوي إن «الكثير من الرجال يرون أن مساعدة المرأة تقلل من قيمتهم، خاصة في ما يتعلق بالأعمال المنزلية التي تستنفد طاقة المرأة وجهدها. لذا تؤدي معاناة المرأة داخل البيت وخارجه إلى إثارة الخلافات بين الزوجين، فتظهر فجوة في العلاقة بين الرجل والمرأة حيث تشعر المرأة بأن زوجها هو السبب في معاناتها، ويشعر هو الآخر بأنه ارتبط بزوجة متطلبة دائمة التململ. وفي المقابل، هناك رجال يؤكدون أن مساعدة الرجل لزوجته في أعمال المنزل لا تنتقص من رجولته، بل على العكس، إذ تدل على مدى رفعة أخلاق هذا الزوج واهتمامه بزوجته ومحبته لها. ولكن في ظل الأوضاع المأسوية التي يمر بها بلدنا، أصبحت المرأة تلعب دور الأم والأب معاً، ولم تعد تنتظر مساعدة الزوج بعدما قلّ وجوده في المنزل بحكم عمله المتواصل لتأمين لقمة العيش. ففي الماضي كنت وزوجي نقتسم أعمال المنزل، لأننا كنا نعمل خارجاً، لكن ولظروف الحرب، أصبحت أتحمل وحدي مشقات العمل المنزلي وأتولى مسؤولية الأولاد والاهتمام بهم، لكون زوجي يعمل بدوامين ليؤمّن لنا العيش الكريم».

عدلة محمود: بعض الرجال يرون في مساعدة الزوجة انتقاصاً من رجولتهم
أما السيدة عدلة محمود فتحمل راية الدفاع عن المرأة، وتؤكد: «في مجتمعاتنا العربية لا يتقبل الرجل في الغالب أن قيامه بالواجبات المنزلية ومشاركة المرأة في إنجاز الأعمال البيتية هي حالة حضارية واجبة، بل على العكس فهو يرى أن تدبير شؤون المنزل من اختصاص المرأة فقط، وأن مساعدته لها مهانة وانتقاص من رجولته، خصوصاً إذا علم أحدهم بأمر مساندته لها. فعدم مساعدة الرجل للمرأة والاستخفاف بالأعمال المنزلية، هو شكل من أشكال ظلم المرأة وعدم مساواتها بالرجل، إذ تُلقى الأعباء اليومية عليها وحدها، فكل الرجال ينتظرون من المرأة أن تكون ناجحة في عملها الوظيفي وفي حياتها المنزلية وواجباتها الاجتماعية، من دون معرفة كيفية التوفيق بين هذه الأمور. وغالباً ما تحاول المرأة المغلوبة على أمرها التغاضي عن رفض زوجها مساندتها، بل ربما تضطر أحياناً الى السكوت تجنباً للتعنيف، أو تفادياً للمشاكل. وفي المحصلة، تبقى المرأة العاملة سجينة واجباتها داخل المنزل وخارجه، تبذل جهوداً مضاعفة لتثبت للمجتمع انها تستطيع تسيير أمورها على أكمل وجه، وكل ذلك في سبيل احتفاظها بوظيفتها التي تحقق ذاتها من خلالها».

مالا عمران: المرأة كالنحلة... لا تكل ولا تمل
وتذكر السيدة مالا عمران «أن الأم والأب وجهان لعملة واحدة، وإن اختلفت فيزيولوجية كل منهما. فشعور الأمومة لا يختلف عن مشاعر الأبوّة  نحو الأولاد. لكن نظراً الى صعوبة الحياة المادية، اضطرت المرأة الى التخلي عن جزء من دورها كأمّ تقليدية تنحصر مهمتها في تربية الأطفال والطهو والقيام بمختلف الأعمال المنزلية، لتغادر مملكتها-بيتها الى عملٍ خارجيّ يضيف عبئاً آخر قد تنوء بحمله. تتقبل المرأة قدرها، لكن لا بدّ لها من صدرٍ حنونٍ تلقي برأسها المثقلِ عليه، فلا ترى حينها خيراً من زوج متفهم يشاركها أعباءها ويخفف عنها... تلك هي أمنية المرأة العاملة في عصر قلّما نرى فيه رجلاً يرفق بحال زوجة تعمل بدأب كالنحلة من دون كلل أو ملل».

كوكب مهنا: مساعدة زوجي لي وطّدت علاقتنا
وتقول كوكب مهنا: «نعم زوجي يساعدني في المنزل، مما يجعلني أشعر بالرضا والسعادة والامتنان، لكونه متفهماً لطبيعة عملي داخل المنزل وخارجه، وهو يقدر مدى ما أبذله من جهد للاستمرار في تربية الأولاد والقيام بكل الواجبات، لذلك يساعدني في أعمال المنزل ويقاسمني العبء، وهذا بالطبع انعكس على علاقتنا الزوجية التي توطدت وأصبحت أكثر من رائعة».

ريم حلوم: مشاركة الزوج في الأعمال المنزلية هي الضوء في عتمة الأزمة السورية
ولدى سؤالها عن أهمية مساعدة الرجل لزوجته، أوضحت ريم حلوم: «رغم الظروف الصعبة التي نمر بها، أجد أن مشاركة الرجل لزوجته في أعباء المنزل أمر إيجابي، وبمثابة الضوء الذي ينير عتمة الأزمة السورية... فزوجي يساعدني في الواجبات المنزلية، لكن على حساب علاقاتنا الاجتماعية  التي أصبحت محدودة، أسوةً بأغلب العائلات بحيث بات الزوجان يقضيان أوقاتهما في العمل خارج المنزل وداخله».

نور:  المطبخ هو أحب الأماكن إلى المرأة حين يجمعها مع زوجها
أما نور فتقول: «لا يساعدني زوجي في أعمال البيت أبداً، لكنه بين الفينة والأخرى يشاركني في إعداد إحدى الطبخات المحببة لديه، وهي فرصة للتقرب والتواصل في ما بيننا تحت سقف المطبخ الذي هو من أكثر الأماكن ألفة ومحبة للمرأة».

موقف علم الاجتماع: التعاون بين الزوجين في المنزل يزيد من روابط المحبة بينهما
يقول الاختصاصي الاجتماعي ميلاد فاضل: «تتحمل المرأة فى زمننا المعاصر كثيراً من المسؤوليات والأعباء التى تشكل عليها ضغوطًا نفسية وبدنية، إذ باتت تجمع بين العمل خارج المنزل وما يترتب عليه من جهد ومسؤولية، وبين دورها الآخر الطبيعي حيث واجباتها في البيت تجاه الزوج والأولاد، وما يتطلبه ذلك من جهد وصبر وقوة تحمل.
وتحت كل تلك الضغوط، تنتظر الزوجة من زوجها أن يشعر على الأقل بآلامها، وأن يساهم معها في بعض أعبائها ويقاسمها الأعمال المنزلية... وكثيرة هي الدراسات التي تؤكد أن التعاون بين الزوجين في الأعمال المنزلية يعزّز الروابط الزوجية، فمن واجب الزوج مثلاً، مساعدة زوجته في بعض الأعمال المنزلية، خاصة إذا كانت عاملة مثله وتشاركه في مصروف المنزل، وأفضل طريقة للتعاون بين الزوجين هي تقاسم الأعمال المنزلية، وهنا يقع على عاتق الزوجة تشجيع زوجها وإظهار مدى امتنانها لمساعدته لها. وتؤكد دراسات عدة أن معظم النساء يحببن أن يشارك الزوج زوجته في بعض أعمال المنزل، فذلك يضفي جوّاً من السعادة على العلاقة الزوجية. ويذهب أحد الخبراء إلى أن مقاسمة الأعباء المنزلية بين الزوجين، قد تبث المزيد من الدفء في العلاقة الزوجية، حيث تنظر النساء الى مشاركة الرجل في أعمال المنزل كتعبير عن الاهتمام والمحبة، إضافة إلى أنها تخفف من إجهاد المرأة الجسدي.

في لبنان: بعد انخراط المرأة في سوق العمل بدأ الرجل يعاونها في العمل المنزلي
كان الرجل اللبناني يرى أنه لا يجوز أن يساعد زوجته في الأعمال المنزلية أو تحضير الطعام والتوضيب، ولكن بعد دخولها سوق العمل، بات يجد نفسه مجبراً على مساعدتها وتقديم العون لها. في هذا التحقيق نسلط الضوء على حالات يقوم فيها الزوج في أكثر الأحيان بمساعدة زوجته، وهناك حالات رفضت فيها الزوجات التحدث عن عدم مساعدة أزواجهن لهن، وأخريات رفض أزواجهن الإفصاح عن تقديم العون لهن، إذ يعتبر بعض الأزواج أن مساعدة الزوجة أمر معيب لا يجوز البوح به أو الكشف عنه.

ريما فرحات: على الزوج أن يساعد زوجته في الحالات الطارئة
ريما فرحات ربة منزل متزوجة ولا تعمل. تلفت ريما إلى أنها تقوم بأعمال البيت وحدها، وزوجها ليس من النوع الذي يساعدها في تنظيف البيت، إلا في الظروف الطارئة. وتشير إلى أنها في بداية حملها قد تعبت كثيراً، فذهبت إلى منزل أهلها لكي ترتاح، وعندما عادت وجدت أن زوجها قد نظف أواني المطبخ الموجودة في حوض الغسيل منذ أيام.
تضيف: «لا أعتقد أن من واجبه أن يساعدني في تنظيف المنزل، إلا في الحالات الطارئة، ولكن ما يزعجني أحياناً أنه لا يوضب ملابسه بعد أن يغيرها. ولكن بالنسبة إليّ أرفض فكرة الزوج الذي يساهم أو يتقاسم العمل في المنزل مع زوجته، وذلك في حال عدم مزاولة الزوجة عملاً خارج المنزل، فإذا كانت ربة منزل وزوجها موظفاً، لا يجوز أن يساعد الزوج زوجته بعد انتهائه من عمله وعودته إلى البيت فهو بحاجة الى الراحة، طالما هي موجودة في البيت. فهل سيمسح الأرض ويغسل الصحون؟ بإمكانه أن يساعدها في تربية الأولاد. وتتابع: «بينما إذا كانت المرأة عاملة، يتوجب عليه أن يساعدها في الأعمال المنزلية».

زينب بزي: زوجي يساعدني رغم وجود عاملة في المنزل
تلفت زينب إلى أنها منذ ارتبطت بزوجها، أي منذ نحو سنتين وهو يساعدها في الأعمال المنزلية من تنظيف وتوضيب، علماً أن زوجها أستاذ جامعي في حين أنها لا تزال تدرس. وتشير إلى أنها بعد فترة أنجبت طفلةً فبات زوجها يساعدها في إطعام طفلتهما، وتحميمها. وتضيف: «منذ فترة استقدمت عاملة أجنبية لتساعدني في تنظيف البيت،
لكن زوجي لا يزال يساعدني في إطعام طفلتي التي بلغت سنتها الأولى. حتى أنه يستيقظ ليلاً إذا استيقظت، ويسألني عن مواعيد الفيتامينات التي من المفترض أن تأخذها ويتابع معي كل مواعيد اللقاحات. فهو يساعدني بكل ما يتعلق بحياتنا حتى في ظل وجود عاملة منزلية». وتتابع: «زوجي كان يدرس في فرنسا وكان يعيش بمفرده، وربما ورث روح التعاون بسبب اعتياده على العيش وحده، وبالتالي كان ينظف ويطبخ بمفرده، حتى انه أحياناً يحضّر الأطباق التي يتقن صناعتها».

تغريد غدار: زوجي يعتمد على بناتي في مساعدتي
تلفت تغريد (ربة منزل) إلى أنها متزوجة منذ 24 عاماً، وكان زوجها يقدم لها المساعدة ويشتري حاجيات المنزل ويساهم في تحضير الأطباق عندما يدعوان الأصدقاء والأقارب إلى مأدبة غداء. وتقول: «بعد 24 عاماً، وبعدما أنجبت 4 أولاد، وكبرت بناتي الثلاث، لم يعد يساعدني كالسابق لأنه يعلم أن بناتي يساعدنني في تنظيف البيت وتحضير الطعام». وتضيف: «لكنه ما زال يقوم بشراء حاجيات البيت عندما يكون في إجازة، فهو يقضي معظم وقته في العمل، كما يساعدني في العزائم، ولا سيما شواء اللحوم الذي يبرع به».

 منى علي: زوجي يعمل في البيت أكثر مني
منى تعمل في أرشيف إحدى الاذاعات، إلى جانب عمل إضافي تقوم به بعد دوام الاذاعة. وتقول انها تعمل نحو 12 ساعة، وتعود عند الثامنة مساءً إلى البيت، فيما يعود زوجها عند العاشرة مساءً. وتضيف: «دوام العمل هذا يناسبنا، ويلاحظ زوجي انغماسي في العمل والإرهاق الذي أعانيه، ما يدفعه لمساعدتي، وتشجيعي على أن أتقدم وأطوّر من نفسي في عملي. وتتابع: «زوجي نظيف جداً، ويساعدني دائماً في توضيب البيت وتحضير بعض الأطباق التي يتقنها، اذ اننا أكثر الأحيان نأكل عند والدتي أو نشتري الأطعمة الجاهزة». وتضيف: «زوجي يقوم بالأعمال المنزلية أكثر مني، حتى أنه يقول لي عندما أنجب سيهتم هو بالأطفال، فنحن متفقان ونتعاون في كل شيء».

خديجة رحمة: فتيات اليوم يواجهن صعوبة في ممارسة الأعمال المنزلية
تبلغ خديجة من العمر 72 عاماً، وهي متزوجة منذ 49 عاماً، تلفت إلى أن زوجها ومنذ اليوم الأول من ارتباطهما لا يساعدها. وتضيف: «نشأت في بيئة تفرض على المرأة القيام بمهامها المنزلية، وأعتقد أن الرجل لا يستطيع أن يقوم بالواجبات التي تقوم بها المرأة». وتتابع: «بت أعتبر العمل المنزلي بمثابة تسلية، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على فتيات الجيل الجديد اللواتي يواجهن صعوبة في ممارسة الأعمال المنزلية على الرغم من توافر التكنولوجيا (كالغسالات والجلايات الكهربائية) وعاملات المنازل، عازيةً السبب إلى مزاولة الزوجات أعمالاً خارج المنزل، بغية إعانة أزواجهن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، ما يُصعّب على الزوجة العاملة التوفيق بين المهنة والواجبات المنزلية، ويحتم على الزوج في هذه الحالة أن يساهم معها في الأعمال المنزلية، ولكن إذا انحصر اهتمام المرأة بالعمل المنزلي فيتوجب عليها أن تقوم وحدها بهذا العمل».