فؤاد يمين: هذه حكايتي مع مرضى السرطان... لهذا السبب سأغيب عن التمثيل!

فؤاد يمين,السرطان,التمثيل,الزواج,العمل,برنامج,منا وجر,مسرح الدمى,المسرحية,مخرج,الأفلام السينمائية,بينغو,الابتسامة

كارولين بزي 29 أبريل 2016

يرى الممثل اللبناني فؤاد يمين أن «الابتسامة» التي يدخلها إلى قلوب الأطفال المصابين بمرض السرطان تشعره بإنسانيته. ويشير إلى أن نجاحه في مجال التمثيل والكوميديا يعود إلى الصدق الذي يقدم به عمله، كما أن شغفه بهذا المجال جعله يكرّس له حياته. ومن اللافت أن فؤاد من الشخصيات التي استطاعت أن تمسّ قلوب الناس، إن كان من خلال التمثيل أو الإعلانات. فؤاد يمين في هذا الحوار.


- هل تلعب دوراً كوميديّاً في فيلم «بينغو» الجديد؟
دائماً ثمة لغط عند الصحافيين والجمهور حول نوعية الدور، لكن هذا ليس صحيحاً، هناك ممثل يؤدي بصدق، إذا كانت الحالة مضحكة نكون في إطار كوميدي، وإذا كانت الحالة حزينة نكون في تراجيديا. لكن الممثل الذي يفتعل الكوميديا لا يضحكنا.

- ما هي قصة الفيلم وما المقصود بالـ«بينغو»؟
أي أنها «نقشت». والقصة تدور حول شخص يدعى «عبدو»، هو أستاذ موسيقى في مدرسة ويعزف في ملهى ليلي، لكنه يواجه مشكلة كرهه للأولاد، وعلى الرغم من أنه يعزف الموسيقى يخاف من الغناء، فيُطرد من المدرسة بسبب مشكلة واجهها مع أحد التلاميذ، ويُطرد من الملهى لأن صاحبه يريد عازفاً يغنّي أيضاً، فيتحول إلى عاطل من العمل، ويسوء وضعه المادي، إلى أن يتلقّى اتصالاً من محامية تخبره أن جدّه توفي وترك له فيديو على «يوتيوب»، علماً أنه كان يعتقد أن جدّه قد توفي منذ فترة طويلة.
وفي الفيديو يخبره جدّه أنه ترك له ثروة، وعليه أن يهتم بعمّته التي تعيش في أفريقيا لقاءها. وعندما تأتي عمّته إلى لبنان يكتشف أنها تبلغ من العمر سبع سنوات، وهنا تتطور الأحداث.
الفيلم من إنتاج «ايغل فيلمز»، اخراج إيلي حبيب وكتابة كلود صليبا، ويشاركني التمثيل: زينة مكي، وسام سعد، محمد شمص، ليليان نمري، ومسا حبيب.

- ثمّة عدد كبير من الممثلين لا يستطيعون تأدية الكوميديا.
عموماً من الصعب أداء الدور بصدق، إن كان من ناحية الكوميديا أو التراجيديا. وهذا ينطبق على الحياة في الواقع، والصدق هو الذي يميّز ممثلاً عن آخر.

- من هم الممثلون الذين يؤدون بصدق؟
هناك الكثير من الممثلين الجيدين، ولكن إما أنهم يُدارون بطريقة خاطئة، وإما أنّ أمامهم نصاً ليس صادقاً يستحيل تقديمه بصدق.

- «فيلم كتير كبير» من الأفلام السينمائية القليلة التي اعتبرت سينمائية بحق، كما أنه حاز عدداً من الجوائز.
بالنسبة إليّ هو من أفضل الأفلام اللبنانية التي عرضت أخيراً، لسبب بسيط جداً، وهو أننا لا نشعر في الدراما والسينما اللبنانية بأننا نشاهد أنفسنا، بل شيئاً غريباً عن بيئتنا. ودور الدراما والسينما هو نقل الواقع الذي نعيش فيه.
«
فيلم كتير كبير» أخذ هذه الضجة والنجاح لأنه صادق وسلط الضوء على حالة المنطقة التي يعيش فيها عدد من الأفراد من خلال التغلغل إلى عمق حياتهم. إلى جانب السيناريو والإخراج الرائعين، الممثلون أدّوا أدوارهم بإتقان تحت إدارة المخرج، وكانت النتيجة فيلماً لا يكذب على الناس.

- في فيلم «السيدة الثانية»، تؤدي ثلاثة أدوار: الشرير، والمظلوم، وفي نهاية الفيلم الكوميدي، ماذا عن الصعوبة في تأدية ثلاث شخصيات في عمل واحد؟
عندما قرأت النص أعجبني، لأن دوري فيه لا يشبه الأدوار التي قدمتها في السابق، مثلاً الشخص الذي أؤدي دوره لكي يصل إلى هذه المرحلة من الشر ويعمل في ملهى ليلي مع راقصة قد عاش مآسي كثيرة في حياته، لذلك عملت على هذا الدور بطريقة مختلفة ونفذته بالطريقة الصح، وهذا عمل الممثل.
في «السيدة الثانية» كان مطلوباً أن يكرهني الجمهور، وفي الوقت نفسه استطعت تسليط الضوء على الحزن الموجود في حياة هذا الشخص. أسعدني تقديم هذا الدور، علماً أنه من الصعب أن تصنّفي في مكان معيّن وتخرجي منه.

- أين تجد نفسك أكثر؟
أنا أحب الكوميديا وأستمتع بها، وهي ليست تمثيلاً فقط بل نظرة أو فلسفة معيّنة في الحياة.

- هل تنزعج عندما ينادونك بـ «فوفي» وهو الاسم المعتمد في برنامج «شي أن أن»؟
لا أبداً.

- اعتاد الجمهور عليك مع وسام سعد «أبو طلال» في «شي أن أن».
ثمة من اعتاد على شخصيتَي «أبو طلال» و«فوفي»، وهناك من يعرفني من خلال الإعلانات، ومنهم من يعرفني ممثلاً. في الحقيقة أوظف كل طاقتي لأقدم عملاً جيداً. حتى أنني في «السيدة الثانية» قدمت ثلاثة مشاهد تقريباً، وكان لكل منه حقه، والإعلانات مثلاً مدتها 20 أو 30 ثانية وتُطبع في عقول الناس، لذلك ليس كبر الدور أو صغره هو الذي يؤثر، بل المجهود الذي تبذلينه في هذا الدور.

- هل الجهد الذي تبذله سببه شغفك في هذا المجال؟
عملي هو كل حياتي، ولو لم أكن أحب هذا المجال لما كرست له حياتي. كان حلمي أن أخوض هذا المجال، وها أنا اليوم إما أصور للسينما أو «ألعب» على المسرح أو في الإعلانات، أو أكتب أو أُخرج عملاً.

- هل تعمل في الإخراج أيضاً؟
أحب أن أعمل في الكتابة والإخراج. في هذه الفترة أمثّل، وقريباً سأغيب قليلاً عن التمثيل لأقدم أعمالاً تخصني أكثر.

- إلى أي مدى يستفيد الممثل من نفسه كمخرج؟
من الأهمية بمكان أن يدير الممثل نفسه، في كل الحالات يوجد مخرج يدير الممثل، ولكن أول شخص يدير الممثل هو نفسه. والمخرج الذكي يستفيد من حسن إدارة الممثل لنفسه. هناك ممثلون موهبون لكنهم لا يملكون حس الإخراج، في هذه الحالة يكون المخرج بحاجة لأن يشرح للممثل كل التفاصيل.

- مسرحية «بستان الكرز»، تفوّق فيها أداء الممثلين على النص.
النص للكاتب الروسي أنطون تشيخوف، وقد كتبه في 1904، ليحوّله المخرج كارلوس شاهين إلى عمل مسرحي، ونمثّله نحن. تم تقصير النص قليلاً، لأن الجمهور اللبناني غير معتاد على مسرحية تفوق مدتها الثلاث ساعات. عموماً تتفاوت الآراء حول كل عمل وخصوصاً إذا كان من هذا النوع.

- ماذا عن الأصداء التي وصلتكم؟
الأصداء كانت مقسومة بين الذين أُعجبوا بالمسرحية وبين من لم يعجبهم العمل. ثمّة من أحب النص ولم يحب التمثيل، وآخرون أحبوا التمثيل ولم يحبوا النص أو الإخراج... وما إلى هنالك.

- هل مشاركة المخرج تمثيلاً في المسرحية أدّت إلى تراجع العمل أو عدم تصويبه؟
ربما يُصعب عليه العمل أكثر، مثلاً في السينما باستطاعة المخرج أن يؤدي دوره التمثيلي وعندما يوقف التصوير يراقب المشهد ويقيّمه ثم يقوّمه ويعدّل فيه إن كان بحاجة إلى ذلك، لكن في المسرح هناك صعوبة إذ لا يمكن المخرج أن يمثل ويراقب العمل بعين المخرج ليصوّبه كما يجب. المخرج كارلوس شاهين لم يكن ينوي أن يمثل في المسرحية، ولكن طرأت بعض التعقيدات على العمل بسبب غياب أحد الممثلين، الأمر الذي اضطره إلى المشاركة في التمثيل.

- ماذا عن مسرحية «إنجازات حياة»؟
كتب المسرحية وأخرجها كميل سلامة، وشاركت أنا وجيزيل بويز ورين خوري وكميل سلامة أيضاً، وهي تتناول قصة فنان يُتوفى ويُنظم له حفل تأبيني تكريماً له، ثم يحضر الفنان الحفل ويلقي كلمة يحكي فيها عن مراحل حياته التي عاشها.

- ما هي الرسالة التي توجهونها من خلال هذه المسرحية؟
الرسالة الأساسية هي أننا نركز على قصص نعتبرها مهمة في حياتنا فيما القصص المهمة هي تلك التي لم نكن نراها.

- أنت عضو في جمعية «خيال»؟
بالفعل، وأنا أعمل في مسرح الدمى اللبناني منذ أكثر من 10 سنوات.

- ما هي الرسالة التي تستطيع أن توصلها من خلال مسرح الدمى لا وتستطيع أن تؤديها في الأعمال الأخرى؟
الدمية تستطيع أن تقوم بكل ما لا يستطيع أن يقوم به الإنسان، باستطاعتها أن تطير وتنقسم إلى نصفين، وبالتالي تستطيع أن تلبي لنا كل ما في خيالنا من أفكار مما فوق الطبيعة ووراءها. شخصياً، أستمتع بتحريك الدمى وأحب هذا العالم الذي يتميز بنكهة خاصة، وتجمعني علاقة صداقة مع المخرج كريم دكروب (مؤسس مسرح الدمى في لبنان).

- ماذا عن الإعلانات، هل هدفها تجاري فقط أم هي متعة أيضاً؟
تجمع الهدفين، عندما نقدم عملاً فنياً علينا أن نهدف إلى أمرين متساويين ومتزامنين، إيصال عمل جيد بمردود جيد. مثلاً أحياناً نقدم عملاً نحبه كثيراً ولكنه غير مربح، وأحياناً أخرى نقدم عملاً عادياً ولكننا نجني منه مالاً أكثر. الفنان الذكي هو الذي يستطيع أن يوازن بين هذين الهدفين.

- شاركت في حلقات برنامج «منا وجر» الذي ينتقد مختلف البرامج التلفزيونية، وأنت في برنامج «شي أن أن» هل من الممكن أن تنتقد برنامجك من خلال «منا وجر»؟
ما يميز «شي أن أن» هو أننا أكثر من ينتقد نفسه وينتقد «الجديد» الشاشة التي يُعرض من خلالها البرنامج. أحياناً تنشب مشاكل مع القناة بسبب الانتقادات التي نوجهها إليهم. نحن لسنا هنا لنتفلسف على الناس، لكنّ اتجاه «شي أن أن» سياسي، بينما «منا وجر» ينحو نحو انتقاد البرامج أكثر.

- إلى متى ستلاحقون السياسيين؟
عندما نكون في بلد لا شيء مستقر فيه، فمن المسؤول عن هذه الأمور؟ صدفة وعفواً يأتي الجواب: السياسيون، علماً أن لا مأخذ شخصياً تجاههم، لكن إذا وجد شيء إيجابي، نشيد بهم.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟
سأتابع مع مسرح «الدمى». كما أنني أعمل مع جمعية «ابتسامة»، حيث نزور الأطفال المصابين بالسرطان في المستشفيات، متنكرين بملابس أطباء مهرجين.

- لماذا تقوم بهذا العمل؟
هو أجمل شيء أقدمه في حياتي، وما تبقّى لا طعم له مقارنة بهذه الخطوة. هذا النشاط يذكرنا بإنسانيتنا، أي أنني ما زلت إنساناً لا آلة. أشارك مع «ابتسامة» منذ العام 2008 وهي تجربة رائعة. فكرة النشاطات تقوم على تمضية ما بين 5 إلى 10 دقائق نحاول من خلالها تغيير الأجواء لدى أطفال مرضى السرطان، حيث نفتح لهؤلاء الأطفال نافذة يطلون منها على الحياة.

- هل بكيت خلال هذه الزيارات؟
بكيت كثيراً، ولكن مع الوقت نستطيع أن نقوّي أنفسنا ونتغلّب على دمعتنا.

- أشيع منذ فترة أنك ارتبطت بالممثلة ميرفا القاضي؟
هذه كذبة، «يا ريت» (يضحك).

- هل تفكر بالزواج حالياً؟
المسألة ينطبق عليها المثل الشائع «طنجرة وغطاها»، أنا «الطنجرة» وبانتظار «الغطا».