يبرز السؤال فجأة: لماذا؟ ثم يدفعنا فضولنا إلى تذكر أسئلة الـ«كيف؟» والـ«متى؟» و«ما هي القصة الأصلية؟»... أشياء تعيش معنا ونعيش معها، أشياء قد نحتاج إليها ونتعامل معها كأنها وُجدت قبلنا وكأنها بلا تاريخ، ثم نتنبّه فجأة إلى أننا نجهل عنها بداياتها، وجودها الأول.
هل كانت عروس الأمس محظوظة، أم كانت تمشي خطواتها الأولى مترّددة بحذاء ليس من اختيارها؟ هل كانت المكانة الاجتماعية أهم من راحتها وأكثر إلهاماً من شخصيتها؟ حذاء العروس بين الأمس واليوم ...

العروس الفيكتورية عملة معدنية في حذاء العروس
قد يشغل بال عروس اليوم أن تسير براحة وأناقة في حفل زفافها، بينما كانت العرائس في الحقبة الفيكتورية يدسسن القطع المعدنية في أحذيتهن ليضمنّ حياة زوجية ناجحة.
وكجزء من مهرهن، كانت العروس الفيكتورية تضع ستّة بنسات Sixpence في فردة حذائها اليسرى. ورغم أن هذه القطعة النقدية قد اختفت منذ عام 1967، تحيي بعض البريطانيات هذا التقليد مستخدمات البنس الواحد الذي يصبح بمثابة قطعة مجوهرات ثمينة بعد الاحتفال يمكن أن ترصع به سواراً أو خاتماً. وتختلف هذه العادة داخل أوروبا، ففي دول الشمال كانت العروس تضع قطعة نقدية فضية من والدها في فردة حذائها اليسرى، وأخرى ذهبية من والدتها في الفردة اليمنى.

اختيار العروس من خلال حذائها
اختيار الزوجة المستقبلية من خلال حذائها لا يرتبط بالقصص الخيالية فقط أو سندريلا تحديداً. ففي إمبراطورية الصين، كان الرجال يختارون زوجاتهم من خلال التدقيق في أحذيتهن. تصاميم الأحذية المزخرفة كانت تدل على المستوى الثقافي والاجتماعي لمن تنتعلها. وحين العثور على العروس المناسبة، تبدأ مراسم التحضير للزفاف.

هدية الحذاء
في بعض المجتمعات القديمة، كان العريس مسؤولاً عن صناعة حذاء رمزي للعروس تنتعله يوم رفافها ليثبت حرصه عليها وقدرته على الاهتمام بها. في ماركن، جزيرة صغيرة في هولندا، كان العريس يحفر قبقاباً خشبياً مع زخرفة ملولبة ونص فريد.
أما السكان الأصليون في أميركا (Zuni)، فكان رجالهم مسؤولين عن تصميم جزمات جلدية لعرائسهم. وفي الهند، قد يكون الخفّ المعدني المزين المقدّم من شقيق العريس الأصغر أكثر الهدايا المرغوبة. والحذاء الأنيق ليس حكراً على العروس وحدها، وإنما يدخل في اهتمامات العريس أيضاً في الهند.

حذاء أبيض وطير الفينيق
حذاء العروس الأرمنية التقليدية كان من الحرير والساتين الأبيض، لينسجم مع قماش فستان الزفاف. وكان حذاؤها مزيناً بالكريستال البرّاق. ورغم أن اللون الأبيض يرمز إلى الموت في الثقافة اليابانية، كانت العروس اليابانية تنتعل الحذاء الأبيض مع لمسات لون آخر يمثل التفاؤل بمستقبل مشرق.
ولمباركة الزواج واستمراره، تُهدى العروس في مقاطعة تشيجيانغ الصينية خفّاً باللون البرتقالي أو الوردي من الجدّة التي عايشت ثلاثة أجيال على الأقل في العائلة. يلتقط طيرا فينيق أزهار الفاوانيا Peony في مقدم الحذاء، بينما يُغلَّف الداخل بقماش أبيض نُقشت عليه حروف صينية.

المرأة الأولى التي انتعلت الكعب العالي  يوم زفافها
انتعلت كاثرين دي ميديشي الكعب العالي يوم زفافها المدبّر. كان عمرها 14 عاماً واحتاجت إلى المزيد من الطول لتقف أمام زوجها ملك فرنسا هنري الثاني. يُقال بأنها من أولى العرائس في التاريخ اللواتي انتعلن الكعب العالي وألهمن الموضة التي باتت تمنح المرأة طولاً إضافياً لاحقاً. العرائس الأنغلوسكسونيات كن يرمين أحذيتهن بدل باقات الورد.
بينما دعت الملكة فيكتوريا ملايين العرائس المعاصرات إلى ارتداء اللون الأبيض عندما اختارت ثوباً عاجياً وحذاء باللون الأبيض حين تزوجت عام 1839. أما الليدي ديانا صاحبة القامة الممشوقة فانتعلت حذاء بكعب مسطح حتى لا تبدو أطول من عريسها آنذاك الأمير تشارلز.

حذاء العروس

 محطات مُهمة!

1533 
انتعلت كاثرين دي ميديشي حذاء بنعل خشبي ومنسوج بقماش عاجي يوم زفافها الذي احتفلت به فرنسا. لقد أصبحت الزوجة الإيطالية لهنري الثاني، ملكة فرنسا وهي فتاة قاصر وعمرها 14 ربيعاً. ارتدت ثوباً من البروكاد الذهبي مع كورسيه مرصع بالأحجار الكريمة.

1800
عرض حذاء Paduka الفضي والذهبي لعروس هندية يعود إلى هذا العام في متحف Victoria and Albert Museum البريطاني تحت عنوان Pleasure & Pain.

1839
زواج الملكة فيكتوريا من الأمير ألبير Albert of Saxe-Coburg-Gotha شكّل بداية بيضاء في عالم الأفراح. فقد ارتدت العروس فستاناً باللون الأبيض العاجي، بينما كانت العرائس يظهرن في هذه المناسبة بأثواب ملكية مطرّزة بالمعدن الذهبي أو الفضي والأحجار النفيسة.

1956
يوم زفافها، ارتدت غريس كيلي، أميرة موناكو وهوليوود، ثوباً بتوقيع هيلين روز وانتعلت حذاءً مطرزاً باللآلئ من تصميم David Evins.

1981
انتعلت ديانا حذاءً مسطحاً مطرزاً بقالب من الدانتيل وترتر عرق اللؤلؤ (Mother of pearl) بتوقيعClive Shilton. وبات لقبها لاحقاً «أميرة القلوب». كما أن نعل حذائها الخارجي كان مزيناً بزخرفة الأزهار الذهبية.

2011
بدت كايت موس عروساً حرّة. لم تتمسك بقيود الزواج التقليدي. كان زفافها في وضح النهار وتحت الشمس وانتعلت حذاء صيفياً من Manolo Blahnik صُنع خصيصاً للعارضة البريطانية السابقة.

2016
لقد ارتبط حذاء العروس كثيراً بالعريس وطوله في ما مضى. بينما منحت Vera Wang وManolo Blahnik وRalph&Russo وJimmy Choo  وDior عروس اليوم عالماً حالماً من الأحذية الأنيقة خارج إطار الزواج التقليدي المقيّد بالمكانة الاجتماعية، بل بشخصية من تحتفل بفرحها.

النصيحة الذهبية لأي عروس، أن تنتعل حذاءها قبل يوم من الزفاف وتتجول به في المنزل ليتّسع قليلاً ولتتأكد من راحتها في التنقل بين مدعوّيها.