الكاتب المصري شريف صالح: أحلم بمكتبة على طريقة بورخيس

مكتبتي,الكاتب المصري شريف صالح

مايا الحاج 22 مايو 2016

عندما يقع الإنسان في عشق الورق، تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة ولا يُمكن أحداً أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه الذي يرى في كتبه ثروته الحقيقية... ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية لمكتبة أحد «عشاّق الكتب» الخاصّة وجئنا بالاعترافات الآتية...


علاقتي بمكتبتي:
المكتبة معادل روحي... اكتشفت الكتب خارج المقرر الدراسي في دكان أبي. كان يشتري «الكتب» بالكيلو لكي نلف بها طلبات الزبائن. فدفعني الفضول للاطلاع عليها في أوقات الفراغ قبل أن أضطر إلى تمزيقها ولف البضاعة بها. من تلك اللحظة، أصبحت المكتبة هي الوعي والحلم. ومن القروش الأولى التي كسبتها في صباي بعرق جبيني، أعدت طلاء «نملية» والدتي التي استغنت عن خدماتها في المطبخ، وأضفت إليها رفوفاً عدة لتأسيس أول مكتبة، في بيت فلاحين... لا يعرف اختراعاً اسمه المكتبة.

أزور مكتبتي:
لا يصح أن أقول إنني أزور مكتبتي، لأنّني أمضي حياتي تقريباً في المكتبة، طوال 24 ساعة. في عملي الصحافي تحيط بي المكتبة ويبدو جسدي مدفوناً بين تلال الكتب لساعات. وفي شقتي سمحت لي زوجتي بتشييد مكتبتي على طول «الممر». وعبر سفري من الريف إلى القاهرة إلى الكويت، في كل مكان عشت فيه، كان أول ما أقوم بتأسيسه هو «مكتبة»، لكن سرعان ما أضطر الى تركها بكل ذكرياتي وليالي الأرق معها.

أنواع الكتب المفضّلة لديّ:
أفضّل «القصص القصيرة». وبحكم دراستي، أهتم بكتب الفنون ومناهج النقد، وخصوصاً السيميائية منها. ولأنني ملول، أحب أن أشتري كتباً في موضوعات غريبة أحياناً مثل العملات والطوابع وموسوعات اللغة والفلكور وكتب الطرائف... كائن متوتر ومريض بالكتب لن يكتفي بنوع معين.

كتاب أُعيد قراءته:
«داغستان بلدي» لرسول حمزاتوف.

كتاب لا أعيره:
مجلدات تشيخوف الأربعة في طبعتها الروسية الأنيقة ولونها الأخضر الحالم.

الكاتب المصري شريف صالح: أحلم بمكتبة على طريقة بورخيس
بالتأكيد يوسف إدريس، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، كازانتزاكيس، بورخيس، تشيخوف، عبدالحكيم قاسم، وإبراهيم أصلان.

آخر كتاب ضممته إلى مكتبتي:
بحكم عملي الصحافي، تصلني الكتب يومياً، وأحدثها رواية «فتاة على الإنترنت في جولة»، ثاني روايات زوي سوج عن السلاسل ذاتها... وأثناء زيارتي إلى أبو ظبي، التقيت بالصدفة كاتبة لبنانية شابة هي كاتيا الطويل فأهدتني روايتها الأولى «السماء تهرب كل يوم»، وتقريباً قرأت نصفها في المطار. 

كتاب أنصح بقراءته:
بلا منازع «ألف ليلة وليلة»، أعظم كتاب أنتجته الثقافة العربية في كل عصورها.

كتاب لا أنساه أبداً:
«رجوع الشيخ إلى صباه» لارتباطه بقصة غريبة جداً عندما دخلت متلصصاً مع صديقي إلى مكتبة والده الشيخ الصوفي وعثرت على نسخة نادرة منه فقررت سرقته. ولما رفض صديقي أن نسرق والده «الشيخ»، ساومته بمجموعة شعرية مترجمة لشاعر روسي. وبما أن صديقي كان يسارياً مخلصاً، فقد وافق على المساومة. وكان لحكايات الكتاب العشر تأثير سحري فيّ آنذاك. وحزنت كثيراً، لأنني مثلما سرقته، سُرق مني في ما بعد!

بين المكتبة والإنترنت أختار:
مثلما لا أثق بالمال إلا حين يكون في هيئة عقارات وليس بورصة افتراضية، لا أثق في الإنترنت وإنما في مكتبة من لحم ودم وذكريات... أثق في رفوف الكتب ورائحتها وغبارها وملمسها، وأحبها في يديّ. هذا لا يمنع أن «الإنترنت» سهّل لنا تنويع مكتباتنا. فلدي مكتبة إلكترونية فيها آلاف الكتب وعدد لا بأس به من الأفلام، وبعض الموسيقى، ولكن لا أعتبر «الإنترنت» مكتبة بديلة، بل أداة لتوسيع حلم المكتبة اللانهائية، ليصبح الكون كله مكتبة كما حلم بها بورخيس، وكما أحلم على خطى بورخيس.