صلاح فضل: أنحاز في كتابي الأخير الى أحفاد نجيب محفوظ

صلاح فضل,أنحاز في كتابي الأخير,إلى أحفاد نجيب محفوظ

القاهرة - طارق الطاهر 04 يونيو 2016

هو واحد من أهم النقاد المصريين والعرب، سجله حافل بالعديد من الدراسات النقدية الهامة، وهو أيضاً واحد من المحكّمين البارزين في الجوائز العربية الحالية. صدر له أخيراً عن الدار المصرية- اللبنانية كتاب لافت من عنوانه وهو «أحفاد محفوظ»... حول هذا الكتاب وما يقصده من العنوان دار هذا الحوار مع الدكتور صلاح فضل.


- ماذا تقصد بأحفاد محفوظ؟
في رأيي، يمكننا تقسيم القرن الزمني إلى ثلاث حقب متداخلة، يحتوي كلٌ منها على ثلاثة أجيال، نجيب محفوظ الذي ولد مطلع العقد الثاني 1911، وتدفق إنتاجه بغزارة في عقود منتصف القرن منذ الأربعينيات، وتلاه جيل الستينيات الذي شغل الفضاء الإبداعي في العقود الأخيرة من القرن. أما الجيل الثالث - وهم الأحفاد الذين أعنيهم - فقد بدأوا النشر في التسعينيات، وتتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والخمسين، وأقصد هنا بمصطلح «أحفاد محفوظ» امتداده في التناسل الأدبي لاختزانهم تجربته التقنية وتجربة المبدعين الكبار الآخرين.

- إذاً، هل هناك سمات إبداعية تربط بين هؤلاء الأحفاد المتباينين في السن والموهبة؟
ثمة أمور عدة، منها أن هؤلاء الأحفاد استطاعوا تطوير الرواية العربية والانطلاق بها إلى آفاق أوسع. فعلى سبيل المثال، في رواية «جبل الزمرد» للأديبة الموهوبة منصورة عز الدين، نجدها وقد تولت مهمة شاقة، حين زاوجت بين زمنين، زمن الخيال المنطلق من قلب الأساطير، والآخر المنبثق من صميم الحياة المعاصرة. ومن هذا المنطلق يمكن تأمل تجربة الأديب الكبير محمد المنسي قنديل في روايته «يوم غائم في البر الغربي»، التي استطاع فيها أن يضع خلاصة معايشاته للروح المصرية، ودراساته لنبض عصر الاكتشافات الأثرية في مصر، مطلع القرن العشرين، في هذا العمل الفذ. ومن سمات هؤلاء الأحفاد أيضاً، تفرد عدد كبير من هذا الجيل بإتقان لغة أجنبية عالمية، يطّلعون من خلالها على أحدث الإبداعات والدراسات النقدية، من دون حاجة الى وسيط، فقد اطلعوا على التجارب الطليعية العالمية في الرواية، فاستهواهم هذا النوع من الإبداع الذي يسعى إلى توظيف تقنيات غير معهودة صادمة لعامة القراء، لكنها مثيرة للتأمل لدى المثقفين المتخصصين والمستعدين بفطرتهم للتجريب، وفي مقدم هؤلاء يقف الثلاثي طارق إمام، أحمد عبداللطيف، وياسر عبدالحافظ، بجرأتهم المدهشة وإنجازاتهم اللافتة.
أما السمة الثالثة لهؤلاء الأحفاد، فتتمثل بالحفيدات، بحيث برز عدد من الكاتبات الشابات ممن قدمن حكايا مختلفة، عبّرن من خلالها عن وجهات نظرهن في الحياة والكون بجرأة مدهشة.

- ما أهم الأسماء التي توقفت عندها؟
توقفت عند أعمال مجموعة كبيرة من المبدعين من مختلف الأجيال والاتجاهات الكتابية والفنية، منهم على سبيل المثال: عز الدين شكري، عمّار علي حسن، هالة البدري، يوسف زيدان، ميرال الطحاوي، حمدي الجزار، ناصر عراق، عزة سلطان، أشرف أبو اليزيد، حمزة قناوي، مكاوي سعيد وغيرهم.

- بدأت كتابك بحديث عن تراجع النقد في التعامل مع النصوص الإبداعية... كيف ترى أسباب هذا التراجع النقدي؟
حرصت في بداية الكتاب على الإجابة عن هذا السؤال، وهنا أتذكر تحذير الراحل الكبير الدكتور علي الراعي مما أطلق عليه «مجاعة نقدية»، بمعنى عدم مسايرة النقد للإبداع، ولهذا أسباب عدة، منها أن الجامعات المصرية كفت عن إيفاد بعثاتها إلى الجامعات الأوروبية والأميركية، التي تتطور فيها الأدوات والمدارس النقدية، لتقتصر في معظمها على تخريج نماذج أحادية الثقافة زائفة الوعي، كما سدّت وسائل الإعلام المرئية والمطبوعة منافذها في وجه النقاد الشباب الموهوبين، من هنا تراجع النقد كثيراً في الفترات التي تلت جيل الرواد.