عيشي الخريف بمزاج هذه المدن

الإجازة الخريفية,مدن,ميونيخ,باريس,ريكيافيك,Santanyinyue,هنتشيغو,الصين,أسطورة مهرجان القمر,نوي بلانش Nuit Blanche,أيسلندا,البحيرة الزرقاء,ميونخ,أكتوبر فيست,مهرجانات

17 سبتمبر 2016

من قال إن موسم الإجازات قد رحل وفاتنا قطاره، وما علينا سوى انتظار عودته عند محطّة الفصول! وأن الخريف وصل وبرفقته يومياتنا المزدحمة بالعمل وهمومه! الحقيقة إن اختيار موسم الإجازة مسألة نسبية، ولكل واحدة منا موسمها المفضل.
فكما الصيف، للخريف حضوره الجميل، فهو يمسح حر الصيف ليلطّف بنسائمه الباردة جبهات المدن التي تبدل مزاجها الصيفي وتستعد لاستقباله بأعياد الحصاد، والمهرجانات والمناسبات الثقافية.
حول العالم مدن تستقبل الخريف بمهرجانات من الفرح، تشاركه في إعادة ترتيب أوراق الزمن، وتحرّك تفاصيل استراحته على بساط الصيف.  


ميونخ مهرجان «أكتوبر فيست» وحكاية زفاف ملكي
عند أعلى سهول بافاريا، وإلى الشمال من الحافة الشمالية لجبال الألب، تمتد ميونخ عاصمة ولاية بافاريا. وغالبًا يرتبط اسم المدينة بالنسبة إلى عشاق كرة القدم، بفريق باير ميونخ، لتكون وجهة جميلة يتعرّفون فيها إلى معقل فريقهم المفضل.
فيما عشاق الكتب فهي ملاذهم، ذلك أنها ثاني أكبر مركز نشر في العالم، إذ تضم 250 دار نشر. وإذا أردنا أن نتكلم على هذه المدينة عاصمة مملكة بافاريا المتحدة، في القرن السادس عشر، نحتاج إلى صفحات لا تنتهي.
فهي مدينة الفن والسياسة والفن المعماري لعصر النهضة والموسيقى. وهي أيضًا صاحبة أكبر مهرجان للخريف في العالم.
تستقبل ميونخ الخريف بمزاج جميل يختلف عما هو عليه في بقية المدن الألمانية الأخرى، بمهرجان «أكتوبر فيست» الذي يستقبل حوالى ستة ملايين نسمة. يبدأ يوم السبت الأول من منتصف أيلول/ سبتمبر حتى الأحد الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر. ويستمر 16-18 يومًا بحسب تاريخ السبت الأول من أوكتوبر.
احتفلت ميونيخ عام 2010 بمناسبة الذكرى الـ200 لـ«أوكتوبر فيست» إذ يعود تاريخ هذا المهرجان إلى 17 تشرين الأول عام 1810 حين أقيمت احتفالات تلت حفل زفاف ملك بافاريا العتيد لودفيغ الأول إلى الأميرة تيريز من ولاية سكسونيا، ومنذ ذلك الوقت يحتفل سكان ميونيخ بالخريف في هذا التاريخ من السنة، وبالقرب من وسط مدينة ميونيخ، في منطقة مفتوحة على مساحة 42 هكتارًا تسمّى مرج تيريزا.
يدخلك المهرجان في متاهات عوالم بافاريا القديمة والحديثة. يبدأ بمواكب يسير فيها أكثر من ثمانية آلاف شخص يرتدون الزي البافاري التقليدي، السراويل الضيّقة للرجال، فيما ترتدي النساء فساتين بأكمام منفوخة ومآزر بالألوان الزاهية.
يليه كرنفال عربات الأحصنة المزينة، ثم تجولين بين الخيم تتناولين الطعام البافاري التقليدي الممتد على الموائد المحيطة بالخيم.
وفي كل خيمة فرقة موسيقية  تسمى «كابيل»  Kapelle  تعزف نمطًا موسيقيًا معينًّا. أمّا إذا رغبت في رفع منسوب الأدرينالين فعليك ركوب الدولاب العملاق الدوار، أو أرجوحة الساحرة، أو الانزلاق على المزلاقة العملاقة. كل شيء متاح خلال المهرجان وما عليك سوى القرار.

ريكيافيك ، أيسلندا والبحيرة الزرقاء
نعم أيسلندا في الخريف لمَ لا! يبدو أن هذه البلاد البعيدة بدأت  تبرز على رأس قوائم السفر لدى الكثيرين، لسبب وجيه، فلمَ لا تكونين واحدة منهم، وتعيشين مغامرة إجازة خريف في أقصى الكرة الأرضية.
فأيسلندا موطن لبعض من أجمل المناظر الطبيعية التي يمكن أن تريها مرّة واحدة في حياتك وتحفر في ذاكرتك ما حييت. ماذا تنتظرين؟ أعدّي العدّة وحضّري فيزا الشينغين (إذا إحتجت إليها) وحلّقي إلى أقصى الأرض لتنعمي بخريف أيسلندي رائع.
ومدينة ريكيافيك عاصمة البلاد فيها الكثير مما يجعلك مشغولة، وتتمنين لو أن الزمن يتوقف حتى تنعمي بكل التفاصيل المستريحة على بساط البرد اللذيذ.
فهي تضم مجموعة واسعة من معارض الفن والتصوير الفوتوغرافي والمتاحف، والكثير من المحلات التجارية المتخصصة والمقاهي والحانات... ولا تنسي تناول البرغر الأيسلندي. وفي الخريف تستمتعين بمهرجان «موجات الأثير»، بين 4 و8 تشرين الثاني/ نوفمبر، والذي يجمع الموسيقيين من جميع أنحاء العالم، وهو الأكثر شعبية.
ومهرجان برج السلام التخيلي The Imagine peace tower ، وهو مهرجان فني في الهواء الطلق يبدأ بعد ساعة من غروب الشمس بين 9 تشرين الأول/ أكتوبر و 8 كانون الاول/ ديسمبر.
كلما سنحت لك الفرصة، افعلي كما يفعل الأيسلنديون واغطسي في إحدى البرك العلاجية الطبيعية الساخنة، خصوصًا في يوم بارد. ولعل البحيرة الزرقاء تدخلك في عوالم تناقض الكيمياء: البرودة والسخونة، الجمال المهيب والشعور بالاسترخاء في آن. 
فلمَ لا تعيشين مغامرة مشاهير هوليوود وتلفزيون الواقع مثل عائلة كارداشيان، التي زارتها العام الماضي، وتتوجهين إلى هذه البحيرة الحرارية الأرضية التي هي واحدة من مناطق الجذب الأكثر زيارة في أيسلندا وتقع في حقل الحمم في غريندافيك Grindavík على شبه جزيرة ريكجاين  Reykjanes، جنوب غربي ايسلندا، وتبعد من ريكيافيك حوالى 50 دقيقة بالسيارة، ولكن تستحق السباحة فيها والمبيت في المنتجع الموجود على ضفافها... تخيلي أنك تسبحين في مياه حرارتها تصل إلى 37 درجة مئوية، فيما يزنرك البرد من كل الجهات نهارًا وليلاً، تتحدّينه بكل ثقة. تشتهر البحيرة بالمياه الدافئة الغنية بالمعادن مثل السيليكا والكبريت، وهي بحيرة علاجية للذين يعانون الأمراض الجلدية.
إذًا ستنعمين بالراحة والاسترخاء، والبرد والدفء في آن. في أيسلندا كل التناقضات الجميلة: شمس في عز الليل، وعتمة في عز النهار، وجبال بركانية تحت طبقة الجليد، ومتنزّهات طبيعية تحضن روائع النبات. وإذا كنت محظوظة فستخوضين مغامرة مشاهدة ظاهرة الأنوار الشمالية المعروفة أيضًا بالأورورا Aurora. 

نوي بلانش Nuit Blanche في باريس
معظم الناس يتوجهون إلى مدينة الأضواء في فصلي الربيع والصيف. ولكن لباريس ليلة بيضاء في الأول والثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، غالبًا ترتبط عبارة نوي بلانش بسنواتنا الدراسية، فكم مرة كنا نقول «بالأمس كان لدي «نوي بلانش» لإنجاز بحثي»! رغم أن العديد من المدن في مختلف أنحاء العالم مثل مدريد وروما ومونتريال وتورنتو وليما تحتفل بمهرجان «الليلة البيضاء» ولديها الإصدارات الخاصة بها من الليالي البيضاء، تعتبر باريس الوجهة الأولى، فهي مهد هذه التظاهرة الفنية التي ولدت من أحضانها عام 2002 لتنتشر في مدن وعواصم أخرى في المعمورة.
ومهرجان «نوي بلانش» الشهير الباريسي، هو تظاهرة ثقافية وفنية على ضوء القمر، وهذا العام لكل واحدة منا ركن خاص تكتشفه في باريس وتفاصيل أخرى تتعرفين إليها تحت ضوء القمر الفرنسي. سوف تلتقين الفنانين الذين أتوا من جميع أنحاء العالم لعرض أعمالهم وتجولين مجانًا بين المتاحف وصالات العرض المشرّعة أبوابها حتى ساعات الفجر، فيما المتنزهات والحدائق العامة تتحول إلى مسرح للأداء الموسيقي والمسرحي، فكل يغني على ليلاه الباريسي.
إنطلاقًا من ضفاف نهر السين، سوف تتم دعوة الزائرين في رحلة عبر الزمن من باريس الأمس إلى باريس الغد، وبينهما المجتمع الباريسي المعاصر. سوف يدخلون قلب العاصمة ويجولون حول نهر السين ويمرون تحت جسوره. سيكون مهرجان «نوي بلانش» فرصة لتتعرفي إلى باريس بشكل مختلف تحت ضوء القمر الذي يخترق نسائم الخريف، ما يجعلك في قلب باريس الرومانسية.

هنتشيغو  ، الصين وأسطورة مهرجان القمر
تستقبل الصين الخريف بمهرجان القمر الذي يعرف أيضًا بمهرجان منتصف الخريف، حيث يكرم الحصاد واجتماع العائلة والأصدقاء. ويقام في جميع أنحاء الصين. يعود هذا الاحتفال إلى آلاف السنين، وبحسب الأسطورة، فإن مصدره يعود إلى حكاية بطل خارق اسمه «هو يي» أسقط بسهامه تسع شموس في السماء بعدما تسببت بجفاف البحيرة وكاد الناس يموتون. أحبه الناس وصار معلّمهم ولديه تلامذة.
عرفت ملكة السماء ببطولته فأهدته إكسير الحياة الذي يجعله خالدًا إذا ما تجرّعه دفعة واحدة. أبى هذا البطل أن يشربه لأنه رغب في البقاء مع زوجته شانغ التي أحبها كثيرًا، فطلب منها الاحتفاظ به في منضدة الزينة، وفي أحد الأيام ذهب وتلامذته الى الصيد، إلا واحدًا منهم وكان اسمه بينغ مانغ وهو مخادع، استغل فرصة غياب معلمه واقتحم بيته ليسرق القارورة، فما كان من تشانغ إلا أن تناولتها فطارت إلى القمر وبقيت هناك. عندما عاد «هو يي» إلى منزل عرف بالحادثة فحزن كثيرًا، وراح يصرخ باسم زوجته فسطع نور القمر بشكل رائع راسمًا وجه زوجته من العلياء فطلب من خدمه وضع الفواكه والحلوى التي كانت تحبها تشانغ في الحديقة الخلفية للمنزل.
عندما علم سكان القرية بأن تشانغ أصبحت خالدة ومسكنها القمر، صاروا يحضرون الحلوى، ويضعونها في حدائقهم عندما يكون القمر بدرًا، اعتقادًا منهم بأنهم يكرمون تشانغ. ومنذ ذلك الوقت والصينيون يحتلفون باكتمال القمر في منتصف الخريف.
ومهما يكن من أساطير نُسجت حول «مهرجان القمر» أو منتصف الخريف، فإن أفضل مكان للانضمام الى الاحتفالات هو في مدينة هنتشيغو، الصين. فأين يمكنك المشاركة في هذا المهرجان الأسطورة؟ في البحيرة الغربية Santanyinyue وتعني «ثلاث برك  لانعكاس القمر»، وتقع على جزيرة تحتوي على أربع بحيرات.
عندما يحين موعد مهرجان منتصف الخريف، يشعل السكان المحليون الشموع في المعابد الصغيرة الموجودة على ضفاف البحيرات ويغطون الثقوب بالمناديل الورقية، فتبدو الفتحات المُضاءة في المعابد الصغيرة مثل انعكاسات اكتمال القمر في البحيرة.
فيمتزج انعكاس اكتمال القمر بنوره الساطع وأنوار الشموع على البحيرة لوحة رسمت في ديجور الليل، ما قد يجعلك تتمنين لو أن كل الفصول هي «مهرجان القمر».
وفي المقابل، تشتهر هنتشيغو ببحيرة بينغوكيويو Pinghuqiuyue وهي من أفضل الأماكن للاستمتاع باكتمال القمر. وتقع البحيرة على الضفة الجنوبية لنهر بايدي، وهي من المواقع السياحية العشرة الأكثر شهرة في هنتشيغو. 
فيما حركة المد والجزر التي تحصل على نهر كيانتانغ تجذب الآلاف ليعيشوا هذه اللحظات في فصل الخريف حيث يبلغ المد والجزر أعلى مستوياتهما. 

                               
نصيحة محرّرة
الإجازة الخريفية في مدن مثل ميونيخ وباريس وريكيافيك تحتاج منك أن تعدّي العدّة لمواجهة البرودة المفاجئة. لذا عليك أن تضعي في حقيبتك:

● كنزة من الصوف وشالاً وقبعة تدفّئ الأذنين

● جاكيت واقية خاصة التي تمنع اختراق البرد

● ملابس سباحة للسباحة في البحيرات الدافئة في ريكيافيك

● حذاءً رياضيًا بنعل يجنبك الانزلاق             

● لا تنسي واقي الشمس أو الكريم المرطب لحماية بشرتك من البرد

● شاحن «الباور بانك» لهاتفك الجوال، فأحيانًا تجعلنا المشاهد نصاب بشراهة التقاط الصور، مما يؤدي الى إفراغ بطارية الهاتف، لذا فالشاحن، يجب أن يرافقك أينما ذهبت.

 

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة