المراهِقة والقلق على مظهرها

المراهقات,المراهقة,الأجواء,المراهق,التغيرات الفيزيائية,النضج,العلاقة الانصهارية,البدانة,الإصغاء

02 أكتوبر 2016

تبدو رغبات المراهقات كثيرة، فهذه تريد أن تكون على الموضة في أزيائها، سواء كانت تليق بها أم لا، وتلك تمتنع عن تناول الطعام كي تصبح رشيقة مثل النجمة الهوليوودية، وعندما تجتمع شلّة مراهقات صديقات يتكلّمن بصوت عالٍ وتصدح ضحكاتهن في الأجواء وهن يلتقطن صور السيلفي...  
يرى اختصاصيو علم نفس المراهق أن هذه التصرّفات والرغبات من الأمور الطبيعية، فهي تعكس اهتمام الفتاة المراهقة بمظهرها، وتوقها إلى الإعلان «أنا هنا»، وهذا بسبب التغيرات الفيزيائية والنفسية التي تمر بها في هذه المرحلة.


ففي هذه المرحلة من الثورة الداخلية العميقة بسبب العبور نحو النضج، تشعر المراهقة بأنها تخسر نفسها، أي الطفلة التي كانت. فهي لم تعد تعترف بأنها الطفلة الصغيرة غير القادرة، ولكنها في الوقت نفسه لم تحدّد هوية جديدة لها تظهرها. فتكون محاولتها في تغيير مظهرها بشكل دائم استجابة لقلق الهوية الذي تشعر به في أعماقها.
فالمراهقة البنت، كما المراهق الذكر، تشعر بضرورة التحرّر من العلاقة الانصهارية بأهلها
، لا سيما الوالدة والتي لا تعود تشكل بالنسبة إليها المثل الأعلى، بحيث تتعلق على سبيل المثال، بإحدى معلماتها أو بأختها الكبرى.
وهذا الاتجاه الجديد في العلاقة يعتبر مهمًا لتحقيق النضج في شخصية المراهقة التي من المحتمل أيضًا أن تتماهى مع النجمات، أو شخصية مشهورة، ويصبح الاهتمام بالمظهر من الأمور التي تشغل بالها، فهي تريد أن تثير الإعجاب وأن يقال عنها إنها جميلة ومميزة، وأصبحت شابة.


فما هي أبرز مظاهر القلق؟

  • القلق من البدانة أو العكس
    يرى الاختصاصيون أن صورة الجسد المتحوّل تدخل في صميم صراعات المراهق بعامة. إذ تشعر المراهقة بوطأة هذه التحوّلات السريعة إلى درجة أن الجسد قد يصبح شيئًا غريبًا عنها، فهو يطرح نفسه أمامها، تتحداه، وتقاومه وأحيانًا تتجاهله، وهذا الأمر يدفعها إلى البحث عن حقيقة هذا التحوّل، فينصبّ قلقها على القامة والوزن والشكل العام.
    ويبدو القلق من البدانة من الأمور التي تشغل بال معظم المراهقات، فالجمال يعني بالنسبة إلى معظمهن نحول الجسد وبروز عظام الكتفين كعارضات الأزياء، وزيادة الوزن كيلوغرامًا واحدًا يعني كارثة.
    فلتجأ بعضهن إلى حمية عشوائية قد تؤثر سلبًا في صحتهن ونموهن الجسدي. ولتقليص القلق، ينصح اختصاصيو علم النفس الأم بالآتي:

                               

  • الإصغاء لما تقوله المراهقة
    تبدي بعض المراهقات استياءهن من زيادة وزنهن رغم أنهن نحيلات، وبحسب الاختصاصيين لا يجوز للأم الاستهزاء بهذا التذمر الذي يعكس شعور المراهقة بالانزعاج والتوتر. فالاستماع إلى ما تقوله في شكل جدي يعزز الثقة بين الأم والبنت، وبالتالي يصبح في مقدور الأم أن تجعل ابنتها تعيد النظر في مسألة الوزن الزائد.
    فإذا كانت الأم مثلاً قد عانت زيادة في الوزن خلال مرحلة المراهقة، يمكنها أن تعرض صورها لابنتها وتؤكد لها أن هذه مشكلة عابرة. كما يمكن الأم وابنتها تصفّح مجلات الموضة ومناقشة مظهر العارضات، وتذكّرها بأن مع «الفوتوشوب» كل شيء أصبح ممكنًا.
    كما على الأم أن تعيد النظر في تصرفها: هل هي ممن يتحدثن عن مشكلة الوزن الزائد في شكل متواصل؟ هل هي مهووسة باتباع حمية قاسية؟ فإذا كانت كذلك، ليس غريبًا أن تكون ابنتها ممن يقلقن من الوزن الزائد. ويحذر الاختصاصيون الأم من العبارات القاسية التي تطلقها عندما تجد ابنتها تتناول الطعام مثلاً: «إذا استمررت في التهام الشوكولا، سوف يزيد وزنك، أو هل تظنين أن هذا النوع من المايونيز سوف يجنّبك الوزن الزائد! فمثل هذه العبارات الساخرة تضعف ثقة البنت بنفسها.

 

  • المبالغة في لفت الانتباه إعلان عن وجودها
    من الملاحظ في سن المراهقة ميل بعض البنات إلى التحدث بصوت عالٍ أو الضحك في شكل هيستري مما يثير استياء الأهل. في حين يرى علماء النفس أن هذه الأمور طبيعية وتعكس الصراعات الداخلية التي تمر بها البنت في هذه المرحلة، ورغبتها في الإعلان عن وجودها ولفت الأنظار إليها.
    وأحيانًا تتصرف البنت على هذا النحو كي تخفي الخجل الذي تشعر به، وليس صحيحًا أنها تعكس شخصية قوية، بل شعورًا بعدم الأمان. كما تشير المبالغة في هذه التصرفات إلى معاناة داخلية، وأن البنت مهمَلة لا يكترث الأهل إلى وجودها، فبعض الأهل يرى أن من الأفضل أن تكون البنت مسؤولة عن نفسها، في حين أنها في هذه المرحلة تكون بأمسّ الحاجة إلى اهتمام أهلها وإرشاداتهم، وإن كانت تظهر عكس ذلك.
    ويطمئن الاختصاصيون الأهل بأن هذه التصرفات مرحلة عابرة طالما أنها ضمن الحدود المعقولة، ويجدر بهم أن يتعاملوا مع الأمر بحكمة وألا يوجّهوا النقد اللاذع إلى البنت.

 

  • مساعدتها على اتباع نظام غذائي صحي إذا كانت بدينة
    ليس من السهل في مرحلة المراهقة إلزام الفتاة باتباع نظام غذائي متوازن، خصوصًا إذا لم تكن تعاني مشكلة الوزن الزائد. غير أنه يمكن الأم أن توفر لابنتها وجبة صحية تعيد اليها التوازن الغذائي الذي تخسره بسبب تناول الوجبات السريعة.
    أما إذا كانت الفتاة تعاني وزنًا زائدًا فيمكن الأم مساعدتها من خلال تقليص أنواع الأطباق التي تضعها على الطاولة، وإذا كانت الفتاة لا تزال تشعر بالجوع فيمكنها أن تقترح عليها طبقًا من السلطة. ويحذّر الاختصاصيون من التحدث عن السمنة في شكل مستمر، وألاّ تتحول بدانتها إلى أساس حوار أفراد العائلة أثناء اجتماعهم على العشاء، أو تصبح الفتاة البدينة موضع مزاح الإخوة، كأن يقول لها شقيقها «كفّي عن الحمية... لن تنحفي أبدًا» أو يناديها بالبدينة، فهذا يؤثر سلبًا فيها ويدفعها إلى تناول الطعام بنهم كأنها تنتقم لكرامتها.
    وينبّه الاختصاصيون من ميل الأم إلى شراء الأغذية الخالية من الدسم، لأن هذا الأمر قد يدفع بالمراهقة إلى تناول ألواح الشوكولا والحلوى بكثرة. ويُنصح أن تشارك الفتاة أمها في تحضير الطعام، فهذه اللحظات تجعلها تغيّر نظرتها إليه. كما من الضروري أيضاً أن يؤكد لها الوالدان أنها جميلة، فرغم أنها لن تبدي أي اهتمام بالأمر ستشعر بالفخر في داخلها. 

 

  • طلبات لا نهاية لها
    تبدو طلبات المراهقة كثيرة. فهي تريد ارتداء آخر صيحات الموضة وحيازة أحدث هاتف خليوي... تريد الحصول على الكثير من الأمور دفعة واحدة وبسرعة كي تتباهى أمام صديقاتها وتبرهن لهن أنها ليست أقل منهن. وتعزز الإعلانات التسويقية شراهة الشراء، إذا صح التعبير، فالأسلوب المتبع في التسويق يدغدغ أحلام المراهقات ويحفزهن على طلب المزيد.
    ويرى الاختصاصيون أن هذه الظاهرة في سن المراهقة تعكس أمورًا أخرى إضافة إلى ما ورد سابقًا. منها أن تكون محاولة من الفتاة للتعويض عن نقص عاطفي، فمثلاً ربما تعيش المراهقة في محيط عائلي لا يهتم لوجودها، أو أن والديها لا يمنحانها الاهتمام أو العاطفة التي تحتاج اليها في هذه المرحلة، فيعمدان إلى تنفيذ طلباتها المبالغ فيها تجنبًا للصدام أو الشجار معها، أو لشعورهما بالذنب لعدم الاهتمام بها، وأحيانًا يتصرف الأهل على هذا النحو للتعويض عن نقص كانوا هم أنفسهم يشعرون به خلال مرحلة مراهقتهم، فيظنون أنهم إذا وفّروا لابنتهم كل الأمور التي كانوا يحلمون بها خلال مراهقتهم، فبذلك يحققون لها السعادة التي كانوا يحلمون بها.
     واللافت أنه كلما حقق الأهل رغبات ابنتهم زادت طلباتها. لذا يحذّر الاختصاصيون الأهل من النتائج المترتبة عن ذلك. لأن مفهوم العلاقة بين البنت وأهلها قد يتحول إلى علاقة مادية مشروطة، ويصبح الحب والاحترام المتبادل بينهم مساويًا للهدايا، أو قد تظن المراهقة أن من واجب أهلها تحقيق كل رغباتها.
    لذا من الضروري أن يتحاور الأهل والبنت حول هذه المواضيع، ويعرفوا ما تخفيه من مشاعر قلق وتوتر تنتابها في مرحلة المراهقة، ويؤكدوا لها أن حبهم لها غير مشروط، وأنهم إذا لم يحققوا لها كل ما تطلب، لا يعني أنهم لا يحبونها، بل ليس في مقدورهم تلبية طلباتها.

 

  • تغيير لون الشعر والوشم وأحيانًا تعدد ثقوب الأذن أو ثقب الأنف 
    يرى الاختصاصيون أن الوشم أو وضع حلقة في الأنف أو تلوين الشعر بألوان غريبة من مظاهر ثورة المراهقة على المجتمع، ومحاولة منها للخروج على تقاليد العائلة والإعلان عن استقلاليتها وأن كل ما يتعلّق بجسدها ملكها، لا يحق لأحد التحكم فيه. وغالبًا ما يعترض الأهل على هذه المظاهر، خصوصًا حين تقوم البنت بذلك.
    وفي المقابل، تلعب النجمات دورًا أساسيًا في هذه المسألة. فالمراهقة ترى على التلفزيون مغنية تضع وشمًا على كتفها، وأخرى تضع حلقة في أنفها ويبدو الأمر كأنه لوحة جمالية تحفّز الفتاة على التقليد. فمن المعروف أن التماهي بالنجمات من الأمور الشائعة في مرحلة المراهقة. لذا على الأم أن تعالج الأمر بحكمة ورويّة، خصوصًا إذا كانت رافضة لهذا النوع من المظاهر جملة وتفصيلاً.
    ولتتجنب الأم الشجار مع ابنتها، يمكنها أن تقترح عليها رسم وشم من الحنّاء، كأن تقول لها: «أعرف أنك تريدين تقليد هذه الفنانة، ولكن رسم الوشم بالآلة الكهربائية يسبب آلامًا حادة، إضافة إلى أنه سيبقى مدة طويلة جدًا وقد تندمين لاحقًا حين تصبحين في سن الرشد، لذا يمكنك رسم وشم بالحنّاء». فهي بذلك تضع حلاً يرضيهما، وتمنح ابنتها فرصة للتفكير في ما إذا كانت فعلاً تريد أن يكون لديها وشم مدى الحياة أم لا.
    أما في ما يتعلّق بالحلقة في الأنف فيمكن الأم أن تبيّن لها مساوئ الأمر. مثل إمكان تعرّض الفتاة إلى الالتهابات أو الإصابة بالميكروبات، وضرورة الالتزام بمعايير النظافة، إضافة إلى الآلام التي ستصيبها. فعندما تناقش الأم هذه الأمور مع ابنتها، تحفزها على التفكير بالخطوة التي تريد الإقدام عليها، وتشعرها بأنها سوف تكون المسؤولة عن النتائج المترتبة عنها. وبالحوار الهادئ قد تعزف الفتاة عن هذه الخطوة.

 

  • يشدد الاختصاصيون
    على ضرورة أن تكون الأم صديقة لابنتها، وتحاول أن تجد الفرص المناسبة لإجراء الحوار معها ومعرفة ما يخالجها من دون أن تبالغ في التدخل في شؤونها، بل تترك لها حرية اللجوء إليها، لأن من المؤكد أن المراهقة تشعر بالطمأنينة عندما تجد والدتها إلى جانبها دومًا، وإن كانت تظهر عكس ذلك.

 

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة