ميول زخرفية جديدة في «بيت الألعاب»: قواعد غامضة لرفاهية غريبة الأطوار

ميول زخرفية جديدة,بيت الألعاب,قواعد غامضة,الأكسسوارات,الديكور الزخرفي الجديد,الأقمشة,الديكور,مسحة غامضة سرية,العوارض الخشبية,الألعاب الاجتماعية,العناصر المتباينة متجاورة,اللون الأحمر,الكولاج,معرفة عميقة,الأوقات المخصصة للراحة,الميول,الحياة اليومية المعاصرة

نجاة شحادة (باريس) 16 أكتوبر 2016

لعل الاتجاهات والميول الزخرفية، من أكثر التعبيرات تجسيداً للجوهر الإنساني، والأكثر التصاقاً بالطبائع والسلوك البشري . ليس فقط لأنها تشكل خلفية المشهد لحركة الأفراد والجماعات، بل لأنها أيضاً تنتظم في قيمهم الجمالية والوظيفية وتواكب مسيرتهم وتلقي عليها ظلالاً ضرورية لتبديد النفور وخلق ألفة مع الأشياء .


ففي عالم يتجاوز فيه منسوب القلق والضغط والإرهاق كل حد، من أجل تأمين متطلبات الحياة اليومية المعاصرة، في مثل هذا العالم يصبح البحث عن ملاذ مسألة مهمة، ليس فقط من أجل تزجية الوقت القصير المتاح للراحة، ولكن أيضاً من أجل تجديد الحيوية عبر تغيير المشاهد المحيطة.
ومثل هذا الأمر يتطلب تكثيف الجهود المختصة من مهندسين ومصممين ومبتكرين، للإجابة عن الشروط الخاصة بهذا الرهان.

وانطلاقاً من هذا المنظور، يمكننا قراءة الميول والاقتراحات ذات الصلة، الخاصة لعام 2017، والتي يتوالى عرضها من خلال صالونات ومعارض الأثاث والديزاين الدولية في عواصم الغرب الكبرى.
ولعل أكثر ما يبرز بين هذه الميول، التوجه الى الأجواء اللعبية، التي ترمز الى اللهو والتسلية وأبعاد أخرى تطرحها الأفكار العديدة التي تميزت تجلياتها بكثير من الحنكة والدعابة، وبالتأكيد الحرفية المميزة.

وحين نقول الألعاب، فإننا نشير الى ذلك العالم الكبير والذي تلعب فيه الألوان دوراً رئيساً، ليس فقط من أجل إضفاء الاحتفالية على الأجواء، ولكن من أجل ما تكتنزه من رمزية وإشارات تنقلنا الى عوالم أخرى. بمعنى آخر، يمكن عالم الألعاب والتسالي أن يكون ملاذاً آمناً للجوء اليه في الأوقات المخصصة للراحة، فيجدد نشاطنا، ذهنياً وجسدياً، ويمنحنا قدرة على الانطلاق من جديد.

والعملية التي تبدو سهلة للوهلة الأولى، تتطلب في حقيقتها الكثير من الجهد والخبرة والمهارة... ولن ننسى الذكاء والحنكة.
فاستلهام أجواء «لعبية» لتنسيق الداخل، يستدعي بدءاً معرفة عميقة بطبيعة الألعاب ومساراتها وأدوارها وتراتبيتها، وذلك من أجل الخيارات المتعلقة بتفاصيل المشهد لكي يأتي مطابقاً للمشتهى.

يتمظهر الرهان هنا في عملية «مسرحة» الديكور، ومنحه الحد الأقصى من البهجة والأناقة، وذلك عبر اللعب بورقة جمال «الغرابة».
الفخامة في فن الديكور الجديد يمكن رؤيتها باللون الأحمر مقروناً بالمواد الحسية، ومشغولاً بمهارة حرفية متفوقة وثمينة، تحت مظلة من الرموز، العصور، الأساليب والأنواع. وكذلك «الكولاج» على طريقة «الدادائيين»، والجرأة في وضع العناصر المتباينة متجاورة، وأيضاً لعب بطاقة «اللامتوقع»... إنها العناصر الأساسية التي تضمن كسب الرهان.

على أن الفكرة الأساسية التي يدور حولها بيت الألعاب، أو لنقل «البيت اللعوب»، تتمحور حول العديد من الإشارات التي يطرحها عالم الموضة، الفن المعاصر، الفخامة، الديزاين نفسه، وصولاً الى فن الطهو.
إن بيت الألعاب هذا هو إرهاص واقعي من الدرجة الأولى لعودة الطراز الباروكي الجديد «نيو باروك»، وهو بالتأكيد جزء من الفنتازيا، وانعكاس مؤكد للتحول وسحره.

وبشكل عام، فإننا نشهد عودة ما يسمى بالألعاب الاجتماعية، وأيضاً الدوائر الخاصة... عودة من أجل تعويضنا عن الشعور بالوحدة أمام شاشاتنا. إنها في بعدها الوظيفي، تسمح لنا بإعادة هيكلة علاقاتنا الاجتماعية بقواعد من السهولة بمكان استنسابها وتبنيها.
إن أكثر ما يشد الى هذه الميول الجديدة – أو المقترحات – كونها تتلاءم مع كل الأذواق والرغبات والاحتياجات، فلكل واحد ألعابه التي يرغب... إنها مسألة اختيار. والأهم في النهاية هو القدرة على الإدهاش.
البعض يلعب عبر موتيفات «غرافيكية» أو بصرية، باستخدام العوارض الخشبية أو رقعة شطرنج. فنحن في النهاية نشهد بزوغ ديكور جديد غريب الأطوار.

بالنسبة الى الألوان، فإن الأحمر يتسيّد المشهد «اللعبي»، ولكن من جهة أخرى نرى حضوراً بارزاً للألوان التي تتمتع بخاصية الغموض، بمعنى تلك الألوان التي تضفي على الأجواء مسحة غامضة سرية، وفي بعض الأحيان ملتبسة، مثل البنفسجي والأزرق النيلي والأخضر الفاتح والأصفر المخضر، كما لا يغيب عن المشهد اللونان الأسود والأبيض، وفي بعض الأحيان يتدخل الذهبي أو الفضي من أجل التضخيم أو المبالغة التي يتطلبها المشهد.

المواد لا تقتصر على شيء محدد، بل هي خيارات يمليها التصور والتصميم، ولكنها في مجملها تقتصر على كل ما هو ثمين، مثل الأقمشة الحريرية والمخملية والأخشاب الثمينة او المطلية باللاك  والمزركشات وقطع الكريستال المصقول الذي يشع بلمعانه تحت الأضواء فيأسر الحواس.
كما لا يمكن إهمال الأكسسوارات التي تصاحب هذا الديكور الزخرفي الجديد، وكذلك الإضاءة المباشرة، وغير المباشرة التي تضفي على المشهد الكثير من السحر والغرابة، وأيضاً ورق الجدران المطبوع بأشكال عدة تعمّق الغموض.
والواقع أن ما يمكن ملاحظته هنا، أن الأكسسوارات تتداخل مع عناصر الديكور الأساسية لتلغي الحدود بينهما، فيصبح الديكور نفسه هو الأكسسوار. وبشكل عام، فإن هذا الديكور ورغم مظهره «اللعبي» يعتمد في خياراته على المواد النبيلة.