«كذب المنجمون ولو صدقوا» ماذا لو كان اهتمامنا بالابراج يتخطى إطار الحشرية؟

كذب المنجمون,ولو صدقوا,اهتمامنا,بالأبراج,يتخطى,إطار الحشرية,بداية العام الجديد,الحشرية,حالاتهم,النفسية,طرق مختلفة,الاختصاصية,شارلوت خليل,اتخاذ قرارات,توقعات,شريهان الليثي,التبصير,مهى زين,رولا,ديانا بو ضاهر,المستقبل,الأخبار السلبية,الإيجابية

كارين اليان ضاهر 21 يناير 2017

من منا لا ينتظر توقعات الابراج في بداية العام الجديد؟ توقعات تجذبنا من دون أن نعرف السبب. ومعظمنا يؤكد أن المسألة لا تتعدى «الحشرية» لمعرفة ما ينتظرنا في الايام المقبلة. إلا أن الامور تتخطى ذلك بالنسبة إلى كثيرين لتصل إلى حد الهاجس الذي يؤثر في حياتهم وفي تصرفاتهم وينعكس على حالاتهم النفسية بطرق مختلفة. تؤكد الاختصاصية في المعالجة النفسية شارلوت خليل أن الإنسان يميل إلى انتظار الابراج ليتحرر من الخوف من المجهول وليطمئن على مستقبله، إلا أن تأثير الابراج قد يتخذ منحى سلبياً لدى البعض عندما ينعكس على تصرفاتهم ويدفعهم إلى اتخاذ قرارات استناداً إلى ما يسمعونه من توقعات. تختلف شهادات الناس في شأن الاهتمام بالأبراج، فيما يبقى المبرر الاساسي هو «الحشرية»، فإلى اي مدى يعتبر هذا صحيحاً؟


شريهان الليثي: أصدّق لأنه علم
تميل شريهان إلى متابعة توقعات برجها «القوس» لاعتبارها تصدُق في كثير من الأحيان، بحسب قولها. وتضيف أنها لا تصدّق ما تقوله الابراج عشوائياً، لكن بشكل عام تؤمن بوجود حركة الكواكب وبأن لها تأثيرها على الأبراج التي تستند إلى علم قائم بذاته. وتقول شيريهان: «أتأثر بما أسمعه عن التوقعات لبرجي، خصوصاً إذا كان من أستمع إليه هو شخص ذو ثقة وخبرة بالنسبة إليّ... عندها أصدقه من دون أدنى شك. لا أربط كل تفاصيل حياتي بالابراج، لكن مما لا شك فيه أنني قد أميل، وإن بشكل لا إرادي، إلى التأثر بما اسمعه أو أقرأه في حياتي اليومية فأتصرف على هذا الاساس. قد تكون امور أساسية وربما أتخذ قرارات معينة استناداً إلى ما أسمعه. مع  الإشارة إلى أن الأخبار السيئة التي أسمعها تؤثر فيّ أكثر من تلك الجيدة والإيجابية».
في المقابل، تؤكد شيريهان أنها لم ولن تقصد مرةً أي منجّم بهدف التبصير أو سماع توقعات منه لأنها لا تؤمن بهذه الأمور، لكنها تكتفي بتوقعات الابراج من أشخاص معينين تثق فيهم. إلا أنها قد لا تستمع إلى توقعات برجها يومياً، لكن لو سنحت لها الفرصة فلن تتردد في ذلك لأنها تهتم بهذه الأمور. وتضيف: «صحيح أن التوقعات قد لا تصح لكل العامة، لكن يجب ألا ننسى أن في علم الابراج ثمة دورات عدة بحسب تاريخ ولادة الشخص والساعة. هي تستند إلى تفاصيل عديدة والتوقعات تحدد ذلك. ومما لا شك فيه أن الإنسان يحب الاستماع إلى ما يخبئه له المستقبل بأي طريقة فيعرف ما ينتظره، ويجد الابراج أمامه وسيلة فضلى».

مهى زين: كنت أنتظر الأبراج
أما اليوم فلا

لطالما كانت مهى زين، مولودة برج «الاسد» حريصة على انتظار الابراج وتوقعاتها بشكل منتظم، وإن لم تكن تتأثر بها مباشرة في حياتها اليومية. فبشكل لا إرادي كانت الأبراج تجذبها، ككثر، لتسمع ما قد يخبئه لها المستقبل من أخبار جيدة أو سيئة. وتعترف مهى بأنها قد تفرح عندما تتحقق بعض الأمور الجيدة التي تسمعها، فتربط بين ما سمعته وما حصل معها، لكن الاخبار السيئة لا تنعكس سلباً عليها وعلى نفسيتها لدى سماعها، ولا تسبب لها القلق، كما يحصل مع البعض، خصوصاً انها مقتنعة بأنها يجب ألا تتاثر بها. تقول مهى: «أنتظر التوقعات بشكل خاص في بداية العام، لأعرف ما يخبئه لي العام المقبل، وما إذا كانت تنتظرني أيام جميلة يتحقق فيها بعض أحلامي أو لا. وفي كل الحالات أجد نفسي متفائلة بما أسمع فأنتظر المستقبل بإيجابية أكبر بهذه الطريقة، سواء صدقت التوقعات أو لا. لكن مما لا شك فيه أنه بعد مرور أشهر عدة يخيب ظني إلى حد ما، إذا لم تصدق التوقعات».

رولا: كانت توقعات الابراج تجذبني ولكن...
اهتمام رولا بالأبراج كان كبيراً. فلم تكن تكتفي بمتابعة مصدر واحد، بل 3 مصادر تثق بها، تنتظرها يومياً لمعرفة كل جديد في برجها. وتعترف مولودة برج «الأسد» بأن هذه التوقعات التي كانت تنتظرها لم تكن تؤثر في حياتها باستثناء أنها تفرح بما هو إيجابي من توقعات فيما لا تصدق تلك السلبية. وتضيف رولا: «حصل معي مرة أن صدّقت فعلاً حيث أكدت التوقعات أن راتبي سيزيد وتحقق ذلك في اليوم نفسه فأسعدني كثيراً هذا الأمر. لكن منذ فترة لم أعد أهتم بسماع الابراج ومتابعتها لأسباب دينية ولم تعد تعني لي الكثير. واليوم أكتفي بسماع التوقعات في بداية العام على سبيل الحشرية لا أكثر».

ديانا بو ضاهر: أتابع الأبراج يومياً
اهتمام ديانا بالأبراج دفعها إلى الاشتراك في موقع أجنبي خاص بالابراج يرسل اليها يومياً التوقعات. إلا أنها لا تكتفي بذلك، بل تحرص أيضاً على المتابعة اليومية للأبراج من مصادر أخرى مختلفة، إضافة إلى تلك التي تُرسل إليها يومياً على البريد الالكتروني. لكن في الوقت نفسه تؤكد ديانا عدم التزامها بما يقال لها، إلا أنها تتابع الأبراج فقط على سبيل الحشرية. وفي الوقت نفسه تنتظر من خلال متابعتها سماع الأمور الإيجابية التي تفرحها فتتأثر بها فيما لا تعلّق أهمية على تلك السيئة المزعجة بل تتغاضى عنها بكل بساطة. وتضيف ديانا وهي مولودة برج «الجوزاء»: «على الرغم من متابعتي للأبراج، إلا أنني أصدّق فيها أكثر الناحية الشخصية، فأجدها تصدق فعلاً في هذا الجانب، حيث إنني عند التعرّف إلى شخص، أفكر بشخصيته بحسب برجه فأقول لنفسي إن كل أصحاب هذا البرج متشابهون في هذه الناحية. إضافة إلى ذلك، أنتظر مع بداية العام الجديد التوقعات لأعرف ما ينتظرني في هذا العام، خصوصاً على الصعيد العاطفي. لكن حتى اليوم لم يحصل معي ما سمح لي بالربط ما بين التوقعات التي سمعتها وما حدث في الواقع لأعتبرها تصدق فعلاً».
حتى أن ديانا تميل إلى قراءة أي كتاب أبراج يقع بين يديها، على سبيل الحشرية، كما تقول، لترى ما تخبّئ لها توقعات برجها، فتحفظ الأيام المذكورة في الكتاب لتتحقق مما إذا كانت ستصدق فعلاً.

رأي اختصاصي
الاختصاصية في المعالجة النفسية د. شارلوت خليل: ننتظر الابراج لنتحرر من الخوف من المجهول

- لماذا يميل الناس عامةً إلى تصديق توقعات المستقبل والأبراج؟
لا بد من التوضيح أولاً أن مسألة الابراج والتوقعات ليست جديدة بل لطالما كانت تهم الإنسان في مختلف العصور. حتى أنه لدى المصريين القدامى كانوا يعتبرونه علماً قائماً بذاته يؤمنون به ويعتمدون عليه بشكل واضح في حياتهم. كما ان المحاربين القدامى كانوا يقصدون المنجّمين بانتظار توقعاتهم قبل الذهاب إلى المعارك. كان علم التنجيم والابراج حكراً على الملوك في البداية حتى القرن التاسع عشر حيث أصبح اللجوء إليه ممكناً لعامة الناس فأشبع الـ Ego عندهم في ذلك الوقت وتحوّل إلى نوع من النرجسية لديهم وأعطاهم إحساساً بالكمال. كانوا يعتمدون عليه في مختلف العصور  وصولاً إلى أيامنا هذه حيث يؤثر ذلك في الإنسان أيضاً لما ينتابه من قلق من المجهول ومن خوف مما قد يخفيه المستقبل. ففي المطلق يميل الإنسان إلى تصديق توقعات المستقبل والابراج، لأنه يرغب دائماً في الاطمئنان على مستقبله، وفي معرفة ما تخبئه له الايام ليتحرر من الخوف والقلق الناتجين من كل ما هو مجهول بالنسبة اليه. لهذا السبب يبحث عما قد يؤمّن له الطمأنينة، وقد يجدها في التوقعات والابراج. نلاحظ ان كثراً يؤكدون أنهم لا يتابعون الأبراج إلا بهدف التسلية، لكن فعلياً ثمة هدف معين من ورائها وإن كان الإنسان لا يعترف بذلك أو لا يدركه حتى. مع الإشارة إلى أن متابعة الأبراج والتوقعات ليست إلا جزءاً من ميل الإنسان الى معرفة حظه. كما أن عالم التوقعات والأبراج يرجعنا إلى لحظات خاصة في الطفولة حيث كنا نستمتع بقراءة قصص الأمراء والأميرات.

- هل يبدو تأثير التوقعات هو نفسه في كل الاشخاص؟
مما لا شك فيه أن تأثير هذه التوقعات يختلف من شخص إلى آخر. فلا يتأثر الجميع بها بالطريقة نفسها ولا تكون لديهم ردود الفعل نفسها أمامها. البعض يصدقون هذه التوقعات إلى حد كبير ويعتمدون عليها في حياتهم اليومية وتشكل عنصراً مطمئناً بالنسبة اليهم، وهؤلاء هم الاشخاص الأكثر تأثراً. كما أن البعض يستمعون إليها بهدف التسلية فحسب، كما يقولون، ولا يتأثرون بها فعلياً ولا يعتمدون عليها. لكنها تؤثر فعلاً في الاشخاص الذين تتوقف حياتهم عليها حيث ينتظرونها بشكل يومي ولا يخرجون من منازلهم قبل سماع أبراجهم وينتظرون في نهاية العام التوقعات لمعرفة ما يخبئه لهم المستقبل في العام المقبل لاتخاذ قرارات مصيرية في حياتهم. هؤلاء هم الأشخاص الذين تؤثر التوقعات فعلاً في صحتهم النفسية بشكل مباشر لأنها تجعلهم يعتمدون عليها في أفعالهم، لأن حالات القلق أو الطمأنينة في حياتهم معتمدة في الأساس على ما يخبرهم به الأشخاص الذي «يتوقعون» للمستقبل فلا تكون حالتهم النفسية مبنية على أسس ثابتة. فأي كلام قد يصدر عن «المنجمين» قد يغيّر كل مشاريعهم للمستقبل مما يسبب لهم حالة من القلق الكبير الذي لا يهدأ إلا بوجود كلمات معينة ينتظرون سماعها. وفي كثير من الأحيان قد لا تكون هذه الكلمات موجودة، أو يمكن ألا تكون مطمئنة كما ينتظر الشخص أن يسمع فتغيّر أموراً مصيرية في حياته. عند قراءة الابراج، تمر بحالات من الامل حيناً ومن اليأس أحياناً. لكن تكمن المشكلة في أن الاشخاص الذين يصدقونها إلى حد كبير ويعتمدون عليها في حياتهم ويربطون بها نجاحاتهم وفشلهم. وفيما يعتقد البعض انهم موضوعيون في قراءة أبراجهم، لكنهم في الحقيقة يحللونها وفق أوضاعهم الخاصة والحالات التي يعيشونها وعلى أساس ما يطمحون إليه وما يخافونه.

- من هم الأشخاص الذين تؤثر فيهم الابراج والتوقعات أكثر من الآخرين؟
الأشخاص الذين يتأثرون أكثر هم الذين يمرون في حالات عاطفية أو نفسية معينة فيبحثون عما يطمئنهم حول ما إذا كانت هذه الحالات التي يمرون بها ستستمر أو لا، أو ما إذا كان ما ينتظرونه سيتحقق. فبشكل عام، يمكن أن يجد الجميع في الابراج ما قد يطمئنهم، لكن هؤلاء الاشخاص تحديداً هم بحاجة أكثر إلى الاطمئنان بشأن المستقبل لاعتبارهم أكثر حساسية وتأثراً.

- هل يميل الإنسان إلى التأثر أكثر بالأخبار السلبية أو بتلك الإيجابية؟
في المطلق تحمل الأبراج دائماً أخباراً جيدة وإيجابية. قد تقدم لنا عكس ما كنا نتمناه أو نتوقعه في مكان ما، لكن عند متابعة قراءتها أو سماعها نجدها تقدم دائماً انفراجات. عندما ننظر إلى الابراج نراها تحتوي على فترة صعبة، لكننا نجد دائماً أن المعلومات كلّها لا تكون سلبية. هي تقدم دائماً جانباً سلبياً وآخر إيجابياً. صحيح أن الإنسان يتأثر بالجانبين، لكن يختلف مدى التأثر بجانب أكثر من آخر بحسب شخصية الإنسان. ونادراً ما يجد الإنسان نفسه يتقبل هذه الأخبار بموضوعية. فهو يتلقاها بحسب الحالة النفسية التي يمر بها. وبقدر ما يكون وضعه دقيقاً يتأثر بها أكثر. طبعاً شخصية الإنسان لها تأثير وكذلك حالته النفسية وما إذا كان شخصاً يتمتع بالاستقلالية والثبات النفسي... كلها عوامل تلعب دوراً في تحديد معدل تأثره بالتوقعات والابراج. مع الإشارة إلى أن التوقعات تعطي القارئ أحياناً إحساساً بأنها كُتبت له وحده فينسى أن آلاف الأشخاص ولدوا في اليوم نفسه ويحملون البرج نفسه. 

- متى يمكن أن يتخذ تأثير الابراج منحى سلبياً؟
ثمة أشخاص يتأثرون بالأبراج في اللاوعي، وإن لم يعترفوا بذلك، ومنهم من ينتظرون التوقعات والابراج بشكل يومي، ولا شعورياً يتخذون قراراتهم على أساس هذه التوقعات التي يستمعون إليها. وهنا يتخذ التأثر بالابراج منحى سلبياً وخطيراً يدعو الى القلق بحيث ترتبط أمور أساسية في حياة الإنسان بالتوقعات. كأن يُذكر في توقعات الابراج أمر كالوضع الأمني السيئ مما يدفع الشخص إلى تأجيل سفره بسببها، أو أن يقال إن ثمة أزمة ستحصل في العقارات فيتجه البعض إلى الاستثمار تحسباً لها. عندما تتوقف حياتنا وقراراتنا على هذا النوع من الأخبار، فهذا يعني اننا نتأثر بها أكثر من اللازم وتكون قد خرجت من إطار التسلية الذي يتحدث عنه كثر في تبرير هذا الميل إلى سماع الأبراج. يعطي الإطمئنان إلى مستقبل الإنسان بشكل عام نوعاً من القوة ويشعر بالتالي بأنه قادر على تحقيق النجاح ومعرفة ما سيقوم به مستقبلاً. ولا بد من الإشارة هنا إلى الأشخاص الذي يقصدون المنجّمين لقراءة المستقبل، حيث تظهر الخطورة الحقيقية والخوف من الاستغلال المادي لهؤلاء الذين يصرفون اموالاً طائلة لمعرفة المستقبل وما يخبئه لهم. تتحوّل المسألة هنا إلى حالة مرضية تصل بالبعض إلى بيع ممتلكاتهم لمعرفة المستقبل أو ما سيحل بهم فقط أو لاتخاذ قرارات مصيرية.  هنا تتخذ الأمور منحى خطيراً مع هاجس مرضي بحيث يجد هؤلاء الاشخاص صعوبة في السيطرة على أنفسهم ويصبح تعلّقهم بها مرضياً وقد يحتاجون إلى معالجة طويلة الأمد وحتى إلى تناول الأدوية للحد من هذا الهاجس والتعلّق بالأبراج وبتوقعات المستقبل. 

- هل يتأثر الإنسان بالأبراج أكثر أم بالتوقعات للمستقبل؟
الأبراج مسألة مهمة وينتظرها كثر يومياً ويعتمدون عليها في حياتهم اليومية. أما بالنسبة إلى التوقعات فهي ليست كذلك. لا تتكرر دائماً بل من فترة إلى أخرى، وهي لا تكون شخصية بل عامة تعني الناس جميعاً.-