شجرة التين

شجرة التين أيضاً
بلبل ونحلة ونملة
يتناوبون على حماية الأكواز الناضجة
كلّما تحرك الفتى بين غصون الشجرة
أو كلّما مدّ يده ونظره
تنقلب تغريدة البلبل نعيقاً
تشهر النحلة سيفها
تدب النملة جام غضبها
لا قدرة للفتى على مواصلة القطاف
ولا على تذوق العسل
جيش الكائنات الصغيرة بالمرصاد
للسانه وفمه ونظراته.

صباح آخر مع التينة
الفتى تحت ظلال العسل
الكائنات الصغيرة على يقظتها
في هذا الصباح بالذات
الحراسة مشددة
لا قدرة لأحد للصعود إلى التينة
بلبل يتجول بين الغصون
بلابل أخرى تحوم فوق الشجرة
سرب النمل، قفير النحل، الشمس الحادّة
هواء يهزّ عظامك، إذا ما دنوت من نقطة عسل أفلتت من كوز ناضج
وصوت يضج يملأ أرجاء الشجرة:
لا أحد يقترب،
لا أحد يأكل
وليمتي لمن اعتنت وحمت وربّت، بيديها وأهدابها
براعمي الأولى

في الصباح الأخير، قبيل اسيقاظ الفتى
غادرت شجرة التين
رحلت.
نهض الفتى باكراً، كعادته
وإلى التينة، فلم يجدها
لم يعثر على أثر لها
كأنها حبة ملح وذابت
منذ تلك الغيبة المفاجئة
والفتى على نواحه
يتوزّع في كلّ الاتجاهات
ولا أثر يدله على الشجرة
لا أثر للعسل
لا ظلال لأكواز حلوة
صلدة - طرية
مثل خد الغياب.

شعر: إسماعيل فقيه