أنسي الحاج… وكأنه الربيع

فاديا فهد,أقلام لها,الربيع,أنسي الحاج

فاديا فهد 15 فبراير 2017

كلّ شباط، يُزهر أنسي الحاج. تخضوضر أشعاره، وتكسو البراعم أغصان كلماته الممتدّة فينا. كلّ شباط، تتفجّر ينابيعه، كأن الغياب يزيده غزارةً وعطاءً. كأنه الربيع، يغيب، ويطلّ كلّ عام في موعده الدافئ. يعصفُ الشتاء ويزمهر، فتزداد إطلالته توهّجاً. كأنّ غيابه ليس إلا امتداداً لقصيدة نظمَها، وفلسفة بشّر بها. «لن أكون بينكم لأنّ ريشة من عصفور، في اللطيف الربيع، ستكّلل رأسي، وشجر البرد سيحويني، وامرأة باقية بعيداً ستبكيني، وبكاؤها كحياتي جميل».
أنسي، المعلّم الثائر والمجدّد شعراً وفلسفةً وصحافةً، صاحب ديوان «الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع»، تفوّق على جبران خليل جبران، ملهِمِه، في إنصافه المرأة ودورها في المجتمع والعائلة، وتأثيرها في حياة الرجل. فدافع عن المرأة بكلّ جوارحه الشعرية والكتابية. وترك بصمته التحرّرية النسوية الخاصّة في الأدب، كما في الصحافة، من خلال إبراز جوهر المرأة الجميل والمشعّ والذي ظلمه المجتمع الذكوري بالتنكّر له. «في المرأةِ مساحةٌ رحبة طريّة، مساحة داخليّة متمادية، حافلة بالمفاجآت، مساحة لا وجود لمثلها لدى الرجل». المرأة له «أرضُ الكلمات، وفضاؤها»، اليوم كما في الأمس. «لم يدفئني نور العالم، بل قول أحدهم لي إني، ذات يوم، أضأتُ نوراً في قلبه»… وكم من الأنوار أضاءتها كلماته في حياة النساء العربيات الجالسات في الفيء والظلمة!


نسائم

تسكن في أرض الغياب
في أعلى قبّة
حيث للوقت قضبان من ريح
ولحن شجيّ يعزفه قلبك.
قنديلك ريف المساء
وبيتك منازل كثيرة
شاسعة
اترك لي باباً
يوم يقذفني الموج
يا حبيبي.