الفنانة مرح جبر: عثمان جحا أحبّني في الأربعين وأنقذني من الضياع

مرح جبر,الفنانة,عائلة,الفن السوري,الوسط الفني,الفنانين,مسلسلات,دور المرأة,الدراما السورية,الفنانات السوريات,شخصيات كوميدية,مسلسل,مواقع التواصل الاجتماعي

لها (دمشق) 19 فبراير 2017

«جواهر» هو العمل الذي عُرفت من خلاله عربياً وبقي محفوراً في ذاكرة محبيها لسنوات طويلة... ظهرت في فترة ازدهار الدراما السورية، في واحدة من أهم العائلات الفنية في سوريا، هي ابنة الراحل محمود جبر، وخالتها الفنانة القديرة منى واصف، وأختها الفنانة المتألقة ليلى جبر، إضافة إلى والدتها وأعمامها... غابت لفترة عن الدراما السورية لتعود بشكل جديد ولتخرج من عباءة «جواهر»، فجسدت أخيراً الكثير من الأدوار المميزة، وأهمها دورها في «الطواريد».
عن أدوارها الأخيرة، وعن زواجها من الكاتب عثمان جحا، والتحديات التي واجهت علاقتهما، وعن متطلبات عمرها الجديد فنياً، وعائلتها وتمنياتها، كان لقاؤنا مع الفنانة مرح جبر.


- اختلفت أدوارك في السنوات الأخيرة، هل هي طبيعة المرحلة أم ماذا؟
في يومنا هذا، لم يعد هناك بطل وبطلة كما في الأعمال الكلاسيكية، فما نعيشه من أحداث دراماتيكية، جعلنا نكبر قبل الأوان، وأًصبح هناك وعي زائد، حتى الشبان والفتيات أصبح لهم مفهوم خاص عن الحب والحياة، لا يشبه مفاهيمنا السابقة.
ومن هنا كان أمامي خياران، فإما أن أبتعد عن الجو الفني كما فعل البعض من أبناء جيلي، أو أن أستمر وأواكب العصر، خصوصاً أنني لم أعد تلك الفتاة الصغيرة المحبوبة، وإنما أصبحت في عمر يحتّم عليّ تعزيز مكانتي في المجتمع.
بقيت على هذه الحال خمس سنوات، وقسم من الذين كانوا معي ابتعدوا ولم يستطيعوا تأدية دور ثانٍ في أي عمل، لكنني اكتشفت في ما بعد أن الدور الثاني مهم للغاية، بحيث يحتاج الى الخبرة وبذل المزيد من الجهود وغالباً ما يكتنفه الغموض، على عكس الدور الأول الذي يكون في العادة دور حبيب أو محبوبة، لذا أحببت الفكرة وقررت الاستمرار في العمل.
وتطلبت عودتي تغييراً شاملاً في شكلي، لأظهر بأسلوب فني جديد، وقد خضت الكثير من التجارب حتى تمكنت من تحقيق بعض النجاح.

- لا تزال «جواهر» في نظر الكثيرين، الشخصية التي كانت سبب شهرتك عربياً، لماذا نجحت في الشخصية البدوية، وهل لشكلك علاقة بذلك؟
على العكس يقولون إن شكلي يختلف عن البدو، لكن ما ساهم في نجاح الدور أن القصة كانت تشبه قصة «قيس وليلى»، والناس يحبون هذا النوع من الأعمال، والتي يمكن أن تُنفّذ ضمن بيئة معاصرة أو بدوية أو قروية.

- من «جواهر» مع نجدت أنزور، إلى «أبو كامل» مع علاء الدين كوكش، أي منهما ساهم في انتشارك أكثر؟
نجدت أنزور مخرج مسلسل «جواهر» هو قيمة فنية كبيرة، وعلاء الدين كوكش مخرج مسلسل «أبو كامل»، كانت المرة الأولى التي أتعامل معه فيها، وكنت لا أزال حينها وجهاً جديداً، ولم أشارك بعدها في أعمال البيئة الشامية إلا في «باب الحارة»، ومن ثم في «زمن البرغوث». بصراحة، «جواهر» قدمني لكل الوطن العربي، فقد كان يُعرض كل عام في محطة عربية، وكان النجاح يتجدد باستمرار.

- شغلتِ مواقع التواصل الاجتماعي بتخليك عن تصوير دورك في «باب الحارة» لتسافري وتصوّري مشاهدك في مسلسل «الإخوة»؟
كل ما حصل أنني فوجئت بتضارب مواعيد التصوير بين العملين، وحينها شغلتُ مواقع التواصل الاجتماعي بين مُدافع ومنتقد، وقد أثار الموضوع جدلاً لا ضرورة له. فكثيراً ما تتضارب مواعيد التصوير في وسطنا الفني، بحيث أصبحت الأعمال ضخمة، وتحتاج أحياناً الى السفر من بلد الى آخر، وإن لم يكن هناك تعاون أو تنسيق بين القائمين على الأعمال تحدث مشكلة، وكل ما طلبته هو التعاون الشفوي من القائمين على مسلسل «باب الحارة»، بأن يسمحوا لي بتصوير مشاهدي في مسلسل «الإخوة»، بعدما أنتهي من تصوير 80 في المئة من مشاهدي في «باب الحارة»، لكن الغيرة وصلت على ما يبدو إلى شركات الإنتاج أيضاً، فلم يتقبّلوا عملي في مسلسل آخر ضخم، وبالنسبة إليّ لم أستطع التفريط بالعمل، خصوصاً أن مسلسل «الإخوة» أغنى تجربتي، لكونه عملاً مرغوباً عربياً، ومن أجله غيّرت في شكلي لأخرج من قالب «جواهر»، وحتى لا يملّ المشاهد من شكلي وأسلوبي وطريقتي.
كما أنني لم أختلف مع بسام الملا، فقد اتصلت به شخصياً وتفهّم ظروفي، حتى أنه تابع كل التفاصيل، وتأكد من أنني أنهيت معظم مشاهدي في «باب الحارة» في جزءيه، فقد أمضيت 25 عاماً في الوسط الفني، وأعرف جيداً معنى الالتزام بالعمل.

- هل لهذه المشكلات سبب في «موت» شخصيتك في «باب الحارة»؟
في «باب الحارة» تحديداً، لا يمكن أن نسأل عن الأسباب أو الأشياء التي تتغير، فعلينا أن نقبل الشخصيات كما هي، سواء ماتت أو عاشت من جديد أو سافرت أو عادت... لأن العمل الشعبي يقوم في الأساس على الاسطورة.
ورغم أنني شاركت في جزء أو جزءين من «باب الحارة»، فقد تشرفت بالعمل معهم، حتى عندما كنت أصوّر في مصر، سألتني الفنانة رجاء الجداوي: أأنتِ التي على خلاف مع «باب الحارة»؟ مما يدل على أن العمل مُشاهد على نطاق واسع عربياً، ويمكن أن يكون من أكثر الأعمال السورية التي تابعها العرب بعد مسلسل «غوار».

 كنت جريئة في مسلسل «الطواريد»... عجوز مصابة بألزهايمر، ماذا عن تلك الشخصية؟
أنا أحب الأدوار التي تُظهرني كبيرة في السن، وقد استمتعت حقاً بتلك الشخصية في «الطواريد»، فهي تشبه الشخصيات التي كان يجسدها والدي الفنان محمود جبر رحمه الله، وقد تأثرت به وبتلك الشخصيات، وكان يقنعني بأدائها.

- سبق وقدمت شخصيات كوميدية عدة، لكن ما أحب تلك الشخصيات إلى مرح جبر؟
سبق لي أن قدمت عدداً من الأدوار الكوميدية، بحيث لعبت دور الموظفة في مسلسل «يوميات مدير عام»، وقدمت شخصية تشبه شخصية أبي في مسلسل «رومانتيكا»، حيث ارتديت لباساً رجالياً ووضعت شعراً مستعاراً، كما أضفيت شيئاً من روح والدي على تلك الشخصية، حتى أنهم كانوا ينادونني أثناء التصوير بـ«أستاذ محمود»، كذلك شاركت في مسلسل «وعدتني يا رفيقي» بدور الأم التي تحب مهنة «كش الحمام»، كانت شخصية فانتازية لكنها جميلة.

- كنتِ وأختك ليلى جبر من أجمل الفنانات السوريات، وفجأة اختفيتما...
كنت أعتقد أن ليلى ستستمر في الوسط الفني أكثر مني، فهي ممثلة جيدة، وأنا كنت من معجبيها، والتنافس في ما بيننا كان جميلاً، وعندما ابتعدت أختي عن الفن شعرت بالوحدة، ولطالما شجعتها على العودة، ثم اجتمعنا في فيلم «دمشق مع حبي»، وسر علاقتي بليلى أننا شقيقتان وزميلتان، فتختلط عندنا مشاعر الأخوّة مع الزمالة والمنافسة.
في عام 2002، قدمت آخر أعمالي، وهو مسلسل «تمر حنّة»، وحينها توقفت البطولات الفردية، ولم أستوعب كثيراً ما حدث في تلك المرحلة. وفي عام 2007، بدأت مرحلة جديدة وبأسلوب أكثر جرأة، ثم اندلعت الأزمة الحالية وحاولت خلالها تلمس طريقي.
وفي تلك السنوات، كنت أعمل في الدراما الأردنية وأشارك في مسلسلات بدوية، وعندما عدت الى الوسط الفني السوري، وجدت الأجهزة والتقنيات مختلفة، فأصبح العمل في كاميرا الدراما شبيهاً بالسينما، ثم انتقلت الى مرحلة العمل الكوميدي، وكان باباً أسهل للدخول من جديد، ثم عملت في مسلسل «الخبز الحرام»، وهنا كان الرهان بالنسبة إليّ، هل سيتقبّلني المخرجون في الدور الثاني؟ فأنا لم أعد «جواهر» ولا «تمر حنّة»، لذا كان لا بد لي من البحث عن ملامح جديدة للشخصيات، وهذا ما فعلته بالضبط.

هل دور المرأة في الثلاثينات والأربعينيات مظلوم في الدراما السورية؟
ليس العمر ما هو مظلوم، بل الأدوار هي المظلومة، فمثلاً لا يُحكي كثيراً في الدراما عن المرأة المطلّقة، وكذلك الحال بالنسبة الى العمّات والخالات، أين هي تلك الشخصيات في أعمالنا اليوم؟ لماذا لا نبتعد عن تلك الشخصيات الحقيقية والموجودة بكثرة في مجتمعنا؟ فحاتم علي هو أول من أدخل هذه الشخصيات الى الدراما، وأبرزها كان من خلال مسلسل «الفصول الأربعة».

- سبق لك أن صرحت: «إن أتى الحب فليأتِ وإن لم يأت فعلى راحته»، ما الذي شجعك على الارتباط بالكاتب عثمان جحا؟
لأنه في الحقيقة هو من أتى بالحب، أتاني في عمر الأربعين، وهذا العمر غريب بالنسبة إليّ، فلم أكن أعرف ما هو الأربعين، وماذا سأفعل في هذه السن؟ وعندها قال لي بيتاً من الشعر: «ماذا تفعلين في الأربعين؟»... فأدركت أنه يعرف ما يشغل بالي ويجول في خاطري، وهذا ما لم أجده في غيره من الرجال، فجلسنا وتحدثنا ووجدته أقرب الى شخصية والدي، بهدوئه وتفهمه.
ورغم أنه يصغرني بعامين، فهو يحتويني كثيراً، وقد أنقدني من الضياع في تلك المرحلة من عمري، وأشعرني بأنني أصغر من عمري، وأنني ما زلت المدللة والكل يدلّعني.

- كيف تعرفتما الى بعضكما البعض، وهل رشحك لأدوار في مسلسلاته؟
التقينا في عمل خليجي ضمن سباعية بعنوان «أغراب»، وحصلت تلك السباعية على نسبة متابعة عالية، حين عُرضت منذ سبعة أعوام. نعم، من الممكن أن يرشحني عثمان لأدوار في أعمال درامية، فقد رشحني لعمل خليجي، ورشحني من ثم للمشاركة في «باب الحارة»، وعموماً هو يشجعني على تقديم أدوار مختلفة ومميزة، وعلاقتنا جميلة جداً، فأحياناً يكون معجباً وفخوراً بي، وأحياناً أخرى ينتقدني ويقول لي إنني خيّبت أمله في مكان ما، وهذا هو سر نجاح علاقتنا.

- صرّح الكاتب عثمان جحا سابقاً: «رغم التحديات تزوجنا»... ماذا يقصد بالتحديات؟
لا أعرف إن كان يقصد أنه زواج ثانٍ، لكنه زواج شرعي ولا أعرف لماذا لا يتقبله المجتمع! في الفن الأمر مختلف، فكلانا من وسط متطور بتفكيره وأسلوبه، لذلك نستوعب الأمور ببساطة. تزوجنا منذ سبع سنوات وما زل حبنا يتجدد باستمرار.

- ما رأيك في الفنانين الذين يتزوجون ثانيةً؟
منذ صغري وأنا أعرف أنني سأتزوج في سن متقدمة، فمن خلال ما كنت أشاهده، لم أرغب في الزواج المبكر لما يسببه للمرأة من معاناة، خاصة في ظل تجربة أمي وأبي في الزواج الناجح، والذي استمر رغم أنهما من الوسط الفني، بخلاف الكثير من الفنانين الكبار الذين وصلوا الى الطلاق وهذا يحزنني كثيراً، فرغم الأوضاع الاجتماعية والنفسية والاقتصادية الصعبة التي نمر بها كعائلة، بقي الحب بيننا كبيراً، وأنا أتمسك بزوجي عثمان، لأن علاقتي به جيدة ولا شيء يؤثر فينا، فأنا مرتاحة بعلاقتي معه ولن أتخلى عنه أبداً.

- هل كنت سبباً في دخول الفنانة دانا جبر ابنة اختك الوسط الفني، وهل تعتبرينها شبيهتك؟
كانت دانا في طفولتها تحفظ أدواري، وقلبي يتلهف لها، وكنت أعلم أنها ستدخل وسطاً فنياً أكثر صعوبة من وسطنا الحالي، فعندما كنت في عمرها كنت أصادف أخطاء كثيرة، وكان هناك من يرشدني، أما الآن فلا أحد يتبنى الفنان.
ودانا تشبهني شكلاً وفناً، وتمنيت أن تكون من الجيل الثالث في عائلة جبر، ورغم أنها أصبحت نجمة شابة، أشعر بأنها لا تزال تلك الطفلة التي عليّ أن أعتني بها دوماً، وهي تسمع النصيحة وتتقبّلها.

- تتحدّرين من عائلة تضم عمالقة الفن السوري... فالفنانة منى واصف خالتك، والفنانة هيفاء واصف والدتك، ووالدك الراحل محمود جبر، لكن من كان له التأثير الأكبر في مرح؟
كان لكل فرد في عائلتي تأثير معين في حياتي، والعائلة كبيرة، فهي تضم أيضاً أعمامي وعمّاتي وأخوالي، فأبي مثلاً أثر فيّ كثيراً من خلال عمله في المسرح، فقد كان محبوباً والجمهور يصفق له بحماسة في نهاية كل مسرحية.
ورغم الشهرة الفنية التي حققتها عائلتي، لكنني أعيش حياة طبيعية، ولم تأخذني الشهرة يوماً، حتى خالتي منى واصف، رغم كل قوتها وقدرتها على العمل لساعات طويلة، في المسلسل التاريخي «قريش»، فقد تشاركت معها وكان عمري حينها 26 عاماً، وكان الحوار تاريخياً ومكتوباً بأسلوب شعري، فقلت لها: كيف سأحفظ دوري؟ فأجابتني: رغم خبرتي الطويلة، أحتاج الى سبع ساعات كي أحفظ دوري في عمل تاريخي. فقلت في نفسي، إذا احتاجت منى واصف لسبع ساعات، فكم سأحتاج أنا؟ وهذا ما شجعني على المشاركة في العمل...