باربيزون قرية الرسامين الفرنسية

باربيزون,قرية الرسامين,الفرنسية,الفنادق,بيوت الضيافة,أطباق,المأكولات المحلية,دراجة هوائية,الخيل,غابة فونتينبلو,الفن التشكيلي,شوارع القرية,فرانسوا مييه,متحف ميلون,متاحف باربيزون,مدرسة باربيزون,الطبيعة,السيّاح,المدرسة الانطباعية

25 فبراير 2017

أنت في باريس، وترغبين في اكتشاف المدن القريبة منها؟ لديك الوقت، إذًا عليك بزيارة باربيزون هذه القرية التي يقصدها الباريسيون كما السياح الأجانب، فيها الكثير من سحر الريف الفرنسي الذي جعلها الملاذ الأسطوري للرسامين ما قبل المدرسة الانطباعية من كل أنحاء العالم منذ القرن التاسع عشر، يتركون باريس بمجرد أن يصلوا إليها متوجهين نحو باربيزون التي تبعد مسافة 49,36 كيلومترًا عن العاصمة الفرنسية، وتقع بالقرب من غابة فونتينبلو، يبحثون عن طبيعة خلابة، خلال الربيع، يسقطون جمالها وألوانها على أقمشة لوحاتهم، لتتحوّل إلى قرية الرسامين.
بدأ كل شيء عام 1830 عند وصول جان فرانسوا مييه وتيودور روسو، وتبعهما جان بابتيست كورو، فسار على خطاهم الكثيرون من بعدهم، إلى درجة أن تحوّلت باربيزون بعد 20 عامًا، إلى محطة فنية ملزمة لجميع رسامي مناظر الطبيعية، أيًا كانت جنسيتهم.
وأصبحت هذه القرية قلب الحركة التصويرية التي تحمل اسم «مدرسة باربيزون»، والتي ولدت من انشغال بعض الفنانين الذين أرادوا التمثّل بالطبيعة البكر.
وهكذا تحوّلت قرية الريفيين والحطابين ملاذ السيّاح المزدحم بالثقافة الفنية، التي تجذب هواة الرسم من جميع أنحاء العالم، تستقبلهم القرية في سحر التاريخ لتجعلهم يعيشون خارج فضاء الزمن الحالي، يجولون في أروقة تنتشر فيها بيوت من حجر معتمرةً القرميد بكل أشكاله وألوانه المتماهية مع الطبيعة التي رُميت وسطها.


متاحف باربيزون
متحف مدرسة باربيزون أُنشئ عام 1981، وهو يشمل نزل غان Ganne في شارع غراندي الرقم 92، حيث عاش الرسامون وتقاسموا الغرفة نفسها لدفع إيجارها، فقد كانوا مفلسين، ولكن جمال الطبيعة ربما كان يغنيهم عن النقود، فكانوا يرسمون بروفات لوحاتهم على جدران الغرفة التي ينزلون فيها، قبل أن يسقطوها على قماش لوحاتهم، ليتأكدوا أنها تضاهي الطبيعة الواقعية جمالاً.
يمكن الزوار الغوص مرة أخرى في تلك الحقبة التي ولدت فيها فكرة الرسام الرومانسي الباحث عن طبيعة نقية وجميلة.
تعيدك الغرف في الطبقة الأرضية من المتحف إلى الأجواء التي عاشها الرسامون الأوائل من خلال الأثاث والديكورات والألوان. أما الطبقة العلوية فتحتوي على ثلاث غرف نوم جدرانها مغطاة بالخطوط والرسوم.
يشتمل المتحف على مئات من أعمال تيودور روسو، جان فرانسوا مييه، نارسيس دياز دي لا بينا وروزا بنور، وغيرهم من الرسامين الذين حطّوا الرحال وأبدعوا بريشهم في تحدّيهم جمال الريف الفرنسي، في القرن التاسع عشر.
يمكنك أيضًا زيارة محترف فرانسوا مييه ومنزله، حيث تخوضين في الحياة الشخصية للرسام وفي عالمه الخاص وتجولين في منزله ومحترفه، وتتعرفين إلى أدواته التي لا تزال على سيرتها الأولى. ثم تخيلي الرسام جالسًا أمام قماشة ويحاول الوصول إلى ذروة الإبداع في رسمه متحدياً الجمال المحيط به.
إضافة إلى متحف مدرسة باربيزون ومحترف مييه، عليك عدم تفويت زيارة متحف ميلون Melun القريب، الذي سوف يعطيك فكرة أوسع عن أعمال الرسامين الانطباعيين من القرن التاسع عشر، حيث تُعرض مجموعات من اللوحات لفنانين إيطاليين وفلمنكيين، إضافة إلى الأثاث والمصابيح العتيقة، والأطباق، والمجموعات الأثرية الغالو-رومانية.

تتبعي خطى الفن التشكيلي في شوارع القرية
باربيزون هي المكان المثالي لهاويات التاريخ والرسم، فبين البيوت الحجرية الساحرة والفنادق الصغيرة، وبين محترفات الفنون العتيقة والطرق الصغيرة المرصوفة بالحجارة، والمزنّرة بالجدران الحجرية التي تنبثق منها الأزهار والدوالي، وتفوح منها رائحة زيت التربنتين الذي يستعمله الرسامون، تتبعي خطوات الرسامين المعاصرين.

في حين يمكنك القفز والانضمام إلى التاريخ الساحر من دون أن ينسيك الحاضر، الساكن وسط الطريق، حيث يعاد إنتاج لوحات عباقرة الفن التشكيلي، في واحد من العديد من المعارض الفنية التي تنتشر في الشارع الرئيس، من الكلاسيكية إلى أكثرها معاصرة، وما عليك سوى الاختيار.

غابة فونتينبلو
لا يمكن التكلم على باربيزون من دون التحدّث عن الطبيعة الخلابة التي ترتمي في أحضانها! إذ لا يمكن زيارة هذه القرية الفرنسية من دون التجوال في الغابة التي تحيط بها وهي فونتينبلو، والتي هي المصدر الأساس الذي جذب الرسامين الانطباعيين في القرن التاسع عشر، والتي لا تزال تجتذب الكثير من السيّاح من جميع أنحاء العالم إلى هذه المنطقة. تقع غابة فونتينبلو في آخر قرية باربيزون.
ما عليك القيام به هو الحصول على خريطة، قنينة ماء وحذاء رياضي، ثم اسمحي لنفسك بتجربة المشي في واحد من المسارات الطبيعية الخلابة.
فهذه الغابة الرائعة الممتدة على 28000 هكتار تستحوذ أكثر من 1600 كيلومتر من أروقة الغابات... تدخلك في عوالم الطبيعة التي ألهمت الانطباعيين، تخرجين إليها وتجولين في طرقات عدة، أحدها يوصلك إلى المكان الذي حُفرت فيه على صخرة صورتا الرسامين مييه وروسو.
أما إذا كنت من هواة الخيل فيمكنك التجوال على صهوة حصان، تستأجرينه من الاسطبلات الموجودة في باربيزون، وتعيشين مغامرة فارسة فرنسية.
كما يمكنك استئجار دراجة هوائية ومسابقة رياح الغابة الخجولة، والتمتع بعبق التاريخ المتحد مع جمال الطبيعة، وإذا كنت محظوظة، فسوف تصادفين الغزلان التي ربما ستتجسس عليك بين المسارات، أو ربما تجدين نفسك تقفين أمامها وجهًا لوجه، أو ربما تتبعين إيقاع صفيق أجنحة الطيور التي تسكن الغابة التي تحضن ما يقرب من 215 نوعًا من الطيور.

أين تأكلين في باربيزون؟
بعد هذه الاكتشافات الفنية التي تثري الروح والفكر والمخيلة، وبعد هذا التجوال في الطبيعة التي ألهمت الفنانين، لا بد لك من أن تدللي معدتك، بأسلوب فرنسي معاصر منكّه بالتاريخ، وباربيزون تزدحم بالمطاعم الريفية الصغيرة التي تقدم المأكولات المحلية، فتأسرك أطباق لذيذة، تنسيك الرشاقة.  
هناك اختيارات عدة في باربيزون لتناول وجبة لذيذة. في نزل اليوت، تناولي الوجبة وسط ديكور كلاسيكي ودافئ، حيث تقدم أطباق الذوّاقة بأسعار تنافسية للغاية.
وفي مطعم الضيافة، BREAU واحد من أفضل المطاعم في باربيزون، كما يقول معظم السيّاح الذين زاروا القرية. كما ننصحك بزيارة منوار سانت هيريم، لا داغ، وكلي دور... فهذه المطاعم تعتبر من الكلاسيكيات الأساسية الكبرى عندما يتعلق الأمر بفن الطهو في باربيزون.
ومع ذلك، يمكنك خوض تجربة رائعة والانغماس الكلي في القرية، وتذوّق الأطباق المحلية، حيث فن الطهو الحقيقي.

الإقامة في باربيزون إذا أردت المبيت
في باربيزون الكثير من الفنادق وبيوت الضيافة التي تتيح لك تجربة ثقافية فريدة. وغالبًا ينصح الكثير من السياح الذين يزورون باربيزون بخوض مغامرة المبيت فيها نظرًا إلى أنها تتيح الاتصال المباشر مع سكان القرية، فتتعرفين إلى عاداتهم وتقاليدهم، وقد تشاركينهم في احتفالاتهم، فيما يتيح لك بعضهم فرصة تعلم الطبخ.
وتقدّم بعض بيوت الضيافة خدمات تضاهي الخدمات الفندقية، فيوفر بعضها أجنحة فخمة مع جاكوزي وجلسات سبا.
أما فندق با-برو Bas Breau الذي كان في الماضي نزل سيرون ويقع في الشارع الرقم 22 فيعرض أعمال الفنانين منذ عام 1867.
والمبيت فيه، تجربة في عالم الفن، والأباطرة والمشاهير. فصاحبه السيد سيرون كان يسميه «فندق المعرض». ويقال إن نابليون الثالث والإمبراطورة أوجينا أوغوسطين توقفا هنا عام 1868 واشتريا لوحات تعود إلى الرسام الروماني غريغوريسكي.
فيما شهد هذا الفندق على رواية الأديب الاسكتلندي روبرت لويس سنيفنسون الشهيرة «جزيرة الكنز»، كما نزلت فيه غريس دو موناكو والأديبة الفرنسية فرانسواز ساغان.
كما بات فيه عام 1971 الامبراطور الياباني الراحل هيرو- هيتو، وتذوّق طبق «الإسكارغو» الفرنسي الشهير.

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة