كوني أماً وزوجة وفاعلة في مجتمعك! 4 خطوات وتصبحين سيدة نفسك

زوجة,فاعلة,خطوات,سيدة,نفسك,أمتعة,المرأة,الإنجازات,سلطة,ازدواجية,التقليدي,عنصر,النساء,التربية,العادات,استقلالية,مؤسسة,التواصل,الاجتماعي,فرصة,عيش,التعليقات,الحواجز

سناء دياب شرارة 12 مارس 2017

تقف أمام مرآتها وتبتسم، تراقب ملامحها وتواكب تحوّل نظراتها. منذ نيّف وزمن انقلبت على ذاتها، ما عادت تريد الاختباء خلف ظلها، حزمت حقائب صمتها ومضت إلى عالم الكلام. ومنذ مدّة لا تُحسب بالدقائق والساعات، وضعت في أمتعة حضورها الاجتماعي ما لم يحسب له الكثيرون أيّ حساب. أضافت إلى زواجها وأمومتها واقعاً من نوع آخر، أخرجت قدراتها من غمدها ومضت تقاتل من أجل أمر، من أجل حلم، من أجل ما يجب أن يكون... قرارها واستقلاليتها. 


هي قصّة امرأة استيقظت في الصباح لتحقق حلماً راودها في إغفاءة مسائية... لم ترد الخروج على أعراف المجتمع، بل السير بها نحو عالم أكثر تقدماً وتلبيةً لقواعد التطور. لذا، لم يعد في إمكانها أن تجالس أثاث منزلها، بل بات لزاماً عليها أن تُثبّت خطاها في أمكنة العمل. فهي أصبحت الشريكة، بكل ما للكلمة من معنى، لزوج تفوّقت على قدراته مصاعب الحياة. وباتت تعي أنّ في إمكانها أن تكون أكثر فاعلية في مجتمع ما زال يشهد التأرجح بين رفض ذلك وقبوله. وهذا ما جعلها تعيش حالة التوتر والتجاذب النفسي بين ما كانت وما أصبحت عليه. وحتى الآن ما زال البحث جارياً عن كيفية تمكينها وجعلها تمتلك القدرة على أخذ القرارات بعيداً عن الضغوط وتتمتع باستقلاليتها. فكيف يمكن ذلك فعلاً؟ هذا السؤال طرحته «لها» على الاختصاصي في مجال علم النفس الاجتماعي، الدكتور زهير حطب.


- حققت المرأة الكثير من الإنجازات. لكن، ما الذي تعنيه استقلاليتها في مجتمع ما زال يعتبرها تابعة لسلطة الرجل أياً كان موقعه بالنسبة إليها؟
علينا أن نذكّر أولاً بأن الكثير من النساء حققن النجاح والاستقلالية في مجالات مختلفة من دون أن يسيء ذلك إلى حياتهنّ الزوجية. لكن، في الواقع، ثمة صراع دائم ومستمر بين الرجل والمرأة، وإن جمعتهما صلة قربى. فهذا الصراع يقع بين الأب وابنته والزوج وزوجته والشقيق وشقيقته. والمرأة تواجه ممانعة من نوع ما كلما أرادت أن تعيش استقلاليتها. وقد يحدث هذا المنع بطريقة مباشرة أحياناً. إلا أنّه يتم راهناً بطريقة غير مباشرة في معظم الأحيان.
لكن في حال أصرّت المرأة على أن تمارس تلك الاستقلالية وفقاً لما يفرضه واقع الحياة المعاصرة وتطورها، فإنّ هذا يولّد نوعاً من التوتر في محيطها العائلي والزوجي.

- لكنها ما زالت تعيش صراعاً ذاتياً وازدواجية بين دورها التقليدي كأم وسيدة منزل وبين دورها المستجد كعنصر فاعل في المجتمع.
بكل تأكيد. والتزامها بالقيام بدورها الجديد يؤجج توترها الداخلي وصراعها مع ذاتها. فبحسب التاريخ والبيولوجيا والثقافة، على المرأة أن تكون فقط جميلة وزوجة وأماً... وهي أمور تبقى حيّة في ضميرها وذاكرتها في كلّ لحظة. لذا، تعيش حالة من التجاذب مع ذاتها في حال أرادت أن تثبت قدراتها خارج منزلها، وخصوصاً على مستوى التعليم والثقافة. فهي تريد أن تحقق النجاح في إطار الصورة التقليدية السائدة عنها، وإن كانت تُنكرها إلى حدّ ما، من جهة، وتعمل على ممارسة دورها الاقتصادي والاجتماعي كوجود ذي قيمة في مجتمع متطور، من جهة أخرى.

- بعض النساء لا يعشن هذا الصراع لأنهنّ اعتدن الخضوع بفعل التربية والعادات.
نعم، وثمة نساء يعشن ظروفاً صعبة ويشهدن حالة من الصراع الحاد مع الذات قد تصل إلى حدّ الشعور باليأس. لذا، يجدن أنّ عليهنّ الانسحاب من أحد الميدانين: الزواج أو العمل والنشاط الاجتماعي. وهكذا يخترن الطلاق والانفصال عن الزوج، أو الاستقالة من العمل والتفرّغ للاهتمام بشؤون الأسرة. وتلاحظين أنّ معظم النساء يتركن وظائفهنّ من أجل الإنجاب والقيام بدور الأم وتكوين أسرة متكاملة الملامح.

- هل يمكننا القول أيضاً إن المرأة تعيش اليوم أيضاً الشعور الدائم بالإجحاف وبأنّ حياتها غير مكتملة؟
هو ليس شعوراً بالنقص، بل بالتوتر الدائم الذي قد ينعكس سلباً على صحتها وعلاقتها بأسرتها. للأسف، ثمة جيل كامل سيدفع ثمن الانتقال من مجتمع تقليدي إلى آخر يشهد حالة من التكامل بين دوريّ المرأة والرجل.

- وما الدور الذي يجب أن يؤديه الرجل لدعمها؟
إذا كان الرجل يعيش في محيط اجتماعي يتمتّع بمستوى كافٍ من الوعي، فإنّه يساهم في التخفيف من حدّة الصراع الذي تعيشه المرأة ويسعى إلى احتواء جزء منه. وهكذا يساعدها على أن تجتاز المرحلة الصعبة بسهولة. لكن، للأسف، يتسم الكثير من الرجال بأنانية لا تتيح لهم أداء هذا الدور إلا في حال كانوا يحتاجون إليه على المستوى الاقتصادي. أما ما يجب أن يحدث فعلاً فهو أن يقدّم لها الدعم لكي تتمكن من القيام بدوريها بالشكل الصحيح وبعيداً من التوتّر. فالرجل الذي يتسم بالوعي، يتجاوز هذه المسألة بسهولة ويميل إلى التعاون مع زوجته، ويدرك أن هذا بات ضرورياً وجزءًا لا يتجزأ من القيم الاجتماعية السائدة. 

- لكن يرى بعضهم أن استقلالية المرأة بدأت تهدد مؤسسة الزواج. ما رأيك؟
بالنظر إلى الممارسة اليومية، نجد أنّ الكثير من البنات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 30 و45 عاماً يعشن استقلاليتهنّ ويُبدين اقتناعهنّ بأنهن بلغن حالة من التكامل الفردي والمعيشي. وهو أمر يهدّد، بنظر بعضهم، مؤسسة الزواج.
فنحن نعيش ثقافة مجتمعية محافظة. لذا، لا يتم إيجاد حلول ضمن المؤسسة الزوجية تحمي تلك المؤسسة. بل يُجرى العمل على الحفاظ على شكلها التقليدي الذي لا يتفق وشروط الحياة العصرية. وفي هذه الحالة، تتعرض المرأة للضغط. ومن هذا المنطلق، نرى أن نسبة الزواج بدأت بالانخفاض سنوياً. وهذا ما يؤدي إلى حدوث أزمات اجتماعية مثل تراجع النمو الديموغرافي ومشكلات كبار السنّ. وهي تنتج من التمسك بشكل مؤسسة الزواج التقليدي ورفض تغييره ودعمه رغم عدم قدرته على مواكبة العصر الراهن.

-  لمَ يحدث هذا؟ وهل يخشى الرجل فقدان سلطته؟
يحلّ بعض الرجال الذين كرست التقاليد رئاستهم وسيادتهم مشكلة التحوّل الذي تشهده حياة المرأة بالانفصال عنها. وفي المقابل، يدرك الرجل الذي يعي التغيير الحاصل على مستوى وضعية المرأة وعلاقتها به أسباب التناقض الذي يفرضه الواقع المستجد، فيتعامل معه بما يتطلبه من تفهّم ومراعاة وتعاون.

-  هل توفّر وسائل التواصل الاجتماعي للمرأة فرصة عيش استقلاليتها وإن بطريقة افتراضية؟
نعم، فتحت وسائل التكنولوجيا باب العالم الافتراضي أمام الناس جميعاً. وهو عالم وهمي والمرأة لا تعيش من خلاله استقلاليتها بطريقة واقعية. فهي، كما الآخرين، تنشر التعليقات والآراء التي تصطدم، على أرض الواقع، بالكثير من الحواجز. إذ لا يمكنها أن تطبّق تلك الآراء فعلاً وحقيقةً، خصوصاً أنها لا تتلقى الدعم اللازم لذلك. وهذا ما يزيد صراعها الداخلي حدةً، وكذلك شعورها بالتوتر.