من العزوبية إلى الزواج... ورود وأشواك وتساؤلات

العزوبية,الزواج,ورود,أشواك,تساؤلات,الحياة,الانتقال,المؤسسة,العائلية,الاختصاصية,الدكتورة رنا الزايك,الإيجابية,السلبية,الاستقلالية,دراسات,العزلة,النشاطات,البدنية,صحيفة,دايلي ميل

سناء دياب شرارة 29 أبريل 2017

تنظر إلى مرآتها بخفر، تغض الطرف عن حمرة تشكلت على وجنتيها... ترتحل عيناها إلى أفق آخر جديد، إلى تلك الحياة الزوجية التي ستمضي قدماً على طريقها. وفجأة تشيح بوجهها عن انعكاسه فتمتلئ نظراتها بألف سؤال... ما الذي تخفيه تلك الحياة في طياتها؟ أيّ وعود ستحقق وأيّ إخفاقات ستعيش؟!

لا يمكن القول إن الانتقال من حياة العزوبية إلى مرحلة الحياة الزوجية مهمة سهلة جداً. فهي تحتاج إلى ترتيبات نفسية في الدرجة الأولى يقوم بها طرفا المؤسسة العائلية الجديدة. وربما هذا ما يجب أن يتمّ في مرحلة الخطوبة أو الارتباط التمهيدي الموقت. عن سرّ هذا الانتقال وخطواته الضرورية وخفاياه، تحدثت  الاختصاصية النفسية الدكتورة رنا الزايك.


- ما الذي يعنيه بالنسبة إلى المرأة الانتقال من حياة العزوبية إلى الزواج على المستويين النفسي والاجتماعي؟
في البدء يمكننا أن نعرّف الزواج بأنه مؤسسة والتزام. والانتقال من صفة العزباء إلى صفة المتزوجة يمنح المرأة نظرة جديدة الى حياتها الخاصة. فالزواج يعني أن تؤدي المرأة دوراً جديداً. فهي، في هذه الحالة، لم تعد ابنة والدها بل أصبحت زوجة زوجها. وهذا ما يفرض عليها تحمل مسؤوليات جديدة، في المنزل كما في الوسط العائلي. كما أنها تحمل اسم زوجها وتشكل جزءًا من عائلته. وكما نعلم، يرتبط اسم المرأة في الثقافة الشرق أوسطية بالذكور في عائلتها. وهكذا نرى أنها تنتقل من مؤسسة الأب إلى مؤسسة الزوج. وأذكّر بأن بعض الفتيات يلجأن إلى الزواج هرباً من الأهل، فيما تفعل أخريات ذلك بدافع الارتباط العاطفي. لذا، فإنّ معنى الزواج يرتبط بما تريده المرأة منه. 

- ما التأثيرات النفسية الإيجابية والسلبية لهذا الانتقال في المرأة؟
اعلمي أن الإثارة والخوف يسيران يداً بيد مع أيّ تغيير يطرأ على حياة الفرد. وقد يكون تأثير الانتقال من العزوبية إلى الزواج تجربة سلبية أو إيجابية بحسب نوع الزواج، كما ذكرنا سابقاً. لكن، وكما هي حال كلّ تغيير، يصاحب ذلك شعور بالقلق. لذا، نتحدث من وجهة نظر عيادية عن اضطراب التكيّف. وهذا الاضطراب يصيب كل شخص يشهد تغييراً كبيراً في حياته، فيعيش نوعاً من أنواع التوتر أو الاكتئاب في إطار السعي إلى الانسجام مع ذلك التغيير.
ومن أسباب القلق في حالة الزواج، اضطلاع المرأة بأدوار جديدة مثل دور الزوجة وراعية المنزل والأم. فقد لا تبدي بعض النساء استعدادهنّ لخوض تجربة الأمومة، وقد لا تتمكن بعضهنّ من اختبار هذا الشعور لأسباب مختلفة. وهذا ما يسبب شعورهنّ بالضغط والتوتر لأنّ الزواج يعني تلقائياً الإنجاب. وقد ينجم هذا الشعور أيضاً عن الخوف من ألا ينجح الزواج وأن ينتهي بالانفصال. وفي هذه المرحلة تجد المرأة نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: المغادرة أو البقاء، أن تصبح مطلّقة أو أن تعيش حياة زوجية غير سعيدة. وكل هذا يشكل بالنسبة إلى المرأة تحدياً ويُشعرها بالقلق حين يتعلق الأمر بالزواج.

- وما الخطوات التي يجب أن تقوم بها لتستعد بشكل جيد للانتقال من العزوبية إلى الزواج؟
لأنني أعمل كمعالجة في ما يتعلق بقضايا الزواج والعائلة، ألتقي الكثير من الأزواج الذين يكافحون لكي يعيشوا حياة زوجية ناجحة. وتبيّن لي أن الذين يلجأون الى الاستشارة النفسية يحققون نسبة نجاح أعلى من تلك التي يتوقعها أولئك الذين لا يفعلون ذلك. والأشخاص الذي يستعينون بالمعالج النفسي يمتلكون القدرة على تطوير التواصل في ما بينهم بطريقة صحيّة، تعبر عن حاجاتهم ويكتسبون مهارات الأبوّة والأمومة ويحققون النجاح كأزواج وثنائيات وعائلات.
ويمكن الاستشارة النفسية أن تساعد الطرفين على الانتقال السليم من حالة العزوبية إلى حالة الزواج. فهي تُظهر لكلّ منهما نقاط قوته وحدوده وما يمكن أن ينجزه من أجل مصلحة المؤسسة الزوجية. 
إذاً، وبعد أن يفهما معنى الزواج كمؤسسة ويعرفا تماماً ما ينتظران تحقيقه من خلالها، فإنهما يجدان مفتاح النجاح.
وعلى المرأة أن تتكيف مع حياتها المشتركة مع رجل يمتلك وجهة نظره الخاصة الى الحياة وكيفية عيشها. وفي المقابل، ليس عليها أن تفقد وجودها كفرد مستقل ذي هوية خاصة، وألا تتحول إلى مجرّد أكسسوار يكمل حضور الرجل.

- هل ترى بعض الفتيات اليوم أنّ الزواج لم يعد أمراً ضرورياً؟
كبشر نحتاج دائماً إلى شريك حياة ورفيق. وفي بعض الثقافات المجتمعية، باتت الصداقة أكثر أهمية من الارتباط بالمؤسسة الزوجية. إلا أنّ هذا ما زال يشكل حالة نادرة. 

- وهل يرتبط ذلك بكون المرأة بدأت تتمتع بالاستقلالية على المستوى المادي؟
يمنح الاستقلال المادي المرأة الكثير من الخيارات والطاقة والثقة في النفس. وهي اليوم ترتبط بالرجل لأنها تختار ذلك بملء إرادتها، وليس لأنها تحتاج إلى من يقدّم لها الدعم والحماية فقط. 

دراسات 

أشارت دراسة أميركية أُجريت منذ سنوات إلى أن الأشخاص الذين يحافظون على عزوبيتهم يعيشون لفترة أقصر مقارنة بأولئك الذين يقدمون على الزواج. كما أظهرت أن احتمالات الوفاة المبكرة ترتفع لدى الشخص العازب بنسبة 32%. كما أنه قد يعاني، بحسب الباحثين، من العزلة الاجتماعية. وذكرت أنّ أكثر مراحل العزوبية دقّة هي مرحلة الثلاثينات.
وفي المقابل، أشارت دراسة أميركية أخرى إلى أنّ النساء يصبحن عرضة لاكتساب الوزن بعد الزواج، إذ إنّ الكثير منهنّ يلازمن منازلهنّ ولا يقمن بالنشاطات البدنية. كذلك توصلت دراسة أجرتها صحيفة «دايلي ميل» إلى أن بعض النساء يهملن مظهرهنّ بعد أن يلتقين الرجل المناسب.