"لها" في المؤتمر العالمي للصحفيين في كوريا الجنوبية... وهذا ما حصل

جمعية الصحفيين الكوريين,إعلامي,صحافيّ,المؤتمر العالمي للصحفيين,كوريا الجنوبية,هند كرم,لها

غنى حليق (كوريا الجنوبية) 04 مايو 2017

بدعوة من جمعية الصحفيين الكوريين وبرعاية رسمية وخاصة شارك 100 صحفي واعلامي وباحث في الشأن السياسي والإعلامي من 60 دولة عربية واجنبية في المؤتمر العالمي للصحفيين للعام 2017 وناقشوا دور وسائل الاعلام في بناء السلام ونشره في العالم. المؤتمر الذي عقد في مركز الصحافة في عاصمة كوريا الجنوبية سيول واستمر لمدة خمسة أيام .

مجلة "لها" شاركت في المؤتمر ممثلة لبنان بورقة عمل دعت من خلالها إلى وقف العنف والتهجير وسياسة الارهاب الجسدي والفكري ونشر السلام الأمان وزرع الأمل في قلوب الناس وخصوصاً في الدول التي ما تزال تعاني من الحرب وأثرها كسوريا ولبنان وفلسطين ....كما أجرت لقاءات عدة على هامش المؤتمر مع عدد من الصحفيين المشاركين من كوريا والصين واليابان وايطاليا وبلاروسيا  والبحرين ومصر وامريكا، وكانت هذه الكلمات والاراء.


افتتح المؤتمر بكلمة وزير الشؤون الخارجية السيد أهن شونغ غي الذي رحب بالحضور وعبّر عن فرحته باجتماع صحفيين من 60 دولة بالعالم في كوريا، وهنأ جمعية الصحفيين الكوريين التي نظمت مؤتمر بهذه الاهمية، ثم تحدث عن حرية الرأي والتعبير التي تتمتع بها الصحافة في كوريا الجنوبية،  وعن دور الاعلام المهم والحساس في نقل الخبر وتأثيره على الرأي العام والمجتمع. وبعدها تطرق إلى الحديث عن الوضع السياسي في شبه الجزيرة الكورية ، وسعي كوريا الشمالية إلى امتلاك الصواريخ النووية الاكثر تدميراً في العالم، وعن التوترات الكبيرة على الحدود الشمالية لكوريا الجنوبية وعن التحديات التي تواجهها كوريا الجنوبية على أكثر من صعيد .

أما رئيس جمعية صحفيي كوريا السيد جانغ كيو سانغ " فقد صرح انه تم تخصيص جلسات خاصة وأوراق عمل خلال المؤتمر عن دور وسائل الاعلام والصحافة في تعزيز السلام العالمي وخاصة في ظل الازمات السياسية والحروب التي تشهدها الدول وذكر ان العام الماضي شهد حوادث ارهابية دامية ومؤسفة طالت نحو 45 دولة معظمها في منطقة الشرق الاوسط وهددت حياة الابرياء ، وذكر ان الارهاب لا حدود لا وانه بات يطال مهنة الصحافة والصحفيين اذ كان بعضهم هدفا لتلك الحوادث الارهابية وهذا ما دفع جمعية الصحفيين الكوريين لتكريس نقاشاتها في مؤتمرها  هذا العام للبحث في العوامل التي تهدد السلام العالمي ومدى دور وسائل الاعلام في محاربة الارهاب وتعزيز السلام كما تطرق المؤتمر في نقاشه حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية وسبل إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية وآسيا .  وقال "ان هذا المؤتمر الحدث سيمكن الصحفيين من القاء نظرة على آخر دولة مقسمة في العالم وهي كوريا وسيسمح للحضور بالتفكير في دور وسائل الاعلام في السلام" واضاف "الناس المجتمعون هنا مختلفين بطرق عديدة بما في ذلك دولة المنشأ والجنس والفلسفة ولكن لديهم شيء واحد مشترك وهو السعي إلى تقديم الحقيقة وتعزيز الحرية والسلام بقلوب دافئة وفكر صاحي، وأن المؤتمر سيوفر لهم فرصة ثمينة لبناء شبكة تواصل وتبادل افكار حول هذه القضايا" .

وبعد هذه الكلمات كان لعدة صحفيين مداخلات وآراء ونقاشات حول الاعلام ودوره والتطورات والتغيرات التي طرأت عليه. كما كان لنا حديث خاص مع بعض الاعلاميين والصحفيين الذين عبّروا عن سرورهم بالمشاركة في هذا المؤتمر وتحدثوا عن أهميته في جمع الصحفيين من مختلف دول العالم بمكان واحد. إذ صرحت لنا السيدة هند كرم ( رئيسة تحرير ومشرفة على أخبار الشؤون المحلية بوكالة أنباء البحرين)  أن هذا المؤتمر الذي عقد بتنظيم من جمعية الصحفيين الكوريين هو مؤتمر سنوي، وقد خصص  هذه السنة بهدف تفعيل دور الصحافة والصحافيين من أجل إحلال السلام في العالم في ظل الازمات والحروب التي تجري في مختلف الدول، وقالت:" ان اوراق العمل التي عرضت من قبل الصحفيين الكوريين والصحفية الاميركية كانت مهمة جداً، إذ  ركزت على دور الصحفي في ظل التغيرات في العالم وخصوصاً فيما يتعلق بالحريات، وقالت أن مهمة الصحفي المحافظة على هامش الحقيقة والبحث عنها وتقديمها بموضوعية، والالتزام بالاخلاقيات ومواثيق الشرف الاعلامية" وأكدت كرم على مصداقية الصحفي إلى جانب مسؤوليته تجاه المجتمع بغض النظر عن عواطفه ومشاعره وانتمائه .

وذكرت كرم أن وكالة أنباء البحري شاركت بورقة عمل في الجلسات النقاشية للمؤتمر واستعرضت من خلالها تجربة البحرين في كيفية توظيف الصحافة ووسائل الاعلام لتكون أدوات للسلام والتنوير، وكشف الحقائق، بدلا من تسخيرها لتكريس الانقسام والتراشق والتشويه وتصدير الازمات وافتعال الحروب، حيث تسلط الضوء على ما مرت بـ «البحرين» من استهداف إعلامي ومنذ عام 2011، وتعرضها لحملة ممنهجة أدارتها وموّلتها دولُ وأنظمة سعت للنيل من أمن واستقرار البحرين وروح التعايش السلمي والتسامح الذي جبل عليه المجتمع البحريني عبر بث الفتنة واستهداف المكتسبات التي تحققت، تنفيذاً لمخططات آيديولوجية وطائفية وسياسية مقيتة.

واسفت كرم لانتهاء فعاليات المؤتمر الذي يناقش قضية السلام بالتزامن مع توجيه صواريخ اميركية لسوريا، ورأت أن هذه الاحداث تذكرنا بحرب الخليج وتعيدنا لنفس المشاهد والاحداث ، وتساءلت عن دور الاعلام في هذه المواقف وكيف سيكون موقفه من هذه الاحداث . وبالسؤال عن مدى تأثير الاعلام ودوره في ايقاف الحرب نشر السلام قالت: " صحيح ان الاعلام سلطة رابعة إلا انه وبكل شفافية لا يمكنه ان يؤثر بشكل جذري في اتجاهات الاحداث ونتائجها ، لانه غير صانع للقرار ولا يشارك به ، وجل ما يمكن ان يقوم به هو توجيه الرأي العام وتنويره وتزويده بالحقائق ." أما عن  مساحة الحرية الاعلامية في البحرين قالت :"منذ المشروع الاصلاحي عام 2001  انتقلت الصحافة في البحرين نقلة نوعية، وارتفع هامش التعبير فيها واصبح هناك خط واضح، إذ بات الاعلام الرسمي هو المعتمد بشكل واسع ، إلى جانب الاعلام الخاص الذي يتمتع أيضاً بحريته في التعبير.  

وختمت كرم حديثها بالتمني ان يحل السلام في العالم رغم اقناعها ان ذلك حلم بعيد المنال لاننا كلما تجاوزنا مراحل وازمات تكشفت لنا ازمات أكبر منها، فالوطن العربي مثقل بالازمات والتكتلات والتحالفات المضادة والمصالح المتضاربة .... لذا تتمنى ان نصبح لاعب اساسي ايجابي في المستقبل بدل ان نكون مسرح للصراعات التي تحصل في العالم .


ميشال كاسانو (وكالة الانباء الايطالية ANSA)

يرى الاعلامي في وكالة الانباء الايطالية السيد ميشال كاسانو أن اجتماع صحفيي العالم في هذا المؤتمر ووجود ممثلين عن 60 دولة يعتبر بحد ذاته حدث مهم وجيد يستحق الوقوف عنده، إذ يفسح المجال في لقاء الصحفيين فيما بينهم ويسمح لهم بتبادل تجاربهم وخبراتهم ، فيتعرف كل منهم على آلية العمل الصحفي في البلد المقابل وشروط ممارسته ، كما يفسح المجال للحديث عن الحريات الصحفية والتحرر من الخوف في ظل الارهاب الذي ينتشر في العالم. وعن دور الصحافي في عملية السلام فيقول :" للصحافي دور فاعل وعظيم في تفعيل الحريات ونشر السلام وهذا هو شعار المؤتمر في سيئول، الجميع قطع الاف الكيلومترات للمشاركة في هذا المؤتمر واتمنى ان تتحق توصيات المؤتمر في نشر عملية السلام وتوقف الاعمال الارهابية قريباً. ربما الامنيات والتوصيات شيء قليل ولكن هي مبادرة واشارة  ايجابية نحو السلام. لا شك ان للصحفي دور فاعل في عملية السلام من خلال كتابته حقيقة الاحداث، وتسليطه الضوء على الحقائق والوقائع بكل صدق وشفافية، وبذل كل جهوده من أجل الحرية والسلام. أن نكتب عن الحريات والسلام في أوروبا وأميركا ونسلط الضوء على الحرب في سوريا وباقي المناطق الملتهبة ، ونتناول القضايا الخطرة لهو أمر ايجابي نحو السلام ، لاننا بذلك نحرك الرأي العام وندفعه لرفض العنف والسعي نحو السلام. ان دو الصحفي الحقيقي هو تفعيل العلاقات بين الناس وحثها على التفاعل مع بعضها.  أما عن حرية تعبير الصحفيين ومدى انعكاس ذلك على أمنهم وحياتهم فيقول :" لا بد للصحفي ان يكون حرا في كتاباته وتحركاته ، وسمعنا ان العديد من الصحفيين قتلوا بسبب ارائهم وهذا محزن ومرفوض. لا شك ان العمل الصحفي محفوف بالمخاطر وخصوصاً عندما يتناول القضايا الخطرة والحساسة وعادة يعلم الصحفيين مدى حساسية مواقفهم ومهمتهم في كشف الحقائق وتسليط الضوء عليها. وينهي  كاسانو حديثة عن المؤتمر بالقول :"لقد كان مؤتمر مهم استطعنا من خلاله التعرف على مختلف الحضارات وعلى كوريا بالذات وهو اعطانا رسالة مهمة للعمل والاندفاع نحو عملية السلام".

 

اولغا دافيدوفش محللة سياسية في  NATIONL STATE TV and Radio company of the republic of Belarus بلاروسيا

ترى المحللة السياسي في تلفزيون وراديو بلاروسيا اننا عندما نضع شيء ما على جدول اعمالنا لا بد وان ننفزه وهذا المؤتمر كان ليحث الصحفيين على دفعيل دورهم ويعطيهم تجربة جيدة للتعرف على مختلف الثقافات خصوصاً في ظل وجود العديد من ممثلي الدول. لقد اكتشف وتعرفت على العديد من الاشخاص والجنسيات وتبادلت معهم الخبرات المعلومات وهذا بحد ذات مهم. إذ  تعرفت على اشياء مختلفة جدا عن التي اعرفها واكتشفت العديد من القضايا التي كانت غافلة عني من خلال الحديث مع الصحفيين ومناقشاتنا لعدة موضوعات تهمنا وتهم المجتمع.  لعب المؤتمر دوراً مهماً وفعالاً من خلال جمعه لمختلف جنسيات العالم وثقافتها في مكان واحد وتوقيت واحد. لانه سهل عملية التعرف على الافكار والثقافات الاخرى التي تشكل عاملاً مهماً للسلام. ان التقاء الصحفيين ببعضهم البعض يجعلهم  متفهمين ومتعاطفين مع بعضهم أكثر، مما يولد نوع من الاحترام المتبادل فيما بين الافراد . فنحن مثلا لم نكن نعرف الكثير عن ثقافة غيرنا ومشاكله وكلما انفتح الصحفي او الانسان على غيره وتقرب منه أكثر، واضطلع على مشاكله وهواجسه وهذا يدعم عملية السلام ويساعد على تحقيقها.

وعن دور الصحفي الفعال في عملية السلام تقول :" نعم للصحفي دور فاعل في عملية السلام وقد ناقشنا هذا الموضوع مطولاً خلال المؤتمر، فهو يسلط الضوء على الارهاب وآثاره ، وقد سمعنا قصصاً كثيرة من صحفيين عانوا من الحرب في بلادهم وهذا يحثنا على التفاعل معهم وتناول قضيتهم والعمل من أجل تحقيق السلام في بلادهم . ان تناول الاحداث وشرح القضايا يسهل عملية السلام لانه يعمل على تقريب وجهات النظر فيما بين الاطراف المتنازعة . وأيضاً يمكننا شرح القضايا المهمشة والعمل من أجلها. معرفة القضايا وتفاصيلها تحل المشكلة وتكشف الحقائق وهذه مهمتنا.

وتختم اولغا حديثها  عن الارهاب وتقول انه يلاحق الصحفي الحقيقي الذي يعمل في القضايا الخطرة ويسعى لكشف الحقائق، ومن هنا لا بد من خطة عمل لحماية الصحفيين والاهتمام بحريتهم وحياتهم .


كنتارو اوكادا صحفي في كيودو نيوز (kyodo news) اليابانية

يرى كنتارو ان للصحفي دور فاعل وهو يستطيع ان يغيرالكثير من الامور من خلال تسليطه الضوء على القضايا الحساسة  في المجتمع مما يؤثر على عملية السلام وحل النزعات فيما بين الناس . كما ان عملية تلاقي الناس ببعضها البعض وتبادلها الاراء والقضايا وتحليلها للمور قد يؤثر ايضا على عملية السلام . ويشيد كنتار بدور المؤتمر العالمي للصحافة وبالجهود الجبارة التي قامت بها جمعية الصحفيين في كوريا لجمع هذا العدد الكبير من صحفيي العالم ، والذي بدوره سيعمل على تقريب وجهات النظر فيما بين الصحفيين ويؤثر على نظرتهم لللاحداث والمعطيات وخصوصاً بعد اجتماعهم بعدة شخصيات اعلامية من مختلف دول العالم والاستماع لمشاكلهم وازمات بلادهم .

وعن الحريات الاعلامية في اليابات يقول كانتارو ان الحرية الاعلامية موجودة ولكن ضمن الاطر القانونية ، اذ لا يمكن للصحفي أو الوسائل الاعلامية تجاوز حدود قانون الاعلام السائد في البلاد ، وبالرغم من ذلك يوجد بعض الجهات الاعلامية التي تسير بالاتجاه المعارض وتحاول تجاوز القانون وتناول موضوعات جريئة مما يسبب لهامشاكل ويعرضها للمحاكلة . ويختم كنتارو حديثه عن المؤتمر المؤتمر وتوصياته التي هي هدف وحلم لكل صحفي حر.

يونغ زانغ / نائب المدير العام في صحيفة (peoples daily) الصين

يرى الاعلامي يونغ زانغ ان الاعلام عنصر عامل وفاعل ومحرك في المجتمع، وهو  ممكن ان يلعب دوراً مهما فيها، وان دور اعلام ونتائج تحركانته ممن ان تلعب دورا فاعلاً في عملية السلام. ويقول زانغ :"ان على الاعلام ان يكون متوازن وحر، ويمكنه وعليه سليط الضوء على القضايا والمشاكل العالقة  ويعمل أو يساعد في حلها من خلال تقريب وجهات النظر فيها وتحجيم المشاحنات" . ويتابع :" اظن ان الحرية مهمة جدا للصحفي ، وانه بقدر مساحة الحرية المعطاة له يمكنه التنقل والكتابة العمل بشكل افضل ". ويعتبر زانغ ان الحرية علامية مسؤولية كبيرة إذ بقد ما يكون الصحفي واع ولديه منطق وقوة تحليل بقدر ما يكون على قدر المسؤولية تجاه المجتمع. وباستطاعته  تقديم افضل ما لديه بفضل الحرية المعطاة له . ان الحرية شيء مهم جدا وهي تتعلق بالمسؤولية الشخصية فبعض الصحفيين لا يرون ابعد من انفهم بسبب عدم مسؤوليتهم وجهلهم، كما يرتهن بعضهم للرشاوى والمغريات مما يولد صحافة صفراء وغير صادقة.

ويختم زانغ حديثة بالقول ان الصحفي الحقيقي هو من يحب مهنته ويكون شغوف بها ويحتكم لضميره ومنطقه الرافض للعنف والتمييز والارهاب وهذا ما شددنا عليه خلال المؤثمر ونتمنى ان يؤثر ويكون مثمراً . ويواكد زانغ على اهمية المؤتمر ونجاحة في تناول قضية السلام والاعلام الناجح ، وخصوصاً بوجود العديد من الصحفيين العالميين


اشرف ابو اليزيد (رئيس جمعية الصحفيين الاسيويين)

يرى الاستاذ اشرف ابو اليزيد رئيس جمعية الصحفيين الاسيويين ان المؤتمر كان في غاية الاهمية وخصوصاً انه جمع ما بين مختلف دول العالم وجعلها تتناقش وتتبادل الخبرات ، وايضا تكمن اهميته في البرنامج المرافق له والذ يعرفنا على كوريا ومعالمها ويجمع بين الصحفيين طوال فترة انعقاده ويجعلهم يتفاعلون مع بعضهم في جو هادئ وراق.  

 فعن هذه الرحلة والمشاركة يقول :"ما أكثر الدروس التي يتعلمها المسافر بين عشر مدن في عشرة أيام، وكأن آلة الزمن تأتي إليك بالمختلف والمؤتلف وأنت ساكنٌ تراقب التغيير، معجبٌ تقدر التطور، ومتأملٌ تدرك صعوبة ملاحقة ذلك كله، في كوريا التي لم تمنعها نهضتها الاقتصادية والعلمية من الاحتفاظ بهويتها وتاريخها وعاداتها.

وإذا كان يمكن الحديث عن معالم بوسان باعتبارها مدينة الصناعة التي ترتدي حلة البهجة، أو أماكن سيجونج مدينة التاريخ التي تلبس عباءة التقنية، أو منشآت إنشون معجزة التعمير والتغيير، وغيرها من المدن التي اجتمعنا بحكامها وعُمَدِها وصناع القرار بها، فأنا أختار أن أتناول تجربة الإقامة في معبد بايكدام البوذي، التي خبرتها أكثر من مرة خلال فترة تتخطى العقد منذ بدأت زياراتي إلى جمهورية كوريا، أو كوريا الجنوبية، كما هو شائع اسمها.

في المعبد ترتدي زي البوذي، وتتعلم الطقوس التي يمارسها، بدءا من شرب الشاي، وإضاءة الشموع، والكتابة على الألواح، ودق الأجراس، وتناول الطعام وأنت تراقب الساعة الرملية، التي تعطيك نصف ساعة، كي لا تسرع فتنسى لذة التأمل والشكر، أو تبطيء فتضيع الوقت هدرا، وتشارك الجميع في تنظيف أطباقك بعد تناول الطعام، وتنام على حاشية تدفئها الأرضية الخشبية، وهي طقوس تدفع القلب المتسارع ليبطيء ويفهم ويتأمل ويسكن.

ولكن بعيدا عن رمز التجربة الديني والتقاليدي، هناك عنصر يجدر تأمله؛ أن هذا المكان المخصص للعبادة قد تحول لمزار ثقافي لمئات الآلاف على مدار السنة، وهكذا استثمر المعبد ثقافيا، وذابت بين ساكنيه من الرهبان والراهبات، حليقي الرؤوس، وبين زواره، من الشرق والغرب، كل الحواجز، لمزيد من الفهم. الفهم والتفاهم والتشارك هي معا جذور شجرة التسامح والسلام.

هذه الرحلة، التي يسرتها جمعية الصحفيين الآسيويين، التي أشرف برئاستها، وجمعية الصحفيين الكوريين، تعاونت على إنجاحها مؤسسات حكومية وأهلية، لأن الجميع يدركون أن العمل للوطن يستلزم تكاتف الجميع لإعطاء صورة ناضجة وحية وصحيحة.