جنيف واحة السلام والرقي...

جنيف,واحة السلام,الرقي,تجربة فريدة,التسوق,المون بلان Mont Blanc,رحلة,بحيرة جنيف,شركة F.P. Journe,مرسيليا,مصنع الساعات,Ecole Hoteliere de Geneve,مجلس حقوق الإنسان,مكتب الأمم المتحدة,اللجنة الدولية,مون ساليف Mont Saleve,التلفريك,المدينة القديمة,جولة,النافورة,فندق Beau-Rivage,تجربة La Table du Chef,مطعم Le Chat Botté,مطعمان عالميان,فندق Beau-Rivage Geneve,الساعات,فندق

جولي صليبا (جنيف) 11 يونيو 2017

ماذا عساي أقول عن جنيف، تلك المدينة السويسرية المميزة بطبيعتها الخضراء الخلاّبة، وشعبها الطيب والودود، وفنادقها الرائعة والمضيافة، ومصانعها العديدة للساعات الراقية... ماذا عساي أقول عن مدينة عرفت كيف تجمع بين التقاليد القديمة والعصرية بتوازن قلّ نظيره، بحيث يشعر المرء أنه في مدينة عصرية متماشية مع مستلزمات الحياة في القرن الحادي والعشرين، لكنها لا تزال تحافظ في الوقت نفسه على العديد من الجوانب التراثية والتقليدية...

جنيف عاصمة السلام
تقع مدينة جنيف بين قمم الألب وتلال الجورا، في خليج ماء يرتحل فيه نهر الرون من بحيرة جنيف. تتحدث المدينة اللغة الفرنسية وتتصف بتراثها الإنساني وروحها المتحضرة.
إنها مقر منظمة الأمم المتحدة في أوروبا، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصليب الأحمر الدولية، ومنظمة الملكية الفكرية، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة حقوق الإنسان.
كما تعتبر جنيف مركزاً لصناعة الساعات الفاخرة والراقية، بحيث تضم أهمّ الدور العالمية التي تبتكر الصناعات الفاخرة المشهورة بدقتها الفائقة ورقيها المذهل وجمالها الأخاذ. إنها محطة أساسية لعشاق التسوق الفاخر والسياحة من فئة الدرجة الأولى.
ومن الناحية الثقافية، يمكن القول إن جنيف هي ملتقى الفنانين العالميين الذين يأتون إلى مسرحها الكبير ودار والأوبرا لتقديم عروضهم.
ولا ننسى طبعاً الطبيعة الخضراء الخلابة في جنيف، تلك المدينة التي تضم 50 حديقة عامة مليئة بكافة أنواع الأشجار والنباتات، والتي تفتح أبوابها مجاناً أمام جميع السكان والسياح.
وأؤكد لكم أن الحدائق الخضراء التي زرتها في جنيف لا مثيل لها على الإطلاق، ولاسيما لناحية الهواء النقي والهدوء اللافت في الأجواء، لدرجة أني تمنيت لو أبقى في تلك الحدائق أياماً طويلة أنسى فيها صخب الحياة وضغوطها. وأودّ الإشارة إلى أن مدينة جنيف وحدها تضمّ أربعين ألف شجرة تشكّل نحو 20 في المئة من مساحة المدينة.
إنها إذاً مدينة فريدة وفق كل المقاييس، وتفخر بنافورتها العملاقة، أعلى نافورة ماء في العالم (Jet D’Eau)، لتكون بذلك مصدر جذب لكل فئات السياح (أولئك الذين يريدون الابتعاد عن ضوضاء الحياة وصخبها، وأولئك الذين يريدون اختبار متعة التسوق الفاخر، وأولئك الذين يريدون شراء أرقى الساعات السويسرية، وأولئك الذين يريدون حضور المؤتمرات التي تقام في المنظمات العالمية المتمركزة فيها...)

فندق Beau-Rivage : العالمية والخصوصية في مكان واحد
يقع فندق Beau Rivage على الضفة اليمنى من بحيرة ليمان (Lac de Leman)، قبالة جبال الألب الفرنسية الشامخة، وتحديداً جبل المون بلان Mont-Blanc المذهل.
وصلت إلى الفندق وتفاجأت بالاستقبال الحار الذي لقيته فور وصولي إلى الدرج الخارجي للفندق. كانت "أودري"، موظفة الاستقبال، في انتظاري لمرافقتي فوراً إلى غرفتي والتأكد من أني راضية فعلاً عن الغرفة التي تم حجزها لي. تشير هذه المعاملة الودودة إلى حرص عائلة ماير (Mayer)، العائلة المؤسسة والمشرفة على الفندق، على معاملة نزلائها كأنهم أصدقاء.
الأناقة في الفندق جلية في كل الأرجاء. شعرت أني في منزلي، بفضل الأجواء الحميمة والخصوصية التامة. بالفعل، يحرص جميع موظفي الفندق على توفير أفضل خدمة ممكنة لنزلائهم كي يشعر هؤلاء بالارتياح التام والرفاهة القصوى خلال إقامتهم في الـBeau-Rivage.
يمتاز فندق "بوريفاج" بموقعه الاستراتيجي على طول المتنزّه بمحاذاة ضفاف بحيرة جنيف. فهو مجاور لمنطقة الأعمال، ولا يبعد سوى خمس دقائق من البلدة القديمة المعروفة بمتاحفها وبشوارعها المرصوفة بالحصى؛ ولا يبعد الفندق عن المطار والمؤسسات الدولية سوى 10 دقائق بالسيارة. كما أنه قريب جداً من شارع رون Rue du Rhone المخصص للتسوق الراقي والفخم، حيث يجتمع 80 بوتيكاً لأرقى الماركات العالمية من الساعات والمجوهرات (مثل Rolex وPatek Philippe وCartier وGucci وPiaget وHarry Winston وBulgrai وChristian Louboutin وBreguet، وVacheron Constantin...). هكذا، يستطيع السائح قضاء أيام عدة في الفندق والتوجه يومياً للتسوق سيراً على الأقدام، ليملأ في النهاية حقيبة سفره بأروع التصاميم السويسرية الراقية المعروضة في بوتيكات فخمة.
ثمة ميزة أخرى في فندق Beau Rivage وهي موقعه الجغرافي القريب من المباني التاريخية والحدائق العامة الخضراء حيث يستطيع الناس الاستمتاع بأشعة الشمس ومطالعة الكتب أثناء الاستلقاء على العشب الأخضر، أو التنزه في الممرات الضيقة الموجودة داخل تلك الحدائق.
يمكن القول إذاً إن Beau Rivage Genève هو المكان المثالي للاستفادة من كل ما هو رائع في جنيف.
يضم الفندق 91 غرفة، مشتملة على كل وسائل الراحة والتكنولوجيا، علماً أن كل واحدة من هذه الغرف فريدة وتختلف عن بقية غرف الفندق. فالخزائن الموجودة في غرفة معينة لا تشبه أبداً الخزائن الموجودة في الغرف الأخرى. أرادت عائلة Mayer أن يبدو الفندق مثل المنزل، حيث تختلف الغرف عن بعضها البعض، ولكل منها خصوصيتها وديكورها الخاص.
ولعلّ أكثر ما لفتني في ديكور الفندق تلك الأعمدة الرخامية الشاهقة والنافورة الكبيرة الموجودة في الردهة أمام مكتب الاستقبال، حيث خرير الماء ينسيك عناء السفر وينقلك إلى أجواء رائعة.
في الأعوام الأخيرة، شهد فندق Beau-Rivage الكثير من التطويرات والترميمات، وتم تشييد طابق خامس يضم أجنحة فخمة وشقق دوبلكس مشتملة على كل وسائل الرفاهة الحديثة، بالترافق طبعاً مع اللمسة التقليدية المميزة. ولا عجب في أن تشعّ أجنحة "بوريفاج" الجديدة جمالاً وسحراً في أصغر تفاصيلها، بحيث توفر للعائلات تجربة مميزة ضمن مساحات رحبة مطلّة على مناظر خلّابة.

عراقة عمرها خمسة أجيال
في العام 1865، أسس جان جاك مايير (Jean-Jacques Mayer) فندق Beau-Rivage ، ولا يزال الفندق حتى اليوم بإدارة العائلة نفسها على مدى خمسة أجيال. إنه أحد الفنادق النادرة في سويسرا التي لا يزال يديرها أفراد العائلة نفسها، وبات اليوم بعهدة السيد جاك مايير، صاحب الفندق، الفخور جداً باستلامه هذا الإرث العائلي.
تعكس عائلة مايير المخلصة لفلسفتها التأسيسية روحَ بوريفاج بشغف كبير، إكراماً للعظمة التي اكتسبها الفندق مع مرور الوقت.
في العام 2015، احتفل الفندق بالذكرى المئة والخمسين لتأسيسه وجرى تعيين ألكسندر نيكبارتي ماير، ابن شقيقة جاك مايير، مديراً عاماً للفندق، علماً أن ألكسندر ينتمي إلى الجيل الخامس من عائلة Mayer.
يحرص القيمون على فندق Beau-Rivage Geneve على إظهار فرادة الفندق وتميزه عن بقية الفنادق من خلال التعرف إلى النزلاء عن كثب وعقد صداقات معهم، والحفاظ في الوقت نفسه على خصوصيتهم.
فلا عجب إذاً أن تضم لائحة نزلاء الفندق العديد من مشاهير وزعماء العالم، أبرزهم الامبراطورة إليزابيت من النمسا، التي جرى طعنها بالسكين أمام الفندق عام 1898 وتوفيت داخل الفندق على يديّ جدة السيد جاك مايير.
ولهذا السبب، تم إنشاء جناح خاص في الفندق يحمل اسم الامبراطورة إليزابيت (المعروفة باسم سيسي Sissi)، حيث تعرض بعض الأغراض الشخصية للامبراطورة الراحلة.
ينضم أيضاً إلى لائحة نزلاء الفندق كلاً من إليونور روزفلت، زوجة الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت، والمبدع كارل لاغرفيلد، والجميلة أنجلينا جولي، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، والممثلة وعارضة الأزياء العالمية ليتسيا كاستا، والصحافية الفرنسية آن سينكلير التي صودف وجودها في الفندق معنا...

مطعمان عالميان
يضم فندق Beau-Rivage Geneve مطعمين راقيين: Le Chat Botté وLe Patara ، اللذين يختلفان عن بعضهما باختلاف الشرق والغرب.
بالفعل يقدم مطعم Le Patara أطباقاً تايلندية فاخرة ضمن أجواء رائعة، وقد أتيحت لنا فرصة تذوق الأطباق التايلندية الشهية بصبحة فرانك ألبسبي (Franck Albespy)، مدير المبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا في الفندق.
أما مطعم Le Chat Botté فيقدّم الأطباق الفرنسية العصرية تحت إشراف الشيف دومينيك غوتييه، الذي أطلقت عليه الأكاديمية العالمية لقب "شيف المستقبل" عام 2005، والذي نال جائزة "أفضل شيف" لعام2009 .
يستوحي الشيف غوتييه أطباقه من لون ومذاق كل موسم. بالفعل، يبحث الشيف غوتييه عن أفضل المنتجات الطبيعية المتوافرة في كل موسم ليحضّر منها أطباقاً مميزة ترضي زبائن المطعم والفندق.
حظينا بفرصة تناول العشاء في مطبخ مطعم Le Chat Botté برفقة جاك مايير وحضور الشيف غوتييه شخصياً. عشنا تجربة La Table du Chef وشاهدنا كيف يحضّر فريق الطهاة مختلف الأطباق التي يختارها الزبائن.
لفتتني السرعة التي يحضّر فيها الطهاة الأطباق، والطريقة الجذابة التي يعتمدونها في التزيين. استمعتنا بمجموعة منوعة من الأطباق اللذيذة والشهية، وكان ختامها مسكاً مع مجموعة من الحلويات المنوعة والخفيفة.
كانت هذه التجربة شيّقة وممتعة في الوقت نفسه، وأنصح جميع نزلاء فندق Beau-Rivage Genève بحجز موعد لهم مع الشيف غوتييه حيث يعيشون تجربة استثنائية قلّ نظيرها.
وأودّ الإشارة إلى أن فندق "بوريفاج" يحتفي بالثقافة العربية، ولذلك خصّص خدمات حصرية بالضيوف الأجانب لتلبية كل توقّعاتهم. بالفعل، يقدم الفندق قائمة طعام حلال، ويتيح الاستمتاع بـ"الشيشة" بنكهات مختلفة على شرفات الفندق، فضلاً عن توافر القرآن الكريم ومؤشر لتحديد اتّجاه القِبلة داخل الغرف.

النافورة الأعلى في العالم
من شرفة غرفتي في فندق Beau-Rivage، أتيحت لي فرصة تأمل نافورة الماء الرائعة الواقعة في بحيرة ليمان Lac de Leman، والتي يأتي إليها السياح من كل أنحاء العالم لالتقاط الصور التذكارية بجانبها.
كنت أحرص كل صباح على الجلوس على الشرفة لشرب القهوة وتأمل ذلك المشهد الرائع الذي يوقظ الحواس، ويرخي الأعصاب، ويجعلك تشعر أنك موجود فعلاً في جنة على الأرض.
يندفع الماء من النافورة إلى ارتفاع 140 متراً، وهي أعلى نافورة ماء في العالم. تم تصميمها عام 1886 بهدف تقليل ضغط المياه عند الضخ لسكان المدينة. لكن بحلول العام 1891، تم تطويرها لتصبح معلماً سياحياً جذاباً وكان ارتفاع الماء يصل إلى 90 متراً فقط في ذلك الحين.
في العام 1951، تم تطوير النافورة وجرى تزويدها بالمضخات ومصادر الماء والإضاءة لتصبح معلم المدينة المشهور.

جولة في المدينة القديمة
رافقتنا كارولين ميلي (Caroline Melly)، مسؤولة العلاقات العامة في هيئة جنيف للسياحة، إلى المدينة القديمة (Old City) حيث قمنا بجولة على الأحياء المرصوفة بالحصى واطلعنا على تاريخ المدينة واكتشفنا أزقّتها السرية.
أحياء المدينة القديمة عبارة عن متاهة مذهلة مليئة بالمقاهي، والمطاعم، والمعارض، والمتاحف، إضافة طبعاً إلى المباني التاريخية ذات الواجهات المزخرفة بشكل رائع. شعرت أني عدت بالزمن آلاف السنين وأنا أمشي في شوارع جنيف القديمة.
زرنا أيضاً كاتدرائية القديس بطرس الشامخة وسط جنيف القديمة، وصعدنا إلى أعلى طابق فيها لمشاهدة جنيف وبحيرتها ونافورتها. المشهد رائع جداً وحابس للأنفاس إذ امتزجت السماء الصافية مع البحيرة الساكنة وقرميد المساكن في لوحة فنية قد يصعب على الإنسان محاكاتها.
أخبرتنا ميلي أن الجنيفيون (أو أهل جنيف) يحتفلون في شوارع المدينة القديمة في 11 و12 ديسمبر من كل عام بانتصارهم على الفرنسيين السافويين في ليلة 11-12 ديسمبر 1602، حيث شن الدوق شارل ايمانويل هجوماً على المدينة وحاول جنوده التسلق على الأسوار بواسطة السلالم. إلا أن نساء المدينة قاومن بسكب الحساء الساخن بالطناجر على الجنود ونجحن في ردع الهجوم.

التلفريك في مون ساليف Mont Saleve
يقع مون ساليف في منطقة فرنسية محاذية للأراضي السويسرية، واستطعنا الانتقال من سويسرا إلى فرنسا بسهولة تامة، سيراً على الأقدام، من دون أي تدقيق في جوازات السفر.
ركبنا في المقطورة (Teleferique) وصعدنا إلى أعلى الجبل البالغ ارتفاعه نحو 1100 متر في أقل من خمس دقائق. المشهد في أعلى الجبل مذهل وخاطف للأنفاس، بحيث يستطيع المرء التمتع بمنظر مدينة جنيف وبحيرتها وسلسلة جبال الألب والجورا والمون بلان.

مكتب الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر
لا يمكن زيارة جنيف والمكوث فيها من دون التوجه إلى مكتب الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. لذا، أصرّيت شخصياً على زيارة هاتين المنظمتين فركبت في الترامواي وانطلقت إلى مقر الأمم المتحدة.
وصلت إلى هناك بعد عشر دقائق تقريباً، ولفتني فوراً مشهد الكرسي المكسور (Broken Chair) إنه كرسي عملاق تم تشييده مقابل منظمة الأمم المتحدة تكريماً للأشخاص الذين بترت أطرافهم بسبب الألغام التي زرعت خلال الحروب. فالكرسي مثبت على ثلاثة أرجل فقط، فيما الرجل الرابعة مكسورة، ومن هنا جاءت التسمية.
أما مكتب الأمم المتحدة في جنيف فهو المقر الأوروبي للمنظمة العالمية، ونسخة مصغرة عن المنظمة في نيويورك، لكنه يتميز بتواجد مجلس حقوق الإنسان ومؤتمر نزع السلاح.
بعد الانتهاء من زيارة مبنى الأمم المتحدة، توجهت سيراً إلى المقر الرئيسي للجنة الدولية للصليب الأحمر. تسعى هذه المنظمة إلى الحفاظ على قدر من الإنسانية في خضم الحروب، وهي منظمة مستقلة ومحايدة تقدم المساعدة لضحايا الحرب والعنف المسلح، إضافة طبعاً إلى مهام الحماية الإنسانية.
واللافت في اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تعمل من دون أي تحيز لصالح السجناء والجرحى والمرضى والمدنيين المتضررين من النزاعات والحروب. تتخذ هذه المنظمة من جنيف مقراً رئيسياً لها، لكنها تملك مراكز في أكثر من 80 بلداً مختلفاً.
خلال تلك الزيارة، مررت أيضاً أمام المدرسة الفندقية الشهيرة في جنيف (Ecole Hoteliere de Geneve) التي يتخرج منها أهم الاختصاصيين في إدارة الفنادق العالمية.

زيارة مصنع الساعات F.P. Journe
لا يمكن تخيل مقدار الدقة الضرورية لصناعة الساعات السويسرية الراقية! لم يكن يخطر في بالي أن كل قطعة موجودة داخل الساعة تصنع يدوياً، وتستلزم براعة حرفية فائقة، وتستغرق وقتاً طويلاً جداً.
هذا ما اكتشفته عندما قمنا بزيارة مصنع الساعات السويسرية الراقية F.P. Journe والتقينا بصاحب المصنع السيد فرانسوا بول جورن. يقع المصنع في وسط جنيف، في شارع المصارف. تبلغ مساحة المبنى 2000 متر مربع، موزعة على ثلاث طبقات، يعمل فيها حرفيو ساعات، ومهندسون، ورسامون، وباحثون، وتقنيون، واختصاصيون في الصقل...
بعد زيارة مختلف المحترفات الموزعة في أرجاء المبنى، والاطلاع عن كثب على كيفية إنجاز الحرفيين لعملهم الدقيق، التقينا بالسيد جورن الذي أخبرنا أنه عشق الساعات منذ نعومة أظفاره. وبدأ التخصص في صناعة الساعات في مدينة مرسيليا الفرنسية حين كان في الرابعة عشرة من عمره.
عمل السيد جورن على تنمية موهبته وتطويرها وصقلها تدريجياً.
ابتكر أول ساعة جيب حين كان عمره عشرين عاماً فقط، وخصص كل وقته لتلك الهواية التي تحولت شغفاً حقيقياً مع الوقت.
أكد لنا السيد جورن أن كل واحدة من الساعات الفريدة التي يبتكرها هي في الواقع ثمرة جهد كبير من الأبحاث وساعات طويلة من العمل، لكنه ينسى كل العناء عندما يرى الساعة متألقة على معاصم زبائنه.
التميز والفخامة ضروريان في كل ابتكارات فرانسوا بول جورن، ولذلك يحرص على استعمال البلاتين أو الذهب الأصفر أو الوردي بعيار 18 قيراط لصناعة كل قوالب الساعات وحركاتها (غير الظاهرة عموماً للعيان، والتي تكون مصنوعة غالباً من الفولاذ الصامد في بقية الساعات الراقية).
لا شك في أن السيد جورن فنان حقيقي يعرف كيف يسبر قياس الوقت بإبداع قلّ نظيره. يحرص على أن تكون ابتكاراته كلها نموذجاً راقياً للساعات العصرية، تجمع بين البساطة والمتانة من جهة، والمواد النفيسة والحركات المعقدة من جهة أخرى.
نال فرانسوا بول جورن العديد من الجوائز العالمية تقديراً لإبداعاته الكثيرة في صناعة الساعات الراقية، لاسيما وأن ابتكاراته باتت في مصاف أهم الساعات الراقية عالمياً بحيث يأتيه الزبائن من كل أصقاع الأرض، خصوصاً أولئك الذين يحبون جمع الساعات الفريدة (Watches Collectors).
تجدر الإشارة إلى أن شركة F.P. Journe للساعات الراقية مستقلة تماماً في صناعة الساعات، بحيث يديرها صانع ساعات واحد من دون أي شركاء آخرين، وهذا ما يميزها عن سواها. وتتم في كل عام صناعة 900 ساعة راقية تقريباً.

رحلة في بحيرة جنيف
الطقس مشمس والسماء صافية وخالية تماماً من الغيوم. الجو إذاً مؤات جداً للقيام برحلة في بحيرة جنيف. انطلقنا من الفندق برفقة Aldo، الذي يعمل منذ خمسين عاماً في فندق Beau Rivage وهو مسؤول عن تلبية كل طلبات النزلاء وإرشادهم إلى حيث يريدون الذهاب.
رافقنا Aldo إلى "الحديقة الانكليزية" (Jardin Anglais) لننطلق من هناك في رحلة مائية أتاحت لنا الاستمتاع بروعة شواطئ جنيف.
استمرّت الرحلة المائية ساعة كاملة، رأينا خلالها الفيلل والقصور الفخمة الممتدة على شواطئ البحيرة، ومبنى الأمم المتحدة، والحدائق العامة المحيطة بالبحيرة، ونافورة الماء الشهيرة، إضافة طبعاً إلى الجبال الفرنسية وجبل المون بلان Mont Blanc الشهير.

تجربة فريدة في التسوّق
بعد انتهاء الرحلة في بحيرة جنيف، توجهنا مباشرة لاختبار تجربة التسوق. أردت قبل كل شيء شراء كميات كبيرة من الشوكولا السويسرية التي تشتهر بطعمها الفريد ومذاقها الرائع.
إلا أني وقعت في حيرة من أمري حين وجدت نفسي أمام أشكال وأنواع لا تعدّ ولا تحصى من الشوكولا الشهية. اتضح لي أن مدينة جنيف وحدها تضمّ 30 مصنعاً أساسياً للشوكولا، ولاسيما أقدم مصنع للشوكولا السويسرية (Favarger). أدركت حينها أن جنيف جنّة حقيقية لعشاق الشوكولا.
انتقلنا بعدها إلى البوتيكات الفخمة المنتشرة في شارع رون Rue De Rhone. ماذا عساي أشتري أو أختار؟ فهناك 80 بوتيكاً للساعات والمجوهرات الراقية، بحيث يستحيل على أي شخص ألا يجد ما يلبي ذوقه ورغباته. وأودّ الإشارة إلى أن الأسعار ليست كلها باهظة ومقتصرة على فئة محددة من الناس، بل هناك ما يناسب جميع الميزانيات.

إلى اللقاء جنيف!  
غادرت جنيف بعد قضاء ثلاثة أيام في ربوعها والاستمتاع بإقامة مترفة في فندق Beau Rivage. وقد حرص السيد جاك مايير، صاحب الفندق، على وداعنا شخصياً ومرافقتنا إلى السيارة التي أقلّتنا من الفندق إلى المطار، مؤكداً بذلك على اعتبار نزلاء الفندق بمثابة أصدقاء له.
غادرت جنيف وأنا أحمل في جعبتي كماً هائلاً من اللحظات الجميلة والذكريات التي لا تنسى، مع رغبة شديدة بالعودة إلى المدينة السويسرية في أقرب فرصة ممكنة لأكتشف ما فاتني منها هذه المرة...

CREDITS

شكر خاص : فندق Beau Rivage جنيف على حسن الاستقبال والضيافة