سيبيل دو مارجوري في منزل «آبي رود» بالقرب من لندن: فخامة معاصرة لتاريخ شاعري

مهندس الديكور,لورانس آلما تاديما,الأرضية,صالة المدخل,صالات الاستقبال,صالة الطعام,المنزل,الفن الإنكليزي,سيبيل دو مارجوري,لندن,الديكور,العمارة

باريس - نجاة شحادة 01 يوليو 2017

لعل من أصعب الأوقات التي يعيشها مهندس الديكور، هي تلك اللحظة التي يقف فيها في مواجهة مكان لا يمكن أن يوصف بغير «الخاص جداً». وخصوصية هذا المكان تكمن، ليس فقط في نمطه المعماري الرائع، ولا في اتصاله التاريخي بحقبة مميزة، ولا في ملكيته التي تعود للسير لورانس آلما تاديما، وهو واحد من عباقرة الفن الإنكليزي وأحد أعضاء أخوية «بريرافاييليت» الشهيرة في تاريخ الفن والتي ترك أفرادها أعمالاً خالدة من الرسوم واللوحات البديعة... بل تكمن في كل هذه العناصر مجتمعة مضافاً إليها البعد العاطفي الذي يخيّم على فضاء هذا المكان. من هنا يمكننا استشعار صعوبة اللحظة التي واجهت «سيبيل دو مارجوري»، والتي استطاعت ببراعتها وتجربتها وأيضاً حساسيتها أن تستدعي روح هذا المكان وتبثّ فيه حيوية جمالية وعملية بالغة الإتقان والجاذبية.

هذا المنزل الذي يقع في حي «آبي رود» القريب من لندن، كان في ما مضى محترفاً للفنان لورانس آلما تاديما. ولأنه مجلّل بالتاريخ والمهابة فقد تم تصنيفه معلماً تاريخياً. ومن أجل هذا، حافظت أعمال الديكور في هذا المنزل على خصائص هذا الفضاء التاريخي والمعماري والعاطفي.
فالعمارة هنا حاضرة من خلال القبّة المدهشة للمحترف القديم، وقد تم إصلاحها وإعادة تأهيلها بـ«ورق البلاتين». الأقواس «القناطر» الأصلية عند المدخل تم الحفاظ عليها، وكذلك الانسياب العام بين المستويات ووضعيات الغرف والصالات.

مزيج من الأساليب والحقب، سواء في اختيار المواد والأثاث وملاءمتها مع مجموعة الأعمال الفنية الخاصة. الرخام والأونيكس والبرونز والأقمشة المتكلفة والمواد الصوفية، التطريز، الجلد المجدول، خشب الأكاجو والجوز، سجّادات الكتّان والحرير تشكل امتداداً للأثاث المعاصر الساحر، والقطع الأثرية التي تم توزيعها تبعاً لتقديرات المالك.
الأعمال الاستثنائية للمصمّمين الفرنسيين والعالميين تم تطويرها خصيصاً من أجل هذا المشروع.

في صالة المدخل، الأرضية من الرخام باللون البيج، وعناصر الإضاءة المعلقة بهيكل من المعدن المطرق والمرمر بتوقيع «بوينا». وهنا تواجهنا المدفأة المهيبة وسط جدار من البرونز المشغول باليد بموتيفات مستعارة من الغابة بتوقيع «بيار – الكسندر بولين». أما المدفأة نفسها فهي محاطة برخام بلون الأرضية... «الصوفا» الكبيرة والمقاعد الصغيرة من «بريموموريا»، والوسائد بتوقيع «أندرو مارتن»، والطاولة المنخفضة من «بريموموريا أوتمانز»، والزهرية قطعة أثرية قديمة من مجموعة المالك الخاصة.
في صالات الاستقبال الكبيرة والمتعددة، نجد أن الثريات الكبيرة قد تم تخصيصها، كما في الصالون الكبير، والكنبات المشغولة خصيصاً للمكان بأشكالها المبتكرة وأقمشتها النبيلة، كذلك الأكسسوارات التي تم اختيارها بعناية فائقة - وفيها الكثير من المجموعة الخاصة للمالك – بالإضافة الى القطع المكمّلة للأثاث مثل الطاولات المنخفضة أو الكونسول أو السجّاد، كلها عناصر تؤمّن الانسجام وتوفّر الراحة. وكذلك الأمر في صالات الجلوس الأخرى التي تثير الدهشة بأحجامها وأناقتها الموصوفة، حيث تبرز الإضاءة المعلّقة كعنصر أساسي في زخرفة الفضاءات.
في صالة الطعام، الطاولة من «بريموموريا» والأرضية من الخشب «الباركيه» وفوقها سجادة من «تاي بينغ». الكراسي حول الطاولة مصنّعة خصيصاً من «أنترنا»، أما معالجة الجدران والأعمدة المزخرفة حول النوافذ فهي بتوقيع «أندرو مارتن».

وقد يكون من الضروري هنا الإشارة الى مسألة في غاية الأهمية تتعلق بالملحق الذي تم ضمّه الى المبنى الأصلي. فالحداثة المعمارية للمسبح ولصالة الرياضة، وكذلك لمنزل الضيوف، تتقابل مع الهندسة «الفيكتورية» الأصيلة للبناء المصنّف. أجواء تتلاءم أيضاً مع متطلبات الحياة الأسرية: الراحة والاسترخاء والصرامة والشاعرية لفخامة بعيدة عن التباهي. هذا الملحق بهندسته المعاصرة، والذي تم تخصيص غرفه للضيافة والضيوف، فيه أيضاً المسبح ببلاطه الرخامي البيج وكراسيه المستطيلة والوسائد المميزة، بالإضافة الى ترّاس مؤثث بتوقيع «باولا لونتي»، مما يسمح بالتمتع بالهواء الطلق وتمضية جلسات ممتعة لا تنسى.

القسم الليلي من هذا المنزل يثير الدهشة، ليس فقط بمساحاته الرحبة وإنما بالخيارات الزخرفية التي تم اعتمادها لفضاءاته التي تتمتع بخصوصية وحميمية لافتة. فالأثاث من أسرّة وكنبات وطاولات منخفضة وعناصر إضاءة معلّقة أو مدمجة، بالإضافة الى أكسسوارات لافتة من مجموعة المالك الخاصة... كل هذا يجعل من غرف النوم أمكنة فريدة لا يمكن مقارنتها. كذلك صالات الحمّام الملحقة بهذه الغرف والتي تتمتع بتجهيزات وتنسيقات بالغة الأناقة تؤمّن الراحة والرفاهية، وتؤكد الانسجام البالغ مع أجواء هذا المنزل البديع.

ولا بد لنا قبل مغادرة هذا المكان من الالتفات الى صالة السينما الخاصة والتي تنضوي تحت لواء فرادة هذا المنزل، بألوانها الحارة المستمدة من أجواء صالات السينما ولكن بأثاثها المريح والذي يذكّر دائماً بأننا هنا في منزل خاص ولسنا في صالة عرض عامة. كما لا بد من الإشارة الى العديد من المدافئ المنتشرة في غالبية الغرف وأركان هذا المنزل، والتي تمنح المكان قيماً مضافة تدعم أصالته المعمارية.