نتاشا شوفاني: لم أتصرّف يوماً بصفتي جميلة وهذا ما تعلّمته من تيم حسن...

نتاشا شوفاني,تيم حسن,الوجه الطفولي,النصوص,بنت الشهبندر,التمثيل,العمليات التجميلية,الجانب الإنساني,مسلسل,الأفلام السينمائية,الدراما المصرية,ممثلة,تعليقات المشاهدين,المسلسل,الرسائل الاجتماعية

سارة عبدو 09 يوليو 2017

ممثلة لبنانية مرهفة الإحساس، صقلت موهبتها التمثيلية بالتزامن مع دراستها الجامعية. أدّت دور الانطوائية وبرزت في دور الأنانية، وتطمح إلى التمثيل في الأفلام السينمائية والوصول إلى المهرجانات العالمية.
هذا بالإضافة إلى تقديم الرسائل الاجتماعية من خلال أعمالها الدرامية. ناتاشا شوفاني في هذا الحوار...


- من هي نتاشا شوفاني؟
فتاة لبنانية تبلغ من العمر 27 عاماً، درست الإعلام والصحافة في الجامعة اللبنانية- الأميركية، والتحقت بصفوف التمثيل الاختيارية في الجامعة وشاركت في مسرحيات أُقيمت على مسرحها. وحين تخرجت، عملت في مجال الإعلام واكتسبت مهارات عدة لا علاقة لها بالتمثيل، إلاّ أنها لم تحتمل الجلوس إلى مكتب، فعملت في مجال الإنتاج ونزلت إلى مواقع التصوير، لا لتتعلّم الإنتاج بل لترى الممثلين، «كنت أراقبهم طوال الوقت»...

- ماذا تذكرين من أول دور تمثيلي أدّيته؟
تعاونت مع طلاب الإخراج في أولى تجاربي التمثيلية، وما زلت إلى اليوم أتعاون معهم، فشغفهم لا نجده في المشاريع التجارية.
وفي الوقت نفسه، كنت أُجري «كاستينغ» لأعمال تمثيلية، ولا أبني آمالاً كبيرة بأن يختاروني، بحيث إنني لا أتحدّث العربية بطلاقة، إلى أن اتصلوا بي من مسلسل «حلوة وكذابة» ونطقتُ للمرة الأولى في مسلسل، إذ كنت «كومبارس» في البداية... شعرت يومها بأنني ميريل ستريب، تقول ممازحةً.
وبعد مرور عام على عرض المسلسل، عرضت عليَّ شركة «مروى غروب» المشاركة في مسلسل «اخترب الحي»، فتردّدت لأنني لم أكن أدرك حينها ما إذا كنت سأبرع في المسلسلات التلفزيونية، كما أن لهجتي لم تساعدني، ولم أكن أملك خبرة في التمثيل بعد.
حدّثني المنتج مروان حداد فقال: «لو لم تكوني «شاطرة» لما تذكرتك»، في مشهد لم يكن موجوداً أصلاً وكُتب بالصدفة، وطلب مني الحضور واتفقنا.
ومن «اخترب الحي»، فُتحت الأبواب أمامي وشاركت حتى اليوم في 12 مسلسلاً وعدد كبير من الأفلام القصيرة، وعملت في المسرح مع لينا أبيض في مسرحية تناولت العنف ضد المرأة، كما كنت بطلة مسرحية جورج خباز «مع الوقت... يمكن» التي عرضت على مدى 6 أشهر.

- يوم اخترتِ ممارسة مهنة مغايرة لدراستك، هل تلقيتِ دعماً من أهلك؟
في البداية، تخوّف والداي من دخولي مجال التمثيل، ولكنهما فرحا كثيراً عندما شاهداني على مسرح جورج خبّاز. فوجئا بي وبإتقاني اللغة العربية، وأمي قالت: «أهذه ابنتنا؟!!».

- كيف طوّرتِ موهبتك؟
تلقيت دروساً مكثّفة في التمثيل، والتحقت بورش عمل Workshops، وشاهدت أفلاماً ضخمة، وقرأت الكثير عن التمثيل وتقنياته.
كما أن الخبرة أفادتني، فكل عمل قدّمته علّمني وطوّر تقنياتي وأدواتي، وأنا إنسانة تحب مراقبة الناس بطبيعتها. أراقب «الشحّاد»، المرأة المجنونة التي تحدّث نفسها، الإنسانة الحزينة التي تبكي، وأخلق بيني وبينها «مونولوغ» داخلياً، أي حديثاً مع النفس.
لا أملّ وأنا بمفردي، لأنني لا أتوقّف عن التفكير. أراقب تصرفات الناس وأجسّد شخصياتهم، فمن حولنا «كاراكتيرات» لا تُحصى ومراقبتها متعة.

- حب من طرف واحد جمعك بـ تيم حسن في «نص يوم»، أخبرينا عن يوم التصوير الأول.
كنت متحمسة جداً للتعاون مع شركة «الصبّاح»، وحين اجتمعت بهم لم أكن أتوقّع أن الدور سيكون ضمن مسلسل من بطولة تيم حسن ونادين نسيب نجيم. قصدتُ موقع التصوير وتعرّفت إلى المخرج سامر البرقاوي، والتقيت المخرج والمؤلف السوري أكثم حمادة المسؤول عن تدريب الممثلين ومساعدتهم في تقمّص الدور والخروج منه، وهي المرة الأولى التي أصادف فيها Acting Coach في مسلسل.
كان كل شيء مختلفاً ومبهراً بالنسبة إليَّ. أخبرني أكثم قصة حياة «ليال» منذ ولدت وحتى أحداث الحلقة الأولى من المسلسل، مبتكراً خلفية الشخصية وتفاصيل العلاقة بينها وبين ميّار «تيم حسن»، ثم أعطاني النص.
وفي يوم التصوير الأول، ظهر تيم حسن أمامي وجمعتني به مشاهد رئيسة، وقد كنت قلقة ومُربَكة، فأنا سأقول له «أحبك» وأبكي له وقد التقيته قبل 5 دقائق فقط! كان موقفي صعباً، فأنا أدرك مدى عبقرية هذا الممثل. أعطيت من كل قلبي في «نص يوم»، وبعد تأدية كل دور من أدواري أقول: «لو عاد بي الزمن إلى الوراء لأديته بطريقة أخرى».

- ماذا تعلّمتِ من تيم؟
التركيز مع الذات أثناء تأدية الدور، فقد راقبته وتعلّمت منه ضرورة ألا أُشتت أفكاري، حيث إنه يأخذ المشهد بجدية ويعيش اللحظة وهو دقيق جداً في كل حركة يقوم بها.
كما أنني لم أشعر بنَفَس أي شخص من فريق العمل، لقد تحمّلوني وصبروا عليَّ، وعندما اتصلوا بي للمشاركة في مسلسل «شبابيك» في سورية لم أتردّد أبداً.
صوّرت حلقتين مع سامر البرقاوي وأكثم حمادة، وكنت متحمسة للقائهما. أقدّم كل شيء إرضاءً لمثل هؤلاء الأشخاص، وأنا أحبهم من كل قلبي.

- ماذا عن نادين نسيب نجيم؟
نادين إنسانة طيبة، أحبّها وأقدّر الجهد الذي تبذله في سبيل تطوير موهبتها، وهي من الممثلات اللواتي أتابعهن من مسلسل إلى آخر.

- تعيشين صراع الحب والحيرة بين شخصين في مسلسل «بلحظة» الرمضاني، ماذا عن تفاصيل الدور؟
أعتبر هذا الدور نقلة نوعية في مسيرتي الفنية، وأُقدم من خلاله شخصية «جنى»، الصبية التي تقع في حب «سيف»، ويؤدي دوره زياد برجي، وهي صديقته المقرّبة، وفي الوقت نفسه، تساعده في توطيد علاقته بحبيبته وترغب في رؤيته سعيداً وإن كان مع امرأة أخرى.
ترى أنها بحاجة لإيجاد شخص آخر تمضي معه حياتها، وفي كل مشهد تقول شيئاً وتقصد أشياء أخرى. تقول «أحب سيف» في كل جملة تنطقها، لكن أحداً لا يدرك هذا الأمر. في حديثي معه، أجيبه بكلمات ونظراتي تقول العكس...

- كيف كان التعاون مع زياد برجي؟
بيننا كيمياء مدهشة والتمثيل معه متعة، فقد اعتدنا على بعضنا البعض، وهو يُضحكني كثيراً.

- هل تلتفتين إلى تعليقات المشاهدين بعد تأدية كل دور؟
جدّتي ناقدتي الشخصية، علاقتي بها «فظيعة»، تشاهد كل ما أقدّم وتوجّهني، وهي ناقدة قاسية بالمناسبة، ففي الحلقة 90 من مسلسل «اخترب الحي» قالت لي: «برافو ناتاشا، اليوم ظبط الدور»، وفي «نص يوم»، انتقدت بكائي طوال الوقت، وقالت: «ما من مشهد لا تبكين فيه، «خلصينا بقى»، ماذا وضعوا في عينيك لتبكي؟!».
مهما قالوا عني وأثنوا على أدائي، كلام جدّتي يؤثر فيّ، وإن لم يعجبها دوري، أصدّقها ولا أكترث إلى مديح الباقين. جدّتي جوهرة وأنا صديقتها المفضلة، تبحث عن أخطائي ولا تخفي شيئاً عني، لذلك أحترم رأيها.

- ما هي نقاط ضعفك كممثلة؟
أحياناً أضيع بين الكاراكتير وبين نفسي...

- هل أنت راضية عن أدائكِ التمثيلي؟ أم أنكِ تنتقدين نفسك؟
أنا ناقدة جارحة... تعلّمت من كل الأدوار التي أدّيتها، وفي كل دور وضعت قطعة منّي. في المسرح شعرت بأنني تعلّمت التمثيل من جديد.
تقنياً تحوّلت 180 درجة، ودخلت عالم الدراما بصورة أقوى مع «بلحظة» الذي أنتجته شركة «الصدى» و«متل القمر». إلا أنني لم أشعر بعد بأنني قدّمت أفضل ما لديَّ، فيوم أشعر بأنني استنفدت كل طاقاتي، سأتوقف عن التطوّر.

- كيف تصفين مشاركتكِ في الدراما المصرية؟
شاركت في مسلسل «دوائر حب»، وهو عمل مشترك بين مصر ولبنان والخليج، من بطولة تارا عماد وداليدا خليل وصمود القندري، وكان لي شرف الوقوف أمام الممثلة القديرة رجاء الجدّاوي. كما أديت أيضاً دوراً تمثيلياً في رمضان الماضي في مسلسل «شهادة ميلاد» وكانت تجربة رائعة، لكن لم أتمكن من المشاركة في مسلسل عرض عليّ في مصر وفيلم في المغرب، لارتباطي بعمل مسرحي.

- ما هي طموحاتكِ؟
التمثيل في الأفلام السينمائية والوصول إلى المهرجانات العالمية. بالإضافة إلى تقديم الرسائل الاجتماعية من خلال أعمالي الدرامية.

- هل أرضى مسلسل «ورد جوري» طموحاتكِ؟
دوري في «ورد جوري» صغير، ولكن المشاركة في عمل كهذا تُعدّ قيمة بالنسبة إليَّ مهما كان حجم الدور، لكون المسلسل يناقش قضية حساسة في مجتمعنا اللبناني، ومن الضروري الإضاءة عليها وهي «الاغتصاب».

- ماذا عن دوركِ فيه؟
أؤدي دور زوجة جان دكاش شقيق نادين الراسي وستيفاني عطالله، «الفتاة المغتصَبة». تصرفاتها محيّرة وتظهر في شخصيتين، فهي تقول شيئاً وعيناها تحاول أن تقول شيئاً آخر، كما في مسلسل «بلحظة». دور لن يدخل القلب بسهولة، وفي الوقت عينه، يمكن أن يحبّني الناس ويبرروا تصرفاتي.

- هل تشاهدين نفسكِ؟     
أخاف من مشاهدة نفسي، وخلال فترة التصوير، أحرص على عدم المشاهدة لئلا يؤثر ذلك في أدائي.

- أخبرينا أكثر عن الجانب الإنساني في شخصيتكِ.
كنت ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وشعرت في صغري بأنني سأغيّر العالم... همّي مساعدة الناس والوقوف مع الضعيف لتبيان حقّه، وأشعر أن في إمكاننا توجيه رسالة معينة من خلال أعمالنا الفنية. هو شغفي الذي لم يتغير منذ أن كنت طفلة صغيرة.
لم أكن لأنجح كصحافية، ذلك لإحساسي المرهف، فلا أقوى على ضبط مشاعري، وأنفعل أمام جرح الآخرين، وحين أرى الظلم أتأثر وأبكي. البعض يقول إنني سمجة ولئيمة، لكنني في الحياة غريبة الطباع وعلى مسافة من كل الناس.

- هل تؤيدين العمليات التجميلية؟
ربما أحتاج إلى بعض «الرتوشات» في وجهي، وأنا لست ضد اهتمام المرأة بجمالها، فهناك ممثلات أُجريت لهن عمليات غير ظاهرة، ومتى احتجت إلى ذلك، سأخضع لعمليات شرط ألاّ تؤثر في تعابير وجهي، فأنا لا أريد أن أغيّر هويتي.

- موهوبة في الرسم والنحت إلى جانب التمثيل، هل من مواهب أخرى مخبّأة لديكِ؟
أرسم وأنحت وأبحث عن مكان أعرض فيه أعمالي، فأنا إنسانة فوضوية وكسولة ولا أعرف كيف أنظّم أموري.
كما أكتب قصائد باللغة الإنكليزية، لكن حسب مزاجي، فأرفض أن أفعل شيئاً لأنني مُجبرة عليه. أحياناً أرسم في موقع التصوير، وكثر نصحوني بإصدار كتاب يتضمّن كتاباتي ورسوماتي.

- تعاونتِ مع أسماء مهمة في «بنت الشهبندر» عام 2015، هل شعرت بالرهبة نحوهم؟
لم يكن دوري عميقاً في العمل، لكنه أفسح لي المجال للتعرّف إلى نجوم كبار ومن بينهم قصي خولي، فقد لفتني تواضعه وحبّه للجميع وتقرّبه منهم، وهو إنسان يستحق محبة الناس له. ورغم أنه لم يجمعنا أي مشهد في المسلسل، حضر وشاهد مسرحيتي مع جورج خبّاز وهنّأني وذكّرني كم كنت خجولة في «بنت الشهبندر»، مشيداً بجرأتي على المسرح.

- من يلفتكِ من الممثلين؟
جمعني مشهد بالممثلة كارمن لبّس في مسلسل «بلحظة» فتأملتها وقلت في قرارة نفسي: «هل فعلاً أمثّل أمامها وأنا أمضيت طفولتي أشاهدها، خاصةً في فيلم «ويست بيروت» West Beirut!».
بالنسبة إليَّ، كارمن هي الممثلة الأبرز لبنانياً، كما تلفتني رولا حمادة وهي ممثلة مبدعة أيضاً وقد تعاملنا معاً في مسلسل «ورد جوري».

- ما رأيكِ بالنصوص، هل ترضيكِ؟
أحياناً لا تعجبني وأقدّم أعمالاً لا أكون مقتنعة بها، ولكنها أصبحت أقرب إلى واقع مجتمعنا، وأتوقّع أن تشهد تطوّراً ملحوظاً في السنوات المقبلة بحيث نقترب أكثر من الواقع الذي نعيشه اليوم.
أعشق كتابات نادين جابر، وقد أُغرمت بشغفها وهي تعرّفني على دوري. كما أحب كتابات أشخاص كُثُر لم أتعامل معهم بعد، مثل طارق سويد ونادين لبكي، فأنا معجبة بأعمالها وأقدّر الجهد الذي تبذله في سبيل تطوير نفسها، ولا يمكنني نسيان مشهدها في فيلم «رصاصة طايشة» وهي داخل المصحّة العقلية...

- يقولون عنكِ صاحبة الوجه الطفولي، هل ساعد جمالكِ في نيلك الفرص؟
ويقولون أيضاً إنني شريرة! في الواقع أنا أملك الوجهين، في إمكاني إخافة من حولي باعتمادي «كاراكتيرات» سيئة، مثل الشخصية القوية المؤذية في «اخترب الحي»، والحاقدة في «أبرياء ولكن»، والأنانية في «دوائر حب».
وفي الوقت عينه، يساعدني وجهي الملائكي في تأدية الأدوار الإيجابية. ففي «نص يوم» اعتبر البعض أنني قبيحة لبكائي طوال الوقت، وأنا لا أهتم بمظهري ولم أتصرّف يوماً بصفتي إنسانة جميلة، فأنا لا أمانع الظهور وفق متطلبات الدور، ربما أحلق شعري على سبيل المثال. فيمكن أن يكون الممثل بشعاً ويصل إلى المشاهدين أكثر من ملوك الجمال.