المرأة عُرضة لأمراض القلب... لكن الوقاية ممكنة أياً كانت الظروف

كارين اليان ضاهر 30 سبتمبر 2017

طوال أعوام عدة، ساد اعتقاد بأن المرأة محمية من أمراض القلب. صحيح أن الهورمونات تحميها إلى حد ما قبل مرحلة انقطاع الطمث، لكنها تصبح عرضة تماماً كالرجل بعدها.
واللافت هذا الانتشار السريع والواسع لأمراض القلب الذي يهدد النساء في العالم، وفي مجتمعاتنا بشكل خاص، فيما تعتبر الوقاية ممكنة في كل الظروف، وحتى في حال وجود عامل وراثي يزيد من خطر إصابتها.
في كل الحالات يبقى وعي المرأة أساسياً لتحمي نفسها من أمراض القلب بمختلف وسائل الوقاية والحماية المتاحة لها.


الطبيب الاختصاصي بأمراض القلب د. سمير علم: لم تعد فكرة أن المرأة محمية من أمراض القلب واقعاً، وعوامل كثيرة اليوم تضعها في خانة الخطر.

 من الواضح أن معدلات انتشار أمراض القلب بين النساء زادت إلى حد كبير في مجتمعاتنا في الأعوام الأخيرة، ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟
ثمة تغييرات كثيرة حصلت في الممارسات الصحية وعلى صعيد نمط الحياة في المجتمعات أدت إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب، من دون أن ننسى زيادة الضغوط في الحياة وعدم الاستقرار وسوء التغذية... عوامل كثيرة لعبت دوراً وأدت إلى انتشار أمراض القلب بشكل عام.
وهنا لا بد من لفت الانتباه إلى أن المرأة هي أكثر تأثيراً في المجتمع، وقد عانت الكثير في الأعوام الماضية من الجهل السائد والذي يطاولها بشكل خاص. فبالنسبة إلى أمراض القلب تحديداً، لطالما ساد اعتقاد بأن المرأة محمية منها، وهذا خطأ كبير وكأن ذلك أصبح واقعاً.
من هنا كانت فكرة إنشاء مركز «يدنا» لصحة قلب المرأة الذي وضع برنامجاً شاملاً بهدف حماية المرأة من أمراض القلب، سواء من خلال التوعية أو الكشف المبكر، فاستطاع أن يوفر للمرأة اللبنانية كل مستلزمات الوقاية والكشف المبكر.

صحيح أن أمراض القلب زادت لدى الجنسين، لكن معدلاتها كانت أقل لدى المرأة مقارنةً بالرجل، ما سبب ذلك؟
كون المرأة اليوم تدخّن أكثر بكثير من السابق، إضافة إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها وظروف عملها وإنجابها في سنّ متأخرة ونمط حياتها عامةً... كلها عوامل ساهمت في زيادة معدلات أمراض القلب لديها في السنوات الأخيرة.

هل صحيح أنها محمية من أمراض القلب قبل سنّ الخمسين؟
تعتبر المرأة محمية من أمراض القلب قبل سنّ الخمسين، لكن بعدها ومع انقطاع الطمث لديها تصبح عُرضة تماماً كالرجل.

لماذا تكون محمية قبل سنّ الخمسين ثم تصبح عرضة كالرجل بعد انقطاع الطمث؟
ترتبط هذه الحماية بالعوامل الهورمونية. فهي محمية إلى حد ما قبل انقطاع الطمث، فيما تبقى هناك استثناءات. أما بعد انقطاع الطمث فيخف التأثير الهورموني.

ما الذي قد يخفف من عنصر الحماية لديها من أمراض القلب قبل مرحلة انقطاع الطمث؟
التدخين وحبوب منع الحمل يؤثران سلباً ويخفّفان من معدل حماية القلب.

هل تبدو أعراض أمراض القلب لدى المرأة مشابهة لتلك التي لدى الرجل؟
ثمة خصوصيات لأعراض أمراض القلب لدى المرأة، وأهمها ضيق النفس الذي تعانيه أكثر من الرجل فيما تظهر المشكلة لديه بشكل ألم في الصدر.
وهذا عارض أساسي يميز بينهما. إضافة إلى ذلك، يبدو تأثير السكري في المرأة، لجهة القلب، أهم مما هو عليه لدى الرجل. في المقابل، يؤثر التدخين في الرجل أكثر مما يؤثر في المرأة.

فيما يُنصح دائماً بالوقاية من أمراض القلب، في حال وجود العامل الوراثي، هل تفيد الوقاية في تأمين الحماية التامة؟
صحيح أنه لا يمكن التغيير في العوامل الوراثية حتى اليوم، إلا أن للسلوك الصحي تأثيراً مهماً كوقف التدخين وتجنب السُمنة ومشكلات أخرى كارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى نمط الحياة الصحي عامةً.
هذه العوامل تلعب دوراً في تعزيز القدرة على حماية قلب المرأة من الأمراض، حتى في حال وجود عامل وراثي. واللافت أن الكشف المبكر سمح باكتشاف أن كثيرات يعانين ارتفاعاً في ضغط الدم ومشاكل سكري... ولا يعرفن بذلك.

هل الوقاية تقتصر عامةً على نمط الحياة الصحي، أم أنه تتم الاستعانة بالأدوية أيضاً؟
إضافة إلى أهمية اتباع نمط حياة صحي والامتناع عن التدخين، ثمة أدوية تساعد على ذلك لحماية القلب بشكل أفضل من خلال ضبط معدلات الكوليسترول والضغط أيضاً. مع الإشارة إلى أنه في حال وجود عامل وراثي، تبقى للوقاية أهمية كبرى.

هل تختلف العلاجات المعتمدة للمرأة عن تلك التي توصف للرجل؟
تعتبر العلاجات ثابتة وهي نفسها للرجل كما للمرأة.


اختصاصية التغذية هنا عرابي: ثمة خطأ شائع تقع فيه النساء في مجتمعاتنا ويُلحق أذى كبيراً بالشرايين والقلب

ما المشاكل الصحية التي يمكن أن تواجهها المرأة وترتبط بأمراض القلب؟
ثمة مشاكل صحية عدة يمكن أن تواجهها المرأة وترتبط بأمراض القلب كالكوليسترول والسكري وارتفاع ضغط الدم ومعدلات الشحوم الثلاثية.
لذا، عند العمل على الوقاية، لا بد من تحديد عوامل الخطر والوقاية من هذه المشاكل كلّها، فيُجرى للمرأة فحص دم شامل مثلاً في مركز «يدنا» للوقاية من أمراض القلب لدى المرأة، لتحديد عوامل الخطر والتأكد من عدم ارتفاع ضغط الدم ومعدلات السكر في الدم والكوليسترول والشحوم الثلاثية، إضافة إلى دراسة التاريخ العائلي للمرأة. مع الإشارة إلى التركيز على الغدة الدرقية في الفحوص لأنها أيضاً ترتبط بالقلب ويمكن أن تؤثر في صحته.

ما الخطوات التي لا بد من اتباعها إذا كانت المعدلات مرتفعة؟
إذا كانت المعدلات مرتفعة وعوامل الخطر موجودة، لا بد من اللجوء إلى اختصاصية التغذية، إضافة إلى استشارة الطبيب للحصول على العلاجات اللازمة. فمن الواضح أن نسبة عالية من السيدات يتبعن نظاماً غذائياً غير صحي، ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص لحماية القلب، علماً أن السكري مثلاً يعرّض المرأة لأمراض القلب أكثر 4 مرات.
كذلك يزيد الخطر في حال ارتفاع معدلات الشحوم الثلاثية والكوليسترول، مما يجعلها أكثر عرضة لانسداد الشرايين، من دون أن ننسى أيضاً التدخين الذي يزيد نسبة الخطر عليها، حتى في حال عدم وجود أي مشكلة صحية أخرى، مما يؤكد ضرورة وقفه تماماً بما أنه يزيد الخطر بشكل كبير، سواء بالنسبة إلى أمراض القلب أو السكري.

هل من عوامل أخرى في نمط الحياة يمكن أن تساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب؟
نظام الركود السائد في مجتمعاتنا اليوم يلعب أيضاً دوراً مهماً في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. فقلّة الحركة تشكل خطراً على صحة المرأة التي تجلس الى مكتب.
لذا، يجب التركيز على أهمية الحركة واعتماد نمط حياة يغلب فيه النشاط الجسدي بأنواعه. كما أن التوتر يعتبر من العوامل التي تلعب دوراً هنا.

ما أسوأ العادات الغذائية المتّبعة في مجتمعاتنا والتي قد تؤثر في زيادة الخطر؟
ثمة خطأ كبير سائد في مجتمعاتنا وهو أن معظم النساء يهملن تناول الفطور على الرغم من أهميته، مما يؤثر سلباً في نظامهن الغذائي.
هذا إضافة إلى سوء النظام الغذائي المتبع أصلاً. إذ إن من الضروري اتباع نظام غذائي يحتوي على 3 وجبات رئيسة، إضافة إلى وجبتين صغيرتين وإلا تخفّ قدرة الجسم على حرق الوحدات الحرارية مع تباطؤ عملية الأيض.
كما أن هذا يؤدي إلى تراجع معدل العضلات في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة الوزن، وهي من المشكلات الأساسية التي تؤثر في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
خطأ شائع: سيدات كثيرات يشربن القهوة على الريق قبل تناول أي طعام ويتحول ذلك إلى إدمان مع ما لذلك من أذى يلحق بالشرايين، خصوصاً أن معظم النساء يفرطن في شرب القهوة ولا يكتفين بفنجان واحد ويعتدن على هذا المعدل على الرغم من أضرارها الكثيرة على الصحة، إضافة إلى أن هذا يؤدي إلى تراجع نشاط عملية الأيض.

ماذا عن النشويات؟
تحتوي النشويات البيضاء والسمراء على كمية الوحدات الحرارية نفسها، إلا أن تلك السمراء والتي تحتوي على الحبوب الكاملة تمدّ الجسم بالسكر البطيء، ولذلك فهي تعتبر الأفضل دائماً.
كما أنها تساعد في عملية الهضم وتحد من امتصاص الكوليسترول في الجسم من الغذاء. أما بالنسبة إلى النشويات البيضاء فتتم عملية الامتصاص بسرعة وتتحول إلى دهون. مع الإشارة إلى أن أجسامنا تعتبر «مدمنة» على السكر وتطلبه باستمرار بمختلف أنواعه.
لذا، من الأفضل الحرص على تناول مصادر السكر البطيء للحد من تكدّس الدهون في البطن، والذي يعتبر مؤشراً خطراً لارتفاع معدل الإصابة بأمراض القلب والسكري.

ما المقياس الذي على أساسه يعتبر محيط الخصر مؤشراً لارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري؟
إذا تخطّى قياس الخصر الـ 88، يعتبر ذلك مؤشراً لارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب، خصوصاً أن الدهون في هذا الموضع تزيد من الالتهابات في الدم، مما يؤثر سلباً في القلب.

في مقابل الدهون التي تشكل خطراً على القلب، ما الدهون المفيدة التي يُنصح بالتركيز عليها؟
من أهم الدهون المفيدة زيوت الكانولا ودوار الشمس وزيت الزيتون والصويا. كما تعتبر المكسّرات النيئة والأفوكا وبذور الكتان مفيدة لغناها بالأوميغا 3.
وصحيح أن الزيتون جيد ومفيد، لكن يجب ألا يكون مملّحاً. أما المايونيز والمقليات بعامة والزبدة والسمنة فلا بد من تجنّبها.

الأعشاب مفيدة ولكن...
يعتبر الشاي بالأعشاب عامة مفيداً إلا أنه ليس علاجاً بحد ذاته. هو غني بمضادات الأكسدة وممتاز، وأهمّ أنواعه الشاي الأخضر والقرفة والكركم الذي يخفف الالتهابات ويخفّض معدل الكوليسترول الضار، لكن لا يمكن الاكتفاء به.

                                     
نصيحة ذهبية:
من الضروري تناول الفطور الذي يحتوي على البروتينات القليلة الدسم (البيض مرة في الأسبوع)، والنشويات الغنية بالألياف على أنواعها كالكورن فليكس والخضر والزيوت المفيدة كالمكسرات النيئة وبذور الكتان. وبعد مرور بعض الوقت على تناول هذا النوع من الفطور، يمكن تناول القهوة وذلك لتجنب خسارة فوائد المكونات الغذائية بسبب الكافيين.


عن يدنا
«يدنا» مؤسسة غير حكومية لا تبغي الربح، نشأت كمبادرة من السيدة الأولى اللبنانية السابقة وفاء سليمان لتركز على صحة قلب المرأة.
جاء إطلاق «مركز صحة قلب المرأة» كمحاولة لخفض وفيات النساء الناتجة من أمراض القلب من خلال توفير خدمات الفحص والتوجيه والدعم الضرورية بأقل تكلفة ممكنة.
ويعمل المركز على تمكين المرأة اللبنانية والعربية من الشريحة المحرومة وتحسين ظروف حياتها من خلال التوعية حفاظاً على صحة قلبها وشرايينها بالوقاية والتشخيص الأوّلي والأبحاث والتثقيف والمناصرة بغض النظر عن وضعها الاجتماعي، وذلك بالتعاون مع فرق أكاديمية وطنية متميزة تعمل في المركز الذي تُعتمد فيه أعلى المعايير في الأعمال السريرية والبحثية.


نصيحة:
 احرصي على أن يكون طبقك بألوان قوس القزح على أن تشكل الخضر التي تشكل الجزء الأكبر منه.


الممنوع والمسموح

·يمكن تناول اللحوم النيئة باعتدال لأنها تؤدي إلى ارتفاع معدل الكوليسترول في الدم إلى حد كبير.

·إذا كان السوشي غير مقلي فهو مفيد جداً ويُنصح بتناوله. لكن المشكلة تكمن في صلصة الصويا التي يتم تناولها معه والتي تحتوي على كمية كبيرة من الملح. وهنا تكون المشكلة في حال الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو أحد أمراض القلب.

·يُنصح بتجنب اللحوم النيئة وتلك المعلّبة ولحوم الأغنام لأنها مضرّة جداً وتؤدي إلى ارتفاع معدلات الكوليسترول. لذا، يُنصح باستبدالها بلحوم الأبقار الهبرة شرط إزالة الدهون الظاهرة فيها.

·في حال تناول الدجاج، يجب اختيار صدر الدجاج على أن يُنزع منه الجلد.

·يعتبر السلمون اختياراً ممتازاً كذلك بالنسبة إلى التونا وثمار البحر عامةً ، استثناء القريدس الذي يحتوي على معدل مرتفع من الكوليسترول ولا يناسب صحة قلبك.

·يجب تناول السمك غير المقلي، لأنه بالقلي، إضافة إلى مشكلة ارتفاع معدل الدهون فيه، يخسر نسبة كبيرة من الأوميغا 3. كما يجب تناول البروتينات عامةً غير مقلية.

·يمكن تناول صفار البيض مرة واحدة في الأسبوع للحد من معدل الكوليسترول في الغذاء.

·يُنصح بالابتعاد عن المعلّبات عامةً.

·يجب الامتناع عن تناول الدجاج المغطّى بالكعك والمقلي كالإسكالوب، وتعتبر الأسماك أو الدجاج أو اللحوم المشوية دائماً اختيارات فضلى.

·يُنصح بتناول الحليب الخالي من الدسم. أما مشتقاته فمن الأفضل أن تكون كاملة الدسم، على أن يتم اختيار الأجبان البيضاء دائماً. أما في حال تناول الجبنة الصفراء فيجب أن تكون قليلة الدسم.

·يُسمح بتناول الفاكهة كلّها باعتدال. أما العصير فمن الأفضل تجنّبه لأنه غني بالوحدات الحرارية التي تتحول إلى دهون عند الحصول على كميات كبيرة منها.

·يُنصح بالتركيز على شرب الماء بمعدل ليترين في اليوم.

·يجب التركيز على الحبوب الغنية بالألياف.

·يُنصح بالطهو بطريقة الشيّ أو السلق، لا  القلي.

·يُنصح بالحدّ من تناول الملح والتركيز على التوابل والحامض والثوم والخل.

·يجب الابتعاد عن المشروبات الغازية الغنية بالسكر.

·يُنصح بتجنب الدهون المهدرجة. فعند التبضّع يجب التحقق من لائحة المكونات للتأكد من خلوّها منها. مع الإشارة إلى أن المكوّن الذي يتصدّر لائحة المكونات يكون معدله منها هو الأعلى.