أشهر إعلامية لبنانية تكشف رحلتها مع السرطان... قصتها ملهمة

كارولين بزي 15 أكتوبر 2017

«حلوين، طيبين ومنحبكم»... ما أن نسمع هذه العبارات الثلاث يتبادر إلى أذهاننا صورة الإعلامية المبتسمة على الدوام ليليان أنداروس... على الرغم من إصابتها بسرطان الثدي وشفاءها منه، إلا انها تقول ان الصحة لم تعد كما كانت، ولكنها لا تزال متمسكة بهذا المثلث الذي ترغب بأن يُشكل عدوى للناس ليروا جمال الحياة ويتحلوا بالطيبة وبأن يعيشوا الحب إلى أبعد مدى...

ليليان أندراوس تتحدث عن تجربتها ومحاربتها للسرطان في هذا التحقيق..

تتحدث الإعلامية اللبنانية ليليان اندراوس عن بداية إصابتها بالمرض على الرغم من أنها تحاول أن تتناسى تلك اللحظات الأولى التي علمت خلالها أنها مصابة بسرطان الثدي، وذلك بناءً على طلب من المعالج النفسي الذي تابع حالتها، وتقول: «لا يخجلني أن أقول بأن معالج نفسي تابعني، إذ إن كل المرضى بحاجة إلى معالج نفسي، لأن عائلاتهم وأصحابهم يتعبون أكثر منهم، لذلك هناك ضرورة لوجود طرف ثالث يرشدهم». وتتابع: «تلقيت الخبر كالصاعقة، ولكن أحمد ربي وأشكره وأقول لكل مريض أيّاً يكن دينك تمسك به وقوّي إيمانك بربك، لأن الإيمان يشكل ثلاثة أرباع العلاج. أذكر أن عيني لم تدمع في تلك اللحظة، علماً أن دموعاً كثيرة ذُرفت لاحقاً بسبب الألم من العلاج، لكن حينها نظرت إلى السماء وقلت يا ربي أنت أعطيتني الحياة وقد أوكلت إليك أمري وثقتي بك قوية».

«يسألونني دائماً عن قوتي فأُجيب بأنني استمددتها من ربي»، تقول ليليان وتتابع: «لم أشعر حينها لا بالقوة ولا بالضعف، وأتمنى ألا يعيش أحد هذه التجربة، إذ تشعرين أنك مجردة من كل شيء وأنت لا تملكين شيئاً، بل تخالين نفسك ذرة من هذا الكون، ولا تعرفين إن كنت ستبقين أو تغادرين، فتتوقف مخيلتنا، والفكرة الوحيدة التي تجول في خاطرنا هي فكرة الحياة والموت. ننسى الماضي والحاضر والمستقبل. نقف أمام طريقين، إما الحياة أو الموت، ونصل إلى مرحلة اللاإحساس، لأننا عندما جئنا الى الحياة لم نكن نعرف شعور تلك اللحظة وعندما نموت لا نعرف شعورنا، كنت مجردة من الإحساس».

وعما إذا كانت قد ترددت في تلقي العلاج، تشير ليليان إلى أنها لم تتردد أبداً، وتعتبر أن الله أعطانا فرصة العلاج وبالتالي من واجبها أن تخضع للعلاج. الله منح الأطباء والعلماء العقل لإيجاد طرق تنقذ حياة الإنسان، وبالتالي هل أرفض إنقاذ حياة؟

وفي ما يتعلق بعملها أثناء المرض، تلفت إلى فترات لم تستطع فيها متابعة عملها لأنها التقطت جرثومة ومكثت في المستشفى، ثم عادت إلى العمل، فالأصدقاء والزملاء كانوا متعاونين معها وحتى الإدارة قدّرت وضعها، وتعتبر أننا لا نستطيع أن نستسلم وحتى لو عاش الموت في داخلنا أو رافقنا في حياتنا، لأنه عدو فهل نستسلم لعدونا؟ بل سنحارب حتى الرمق الأخير.

ثمة من يعيش حالة نفسية مريضة وهو ليس بمريض، كإنسان مرّ بمرحلة عصيبة ما الذي تقولينه لهؤلاء الأشخاص: «فليشكروا ربهم على كل نعمة في الحياة، الفقير سيجد طعاماً يأكله، والعاطل من العمل سيجد عملاً، والقبيح سيستعين بالماكياج ليجمّل شكله... فعليهم أن يشكروا الله على كل نعمة لأنهم يملكون نعمة الصحة، فماذا يقولون لذلك الذي يتغلغل الموت داخله ويرافقه في طعامه ونومه وحياته؟ الاكتئاب حالة من الشيطان حتى لو أُصبنا بمرض، أقول إن إصابتي بالمرض كانت نعمة وليست نقمة لأنه قرّبني من الله أكثر مع أنني كنت مؤمنة ومتدينة ولكن المرض زادني إيماناً والتزاماً بل عمّق إيماني، أنتم لا تعرفون هذه النعمة التي تعيشونها، اشكروا ربكم كل صباح».

وتلفت إلى أنها في كل خطوة تخطوها في حياتها تشكر الله الذي أبقاها على قيد الحياة. وتتمنى في السنوات التي منحها اياها الله أن تخدم فيها الإنسان. وعن أهمية الأمل في حياتها وفي حياة كل واحد منا، تقول ليليان: «الإيمان هو الدرجة الأولى في الحياة، والإيمان هو الذي يمدنا بالأمل، وكما ذكرنا أن هناك أشخاصاً يموتون يومياً لأنهم لا يملكون أملاً، وثمة مرضى أكملوا الحياة لأنهم يتحلون بالإيمان والأمل، وكثر تخلصوا من المرض». وتتابع: «تعلمت أن كل مجد في الدنيا باطل، لا قيمة له، كنت أتأسف على شعري وماكياجي إذا لم أظهر بشكل لائق على الشاشة، بالتأكيد لم أهتم في تلك الفترة بشكلي فقط بل بثقافتي وعقلي أيضاً، إلا أن شكلي كان مهماً، سألت نفسي لماذا علقت على هذه الأمور فها هي ذهبت من حياتي، والشهرة ما الذي تقدمه لنا؟ تعلمت ألا أحزن أو أكتئب حتى لو أنني أكتئب في مراحل معينة ولكن لا تطول هذه الفترة لأكثر من خمس دقائق، فالاكتئاب يأتي بسبب المرض، وأحياناً أخرى بسبب الوضع العام الذي نعيشه في البلد، فالصحة عندما تذهب لا تعود كما كانت، حتى لو شُفينا من المرض وحاولنا أن نظهر بشخصية قوية لئلا نحمّل الآخرين همومنا، لكنني أعود وأعتذر من ربي وأطلب منه السماح لأنني نسيت نعمه التي منحني إياها ولم يأخذ مني الحياة. ربنا يقول لنا: «أنتم أهم من الزنابق والطيور في الحقل»، والله لا يتركهم، فعندما أسلم روحي وحياتي لله هل سيتركني ربي أتألم؟ ربّنا لا يفرض علينا محبته، بل أعطانا حرية الاختيار ونحن علينا أن نتقرب منه».

وتتابع: «في برنامجي في ART بين عامي 1996 و1997 حملت معي شعار «حلوين، طيبين ومنحبكم»، لأنني كنت قد قرأت كتاباً لأحد علماء الطب النفسي بأنه مع الألفية الجديدة سيعيش العالم حالة اكتئاب فظيعة ولا أعلم ما إذا كان قد اعتمد على تحليل سياسي أم أي شيء آخر...، وبالتالي قال اعتمدوا على مثلث أضلعه «الحلاوة، الطيبة، والحب»... والآن أنا متمسكة بهذا المثلث أكثر وبات مسلسل حياتي، وأتمنى أن يكون هذا نوعاً من الفيروس نعدي به العالم لكي ينظروا إلى كل شيء بتفاؤل، ويتحلوا بالطيبة، ويحبوا إلى أبعد مدى». وتضيف الإعلامية اللبنانية: «تبين أخيراً في إحدى الدراسات ولكن لم يتم التأكد منها بعد، أن 90 في المئة من الأمراض السرطانية سببها الضغط النفسي والاكتئاب، وربما 2 في المئة هي فيروسات تتحول إلى سرطان. لذلك أقول ابتعدوا عن الاكتئاب واشكروا ربكم ولو لم تملكوا إلا فستاناً واحداً، عيشوا بسعادة. التطور والتكنولوجيا غيّرا قناعة الإنسان، وبات كلٌ منا يطمح الى المزيد، وكلما سعينا أكثر زاد اكتئابنا وعدم رضانا عن الحاضر». وتنادي بأن يكون شعارنا في الحياة «الصحة ثم الصحة ثم الصحة». وتسأل: «لماذا نركض في هذه الدنيا فلنأخذها بهدوء».

ورداً على سؤالٍ حول رغبتها بالعودة إلى الشاشة، تقول: «بالتأكيد ولكن بالطريقة التي أحب، لا كالموجة السائدة، حتى في السنوات التي تدلعنا بها كنا حينها في فترة المراهقة والعشرينات ويحق لنا ذلك، ولكن مع سنين عمري ونضجي وثقافتي اختلف الأمر. وللأسف لم نعد نرى على الشاشات اللبنانية والعربية برامج ثقافية هادفة، بل أخباراً سياسية نكتئب منها كما أنني لا أتابع التلفزيون، الدراما موجودة ولكنها لا تؤدي الغرض المرجو. وأفكاري لا تُقبل لأنها لا تجلب إعلانات ولأنهم يريدوننا أن نرقص ونغني ونفرح ونلبس القصير».

وتختتم بالقول: «أشكر ربي كل ساعة ودقيقة أنني تجاوزت هذه الأزمات وأحاول أن اكتشف الرسالة التي كان يريدني الله أن أتعلمها».