من السنة الأولى حتى الرابعة، كيف تتطور لغة الطفل؟

ديانا حدّارة 22 أكتوبر 2017

تغمر الأهل السعادة عندما يبدأ طفلهم الصغير الكلام، بدءًا من الكلمة الأولى التي ينطقها، وصولاً إلى تركيب جملة مفيدة مؤلفة من كلمات عدة، وخلال هذه المرحلة يراقبون تطور قدرته على الكلام والتعبير عما يخالجه من مشاعر أو عما يريده.
ولكن، قد يصعب على الأهل معرفة ما إذا كان طفلهم الصغير، وتحديدًا خلال مرحلة ما قبل المدرسة، يسير على طريق التطوّر اللغوي الصحيح.
يؤكد الاختصاصيون وأطباء الأطفال أن كل طفل تتطور قدرته على الكلام بحسب إيقاعه والجدول الزمني الخاص به، ولكن أفضل طريقة للمساعدة في تطوير مهارات الطفل اللغوية هي التحدث إليه، لأنها الطريقة الأولى والبسيطة التي يتعلم الطفل بها التحدّث، وتتعزّز مفرداته الخاصة من خلال الاستماع إلى والديه في المنزل.
ولكي يعرف الأهل ما إذا كان تطوّر اللغة عند طفلهم في مساره الصحيح، نسلط الضوء على المعالم العامّة لتطور اللغة عند الطفل بدءًا من السنة الأولى لنطقه الكلام حتى الرابعة.

 

في السنة الأولى من عمره

                       
عندما يبلغ الطفل عامه الأول، يبدأ التواصل مع والديه بدون بكاء. في هذه السنّ، يجب أن يكون الطفل قادرًا على:

- قول بضع كلمات. لا تزال مفردات الطفل الصغير في هذه السنّ محدودة، ولكن يمكن الأم مساعدته على تطويرها من خلال القراءة والتحدث إليه يوميًا. ففي هذه السنّ، غالبًا ما يهتم الوالدان بما إذا كان طفلهما يقول كلمة «ماما» أو «بابا». فالنطق بهاتين الكلمتين يعني أنه يشير في الواقع إلى أمه وأبيه، وليس إلى الباب أو الكوب، وبالتالي من الضروري أن يحفّز الوالدان طفلهما على قول مفردات جديدة من خلال ما ذكر سابقًا، أي محادثته بشكل متواصل.

- تقليد صوت والديه. على الرغم من أن الطفل في هذه السنّ لا يقول الكثير من الكلمات، لكنه يخزّن في منطقة اللغة الكثير ويحاول تقليد أصوات الآخرين من حوله.
فهو يتعلم النطق بالانتباه والتكرار والتقليد، ويحوّل تدريجًا الأصوات التي يصدرها إلى كلمات يمكن فهمها. وتعبّر الكلمات الأولى عن اهتماماته وحاجاته المباشرة، وعما يجذب انتباهه في الأشياء والأفعال التي تحصل في محيطه.
ويستمر الطفل كما بدأ في تشكيل الكلمات حتى بلوغه عامه الأول. ويتحقّق إتقان اللغة من طريق التكرار والتواصل مع أهله الذين يشكّلون بالنسبة إليه مصدر الأمان النفسي والاجتماعي.

- التجاوب بشكل مناسب: يهتم أطباء الأطفال في الغالب بطريقة استقبال الطفل للّغة التي يتواصل بها مع أهله. هل يتعرّف إلى صوت والدته؟ هل يلتفت إلى أصوات مختلفة؟ هل يضحك عندما يضحك الآخرون؟ حتى في هذه السنّ، يمكنه التواصل مع المشاعر والحصول على ما يريده من خلال الإشارة أو النظر الى شيء ما.
كما أنه في عامه الأول، يجب أن يكون قادرًا على تتبّع عيني والدته والنظر إلى الأمكنة التي تنظر إليها. فهذه الأفعال تشير إلى تجاوب الطفل وتفاعله مع محيطه، وهي أكثر أهمية من عدد الكلمات التي يمكنه قولها، وفق أطباء الأطفال.

- اتباع التعليمات البسيطة: بالإضافة إلى تجاوب الطفل مع والديه والمحيطين به، من الضروري أن يتنبّه الأهل إلى ما إذا كان الطفل قادرًا على اتباع التعليمات البسيطة التي توجّهها إليه والدته، كأن يرفع ذراعيه عندما تقول له «إرفع يديك»، أو يعطيها اللعبة التي يحملها بيده، أو يتوقف عن القيام بعمل ما حين تقول له «لا» رغم محاولته فعل ذلك مرة أخرى!

 

في السنة الثانية


هذه السنة هي الرقم السحري لمعرفة ما إذا كان تطوّر الطفل اللغوي- الكلامي على الطريق الصحيح، أو أنه متأخر في الكلام. خلال هذه السنة، يجب أن يكون الطفل قادرًا على:

- توسيع المفردات. قبل بلوغه السنتين، ينبغي على الطفل أن يكون قد أصبح يستعمل حوالى 50 كلمة بانتظام، مثل: أكثر، عصير، الجدّة، تحت، فوق...الخ. فالسنّ التي تراوح بين 12 و 24 شهرًا هي السنّ الأكثر إثارة من حيث التطوّر اللغوي، وبالتالي فهي السنّ التي تتعزّز فيها قدرته على استعمال عدد كبير من المفردات، وترداد الكلمات التي تقولها والدته.

- ربط الكلمات ببعضها بعضًا: في هذه السنّ، يصبح الطفل قادرًا على ربط الكلمات ببعضها بعضًا، أي قول عبارة مفيدة مثل «أريد أن أشرب، أو بابا ذهب».
وعلى الأم ألا تقلق بشأن النطق في هذه المرحلة، فحوالى 50 في المئة فقط مما يقوله سوف يكون مفهومًا، وفي المقابل يحذّر اختصاصيو النطق الأم من مجاراة طفلها بنطقه الطفولي، كأن تقول له مثلاً «بتك تسرب» عوضًا عن أن تقول له «بدك تشرب»، بل عليها تصحيح نطقه بإعادة لفظها عبارته بشكلها الصحيح.

- استعمال الضمائر: في هذه السنّ، يبدأ الطفل بفهم معنى الضمائر «لي» و»أنت»... على الرغم من أنه قد لا يستعملها دائمًا بشكلها الصحيح. على سبيل المثال، قد يشير إلى أبيه بأنه «هي».
وهذا أمر شائع بين الأطفال في هذه السنّ، ولا شيء يدعو للقلق، ومع الوقت سوف يتعلم استعمال الضمائر  في محلها من الجملة.

- تحديد الأشياء وأجزاء الجسم: يجب أن يكون الطفل قادرًا على الإشارة إلى الأنف والعينين والفم، وهكذا دواليك، والبدء في تسمية كل جزء من الجسم، على الرغم من أن العديد من الأطفال سوف يشيرون جيدًا قبل أن يتمكنوا من اللفظ.
فالطفل في هذه السنّ سوف يشير إلى الشيء الموجود في الصورة عندما تسأله والدته مثلاً «أين هي الكرة؟» أو «أرني الكلب»، سوف يشير إليهما بإصبعه.

 

في السنة الثالثة


خلال هذه السنّ، تتطوّر ملكة الكلام عند الطفل وتظهر الثرثرة. حتى الآن، يجب أن يكون الطفل قبل مرحلة المدرسة قادرًا على:

- التحدث بوضوح في جمل بسيطة. وبحلول الوقت الذي يسبق المدرسة التمهيدية، على الأم أن تفهم بسهولة ما يقوله ابنها، أو على الأقل 75 في المئة منه.
لذا، يمكن الأم إجراء محادثة مع طفلها، ففي هذه السنّ يطرح الطفل الكثير من الأسئلة ويخبر والدته بأشياء حدثت معه خلال نهاره في الحضانة.

- تسلسل في الكلمات وفي موضعها الصحيح: في هذه السنّ سوف تُدهش الأم بقدرة طفلها على تركيب جملة من ثلاث إلى ست كلمات وبترتيبها الصحيح. مثل «لعبت أنا وصديقي». صحيح أنها جملة بسيطة وقصيرة، ولكنه صاغها في شكلها الصحيح.

- اختيار الكلمات المناسبة: انتهت الأيام التي كان يشير بإصبعه إلى الأشياء التي يريدها. وصار يعرف تسمية كل شيء باسمه ويحدّد ما يريده بالكلمات. لذا، ينبغي أن يكون الطفل في هذه السنّ قادرًا على الإشارة إلى الأشياء لفظيًّا.

- اتباع طلبات من جزءين: إن فهم الطلبات وتنفيذها مسألة أكثر تعقيدًا، ولكنه مؤشر لتطور ملكة اللغة والفهم لديه. يجب أن يكون الطفل قادرًا على التصرف وفقًا لما يُطلب منه، مثل «يُرجى خلع حذائك، ووضعه على الرف». بمعنى آخر، يجب أن تكون هذه التعليمات بسيطة في سياق الحياة اليومية حتى تصبح لديه خبرة في تنفيذها.
أما إذا كانت تجربة جديدة، فقد يكون من الصعب على الطفل تنفيذها مباشرة، فهو يحتاج إلى وقت كي يتعلمها ويستوعب طريقة تنفيذها.

 

في السنة الرابعة


أصبح صبيًا كبيرًا أو بنتًا كبيرة، وهو ينمو بسرعة، وبات متمكنًا من لغته بشكل باهر. في هذه السنّ، يجب أن يكون الطفل قادرًا على:

- التحدث بوضوح في جمل أكثر تعقيدًا: في هذه السنّ، يصبح في مقدور الطفل رواية قصة كاملة مثل حادثة طريفة حصلت معه في المدرسة، ويمكن الأم فهم كل كلمة يقولها. بحلول سنّ الرابعة، حتى الغرباء يجب أن يكونوا قادرين على فهم ما يقوله الطفل.

- تحديد الألوان والأشكال والحروف: يجب أن يكون قادرًا على تسمية بعض الألوان والأشكال والحروف على الأقل. لتستغل الأم كل فرصة لاستكشاف الحروف والكلمات المختلفة مع طفلها، ويقترح التربويون على الأم الاستفادة من اللحظات التي تمضيها مع طفلها بتعليمه.
مثلاً، يمكن أن تكون فترة تناول الفطور فرصة لتعليمه كلمات جديدة. وقد يستغرق بضع دقائق فقط، لكن الطفل يمكن أن يتعلم الكثير في ذلك الوقت القصير.

- فهم مفهوم الوقت: قد لا يكون الطفل قادرًا على معرفة الوقت حتى الآن، ولكن يجب أن يدرك المفهوم العام للوقت على مدار اليوم: وجبة الفطور في الصباح، الغداء في فترة ما بعد الظهر، العشاء في الليل، فمن المهم للأطفال أن يكون بعض التكرار في يومياتهم والقيام بالأشياء نفسها كل يوم أمرًا جيدًا، لأنه يسمح لهم بالتركيز على اللغة من حولهم، وليس على المَهَمّة التي يجب إنجازها.

- اتباع الأوامر الأكثر تعقيدًا: في الرابعة يصبح الطفل قادرًا على اتباع ثلاث أو أربع خطوات في إنجاز أمور عدة، مثل: «ضع كتابك بعيدًا، ثم اغسل أسنانك، ومن ثم اذهب إلى السرير».
وينبغي أن يكون الطفل أيضًا قادرًا على التعبير عن رغباته واحتياجاته الخاصة بالكلمات، مثل: «أريد البيتزا لتناول العشاء، وأريد أن أقرأ قصة قبل النوم».
لذا ينبّه أطباء الأطفال واختصاصيو النطق دائمًا الأهل إلى طريقة تلقي الطفل التعليمات، فإذا لم يكن في استطاعة الطفل اتباع التعليمات، أو يبدو أنه لا يفهم ما تقوله والدته أو تطلبه منه، عليها استشارة طبيب أطفال لتحديد المشكلة التي يعانيها طفلها.