الصيف والشتاء تحت سقف واحد في قالب من الفنّ والابتكار الشبابي

روزي الخوري (بيروت) 11 نوفمبر 2017

إذا كان التميّز هو سرّ نجاح أيّ عمل، فإن التميّز في المجال الهندسي هو الابتكار والتجدّد واعتماد أسلوب وخط هندسي خاص. هذا ما فعله المهندس الموهوب جان بو ضومط. فقد شقّ لنفسه طريقاً خاصاً به، يصمّم ويبتكر أثاثاً وأكسسواراً في قالب شبابي عصري نابض بالحياة.


استطاع بو ضومط بأفكاره الجديدة أن يواكب أهواء الشباب الذين يصمّمون منازلهم وفقاً لهذا الطراز، وهو ما اتبعه مع مالكَي هذا المسكن الشابّين.

انطلاقاً من عنصر الشباب ومواكبة آخر صيحات الموضة في الهندسة، بدأ العمل مترافقاً مع عامل أساسي هو الموقع الجغرافي للمنزل في قلب المتن اللبناني، في منطقة تجمع ميزات فصلَي الصيف والشتاء على كتف قرية متوسطة الارتفاع.
جمع هذا المنزل من خلال المواد المستخدمة، حرارة الشتاء في الألوان الدافئة والخشب، وبرودة الصيف من خلال الألوان الزاهية للأثاث والحجر الرمادي اللذين لعبا دوراً وسطياً ما بين الصيف والشتاء.

350 متراً مربعاً مساحة المنزل، انقسمت على طبقتين. في الأولى، الصالونات والمطبخ والحمّام الخاص بالضيوف.
مساحة الاستقبال كأنها واحدة مقسّمة إلى صالونين وغرفة طعام، لا حاجز بينها، وقد اتّسمت بتجانس الألوان وخصوصاً للقماش من الأبيض والبيج والرمادي.
هدوءٌ تام سيطر على هذه الأرجاء بفضل قلّة الأثاث وغياب الأكسسوارات، التي إن وجدت فهي منتقاة بعناية وموضوعة في المكان المناسب فقط.
على امتداد هذه الجلسات، واجهة عريضة من الزجاج حوّلت المكان إلى معرض دائم للوحة الطبيعية المحيطة بالمنزل، انسدلت أمامها الستائر الشفافة للمحافظة على الهدوء والجمال.

الصالون الأوّل عبارة عن مقعد وثير من الجلد الأبيض أمامه طاولة لافتة. هذا الركن، بهندسته وخشبه يبدو كأنه غير مشغول أو ملوّن، يقابله صالون آخر متصل الأجزاء اتسم بكبر حجمه، من الدان البيج الزاهي يقابله مقعدان من الدان أيضاً، لكن الرمادي.
هذه المقاعد هي نفسها مصمّمة لغرفة الطعام. وفي الوسط طاولة مبتكرة مقسمّة إلى جزءين بشكل هندسي جديد من الزجاج والخشب الرمادي.

وعلى طول الجدار الزجاجي الذي شكّل صلة الوصل بين الجلستين، وضع دروسوار من الخشب لعب أدواراً عدة، جمع العملانية والجمالية معاً، وقد أرخى بتصميمه الفريد أجواء مميزة، وأخفى في جهته العلوية المدفأة، والسفلية خزائن للأواني والأوعية.

قابلت هذه القطعة الخشب أخرى متميّزة بهندستها الفريدة والمبتكرة، شغلت حائط غرفة الطعام المقابلة للصالونين، وهي دروسوار جريء التصميم من توقيع المهندس بو ضومط الذي عوّدنا على تصاميم تشبه إبداعه الدائم. فهو من الخشب المتفاوت الارتفاع، يحمل درفاً خرجت منها قضبان من البرونز، وهو المعدن الذي استخدمه المهندس لتصميم مجموعة المصابيح المتشابهة المرتكزة على قضبان من الحديد والبرونز، ثُبّتت في السقف لتمتد فوق الطاولة في غرفة الطعام. 

وهذه الأخيرة فريدة التصميم بفضل الشكل الهندسي المبتكر لركائزها، عريضة من الأعلى ورفيعة من الأسفل، من الخشب الزاهي اللون، ووجه الطاولة من الخشب الرمادي الذي تماشى مع المقاعد الوثيرة الكبيرة الحجم من المخمل الرمادي أيضاً، وتوزّعت حول الطاولة.
وفي الوسط مجموعة مصابيح من الزجاج الشفاف وضعت داخل صينية مستديرة من الحديد الأسود، يمكن أن توضع الشموع في داخلها لتزيّن المكان وتضيف رومانسية إليه. وفي هذه المساحة برز الرخام البيج اللمّاع وقد افترشته مجموعة من السجاد طغى عليها اللون الرمادي الزاهي بنقوش متعدّدة.

ولا بدّ من التوقف في هذه الطبقة قبل الصعود إلى الثانية، أمام جمالية الحديد المقسّم إلى مربّعات والذي لعب دور سياجٍ للدرج. في الجهة اليمنى المقابلة للحديد، خشب أخفى خلفه في الطبقة الأولى المغسلة المبتكرة والتي وُضعت خارج حمّام الضيوف، طغى عليه اللون الرمادي وجدار من البورسولان الموشّى بالورود من كلّ الألوان.

هذا الدرج يقودنا إلى الطبقة العلوية حيث الراحة المفعمة بالدفء والبرودة معاً، لكونه مسكن الصيف والشتاء تحت سقف واحد.
زيّن جدار هذه المساحة الحجر الرمادي الذي امتزج مع الإضاءة من الحديد الأسود. الجزء الأوّل شغلته طاولة حولها مقاعد متعدّدة الاستعمال مرتكزة على الحديد الأسود المشغول الذي احتلّ جزءاً من الحائط المقابل. والجزء الثاني عبارة عن غرفة جلوس خاصة بأفراد المنزل تتوسّط الغرف، من القماش الرمادي والأرائك الملوّنة.

وقمّة الهدوء الجمالية والعملية تجسّدت بين جدران غرفة النوم الماستر، حيث ساهم في كبر مساحتها استخدام اللون الأبيض للجدار والخشب الزاهي للمكتبة والخزائن. وجاءت الواجهة الزجاج لتضفي حياة ونوراً على هذا الركن كما في الصالونات.