أدواتها هاتف ذكي وإنترنت: FASHIONISTA & MAKE UP BLOGGER مهنتان جديدتان للفتيات!

فادية عبود (القاهرة) 25 نوفمبر 2017

«فاشونيستا» وmakeup blogger أو video blogger، مهن جديدة للفتيات رأس مالها smart phone وخط إنترنت قوي؛ يغني عن المداومة اليومية في الوظائف المعتادة، وكلما زاد عدد المتابعين وبلغ عشرات ومئات الآلاف زاد الكسب المادي... كيف ذلك؟ ولماذا؟ وهل «الفاشونيستا» هي مهنة جديدة، وكيف تحقق ربحاً؟ «لها» تحقق.


موهوبة بالصدفة
الفنانة هيدي كرم تم تصنيفها أخيراً كـ«فاشونيستا»، وتؤكد أنها اكتشفت موهبتها في تنسيق الأزياء حديثاً وبالصدفة، ولكنها لا تتقاضى أجراً، وتقول: «أنا من الفنانات اللواتي يعشقن موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، فهو نافذتي الوحيدة التي أطلّ من خلالها على الجمهور، ويتخطى عدد متابعيَّ عليه أكثر من نصف مليون، حيث أرى أن الـ«إنستغرام» هو الموقع الأقرب والأنسب للفنان، فالصورة بألف كلمة، وبسهولة يمكنني سحب صورة من كواليس أي عمل، أو مشاركة جمهوري في لحظة ما».
وتتابع: «بشكل عام، أنا أعشق الجمال والأزياء والموضة والأناقة، ولديَّ قناعة بأن الله عزّ وجلّ وهب كل شخص مقداراً معيناً من الجمال، ولكن الأشخاص الذين يتمتعون بجمال متواضع يمكنهم التحسين من مظهرهم الخارجي، فيختارون ألوان ماكياج مناسبة وأزياء تليق بهم؛ ليكونوا أكثر جمالاً وجاذبية، وبالتالي أشعر بالمسؤولية إذ أرى أن من واجبي إقناع المرأة بضرورة أن تكون جميلة وأن تهتم بنفسها، من دون أن تتكبد مصاريف كثيرة، فمثلاً أقدّم وصفات بسيطة للعناية بالبشرة من روتيني اليومي، وأجد تفاعلاً كبيراً من الجمهور، ومن هنا ومن منطلق حبي للموضة وتنسيق الأزياء، بدأت أقدم نصائح في الموضة وتنسيق الأزياء، مع عرض بعض الملابس لعدد من المصممين، والإعلان عن أسمائهم وعناوين متاجرهم الإلكترونية. ورغم أن «الفاشونيستا» أصبحت مهنة تحقق ربحاً مادياً لا بأس به، إلا أنني لا أتقاضى مقابلاً، وأكتفي بالإعلان عن مصممي الأزياء المسؤولين عن تقديم أحدث صيحات الموضة لي بلا مقابل، كـ sponsors لي كفنانة، وبذلك تكون المنفعة متبادلة.

سر المهنة
أما عارضة الأزياء ياسمين محسن، وهي من أشهر «فاشونيستا» المحجبات في مصر، فتؤكد أنها روّجت لنفسها في هذه المهنة الجديدة؛ كتطور لمهنتها الأساسية كعارضة أزياء، وتقول: «بحكم مهنتي كعارضة أزياء؛ أظهر دائماً بطلاّت جديدة، وصوري منتشرة في العديد من علامات الأزياء المصرية التي تُعنى بالمحجبات، ومن هنا تسألني غالبية المتابعات على حسابي الخاص عن الأزياء المناسبة للسهرات أو مقابلات العمل الصباحية وغيرها، ونظراً لتفاعلي مع المتابِعات، ولكون «الفاشونيستا» هي الفتاة التي تهتم بمواكبة الموضة، اتّخذتها مهنة أخيراً، وأصبحت أسوّق لنفسي كـ«فاشونيستا».
ليس من الضروري أن يكون العائد مادياً، وفق ما تؤكد ياسمين محسن، فتقول: «من الممكن أن يكون العائد هدايا من المعلنين، وهذا في حد ذاته يوفر جزءاً كبيراً من مصروفات «الفاشونيستا»، فمن الممكن أن تكون قيمة الهدايا بالآلاف، خاصة إذا كانت مقدَّمة من مصمم أزياء شهير، وفي كل الأحوال لا تحتاج «الفاشونيستا» إلى أكثر من هاتف ذكي ذي كاميرا عالية الجودة، وخط إنترنت لترفع الـ reviews على قنوات التواصل الاجتماعي، فترتفع نسبة مبيعات المعلن».
وترى ياسمين أن غالبية «الفاشونيستا» يقعن في أخطاء كبيرة تنال من شعبيتهنّ، وتقول: «من أبرز الأخطاء التي تؤدي إلى انصراف المتابعات عن «الفاشونيستا»، إهمال الردود على تساؤلاتهن، فينصرفن لأنهن لا يجدن إجاباتهن التي يبحثن عنها، كما لا يهتممن كثيراً بطلة «فاشونيستا» التي قد لا تناسبهنّ. أما الخطأ الثاني الذي لا يقل خطورة عن الأول فهو تخلي الفتاة عن شخصيتها لتكون «فاشونيستا» أكثر شهرة، فمثلاً يلجأنّ إلى ملابس أكثر تحرراً، على عكس شخصياتهن المحافِظة التي ظهرن بها في البداية، وهذا بالتالي لا يرضي جميع الأذواق، فيفقدن صدقيتهن وجزءاً كبيراً من شعبيتهنّ، وبالتالي أنا أتحاشى الوقوع في تلك الأخطاء قدر المستطاع، لذا أجد أن تفاعل المتابعين لديّ أكبر بكثير من بعض «الفاشونيستا» اللواتي تخطت أعداد متابعيهنّ نصف المليون».

وسيلة تسويق
لكن مصممة الأزياء ماجدة داغر تؤكد أن «الفاشونسيتا» ليست ظاهرة جديدة في مصر، وتقول: «مصر بلد الموضة، ففي أربعينيات القرن الماضي كانت الموضة تنطلق من القاهرة قبل باريس، وكلمة «فاشونيستا» مشتقة منfashion ، أي أزياء، وإضافة المقطع ista بالإسبانية يحوّل الكلمة إلى اسم فاعل؛ أي الـfashionista، وهي المرأة التي ترتدي أحدث صيحات الموضة، وعليه فإن معظم نساء مصر في الأربعينيات كنَّ «فاشونيستا»، إلى أن دخل الذوق الخليجي مصر في السبعينيات، فاختلطت الثقافات وأُهملت الموضة».
وتتابع: «هناك اتجاهات في تعريف «الفاشونيستا» تنفي كونها مهنة مرتبطة بعارضة أزياء أو منسقة أزياء، بل إنها الفتاة التي تمتلك ذوقاً رفيعاً في تنسيق الأزياء، وتتميز بطلّة خاصة بها، ولكنني أرى أن كل امرأة تحبّ الموضة هي «فاشونيستا»، وقد ظهرت هذه المهنة أخيراً بسبب تطور التكنولوجيا ووجود ملايين المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنها مهنة جديدة، فنحن كمصمّمي أزياء كنا وما زلنا نلجأ إلى الفنانات لعرض أزيائنا؛ لأنهن معروفات في المجتمع بأنهن أيقونات الموضة، وبسبب وجود آلاف المعجبين بهنّ، وهذا ما يفسر حالياً اعتبار بعض الفنانات أنفسهن «فاشونيستا».

مهنة جديدة
عاليا هاني
الشهيرة بـ «عاليا أوي» ابنة الـ29 عاماً، لم تترد في الاستقالة من وظيفتها كمنظِّمة عروض أزياء، لتختار مهنة جديدة في الوطن العربي يطلق عليها الـvideo blogger، وتقول عاليا: «من علامات نجاح الـvideo blogger، أن يكون لديه عدد كبير من المتابعين حتى يحصد الإعلانات بتصنيفه مؤثراً في مواقع التواصل الاجتماعي، فيبلغ عدد متابعيَّ حالياً أكثر 660 ألفاً على «فايسبوك»، و272 ألفاً على «إنستغرام»، في مقابل 130 ألف متابع على «يوتيوب»، وهذا رقم كبير لم يصل إليه الكثيرون في الشرق الأوسط، وبالتالي أهدتني إدارة «يوتيوب» جائزة فضية كنوع من التشجيع لإثراء محتوى الفيديو، والجميل في الأمر أن عدد مشاهدات الفيديوات التي أقدم فيها نصائح للفتيات تخطى الـ 17 مليون مشاهدة على «فايسبوك» في مقابل أربعة ملايين على «يوتيوب».
وتؤكد عاليا أنها اقتحمت عالم الـvideo blogger من طريق الصدفة البحتة، حيث كانت تبحث عن بعض المعلومات الخاصة بعملها كمنظِّمة عروض أزياء، حتى اكتشفت بعض الفتيات الأجنبيات اللواتي يقدمن نصائح لقريناتهنّ، فأُعجبت بالفكرة، وبعد أن استفاضت بالبحث، علمت أنه يطلق على هذه الفتاة اسم video blogger وأخذت تتعلم بنفسها online كيف تكون video blogger شهيرة، على مدار ستة أشهر... وتقول: «اطّلعت على معظم التجارب التي سبقتني في الـvideo blogging، ومنذ البداية وأنا أؤكد في فيديواتي أنني لست makeup artist أو «فاشونيستا»، بل مدوّنة فيديو، وبالتالي من الممكن أن أقدم الكثير من النصائح في ما يخص الصحة والرياضة والموضة والماكياج، أو حتى طريقة شراء الماكياج online من أوروبا وأميركا عبر المتاجر الإلكترونية وشركات الشحن التي توصله الى المنزل بأقل تكلفة».
وتضيف عاليا: «من حسن حظي أنني اشتهرت سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وزادت أعداد متابعيَّ، وفي البداية لم أكن أعلم أن الـvideo blogging مهنة تحقق الاستقرار المادي، فقد اكتشفت ذلك بالصدفة بعدما بدأت تتهافت عليّ الاعلانات لعلامات تجارية شهيرة، فإما أنهم يريدون التسويق لأسمائهم أو يرغبون في زيادة حجم مبيعاتهم، ولكنني لا أقدم الإعلان إلا بعد التجربة ونيل الثقة، لذا أُقبل على العلامات التجارية الدولية المعروفة، وأخشى الصناعات المحلية، وبناء عليه استقلت من عملي كمنظِّمة عروض أزياء وتفرغت لتدوين الفيديو، وما لا يصدقه البعض أنني أصبحت أبذل مجهوداً أكبر بسبب الاستعداد للتصوير، فأنا أعمل one man crew، بداية من اختيار أزياء التصوير والماكياج وإعداد الإضاءة والتصوير والمونتاج، وهذا يستغرق أكثر من ثماني ساعات يومياً، بالإضافة إلى إدارة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة الردود على أسئلة المتابعين».

هواية أكثر
لدى سما شحاتة makeup blogger، عشرات الآلاف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتؤكد أنها تمارس هذه المهنة كهواية في المقام الأول، وتقول: «أحب الماكياج وأنفق على شرائه أموالاً طائلة، وفي البداية كنت أجرّب وصفات العناية بالبشرة وطلاّت الماكياج المختلفة، التي أنصح صديقاتي بها على مجموعة مخصصة لنا على الـwhatsApp، حتى نصحنني بأن أقدم ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، لكي أفيد مجموعة كبيرة من النساء، حينها قررت الدراسة أولاً لئلا أؤذي أي بشرة بمعلومة خاطئة، وبالفعل حصلت على شهادة في فن الماكياج من جامعة الكويت، وخضعت لدورة تدريبية اطّلعت خلالها على أنواع البشرة وكيفية العناية بها».
وتضيف: «الدراسة ساعدتني في التقييم الصحيح أو الـreview لمنتجات العناية بالبشرة والماكياج؛ أو حتى الوصفات التي أقدمها، ومن هنا أصبحت أكثر تواصلاً مع المتابعين، وفي هذا يكمن السر في زيادة أعدادهم باستمرار، فضلاً عن مساهمتي في تقديم محتوى خاص، وهذا ما تسعى إليه شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و«يوتيوب».
تؤكد سما أنها لا تتخذ من الـ makeup blogging مهنة تجني من خلالها الأموال فقط، بل لا بد لها من التأكد من جودة المنتجات التي تعلن عنها وتجربتها أكثر من مرة، وتقول: «لا أجد غضاضة في تقييم أحد المنتجات التي أشتريها، سواء للماكياج أو العناية بالبشرة، ولا أنتظر الإعلان عن منتجات شركات تطلب مني ذلك فقط، وغالباً ما يكون الإعلان مقابل منتجات هدايا، وأصر على تجربة المنتجات مراراً قبل تقييمها في الفيديو والإعلان عنها، لاعتقادي بأن التخلّي عن تجربة المنتجات يعد خيانة لثقة المتابعين فيّ».

مهنة خطيرة
على الرغم من تخطي عدد متابعيها المليون على مواقع التواصل الاجتماعي، تفضل نانيس سليم لقب خبيرة التجميل أكثر من الـfashion blogger، وتقول: «مدوّن الموضة هو مصطلح عام يجمع بين التدوين عن موضة الأزياء والماكياج وكذلك الأكسسوارات، ولا يشترط أن يكون دارساً لتلك الأمور فقط، بل يفضل أن يتمتع بذوق رفيع حتى يستطيع الكتابة عن تلك المجالات المختلفة أو التخصص في أحدها، وعلى الرغم من أنني أجيد ذلك، أراني أفضّل لقب خبيرة التجميل، لأنني درست فن التجميل والماكياج في لبنان قبل دخولي المجال، فذاع صيتي بسبب صغر سنّي، ولكوني أقرب في السنّ الى العرائس طالبات الجامعة، اللواتي اعتدت على تقديم النصائح الجمالية لهن منذ بدايتي، إما من طريق الحوارات الصحافية أو الفيديوات أو المدوّنات والمواقع الإخبارية قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي».
وتتابع نانيس: «في البداية عملت موديلاً مع أمي خبيرة التجميل مديحة سليم، ومن هنا أحببت المجال، لكن شهرتي انطلقت عقب اهتمامي بقطاع الفتيات المحجبات؛ وتقديم طرق مختلفة من لفّات الحجاب، فنظراً لكوني محجبة كنت أهتم بابتكار لفّات غير تقليدية، وهذا ما جعلني fashion blogger حالياً، إذ إن ثقة المتابعات فيَّ تخطت الـ 15 عاماً من تقديم النصائح، وبناءً على هذه الثقة أحذّر الكثيرات ممن يعتقدن أن makeup blogging هي مهنة مربحة لا تتطلب مجهوداً كبيراً، وأؤكد لهن أنها مهنة خطرة أيضاً، إذ من السهل أن يؤذين بشرة البعض بسبب نصائح جمالية خاطئة لاستعمال ماكياج غير مناسب لنوع البشرة، لذا يجب الدراسة الجيدة لفن الماكياج والاطلاع على أساليب العناية المختلفة بأنواع البشرة قبل الدخول في هذا المجال».

تحايل على البطالة
تفسر الدكتورة عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث، هذه الظاهرة الاجتماعية لتلك المهن الجديدة، قائلة: «الـfashionista والـmakeup blogger، وما شابههما من مسميات، ما هي إلا تطور طبيعي لعصر التكنولوجيا، فالعلم لم يعد حكراً على المدارس والجامعات؛ أو حتى الدورات التدريبية، فأصبح الإنترنت يحتوي على آلاف الدورات التدريبية المجانية، وفي إمكان العديد من الشباب التعلم وتطوير ذاتهم في مهن تتماشى مع مسميات العصر، فمثلاً «الفاشونيستا» هي منسّقة الملابس التي كان يُطلق عليها «استايلست»، ولكن مع ظهور الـ«إنستغرام» وولع الشباب بالصور وتعلم مبادئ تنسيق الملابس على الإنترنت، أصبح اسمها «فاشونيستا»، وباتت تنافس عارضات الأزياء في التسويق للمصمّمين، مما جعل العديد من العارضات يسوّقن لأنفسهن تحت مسمى «فاشونيستا»، هذا من دون أن نغفل أن كلمة السر في تلك المهن الجديدة تكمن في مئات الآلاف من المتابعين، حتى يستطيع المعلن الوصول إلى جمهوره المستهدف بسهولة وبتكاليف أقل، بعدما أكد العديد من الإحصاءات الحديثة أن تأثير الإعلانات التلفزيونية قد تراجع، وأن القوة باتت في مواقع التواصل الاجتماعي».
من جانب آخر، تؤكد أستاذة علم الاجتماع، أن تلك المهن الحديثة هي أحد أساليب الشباب في التحايل على البطالة، وتقول: «بدلاً من إضاعة الوقت على الإنترنت في غرف الشات؛ أصبح لدى الشباب وعي في كيفية كسب الأموال من طريق الإنترنت، خاصة مع التوعية وانتشار المقالات التي تقدم بعض الإرشادات، لذا فإن تلك المهن الحديثة مع اختلاف مسمّياتها تعبّر عن أساليب شبابية جديدة مواكبة لتطور العصر التكنولوجي للتحايل على البطالة».