برنامج «لوريال-يونيسكو» لتمكين النساء في العلم- للمرأة العربية إنجازات رغم كل التحديات...

كارين اليان ضاهر 02 ديسمبر 2017

رغم كل ما استطاعت أن تحققه المرأة العربية اليوم، لا يزال البعض في مجتمعاتنا يستهين بقدراتها بسبب الذهنية السائدة. لكن مما لا شك فيه أن ثمة إنجازات كبرى يعود لها الفضل في تحقيقها. ككل عام يأتي برنامج «لوريال-يونيسكو» للمرأة في العلم ليسلّط الضوء على نساء حققن إنجازات تستحق التقدير لقدرتها على إحداث تغيير في العالم في مجال العلوم. هن نساء من الشرق الأوسط ومصر فزن في البرنامج بعد أن استطعن مواجهة التحديات ليبرعن في هذا المجال الذي يعتبره البعض حكراً على الرجال. العراقية أروى مجاهض والأردنية أريج أبي حمد واللبنانية كارين جعفر هن من الفائزات بمنح برنامج
«لوريال–يونيسكو» للمرأة في العلم، الهادفة إلى تمكين المرأة في العلوم وتشجيع ودعم نساء برزن فيه وحققن إنجازات، وفي الوقت نفسه رفع معدلات توجّه المرأة إلى هذا المجال.


أروى مجاهض: «بالنسبة إليّ، العلم هواية وشغف ومهنة... وهو الطريق الأوحد لتغيير المجتمع نحو الأفضل»

- في مجتمعاتنا، لا يعتبر توجه المرأة إلى مجال العلوم شائعاً، هل ثمة ما هيّأ لك هذه الأجواء في عائلتك؟
جاء اهتمامي بالعلوم بشكل فطري لكون هذا التوجه متأصلاً في العائلة أباً عن جدّ حيث كان جدّي لأبي مدير مدرسة، وجدّي لأمي خريج الكلية العسكرية وعمل في التعليم أيضاً. كما أن معظم أفراد العائلة يحملون شهادتَي الماجستير والدكتوراه. وقد خُصّصت في منزل جدّي غرفة تضم مكتبة ضخمة تحوي العديد من الكتب في مجالات العلوم والمعرفة. ولأن والدي يحمل شهادة في الإدارة والاقتصاد، وأخرى في الآداب- قسم الجغرافيا، وكان يتمنى متابعة دراساته العليا، ولكنّ ظروفاً خاصة حالت دون تحقيق أمنيته هذه، شجّعنا نحن أبناؤه الثلاثة على متابعة دراساتنا العليا. كما كان لوالدتي، وهي مدرّسة لغة عربية وتربية إسلامية، دور كبير في تشجيعنا على العمل في سلك التعليم الأكاديمي. في المرحلتين المتوسطة والثانوية، زاد اهتمامي بالعلوم إذ كانت الدروس العلمية ممتعة وسهلة بالنسبة إليّ. وحين بدأت العمل المختبري في الجامعة، زاد اهتمامي بالبحث العلمي.
العلم هو مدرسة الحياة، ولأنه عبارة عن عملية تعلّم مستمر مع الاكتشافات والمشاكل الجديدة الناشئة، وخاصة في المجال الصحي، فهو يلعب دوراً في تحسين حياتنا ومجتمعنا حيث إن هذا المجال محفّز لي وأنا أكرّس حياتي المهنية له.

- من كان داعمكِ الأبرز لتحققي كل هذه النجاحات في دراستك؟
حققت كل هذه النجاحات بفضل دعم والدي ووالدتي لي بحيث كانا يقفان الى جانبي ويشجعاني ويساعداني على تجاوز كل الصعاب التي واجهتني خلال دراستي، بالاضافة الى الظروف التي مر بها بلدي العراق من حروب دامية وحصار اقتصادي وأوضاع أمنية متردية، إلى جانب حبّي للعلم، حيث كان بالنسبة إليّ هواية أكثر منه واجباً، ولإيماني بأن العلم والمعرفة هما الطريق الأوحد لتغيير المجتمع نحو الأفضل... هذه العوامل مجتمعة دفعتني لمتابعة دراساتي العليا والسعي الى تطوير قدراتي العلمية.  

- تشكّلين اليوم مثالاً للمرأة العربية الناجحة في هذا المجال، أي رسالة يمكن أن توجهيها لها لتتحدّى كل الصعوبات التي يمكن أن تعترضها؟
أرجو أن أقدم نموذجاً للمرأة العربية يُحتذى به في العلوم، وأشجع النساء عموماً على أن يثقن بأنفسهن أكثر ويتابعن أحلامهن، ويسعين للحصول على الفرصة المناسبة للتدريب وبناء قدراتهن ومهاراتهن وتطوير مواهبهن وتعميق فهم دور العلم والتكنولوجيا في دعم المجتمع وتطويره. العلم يمكن أن ينسجم بشكل جيد مع الحاجات أو الاهتمامات أو الهوايات، وعلى النساء المكافحة من أجل أهدافهن، والمثابرة والسعي الدائم إلى القيادة في مجال العلم والتكنولوجيا. هناك العديد من الطرق لاستخدام التدريب العلمي من أجل العيش الكريم والمساهمة الفاعلة في المجتمع. أشجع على تعزيز مساهمة المرأة في مجال العلوم من خلال حملات التوعية والحلقات الدراسية ووسائل الإعلام.

- ما الذي يستفزك اليوم في وضع المرأة العربية؟
هناك ما نسبته حوالى 30٪ فقط من العاملين في العلوم من النساء، وقد يرجع ذلك إلى التوازن الذي تحاول غالبية النساء تحقيقه بين أسرهن ومهنهن. وثمة مسألة رئيسة أخرى هي التمييز السائد في كل أنحاء العالم، مما اضطر بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات جذرية لتعزيز مشاركة المرأة في العلوم، حيث تُعتبر بعض الميادين العلمية حكراً على الرجال، وتعزف عنها النساء من دون معرفة ماذا تقدمه هذه المجالات من خدمة للمجتمع كالهندسة والفيزياء، وقد تؤثر هذه المشكلة في تكافؤ الفرص. هذه مشكلة عالمية تنشأ من القوالب النمطية المجتمعية التي تصف المرأة بأنها أقل كفاءة. وينتج ذلك من اللاوعي. ومن هنا أهمية مكافحة التمييز.

- ما أهم التحديات التي واجهتها؟
من أهم التحديات التي واجهتها، الظروف الأمنية التي مرّ بها العراق خلال السنوات الماضية، وهيمنة الفكر الذكوري على مختلف مجالات الحياة، والأهم ثقافة المجتمع الذي تواجه فيه النساء العربيات التفكير النمطي السائد بأن الرجال أكثر كفاءة منهن في إدارة الأمور... إضافة إلى العوامل التي تؤثر في العمل البحثي والتي تتضمن النقص في بعض المعدّات اللازمة، وتكلفة المواد، وليس هناك ما يكفي من التمويل المتاح على المستويين الوطني والإقليمي.

- كيف اخترت هذا المجال لتغوصي فيه؟
بالنسبة إليّ، العلم هواية وشغف ومهنة، وهو المجال الذي يرضيني أكثر ويجذبني منذ الطفولة. العلم هو عبارة عن دراسة للحياة، وكناية عن عملية تعلّم مستمر مع الاكتشافات الجديدة الناشئة والمشاكل الطارئة، خصوصاً في المجال الصحي. وأنا أؤمن بأن للعلم دوراً في تحسين حياتنا ومجتمعنا، وهو الطريق الأوحد لتغيير المجتمع نحو الأفضل.

- متى اكتشفت ميلك إلى هذا المجال؟
بدأ اهتمامي بالعلوم في فترة مبكرة من حياتي نتيجة توجيه والدي ومعلّمي لي في هذا الاتجاه، وظهر اهتمامي بوضوح خلال مرحلتَي الدراسة المتوسطة والثانوية حين كانت الدروس العلمية الأكثر متعةً والأسهل بالنسبة إليّ. وعندما بدأت العمل المختبري في الكلية، زاد اهتمامي وقناعتي باتخاذ العلم مهنةً. ولكوني من الأشخاص الذين يسعون دائماً إلى المعرفة والتعلّم المستمر، ولأن العلم هو لغة مشتركة بين البشر، بغض النظر عن العرق والدين والجنس، أؤكد أن العلم يمكّننا من التفاعل مع العلماء من جميع أنحاء العالم، وهو المفتاح لتحسين نمط حياتنا ومجتمعنا.

- هل شكّل سفرك صعوبة لك لتتابعي تعليمك؟
لقد أكملت دراستي في العراق خلال فترة كان البلد يمر فيها بظروف صعبة، ويشهد انقطاعاً عن العالم الخارجي بسبب الحصار الاقتصادي المفروض عليه آنذاك، ولكن تسنّت لي فرص عدة للسفر وتعويض ما فاتني في مجال العلم والمعرفة حيث حصلت على منحة بحثية لمدة سته أشهر من وزارة التعليم العالي العراقية كباحث زائر في مختبر الفيروسات الجزيئية، قسم علم الأمراض والأحياء المجهرية والمناعة، في كلية الطب - جامعة كارولينا الجنوبية، الولايات المتحدة الأميركية عام 2011. كما حصلت على زمالة لمدة ثلاثة أشهر من جانب CRDF-Global كزميل باحث في كلية الطب البيطري والعلوم، في جامعة نوتنغهام، المملكة المتحدة عام 2015. إضافة الى مشاركتي في العديد من الدورات التدريبية وورش العمل والمؤتمرات الإقليمية والدولية، مما طوّر من قدراتي العلمية ومكّنني من التفاعل مع العلماء من مختلف أنحاء العالم وحفّزني على المشاركة في تدريب الباحثين الجدد في بلدي ونقل المهارات التي طوّرتها إلى الجيل القادم.

- كيف اخترت مشروع برنامج الزمالة هذا؟
شهدت السنوات القليلة الماضية ظهور العديد من الفيروسات في الجهاز التنفسي المسبّبة للأمراض، «بوكافيروس» هو أحدثها وتم اكتشافه في عام 2005. هذا الفيروس موجود عادة لدى الأطفال الذين يعانون التهابات في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي. تم اكتشافه على الصعيد العالمي، ولكن لا توجد دراسة عنه إلى الآن في العراق.

- ما سبب اهتمامك بهذا المجال تحديداً؟
تعتبر عدوى الجهاز التنفسي الحادة السبب الثالث للوفاة بشكل عام، ولدى الأطفال هي السبب الرئيس للوفاة في فترة ما بعد الولادة حيث يقدّر أن نحو مليوني حالة وفاة تحدث بين الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن خمس سنوات ومعظمهم في البلدان النامية. وبما أن فيروس «بوكافيروس» هو عضو جديد في الفيروسات التنفسية التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، فإن هذه الدراسة ستحدد ما إذا كان هذا الفيروس يشكّل سبباً محتملاً لعدوى الجهاز التنفسي عند الأطفال كعامل مسبّب وحيد أو كعدوى مشتركة مع مسبّبات الأمراض الفيروسية الأخرى لدى الأطفال، وما إذا كانت هذه العدوى صعبة وتتطلب الاستشفاء أم لا.

- ما الذي تتوقين إلى تحقيقه في مجال تخصصك في المستقبل؟
أنا من الأشخاص الذين يسعون دائماً الى العلم والمعرفة، وأود أن أتعاون مع علماء آخرين على الصعد، المحلي والإقليمي والدولي، وتوسيع شبكتي المهنية. كما أسعى دائماً للحصول على تمويل لشراء المعدّات الأساسية لمختبري، وأرغب في تدريب الباحثين الجدد ونقل المهارات التي طوّرتها الى الأجيال القادمة.

- ما التغيير الذي تتوقعين أن تحدثيه بفضل هذا المشروع الذي اخترته؟
يمكن الخلط في التشخيص بين معظم التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية وبين الالتهابات البكتيرية، وبالتالي لن تحصل استجابة للمضادات الحيوية. وبما أن هناك عدداً قليلاً جداً من العلامات أو الأعراض التي تميز المرضى الذين يعانون عدوى فيروسية من أولئك الذين يعانون التهابات بكتيرية، فلا يكون الطبيب متأكداً في كثير من الأحيان من جدوى استخدام المضادات الحيوية. آمل أن يؤدي عملي إلى تحديد أفضل لمسببات العدوى الفيروسية، للحدّ من عبء الإفراط في المضادات الحيوية التي تؤدي إلى المقاومة الخطرة. كما يمكن هذه الدراسة أن تمهد الطريق لدراسات مستقبلية قد تؤدي الى تحسين طرق التشخيص أو تطوير اللقاحات.

عن أروى:
أستاذ مساعد في فرع الأحياء المجهرية (كلية الطب) في جامعة النهرين في العراق في
دراسة الفيروسات المسبّبة لأمراض الجهاز التنفسي لدى الأطفال وتحديد الفائدة السريرية من الطرق الجزيئية والمصلية المستخدمة للتشخيص. لديها 21 بحثاً منشوراً، وقد تم تكريمها من جانب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في عام 2013 للنشر في المجلات العلمية الرصينة.


أريج أبي حمد: «أودّ أن أشارك ولو جزئياً في إيجاد علاجات فاعلة للأمراض المستعصية. كما أتمنى أن أكون قدوة لتحفيز المرأة على الانخراط في مجال البحث العلمي»

- في مجتمعاتنا، لا يعتبر توجه المرأة إلى مجال العلوم شائعاً، هل ثمة ما هيّأ لك هذه الأجواء في عائلتك؟
كان لعائلتي الدور الأبرز في اهتمامي بالعلوم. ورغم أنه لم تتسنّ لوالديّ الفرصة لإكمال دراستهما الجامعية بسبب الظروف المادية، إلا أنهما حرصا كل الحرص على تشجيعي وإخوتي على الدراسة وتحصيل العلم وقراءة الكتب العلمية، خصوصاً سلسلة العلوم المبسّطة، فقد قرأت عن الكهرباء والمغنطيسيات والجاذبية والضوء منذ صغري. كما أن تفوق أخوَيَّ كان له تأثير كبير في ما وصلت إليه، فقد كانا مثالاً أعلى لي، وكنت أسعى دائماً الى التفوق في الدراسة مثلهما.

- من كان داعمكِ الأبرز لتحققي كل هذه النجاحات في دراستك؟
دعمتني والدتي بقوة خلال سنوات دراستي، ولولا دعمها لي لما تمكنت من السفر للحصول على الدكتوراه، ولما وصلت الى ما أنا عليه اليوم.

- تشكّلين اليوم مثالاً للمرأة العربية الناجحة في هذا المجال، أي رسالة يمكن أن توجهيها لها لتتحدّى كل الصعوبات التي يمكن أن تعترضها؟
على المرأة اكتشاف قوّتها الداخلية وتسخيرها لتحقيق أهدافها، وأن تؤمن بقدرتها على تحقيق هذه الأهداف رغم الصعوبات.

- ما الذي يستفزك اليوم في وضع المرأة العربية؟
أعتقد أن وضع المرأة العربية في تحسّن مستمر، لكن يؤسفنا ما نراه من استسلام للظروف والاستهانة بقدارتها. على المجتمع أن يدعم المرأة باستمرار لتحفيزها ومساعدتها على تخطي الصعوبات التي قد تواجهها. وأعتقد أن لبرنامج «لوريال-يونيسكو» من أجل المرأة في العلم دوراً كبيراً في تسليط الضوء على إنجازات المرأة العلمية ونقل صورة للعالم عن هذه الإنجازات لتلقى المزيد من الدعم.

- ما أهم التحديات التي واجهتها؟
التحدي الأصعب كان الحصول على منحة لإكمال دراسة الدكتوراه في الخارج، وتخوف أهلي من سفري الى بلد أجنبي والعيش بمفردي.

- كيف اخترت هذا المجال لتغوصي فيه؟
منذ صغري وأنا أعشق دراسة الكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء، وتخصّصي في الصيدلة أتاح لي المجال للتعمّق في دراسة هذه المواد الثلاث.

- متى اكتشفت ميلك إلى هذا المجال؟
تأثري بأساتذتي في درجة الدكتوراه هو سبب اختياري لمجال بلورة البروتينات.

- هل شكّل سفرك صعوبة لك لتتابعي تعليمك؟
في البداية، تخوّف والدي من سفري خارج الأردن بمفردي ومن الصعوبات التي قد أواجهها. ولكن سرعان ما تبدّدت المخاوف من وصولي الى المملكة المتحده، بحيث لم ألقَ إلا الترحيب والدعم. واليوم، تتابع أختي دراساتها العليا في أستراليا بمفردها في مركز من أهم المراكز البحثية الطبية في العالم. أعتقد أن قرار السفر كان من أهم القرارات التي اتخذتها والتي أثرت إيجاباً فيّ، وذلك من خلال دراستي في إحدى أكثر الجامعات تميزاً في العالم، والتي أتاحت لي الفرصه للتعلم من علماء متميّزين في مجالاتهم. هذه التجربه ساعدتني أيضاً في التعرف مباشرةً على ثقافات ومجتمعات مختلفة، وفي إطلاعهم على ثقافتنا العربية. وذلك عزّز إيماني بقدرة العلم والبحث العلمي على تقريب الشعوب والثقافات على اختلافها.

- كيف اخترت مشروع برنامج الزمالة هذا؟
عندما تقدمت لمنحة «لوريال-يونسكو» من أجل المرأة في العلم، رغبت بأن أركّز على المشاكل الصحية التي تعانيها المرأة بشكل خاص. ولذلك اخترت موضوع الدراسة حول بروتينات مرتبطة بالمرض الوريدي المزمن والمعروف بدوالي الساقين والذي يصيب حوالى 80% من نساء العالم. وقد أثار اهتمامي عدم وجود أدوية فاعلة لمرض التهاب الوريد المزمن، فقررت أن أولي هذه المسألة المزيد من البحث.

- ما سبب اهتمامك بهذا المجال تحديداً؟
خلال دراستي للصيدلة، اهتممت بمجال اكتشاف الأدوية، ومن ثم عملت في مجال بلورة البروتين خلال دراستي للدكتوراه وزاد اهتمامي بهذا المجال، خاصة أنه حقل علمي فريد ساهم في فهم جزيئات لم تكن معروفة وسمحت لنا بتطوير ما يُسمّى بالعلاجات الموجّهة القادرة على محاربة مسبّبات الأمراض من دون التسبّب بأعراض جانبية للمرضى. كما أن هذا النوع من الأبحاث غير موجود في منطقتنا. والجدير ذكره أن دور المرأة كان ولا يزال كبيراً ومتميزاً في تطوير هذا المجال.

- ما الذي تتوقين إلى تحقيقه في مجال تخصّصك في المستقبل؟
أطمح الى تأسيس مختبر بحثي متميز في الأردن ومتخصص باكتشاف مركبات فاعلة لعلاج هذا المرض وغيره من الأمراض المزمنة والتي قد تُطوّر إلى علاجات فاعلة تحسّن حياة المرضى في المستقبل. كما آمل أن يصبح مركزاً لتدريب طلاب الدراسات العليا والباحثين المبتدئين في الأردن والمنطقة. من المؤكد أن الدعم الذي حصلت عليه من زمالة «لوريال يونسكو» من أجل المرأة في العلم، سيكون له دور كبير في تسليط الضوء على ما أقوم به. كما سيساعدني في الحصول على دعم مالي أكبر في المستقبل لتحقيق هدفي.

- ما التغيير الذي تتوقعين أن تحدثيه بفضل هذا المشروع الذي اخترته؟
أود أن أشارك ولو جزئياً في إيجاد علاجات فاعلة للأمراض المستعصية والمُهمَلة في العالم. كما أتمنى أن أكون قدوة لتحفيز المرأة على الانخراط في مجال البحث العلمي.

عن أريج أبي حمد:
يتركز اهتمامها في مجال تصميم الأدوية وعلم بلورات البروتين، وقد ساهمت في العديد من المنشورات العلمية في مجلات علمية عالمية مؤثرة هذا المجال. من خلال عملها الحالي، تأمل الكشف عن الشكل الثلاثي الأبعاد للأنزيمات المسبّبة للأمراض المزمنة الشائعة كالسرطان والسُمنة والأمراض الوريدية المزمنة بحيث يُصار الى استخدام هذه الأشكال في تصميم مثبّطات كيميائية تمثل نقطة انطلاق لتطوير إستراتيجيات علاج جديدة وفاعلة. هي مهتمة أيضاً بالأمراض المعدية المُهمَلة والناشئة التي تؤثر في المنطقة كالسل وإنفلونزا الطيور والفيروس التاجي المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط الرئوية.


كارين جعفر: «ما من حدود للمعرفة والعلم. نتمتع كنساء بالقوة ونستطيع أن نحقق أحلامنا. لا نحتاج إلا إلى الثقة بالنفس إذ نملك القدرة على تغيير العالم»

- في مجتمعاتنا، لا يعتبر توجه المرأة إلى مجال العلوم شائعاً، هل ثمة ما هيّأ لك هذه الأجواء في عائلتك؟
عمّي طبيب ناجح جداً في الولايات المتحدة، وقد لعب دوراً كبيراً في تشجيعي على اختيار المجال العلمي.

- من كان داعمكِ الأبرز لتحققي كل هذه النجاحات في دراستك؟
قدّم لي والداي دعماً هائلاً وشجّعاني على مواصلة دراستي في مختلف المراحل، وكان لهما الفضل الأكبر في تحقيقي كل طموحاتي ونجاحاتي في الحياة. ولولا مساعدتهما في تربية طفلتي لما تمكنت من المضي قُدماً في دراستي وحصد النجاح.

- تشكّلين اليوم مثالاً للمرأة العربية الناجحة في هذا المجال، أي رسالة يمكن أن توجهيها لها لتتحدّى كل الصعوبات التي يمكن أن تعترضها؟
الرسالة التي أودّ أن أشارك فيها مع جيل النساء الأصغر سنّاً هي أن المعرفة والعلم ليس لهما حدود. كما أن لا شيء يمكن أن يحدّ من طموحاتنا في الحياة. نتمتع بالقوة ونستطيع أن نحقق أحلامنا ونصبح نساء ناجحات في العلوم. لدينا الكثير من الإمكانيات، ولا نحتاج إلا إلى الثقة بالنفس وأن نؤمن بأنفسنا لأننا نملك القدرة على تغيير العالم.

- ما الذي يستفزك اليوم في وضع المرأة العربية؟
عانت المرأة العربية ولا تزال الى حد ما من التمييز على مر التاريخ، وخضعت لقيود التقاليد والمعتقدات الاجتماعية التي أثرت في حريتها وحقوقها. ما يستفزني هو أن هذا التمييز أصبح متجذّراً إلى حد كبير بحيث أصبح يطبّق من دون وعي، مما حدّ من مساهمة المرأة العربية في كل المجالات، ومنها المجال العلمي، فأصبح من الصعب عليها أن تثبت نفسها في المجتمع.
رغم ذلك استطاعت المرأة العربية أن تتغلب على التحديات، خصوصاً أنها تميّزت بقوتها وقدرتها على الصمود لمواصلة الحياة الناجحة في أصعب الظروف.

- ما أهم التحديات التي واجهتها؟
أبرز التحديات التي واجهتها هو صعوبة تحقيق التوازن بين عملي البحثي الذي يتطلب الكثير من التركيز والوقت، ومسؤولياتي المنزلية ورعاية ابنتي. تعلمت كيفية إدارة وقتي بأفضل الطرق، وبالمثابرة والصبر تمكنت من مواجهة هذه التحديات. كنت قادرة على تحقيق المزيد من التقدم من خلال الحفاظ على موقف إيجابي ودفع مستمر لتحقيق النجاح. الجدير ذكره هو دعم الأسرة المستمر لي، خصوصاً الذي تلقيته من والديّ، لأنه أبقاني قوية في المواقف الصعبة.

- كيف اخترت هذا المجال لتغوصي فيه؟
منذ أن كنت في المدرسة، أحببت المواد العلمية أكثر، ولأنني كنت أحصل دائماً على أعلى الدرجات في هذه المواد، قررت أن أكمل دراستي في هذا المجال. وحازت البيولوجيا الجزيئية اهتمامي خلال دراستي الجامعية. على مدى تلك السنوات تعلمت بعض التقنيات المخبرية الأساسية المستخدمة في البحوث العلمية كاستخراج الحمض النووي واستنساخ الحمض النووي الفرعي. مع هذه التقنيات، زاد اهتمامي بالتطبيق العملي في البيولوجيا الجزيئية أكثر، وتطلعت لمعرفة المزيد عن كيفية استخدام هذه التقنيات لشرح أصول العديد من الطفرات المسؤولة عن تغيير الشفرة الوراثية للخلايا لدينا، ومن خلال ذلك معرفة كيفية ارتباط الاضطراب الجيني بتطور الأمراض.

- هل شكّل سفرك صعوبة لك لتتابعي تعليمك؟
لم يكن عليّ السفر للحصول على تعليم جيد. بقيت في بلدي لبنان، وكنت قادرة على تحقيق النجاح. تلقيت تعليماً قوياً جداً في مدرسة الشويفات الدولية في لبنان، وبعد أن تخرّجت في الجامعة اللبنانية، تابعت الدراسات العليا في الجامعة الأميركية في بيروت. واليوم مُنحت زمالة «لوريال- اليونسكو» من أجل المرأة في العلم تقديراً لجميع المساهمات التي قدمتها في المجال العلمي. ففي لبنان أفضل المناهج التعليمية في الشرق الأوسط.

- كيف اخترت مشروع برنامج الزمالة هذا؟
اخترت المشروع بسبب أهميته والتأثير الكبير لنتائجه التي يمكن أن تساهم في تطور البحوث في مجال الكلى. فهو يضيف المزيد إلى البحوث الموجودة حول الجينات المدروسة، ويضيف أكثر بعد من المعلومات حول المسارات التي تؤثر في هذه الجينات. برنامج  «لوريال- يونسكو» من أجل المرأة في العلم، منحني الفرصة للسفر إلى الخارج لاكتساب الخبرة والحصول على التدريب لاستخدام تقنيات متقدمة جداً يتم استخدامها في البحوث الرائدة في العلم. يمكنني استخدام هذه التقنيات لتحسين مشروعي وتطويره والحصول على المزيد من النتائج لأطروحة الدكتوراه. وسبب اهتمامي بهذا المجال تحديداً هو ثقتي بأنه يمكن التطورات في البحث العلمي والاكتشافات العلمية أن تمكّننا من العثور على علاجات لكثير من الأمراض المزمنة، وبالتالي مساعدة المرضى على التخلص من الآلام المزمنة التي يعانونها.

- ما الذي تتوقين إلى تحقيقه في مجال تخصّصك في المستقبل؟
أتمنى أن أكمل تخصصي في أبحاث ما بعد الدكتوراه، وأتطلع إلى العمل بجد لتحقيق  طموحاتي وتطوير مهاراتي البحثية واكتساب الخبرة لأصبح باحثة مستقلة لتشجيع الباحثات الشابات ودعمهن.

- ما التغيير الذي تتوقعين أن تحدثيه بفضل هذا المشروع الذي اخترته؟
تركّز دراستي على التحقيق في الأدوار لاثنين من الجينات الرئيسة في نمو الكلى وتطويرها. نتائج هذا المشروع مهمة للغاية، حيث إنها تساهم في تسليط الضوء للمرة الأولى على الدور الأساس لكل من الجينات لنمو الكلى السليم. وأطمح إلى أن تساهم هذه النتائج في المدى البعيد في إيجاد علاج لأمراض الكلى المزمنة.

عن كارين جعفر
التركيز الرئيس لدراستها هو التحقيق في الأدوار لاثنين من الجينات الرئيسة، P53و Rb، في نمو الكلى وتطويرها. نتائج هذا المشروع رائدة ومهمة  للغاية، حيث إنها تساهم في تسليط الضوء للمرة الأولى على الدور الأساس لكلٍ من الجينات لنمو الكلى السليم. الأهم من ذلك، أن هذه النتائج على المدى الطويل يمكن أن تساهم في إيجاد علاج لأمراض الكلى المزمنة في البشر.