لعبة جمالية هندسية عناصرها الفن والذوق والأناقة

روزي الخوري (بيروت) 16 ديسمبر 2017

إتقان اللعبة الجمالية سرّ خاص بها، سواء في الأسلوب البسيط أو الأكثر تفنناً وتعقيداً. إنها جاذبية هندسية موقّعة باسم المهندسة مارينا خليل، التي لا تترك مجالاً إلا وتُظهر مهاراتها بفنّ وذوق استثنائيين. لها خطّها ومبادئها الهندسية التي تحفظها لنفسها، وقد ظهّرتها هنا في شقة متوسطة الحجم بدت واحة مشغولة بحب وجمال فريد.


هذه الشقة في وسط بيروت أرادها مالكوها أنيقة وعصرية وفرحة. فالمالكون الذين انتقلوا إلى هذا المسكن أرادوه أكبر حجماً مما هو عليه، خصوصاً أنهم ينتقلون للعيش في مكان أصغر مساحةً من الذي كانوا يقطنونه سابقاً، وشاؤوا أن يحافظوا على الهدوء وكلاسيكية الألوان، ولكن في قالب فرح. ومن هنا انطلق عمل المهندسة لمراعاة كلّ متطلبات المالكين وتنسيقها بحسّها الفني.
وقد جعلت المكان عصرياً وهادئاً في آن معاً لكون صاحبَي المنزل ليسا شابين، فواءمت بين ذوقهما ومتطلبات العصر الحديث ليبدو المسكن مريحاً وأنيقاً.

ولهذا الغرض استعملت الخشب الجوزي بلون متوسط، ليس داكناً ولا زاهياً، وأضافت إليه في غرفة الاستقبال المرايا المستطيلة. وتقول: «في هذا الركن تحديداً، استعملت المرايا التي أضفت على المكان رحابةً، كما تعمّدت أن يطاول الخشب السقف، وهو ما أعطى ارتفاعاً يوحي للزائر أنّ الصالونات أيضاً كبيرة وفسيحة».

وعملت أيضاً في الصالونات على المحافظة على ارتفاع السقف، فاكتفت لهذا الغرض بالجفصين البسيط التصميم، وانبعثت الإنارة من الجوانب. أما في غرف النوم، فلم تستخدم الجفصين لتزيين السقف، بل اكتفت بالثريات والإنارة الموجّهة البسيطة.

في الصالونات، الألوان المنتقاة مميّزة لأنها فرحة وكلاسيكية في آن معاً. وتقول خليل: «تعمّدت استخدام ألوان من مشتقات البيج والبني تعطي الأثاث قيمة وفخامة، مع المحافظة على أجواء الفرح والراحة التي ينشدها المالكان اللذان طلبا ألواناً زاهية في المكان، خصوصاً أنهما ينتقلان إلى مسكن جديد يريدانه مختلفاً عن مسكنهما السابق ذي الألوان الداكنة».

هنا، الصالون الأوّل مقاعده عصرية من القماش البني من ماركة إيطالية مشهورة في عالم الأثاث، ازدان الحائط خلفه بورق جدران زاهٍ موشّى بالرسوم من مشتقات البيج الزاهي والعسلي والذهبي الفاهي أيضاً، وقد دخل الضوء والنور من النافذة الكبيرة التي تخترق جدار هذا الصالون، وغطّاها ستار من الفوال الأبيض ساهم في إدخال المزيد من النور إلى الداخل.
أما الصالون المقابل فهو من البيج الزاهي، ويطالعنا مقعد جانبي باللون البني وضع كلمسة تذكّر بالصالون المقابل. وشغلت الحائط في الوسط مجموعة مرايا متشابهة، عبارة عن ثلاث مرايا بأشكال هندسية عصرية بدت قمّة في الذوق والتفرّد. أما الحائط الثاني فعُلّقت عليه سجادة من الحرير الفاخر موشّاة بألوان بنية.

ولا بدّ من التوقف ملياً عند غرفة الطعام التي جمعت عناصر العملية والجمال والفخامة. فهي متميزة، على بساطتها وأناقتها، وقد تعمّدت المهندسة استعمال الشكل الدائري للطاولة من الزجاج وحولها مقاعد ظهرها أيضاً بالشكل الدائري من الخشب الزاهي والقماش الجلد السويدي البيج.
وتعتبر المهندسة أنّ «الشكل الدائري للطاولة حافظ على كبر المساحة وشغل الزاوية من دون أن يربك المكان بالأثاث، فيما أضفى الزجاج على الطاولة شفافية وأناقة تتلاءمان والجوّ المنشود». وما ساهم في إدخال الشفافية إلى هذا الركن، هو كثرة الواجهات الزجاج التي انسدلت أمامها ستائر «الفوال» البيض.
«الدروسوار» العصري من الخشب الموشّى بألوانه الزاهية لم يُثقل على المكان بتصميمه، بل احتل الجدار من دون أن يربك المكان بالخشب، بفضل تصميمه للخزائن التي راوح مستواها بين المرتفع والأقل ارتفاعاً.

في غرفة النوم استطاعت خليل أن تستغل كلّ جزء وزاوية، وجعلت مثلاً من مساحة صغيرة غرفةً خاصة بالخزائن والرفوف تزيّنت بمجموعة من الإقامة  البسيطة التصميم بألوان هادئة وزاهية.
باختصار، هو منزل أنيق، عملي وجميل، تحلو الإقامة فيه في قلب العاصمة بيروت النابضة بالحياة والأمل.