فنانات تشكيليات سعوديات يكشفن آمال المرأة السعودية وطموحاتها

محمد سالم (القاهرة) 14 يناير 2018

عبّرت 24 فنانة تشكيلية سعودية عن أنفسهن كشابّات طموحات الى مستقبل أفضل، في ظل التطورات الإيجابية في أوضاع المرأة السعودية في الآونة الأخيرة، وتزاوج الخيال مع الواقع في أعمالهن التي عبّرن بها عن آمالهن وطموحاتهن، وذلك في معرض «المرأة السعودية في المرآة»، الذي تم تنظيمه في غاليري «لمسات».


شهد افتتاح المعرض حضوراً كبيراً، حيث عبّر الجميع عن إعجابهم باللوحات الإبداعية المتنوعة للفنانات الشابات اللواتي نجحن في التعبير عن أنفسهن وثقافة مجتمعهن، مما يُعد تجسيداً عملياً لما تشهده السعودية من دعم وتطور كبيرين في رعاية المرأة السعودية وتلبية طموحاتها في كل المجالات، ومنها الفن التشكيلي الذي عرفه أهله بأنه «كل ما يؤخذ من الواقع ليتم صوغه وتشكيله بطريقة جديدة ومبتكرة»، فلذلك يُطلق عليه اسم «تشكيل»، حيث يقدم الفنان رؤيته وأفكاره ومفرداته في تشكيل مكونات لوحته من حيث الشكل والمضمون.
 تهافت على المعرض العديد من الجنسيات، حيث اصطحبت الفلسطينية وجدان دياب معها ابنتها ميرا وائل، وأبدت سعادتها الكبيرة بتعبير الفنانات بصدق عن المرأة السعودية في مختلف مراحلها العمرية، فهناك لوحات لفتيات صغيرات، تقابلها لوحات لمسنّات،  وأخرى لشابات عصريات.
 وتتمنى وجدان أن يتم تنظيم معرض كبير للفنانات التشكيليات العربيات، ليكون تعبيراً صادقاً عن تفاعل المرأة العربية مع عصرها، فتحكي بريشتها عن بيئتها، وينشأ نوع من التنوع الثقافي والتلاقي الفني بين النساء من مختلف الدول العربية.

موهوبات
تؤكد الدكتورة أميرة فهمي، منسّق عام المعرض وصاحبة فكرته، والتي عملت بالتدريس في كلية التربية، جامعة الملك سعود، منذ عام 2012، وتواصلت مع الموهوبات السعوديات، سواء من طالباتها أو من غيرهن، أن هذا المعرض كان حلماً وأصبح حقيقة، لتقدّم المبدعات السعوديات أفضل ما لديهن للتعبير عن أنفسهن ومجتمعهن.
وتضيف الدكتورة أميرة، أن المرأة مرآة تقدّم كل المجتمعات، ولهذا تقاس الأمم بمدى تقدّم المرأة فيها، وما حققته من إنجازات، وما حصلت عليه من حقوق، لهذا جاء هذا المعرض ليجيب عن سؤال: كيف ترى المرأة السعودية نفسها؟ وكيف تعبّر عن تطلعاتها وطموحاتها وإنجازاتها بأساليب معاصرة؟
وتشير الدكتورة أميرة إلى أن المعرض يكشف أحلام الفنانات السعوديات الشابات وطموحاتهن، من خلال رؤى مختلفة، إلا أنهن يتشاركن جميعاً في كونهن نساء يرغبن في التعبير عن أنفسهن وبنات جنسهن في لوحات تشكيلية، وقد نجحن في ذلك بشكل كبير، وهي تجربة رائدة بحيث تتمنى النساء في كل دولة عربية أن تقيم معرضاً مماثلاً، ليتم جمع الفنانات العربيات معاً في معرض واحد مستقبلاً، فتلتقي آمال المرأة وآلامها في معرض واحد.

بلا شرح
الفنانة شذى العمر بعد حصولها على ماجستير الآداب في التربية الفنية من كلية التربية في جامعة الملك سعود بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، شاركت في العديد من المعارض الفنية في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وتشارك في معرض القاهرة بلوحتين قامت برسمهما بالألوان الزيتية، ولا تحب شرح لوحاتها، بل تفضّل أن يفهمها كل من يشاهدها وفق رؤيته، فيثريها في ضوء إحساسه وفهمه لها.

تشجيع
حرصت الفنانة التشكيلية السعودية الشهيرة والمحكّمة الدولية الدكتورة غدير حافظ، على الحضور ومشاركة الفنانات الشابات السعوديات فرحتهن بهذا المعرض الأول لهن، بخاصة أن غالبيتهن من صديقاتها أو تلميذاتها، ولذلك ترى أن هذا المعرض نقلة نوعية في تاريخ الفنانات التشكيليات السعوديات، وهو يُبرز قدراتهن على التعبير عن أنفسهن ومجتمعهن وثقافتهن وثرائهن الحضاري.
تؤكد غدير حافظ أنها تحاول من خلال المعرض تقديم رؤية نقدية تستفيد منها الفنانات الشابات في مسيرتهن الفنية، كما أنها تشجع المبدعات بكل ما تملك من خبرة للارتقاء بمستواهن، رغم أن المشاركات في المعرض مبدعات حقيقيات استطعن نقل إحساسهن إلى لوحاتهن، سواء قضايا الوطن بعامة أو قضايا المرأة في مختلف مراحل حياتها، ليصلن إلى العالمية مثلها، حيث إنها مثّلت الفنانات التشكيليات السعوديات في العديد من المعارض الدولية في الخارج.

إبداع مبكر
«لها» التقت بعض الفنانات المشاركات بلوحاتهن في المعرض، فأشارت الفنانة حنان جوهري، 21 عاماً، وطالبة في قسم إدارة الخدمات الصحية والمستشفيات في جامعة الملك عبدالعزيز، إلى أنها تهوى الرسم منذ أن كان عمرها خمس سنوات، وشاركت في معارض مختلفة، منها معارض لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتشارك في معرض «لمسات» في القاهرة بثلاث لوحات، الأولى تعبّر عن البحر والمرعى، والثانية عن جمال المرأة، والثالثة عن تخيّلات الناس عن المرأة. كما تتمنى أن يكون هذا المعرض بداية انطلاقتها إلى العالمية.

موهبة مزدوجة
من جهتها، أكدت الفنانة ريم المناور، أنها ليست فنانة تشكيلية فحسب، بل تدرّب المواهب أيضاً. ورغم أنها خريجة إدارة أعمال في جامعة الملك عبدالعزيز، إلا أنها مولعة بالفن التشكيلي، وهي بدأت المشاركة في المعارض الدراسية منذ طفولتها المبكرة، ثم تطورت موهبتها في المرحلة الثانوية في تدوير المواد التي ترسم بها، وإدخال خامات حديثة وغير تقليدية إلى لوحاتها، ولهذا فازت بالمركز الأول في مسابقة الفن التشكيلي في مدرستها الثانوية، ثم بدأت التعاون مع جمعية النهضة الخيرية من خلال «مجموعة وهج» للأطفال الأيتام، وإنشاء ورشة فنية خاصة بهم لاكتشاف المواهب، والجمع بين متع التعليم والترفيه ورسم الابتسامة من خلال الرسم الحر، ولهذا حصلت على جائزة التميز وتم تكريمها بدرع من الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وأشادت بها الصحف السعودية كرسّامة أثبتت موهبتها وجهودها في اكتشاف المواهب.

تفوّق دائم
رغم تخصص الفنانة الشابة مها الحازمي في علوم الحاسب الآلي، وحصولها على البكالوريوس فيه من جامعة أم القرى بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، إلا أن موهبتها الفنية متوهجة، وشاركت في العديد من الدورات التدريبية في الفن التشكيلي والتصوير، بخاصة الأفلام الوثائقية، وحصلت على جوائز عدة، وتشارك في معرض القاهرة بثلاث لوحات تتناول المرأة، أولاها «هدوء الروح»، وهي تعبّر عن التوازن الروحي الناتج من سماع المرأة صوتها الداخلي الذي يكون أقرب الى سيمفونية، والثانية «صمت» والثالثة «غموض»، وتعبّر عن الكوامن النفسية للمرأة في مراحلها العمرية المختلفة، بخاصة مرحلة الشباب.

تخصص
استفادت الفنانة هبة رضا مرعي من تخصصها وحصولها على ماجستير في الخزف من جامعة هاورد في الولايات المتحدة الأميركية، ولم تكتف بذلك، بل حصلت على شهادة في المستوى الأول للفنون البصرية، وشهادة مدرّب معتمد من المعهد الكندي الدولي، وتعمل مدرّسة رسم في مدرسة «دار المعرفة الدولية»، وهي عضو في الأكاديمية السعودية في الولايات المتحدة، وقد شاركت في معرض القاهرة بثلاث لوحات، اثنتان بورتريه والثالثة تركيبات من الحروف.