برامج موضة

تجربتي في «فاشن ستار»

فاديا فهد 16 فبراير 2018

صداقتي للمصمّمة الأميركية من أصل لبناني ريم عكرا تعود إلى سنوات طويلة، حين وثّقتُ نجاحاتها الأولى في مقابلة نُشرت في العدد الثاني من مجلة «لها»، سردت فيها المصمّمة المبدعة قصص طفولتها في بيروت، واستعادت ذكرياتها الأكثر حميميةً في مدينتها الأم، وكشفت عن علاقتها الأولى بالقماش والتطريز والتصميم، وروت حكاية مجموعتها الأولى وشرارة الحلم العالمي الأول. بعدها توالت الحوارات والاتصالات، وكبُرت الصداقة. عندما وجّهت لي إدارة برنامج «فاشن ستار» Fashion Star دعوة للمشاركة في لجنة التحكيم في الحلقة الأولى من برنامج المواهب الشابّة في مجال تصميم الأزياء الذي يُعرض على شاشة دبي وقناة Dubai One في موسمه الثالث، لم يسعني إلا أن أسارع للموافقة. وقد رأيت في مشاركتي هذه مناسبةً للقاء ريم بعد طول غياب، وفرصةً للمساهمة في برنامجها الشهير من خلال خبرتي الطويلة في الموضة والأزياء.


تصل إلى استوديوات التصوير، فتشعر أنك في خلية نحل: مصمّمون ومشرفون وتقنيّون ومصوّرون ومعدّون في حركة لولبية تسبق بدء التصوير. مشتركون من كل أنحاء العالم العربي يستعدّون لتقديم إنتاجهم الأول رغم توترهم وخوفهم، وها هم منكبّون على أقمشة وتصاميم لإضافة لمساتهم الأخيرة. المسرح جاهز «بكامل أناقته ورهبته»، لا ينقصه إلا ريم... وكلمة السرّ للانطلاق في التصوير.

يستقبلني فريق عمل «فاشن ستار» بابتسامة دافئة، ونسير معاً إلى الغرفة المخصّصة لي كعضوٍ ضيفٍ في لجنة التحكيم، وقد كُتب على الباب اسمي بالخط العريض. فنجان قهوة وتنطلق الاستعدادات والتحضيرات من شعر وماكياج واختيار الفستان الأنسب لإطلالتي التلفزيونية والذي حمل توقيع دار «ديور» Dior الفرنسية، إلى تقييم المشتركين وتدوين الملاحظات على عمل كلّ منهم على دفتر  صغير يرافقني في مهمّتي الصعبة. أقول صعبة، لأن الحُكم على موهبة من خلال عمل واحد أوّل، فيه الكثير من الظلم للمصمّم نفسه، إذا ما أخذنا في الاعتبار توتر المشارك ومحاولاته إرضاء لجنة التحكيم عموماً، ومحاكاة أسلوب ريم ونظرتها إلى الإبداع والموهبة والقطعة الناجحة والجميلة في آنٍ واحد. هذا ولا بدّ من القول إن كلّ الملاحظات التي يدوّنها عضو لجنة التحكيم، يُعاد النظر فيها لدى مرور العارضات متألقاتٍ بالقطع والتصاميم على خشبة المسرح، ومقارنتها بشخصية المصمّم المشترك وأسلوبه الخاص في تقديم نفسه قلباً وقالباً أمام لجنة التحكيم أو في الريبورتاج المصوّر مسبقاً.

ويمكن القول إن كلّ التصاميم التي شهدتها الحلقة الأولى من «فاشن ستار» في موسمه الثالث، كانت بالمستوى المطلوب، وبالتالي كشفت عن مواهب واعدة تستحق التأهّل الى الحلقات المقبلة. لن أدخل هنا في لعبة الأسماء لئلا أزكّي موهبة على حساب أخرى منذ الحلقة الأولى، وكي أترك للجميع الفرص المتساوية لإبراز مواهبهم في حلقات مقبلة. من هذا المنطلق كنت سخيّة في توزيع العلامات خلال تقييم المشتركين في مرورهم الأول في البرنامج، الى حدّ دفع عضو اللجنة الصديق والخبير في الموضة نديم شمّاس الى ممازحتي في الكواليس في ختام الحلقة، مطلقاً عليّ لقب «الإسعاف الذي ينقذ المواهب الأقلّ حظاً في اللحظة الأخيرة»! وقال ضاحكاً «اضطررتُ الى التشدّد في علاماتي أمام كرمك الفائض وإغداقكِ العلامات في تقييم المصمّمات والمصمّمين المشاركين». وفي الواقع، أعتزّ بهذا السخاء لأنه مهّد بأسلوب مباشر أو غير مباشر الطريق أمام المصمّمة ريم عكرا لتبادر في ختام الحلقة الأولى إلى الإبقاء على كلّ المشتركين إلى حلقة ثانية من دون الاستغناء عن أيّ منهم كما تنصّ قوانين البرنامج، ممارسةً حقّها في استخدام الجوكر، في قرار جريء فاجأ الجميع وأعطى فرصة ثانية للمشتركين المنتظرين في قلقٍ... فرصة أثلجت قلبي وقلوب هؤلاء، خصوصاً أن من شأنها أن تكشف المزيد عن موهبة كلّ منهم، فلا يعود الحُكم يقتصر على مرور واحد وتصميم أوّل يسوده الإرباك والخوف والخبرة المتواضعة. أسبوع جديد في أكاديمية «فاشن ستار» منحته ريم للمشتركين، من شأنه أن يعلّمهم الكثير، ويرسّخ تجربتهم الأكاديمية، ويعزّز ثقتهم في الأفكار التصميمية التي سيقدّمونها، وبالتالي الحُكم بموضوعية أكثر على مواهبهم في الحلقات المقبلة.

قرار ريم الأخير في ختام الحلقة جاء ليكلّل مشاركتها الجميلة والأنيقة في «فاشن ستار»، بشخصيتها الفريدة والجدّية والحازمة حيناً، والمرحة والخفيفة الظلّ والمتفهمّة لإرباكات بداية الطريق وتعثّراتها أحياناً. في كلّ تعليق من تعليقات ريم الكثير من الحكمة النسائية المترفة، الممزوجة بأمور الحياة الأكثر بساطةً وروعةً. تعرف ريم كيف تضيف الى الحلقات من شخصيتها الفريدة والمتفائلة، وموهبتها الاستثنائية، وخبرتها الطويلة في مجال الأزياء، وقصّة نجاحها في نيويورك، «مدينة الأزياء الأكثر تحدّياً»، كما تصفها ريم نفسها، هذا من دون أن  تُثقل على جمهورها ومتتبّعيها في الكلام النظريّ. لذلك فإن البرنامج الذي أرادته ريم صورةً عنها، عرّف المشاهدين العرب أكثر على ريم الإنسانة الرائعة والدائمة الابتسامة والقويّة في الوقت عينه، والتي تجيد اتخاذ القرار المناسب في المكان والزمان المناسبين، وهو ما صنع نجاحها الكبير في عالم الموضة. وها هم المشتركون في البرنامج يستلهمون تجربتها الناجحة هذه، ويعملون بنصائحها وتوجيهاتها، لشقّ طريقهم الخاصّ وترك بصماتهم الشخصية وصنع نجاحات مماثلة لنجاح ريم العالمي. كلّ التوفيق لهم في هذا الامتحان المفصلي في حياتهم المهنيّة في اتجاه الاحتراف.

تطوّر المشتركين والمشتركات في تنافسهم الأسبوعي الأنيق، وتألّق ريم وأعضاء اللجنة تواكبه «لها» في منصّاتها الرقمية في تغطيات حصرية ومقابلات خاصّة وفيديوات... كونوا على الموعد.