رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز: التمييز عنف معنوي وهذه أسرار حياتي مع زوجي شامل

فاديا فهد 07 مارس 2018

تستقبلكَ كلودين عون روكز بابتسامتِها الدافئة، وإطلالتها الرقيقة وشخصيتها الصادقة والقاطعة، وحضورها المحبّب والآسر. هي ابنة الرئيس اللبناني الجنرال ميشال عون، امرأة استثنائية ذاقت الحرب وعرفت المنفى، وتعلّمت منه أن تحبّ لبنان أكثر وتناضل أكثر وأكثر من أجله. لقاؤها الأول بزوجها الجنرال شامل روكز كان عاصفاً: حبّ من النظرة الأولى، تكلّل بالزواج وأثمر ولدين. أما قضيّتها الأولى اليوم فهي المرأة، ثم المرأة والمرأة. بعدما عُيّنت رئيسةً لـ«الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية»... «التمييز عنف معنويّ بحقّ المرأة ومرفوض بكلّ أشكاله»، تقول كلودين، وترفع راية قضايا نسائية عدّة منها مشاركة المرأة في الانتخابات المقبلة وحقّ المرأة المتزوّجة من أجنبي منح أولادها الجنسيّة اللبنانية والمساواة في قانون العمل والضمان الاجتماعي وغيرها. «نحقّق نعم، تقول كلودين، من المهمّ أن نخطو ولو خطوة واحدة في هذا المسار الطويل، والأهمّ أن نواصل النضال ونسلّم الشعلة لنساء أخريات من بعدنا يكملن الطريق...».


- من هي كلودين عون؟ شخصيتها، تطلّعاتها، أحلامها...
أنا امرأة متنوّعة الاهتمامات، من السينما والموسيقى إلى الإعلام والإعلان وشؤون المرأة والبيئة، إضافة إلى اهتمامي بالعائلة، خصوصاً أنني أم لخمسة أطفال. اهتمامي بالسياسة يأتي من كونها الخبز الذي نقتاته كل يوم. امرأة واضحة وصريحة وقاطعة: تريد كل شيء أو لا شيء، ولا تحبّ المساحات الرمادية، بين الأسود والأبيض. يهمّني في علاقاتي، الصدق والوفاء والتفاني في العمل. بالنسبة إلى تطلّعاتي، أؤمن بأن كل شيء يبدأ بحلم، والحلم يتحوّل مشروعاً نسعى إلى تحقيقه. المستقبل بالنسبة إليّ هو عائلتي الكبيرة التي أحبّها وأهتمّ بكل فرد من أفرادها. مهنيّاً، حقّقت نفسي من خلال شركتي الخاصة للإعلانات «كلمنتين». سياسياً، أحلم بلبنان أفضل وأجمل وأكثر ازدهاراً واحتراماً للبيئة والإنسان، مع الحفاظ على ثقافة السلام التي تميّز لبنان، وهي ثقافة تحترم الآخر، فهذا الوطن المتعدّد الثقافات والمذاهب والطوائف والتقاليد هو بحدّ ذاته مثال يُقتدى به في هذا الشرق.

- وُصِفت بـ«القوة الناعمة»، ماذا عن هذا اللقب؟
(تضحك) أعجبني اللقب. صحيح، فأنا لستُ امرأة ضعيفة، ومعروف عنّي أنني أحبّذ التواصل المباشر بأسلوب محترم وراقٍ وشفّاف، حتى مع الخصوم. لا أحبّذ الأحكام المُسبقة على الأشخاص، ولا الاستماع الى نقّالي الكلام في غياب الأشخاص.

- هل اكتسبتِ قوّتكِ من التجارب الحياتية المختلفة ومنها المنفى السياسي وتجربة الزواج الأولى التي لم تتكلّل بالنجاح وحياتك كأم مستقلة فترة زمنية قبل زواجك الثاني؟
كل تجربة تضيف إلى شخصيتك. لقد علّمني المنفى أن أقدّر وطني أكثر وأحبّه أكثر فأكثر. تجربة زواجي الأول، علّمتني أن أناضل أكثر في زواجي الثاني من العميد شامل روكز، كي أحافظ على علاقتنا متّقدة. حياتي كأم مستقلّة فترة من الزمن، أقدّرها لأن استقلالية المرأة واتّكالها على نفسها أمر ضروري في بلورة شخصيتها. أعلّم ابنتيّ أن تتّكلا على نفسيهما وتُكملا تعليمهما، وتعملا، وتنجحا، وتستقلاّ اقتصادياً، لأن استقلالية المرأة تبدأ من استقلالها الاقتصادي، فيكون صوتها مسموعاً في عائلتها، كما في مجتمعها.

- يقول الوالد الرئيس اللبناني ميشال عون إنك يده، في حين أن ميراي هي عقله وشانتال قلبه؟ لماذا اختار لك هذه الصفة؟ وما هو دورك إلى جانبه؟
(تبتسم)، كان ذلك ردّاً على سؤال صحافي حول بناته الثلاث وما يميّز كلّاً منهنّ. قال والدي الجنرال عون إنني يده وميراي عقله وشانتال قلبه، مكبّراً الصورة على ما يميّز كل واحدة منّا. أعتقد أنه أطلق عليّ هذه الصفة لأنني امرأة ديناميكية وأنفّذ كل ما يطلب إليّ في الحين، كذلك أعبّر عن رأيي بسرعة في المواضيع التي تُطرح أمامي.

- هل تملكين الشخصية الإعلامية الأقوى بين أخواتك؟
كلٌّ منّا قوية على طريقتها الخاصة. ما يميّزني هو نبرة صوتي وحماستي للإدلاء برأيي، كذلك أعبّر عن رأيي بسرعة في المواضيع المطروحة.

- ماذا عن دورك كأمّ لعائلة مؤلّفة من 5 أولاد هم جوزيف وإيمّا وميشيل وجاد وعماد؟ هل ربّيتهم تربية عسكرية كتلك التي تلقيتها؟
أنا أمّ عاطفية وصارمة في الوقت نفسه. لا أتهاون أبداً في مواضيع التهذيب والقيم والأخلاق العالية. لا أتهاون عندما يتعلّق الأمر بعدم الاحترام في ما بين أولادي، وذلك حفاظاً على وحدة العائلة. لكنني في الوقت نفسه، أمٌّ عاطفية ومُحبّة ومستمعة جيّدة لهمومهم ومشاكلهم، ولا أبخل في إظهار عاطفتي وحناني لأولادي. أغمر أولادي بالقُبلات، وأضمّهم باستمرار إليّ. لم نتلقَّ تربية عسكرية، فالجنرال ميشال عون هو والد حنون يعطي مساحات حريّة كبيرة لبناته الثلاث، وكان ولم يزل يترك مهمّة تدبير أمور العائلة والمنزل لأمي التي هي امرأة نظامية بامتياز.

- هل تجدين الوقت الكافي لتمضيته مع العائلة، في ظلّ انشغالاتك بين عملك كرئيسة لشركة «كليمنتين» للإعلان، ومسؤولياتك كرئيسة لـ«الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية»، وزوجة لسياسي وكابنة للرئيس يوكل إليها مهمات طارئة؟
أترك إدارة شركتي لشريكي، وأكتفي بتوقيع البيانات والمستندات اللازمة، فانشغالاتي في القصر الجمهوري وفي «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية» تحول دون اهتمامي بشركتي. الواقع أن قضايا المرأة في لبنان شغلتني كثيراً، فالتمييز القانوني ضدّها أمر يمسّني شخصياً ويستفزّني، من هنا اندفاعي في نضالي هذا. كذلك تراني منشغلة هذه الفترة في الانتخابات النيابية التي يخوضها زوجي الجنرال شامل روكز. ووسط كل هذه الانشغالات والانهماكات، أحرص على تخصيص ساعات بعد الظهر لعائلتي، فأشرف على متابعة دروس أولادي، قبل أن يحين وقت نومهم لأستأنف عملي على ملفّات معيّنة. أعتقد أن على المرأة العاملة أن تجيد تنظيم وقتها محترمةً الأولويات، كي لا تظلم عائلتها.

- متى تجتمع العائلة؟ وهل تمضون الإجازات معاً؟
تجتمع العائلة الكبيرة كل يوم أحد لتتناول طعام الغداء مع الوالد الرئيس الجنرال ميشال عون. كذلك أزور ابني جوزيف الذي يتابع دراسته في لندن بشكل مستمرّ وأمضي أوقاتاً قيّمة إلى جانبه. زوجي لا يحبّ السفر، وهو متعلّق كثيراً بلبنان، ويفضّل أن نمضي إجازاتنا في ربوعه. أسفاري أقوم بها مع أولادي وصديقاتي.

- كيف تقارنين طفولتك بطفولة أولادك؟ هل كانت طفولتك كابنة عسكري صارمة ومسؤولة؟
نحن جيل الحرب، لم نعش طفولة طبيعية. طفولة أولادي هي طفولة سعيدة مقارنةً بطفولتي. النظام السياسي في لبنان يستولد الأزمات والصراعات بشكل مستمرّ، لذا أتمنى لأولادي أن يكون مستقبلهم كطفولتهم السعيدة، ولا يعيشوا زمن المدفع والقصف والقنص الذي عشناه.

- ما هي الاختصاصات التي اختارها أولادك؟ وهل كنت وراء خيارهم هذا؟ وإذا اختاروا العمل السياسي أو المؤسسة العسكرية يوماً، هل ستوافقين؟
عندما كنتُ في سنّ الثامنة عشرة، تسجلتُ في جامعة «ألبا» للفنون، طالبةً في قسم الديكور الداخلي. لقد كان حلمي أن أصبح مهندسة ديكور داخلي. وحدث ما حدث في «13 تشرين»، واضطررنا لمغادرة لبنان إلى فرنسا التي كانت المنفى السياسي لي ولعائلتي. هناك لم أستطع الالتحاق بكليةٍ لهندسة الديكور الداخلي كما كنت أحلم، لدواعٍ أمنيّة وإدارية، واضطررت إلى اختيار اختصاص آخر هو الإعلام المرئي والمسموع. هذه التجربة التي عشتها جعلتني أصرّ على حقّ أولادي في اختيار الاختصاصات التي يحبّونها. ابني جوزيف اختار أن يدرس علوم الكومبيوتر في لندن، ولم أعارضه. ابنتي إيما استعانت بمستشارة توجيهية فاختارت دراسة الإعلام في الجامعة اللبنانية  الأميركية في لبنان. وابنتي ميشيل اختارت دراسة العلوم المالية، وليس عليها إلا أن تقرّر أين ستتابع دراستها، في لبنان أو في الخارج.

- هل زرعتِ فيهم فكر المساواة بين الرجل والمرأة؟ وكيف؟
لا أفرّق بين صبي وبنت، وقد علّمت أولادي جميعاً الاتكال على أنفسهم في الشؤون الحياتية والمنزلية كالطبخ والتنظيف والترتيب. أؤمن بأن المساواة تبدأ في التربية العائلية.

- تعشقين الفنون وخصوصاً السينما، وهي اختصاصك بما أنك حائزة ماجستير في الدراسات السينمائية والسمعية والبصرية من جامعة
Paris IIIUniversite Sorbonne Nouvelle  في فرنسا؟ أيّهما تعشقين أكثر: التمثيل أم الإخراج؟
لا أحبُّ التمثيل ولا الإخراج. كنت مرغمة على متابعة هذا الاختصاص، وهو لم يكن خياري الأول. الماجستير التي قدّمتها كانت حول «المرأة في الخمسينيات»، حقوقها وثوراتها إلخ... أعتقد منذ ذلك الحين أنني امرأة تؤيد الحراك النسائي وحقوق المرأة.

- ما هو آخر فيلم شاهدته وأثّر فيكِ؟
آخر فيلم شاهدته كان فيلماً سويسرياً يروي نضال النساء في السبعينيات للحصول على حقّ التصويت، وهو فيلم سنعرضه لمناسبة اليوم العالمي للمرأة ضمن احتفالية تنظّمها «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية».

- في انتخابات عام 2009، كنتِ وراء حملة «كوني جميلة وصوّتي» Sois Belle et Vote!  لماذا انطلقت هذه الحملة؟ وهل تحتاج الانتخابات المقبلة حملاتٍ نسائية مماثلة تدعو المرأة الى عدم التلكؤ في المشاركة بالتصويت؟
كان هدف الحملة عام 2009 تشجيع النساء على الانتخاب والتصويت والتعبير عن آرائهن حتى ولو من خلال ورقة بيضاء. على المواطن، امرأةً كان أو رجلاً، أن يتمسك بإمكانية التغيير ولا يستسلم. الحملة دعت المرأة لتعبّر عن صوتها وتشارك في التغيير، فهي نصف المجتمع وتتحمّل مسؤولية انتخاب طبقة سياسية جديدة مهمّتها التطوير والتحديث. فالقوانين التي ينصّها الرجال ويقرّونها في الإدارات ومراكز السلطة المختلفة، لها وقعها على حياة النساء اليومية. من هنا أهمية استنهاض نساء بلادي كي يكنّ شريكات في القرارات والتعديلات.

- حتى وإن كانت شريكة في الانتخاب، لكنها ليست شريكة في القرار، ألا تعتقدين ذلك؟ أليس في الكوتا حلٌّ مؤقت لهذه الإشكالية؟
عليها أن تترشّح أولاً كي تصبح شريكة في القرار. أنا من مؤيدات الكوتا مرحلياً كي نصل إلى الوعي المطلوب لترشيح النساء وانتخابهنّ. كرئيسة لـ«الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية»، أجدُني أطالب الأحزاب والتيارات السياسية بترشيح النساء، لكنّ التجاوب ضعيف، خصوصاً في ظلّ حسابات الربح والخسارة التي تقوم بها الأحزاب.

- هل هذا يعني أن المرأة ليست عنصراً مُربحاً في الانتخابات؟!
على المرأة أن تكون ناشطة في مجتمعها وتفتح بابها للناخبين، تماماً مثلها مثل الرجل المرشّح. عندها ستفرضها الإحصاءات عن جدارة.

- لكن، هناك نوابٌ لا يستحقّون مناصبهم، أليس ظلماً أن نطلب من المرأة أن تستحقّ منصبها ولا نطلب ذلك من الرجل؟
هذا صحيح، لكنه لن يتحقّق بين ليلة وضحاها. هناك طريق طويل يجب أن تسلكه المرأة قبل أن تصل إلى المساواة الكاملة في العمل السياسي. من هنا أهمية الكوتا في المجتمعات الذكورية التي لا تعترف بدور للمرأة، لتغيير النظرة الدونية العامّة الى النساء، وإعطائهن فرصة لإثبات قدراتهنّ وفاعليتهنّ في الحياة السياسية والبرلمانية، مع الإشارة إلى أن الكوتا التي نطالب بها مرحلية وليست نهائية. الانتخابات البلدية هي فرصة للمرأة اللبنانية كي تحقّق ذاتها في العمل العام.

- ماذا عن تعيين نساء وزيرات، ألا يمكن فرض نساء وزيرات أسوةً بالرجال الوزراء؟
هذا الأمر أيضاً يتعلّق بالأحزاب والتيارات السياسية التي تختار في العادة من تريد أن يمثّلها في حكومة معيّنة.

- ماذا عن حقّ المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي إعطاء جنسيتها لأولادها؟ هل دخل هذا المطلب الدائرة السياسية المغلقة وبات تحقيقه من سابع المستحيلات؟
هناك مخاوف ديموغرافية لا تنفي حقّ المرأة المتزوّجة من أجنبي إعطاء جنسيتها لأولادها، ولا تبرّر الظلم القانوني والاجتماعي اللاحق بحقّها وحقّ عائلتها. المخاوف الديموغرافية لم تشمل يوماً حقّ الرجل المتزوّج من أجنبية في منحها جنسيته، لكنها تشمل النساء في أوضاع مشابهة، وهذا ظلم بحدّ ذاته يطاول المرأة ويجعل منها مواطناً من الدرجة العاشرة.

- عُيّنت أخيراً رئيسة «الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانية»، وهو منصب تتوارثه السيدات الأول. كيف جاء هذا التعيين وكيف وقع الخيار عليك؟
بالعرف وليس بالقانون، فالقانون يقضي بأن تُعيَّن امرأة في هذا المنصب. وقد وقع خيار اللبنانية الأولى عليّ لاهتمامي الدائم بحقوق المرأة وعملي عن كثب على قانون العنف ضد المرأة، وهي محقّة في قرارها هذا، لأن مسؤوليات اللبنانية الأولى لا تسمح لها بالتفرّغ التام لمسؤوليات الهيئة التي تحتاج الكثير من الوقت.

- هل سيكون تعيينك سابقةً تمهّد لتعيين امرأة غير اللبنانية الأولى في هذا المنصب؟
أعتقد أن على الرؤساء اللاحقين أن يعيّنوا امرأة ديناميكية متفرّغة لهذا الموقع تدعم الهيئة وتحرّكها في اتجاه صنع فارق معيّن.

- ما هي القوانين النسائية التي وضعتها على نار حامية؟
الأولوية لقانون منع تزويج الأطفال. كذلك نسلّط الضوء على موضوعَي حقّ المرأة المتزوّجة من أجنبي منح أولادها الجنسية اللبنانية، وتعديل المادة 522 المتعلّقة بزواج المغتصب من ضحيته للتفلّت من العقاب الذي أُلغي وبقيت مفاعيله على الفتيات بين سن 15 والـ 18. كذلك نتابع التمييز في قانون العمل والمساواة في قوانين الضمان الاجتماعي والتوعية حول مشاركة المرأة في الحياة السياسية.

- مسكونة بالإنجاز والتغيير، أيّ بصمة تريدين أن تتركي في مسيرة المرأة اللبنانية من خلال إقرار قانون معيّن أو تحقيق إنجاز ما؟
التمييز هو نوع من العنف المعنوي بحقّ المرأة، وهو مرفوض بكل أشكاله. أتطلّع إلى إلغاء الكثير من التمييز الذي تعانيه المرأة اللبنانية، وهذا هدف بحدّ ذاته. قد لا أحقّق كل ما أريد تحقيقه بالنسبة الى المرأة، لكن المهمّ أن نواصل النضال ونسلّم الشعلة لنساء أخريات يكملن الطريق. الهدف أن نخطو ولو خطوة واحدة إلى الأمام، ولا نعود الى الوراء.


شامل وأنا

- كيف تعرّفت إلى الجنرال روكز؟ وهل كان اللقاء الأول عاصفاً، حبّاً من النظرة الأولى؟
كان حبّاً من النظرة الأولى. أُعجبت بطلّته وهيبته وشخصيته قبل أن أتحدّث إليه، واكتشفت صفات حميدة فيه. التقيته أولاً في القصر الجمهوري وأُعجبت به وسألت عن هويته وكان بعدُ ضابطاً وليس عميداً. الجنرال روكز يملك هالة لا يمكن مقاومتها. ولا أستطيع أن أصف لماذا أحببته وأحبّه اليوم. إنها الكيمياء التي جمعتنا!

- ما الذي جذبك أكثر إليه؟
عندما تعرّفت إليه، أُعجبت بصدقه وصراحته وهدوئه وأخلاقه العالية واحترامه لعائلته ووالديه.

- ما الذي شجّعك لتكرار تجربة الزواج مرة ثانية؟
لو لم يكن شامل روكز رجلاً استثنائياً، لما تشجّعت وخضت تجربة الزواج مرةً ثانيةً. كأمّ مسؤولة عن ثلاثة أولاد، لم يكن من السهل أبداً أن أتّخذ قراري بالزواج من جديد.

- يُقال إن المرأة تختار زوجها على صورة والدها، بماذا يشبه شامل الرئيس ميشال عون؟
شامل يشبه والدي بتمسّكه بالقيم والأخلاق والمبادئ المتمثّلة بالصدق والوفاء واحترام الآخرين، لكن طبعهما يختلف.

- كيف تصفين شامل روكز الزوج؟
شامل لا يتدخّل في تنظيم أمور البيت، وهو ما أقدّره فيه. أحبّ كثيراً كيف يتصرّف بحنان وعطف مع الأولاد. لكنّني آخذ عليه رومانسيته القليلة!!! أتمنى لو كان أكثر رومانسيةً وتعبيراً عن مشاعره وعواطفه.

- أين تتفقان وأين تختلفان؟
نتّفق على كل شيء، ونادراً ما نختلف.

- ماذا عن شامل روكز الأب؟
شامل روكز أبٌ حنون، لا يحرم أولاده عاطفته، وفي الوقت نفسه هو والد صارم لا يقبل بالغلط.

- هل يشجعك على العمل الاجتماعي، وما هو موقفه من المطالب النسائية التي تقودينها؟
يشجّعني وأشجّعه على العمل في مجال الخدمة العامة. في موضوع المرأة هو من الداعمين، ولا يقبل الظلم والإجحاف بحقّ المرأة.

- يُحكى عن حرب الأصهرة في عائلة الرئيس... هل هذه الحرب هي تنافس على الأدوار والإرث السياسي، أم على القُرب من الجنرال ميشال عون؟
إنها حرب في الصحافة فقط، وبعيدة كل البعد من الواقع. حرب ابتكرها الإعلام ولا أساس لها في عائلتنا التي تجتمع بمحبة وفرح كل يوم أحد من دون استثناء، على مائدة الوالد الرئيس الجنرال ميشال عون.

- هل تدعمين عمل شامل روكز السياسي وترشّحه إلى النيابة، من واقع معرفتك بشخصيته العسكرية الفذّة والصريحة الواضحة، خصوصاً أن السياسة تحتاج الى شيء من الديبلوماسية والمساومات؟
ما لا يعرفه الآخرون عن شامل روكز أنه عسكري في الميدان، وديبلوماسي في العمل السياسي. عندما تزوّجت الجنرال شامل روكز، لم تكن السياسة هدفنا ومشروعنا. خوضه معترك الانتخابات جاء بعد تقاعده ونزولاً عند رغبة مؤيديه. وأنا داعمة له في هذه الخطوة.


الجنرال شامل روكز:
أحببتُ في كلودين شفافيتها وصدقها وجرأتها في قول الحق!

- من هو شامل روكز الإنسان والزوج والأب؟
شامل رجل منفتح على الآخرين، وبيتي مفتوح للجميع، خصوصاً أنني من ضيعة يزور سكانها بعضهم البعض باستمرار بطريقة عفوية، بمعنى أنني معتاد أن يكون بيتي مفتوحاً للزوّار. كذلك أنا رجل يقدّس العائلة ويعشق أولاده وزوجته ويحترم والديه ويقدّرهما ويطيعهما. احترام الكبير واجب في عائلتنا، حتى لو كان هذا الكبير على خطأ. لوالدي الكلمة الأولى والأخيرة، ولا أجادله في أي شيء، وأنا فخور بهذه التربية «الضيعوية» اللبنانية الأصيلة.

- هل بُعدك عن الإعلام هو بحكم تربيتك العسكرية، أم لحبّك الصمت والعمل في الظلّ؟
أنا رجل متحفّظ يحبّ الصمت ولا يتكلّم إلا عندما تقتضي الحاجة، في مجلس خاص أو عام. ربما تكون تربيتي العسكرية قد زادت في صمتي وتركيزي. الكلام لا يجرّ إلاّ إلى المشاكل.

- ما الذي جذبك أكثر إلى كلودين؟
أحببتُ فيها شفافيتها وصدقها وجرأتها في قول الحق حتى لو تسبّبت جرأتها هذه بمشاكل. (ممازحاً) صحيح أنها كانت امرأة أكثر صمتاً من اليوم، لكنني ما زلتُ أحبّها.

- أي إطراء توجّهه إليها؟ وماذا عن النقد؟
نقدي الوحيد هو أن جرأتها وشفافيتها الزائدتين تورّطانها في مشاكل عدّة. لكنني في الوقت نفسه أحترم فيها روح المغامرة ومبادراتها في خوض غمار جديدة، وقدرتها على اتخاذ القرار الحكيم في الوقت المناسب. أحبّ في كلودين أنها امرأة لا تتّكل على الآخرين في اتخاذ قراراتها، بل تعتمد على تقييمها الشخصي للأمور.

- ما السرّ الذي لا يعرفه أحد عن كلودين؟
(يضحك) السر الذي لا يعرفه أحد عن كلودين أنها «مجرمة». أقصد أنها مجرمة في الإدلاء برأيها بأسلوب قد يكون جارحاً في الكثير من الأحيان.

- هل تحرص على تخصيص الوقت للعائلة؟
أحاول اليوم أن أعوّض على عائلتي غيابي خلال ممارستي الحياة العسكرية، وأحرص على تخصيص وقت للعائلة أتمتّع به أنا وأولادي وزوجتي.

- أيّ مستقبل تحلم به لولديك؟ أهو مستقبل سياسي، اقتصادي، عسكري، فني، أم ماذا؟
أجمل مستقبل أحلم به لولديّ هو أن يختارا ما يحبّانه في الحياة، ولا أحبّذ أن أفرض عليهما أي خيار أو اختصاص. فإذا كان ابني يحبّ السياسة سيكون سياسياً ناجحاً، وإذا كان يحبّ حياة العسكر سيكون عسكرياً ناجحاً، كذلك الأمر بالنسبة الى الهندسة والطبّ وأيّ اختصاص آخر. إنها حياتهما وعليهما أن يرسماها بنفسيهما.

- هل اخترتَ الحياة العسكرية بمطلق إرادتك، أم بتأثير من عائلتك؟
اخترت الحياة العسكرية بكامل إرادتي ولم أتأثّر بأحد. أنا من منطقة اللقلوق الجردية وتربّيت تربية تقشفية تشبه التربية العسكرية.

- في الحديث عن الفن، هل أنت من عشّاقه؟ ومن هم فنانوك المفضلون في الغناء؟
أعشق السيدة فيروز في كلّ ما قدّمته وتقدّمه. كذلك أحبّ الراحلَين، العملاق وديع الصافي والموسيقار ملحم بركات، فهما أرزتان من لبنان.

- ماذا عن السينما، هل تتشارك وكلودين حبّ السينما؟ وهل تشاهدان الأفلام معاً؟
نذهب معاً الى السينما، لكنّ كلّ واحد منّا يشاهد الفيلم الذي يختاره، لأن ذوقينا في الأفلام مختلفان: أنا أحبّ الأفلام التاريخية والحربية، وهي تحبّ الأفلام الرومانسية.

- هل لديك هوايات أخرى؟
هواياتي تتركّز على الرياضة والمشي والتزلّج على أنواعه وكرة السلّة. أنا وكلودين من محبّي المشي ونتشارك معاً هذه الهواية.

- ماذا عن علاقتك بـ«السوشيال ميديا»؟ هل تنشر صور عائلتك؟
هناك فريق يساعدني في إدارة حسابي الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، «إنستغرام» هو لصور العائلة، و«فايسبوك» للأتباع والمتابعين، أما «تويتر» فأخصّصه للإعلان عن مواقفي الشخصية والسياسية من قضايا معيّنة. كلودين ناشطة أكثر منّي على «السوشيال ميديا»، لكننا متّفقان على حماية عائلتنا وعدم نشر صور شخصية وعائلية للأولاد، إلا نادراً.

- مصاهرتك للرئيس ميشال عون، ماذا علّمتك على الصعيد العائلي كما على الصعيد السياسي؟
أحبّ في عائلة عون هذا التكاتف الذي يطبع العلاقة بين أفرادها، خصوصاً الأخوات الثلاث اللواتي يتبعن مبدأ نصرة ودعم بعضهنّ البعض في الحلوة والمرّة. سياسياً، أراني متأثّراً بأسلوب الرئيس في التحليل، كما في اتخاذ القرارات ضمن المبادئ والثوابت العامّة.

- هل أنتَ شخصيّة عسكرية أكثر منها سياسية؟
أنا شخصية استراتيجية. في الحياة العسكرية، يتحوّل عمل الجنرالات من الشقّ العسكري الى الشقّ التخطيطي الإستراتيجي. وهو ما قمت به في المناصب التي شغلتها قبل تقاعدي من المؤسسة العسكرية.

- معروفٌ عنك رفضك للمساومة، هل تتوقّع أن يعرقل ذلك عملك في المجال السياسي؟
السياسة بالنسبة إليّ هي الثوابت والمبادئ.

- ما هو تصوّرك للبنان؟
لبنان محكوم بموقعه الجغرافي، لكنه قويّ بإرادة أبنائه.

بعبارة واحدة، ماذا تقول في:

الحبّ... روح الحياة.

العائلة... الدفء.

الصداقة... كنز نادر.

الحياة... تجربة رائعة بآلامها وأفراحها.

الالتزام... مبدأ وإصرار.

الموت... حقّ حينما أتى، وكيفما أتى.

لبنان... فعل إيمان.

CREDITS

تصوير : ساسين دكاش