Home Page

المراهق وشقيقه الطفل

رعاية الطفل / الأطفال, السينما السورية, مراهق / مراهقون, العائلة, الأشقاء, الابن البكر, زوجان, الأخوة المراهقين, علم النفس, إهمال

20 أكتوبر 2009

ينتظر الزوجان ولادة طفلهما الأوّل بفارغ الصبر فيتخيلان شكله وجنسه ومن يشبه وكيف سيكون وماذا سيوفرون له من ترف الحياة والحب والعاطفة... يأتي هذا المولود ويتربّع على عرش العائلة، ويحوز اهتمام ليس والديه فحسب بل العم والخال والخالة والجد والجدة... فينعم برخاء عاطفي لا حدود له.

في المقابل، يكون الابن البكر هو أكثر الأبناء الذين يدفعون ثمن أحلام والديه، لأنه الأول في العائلة وبالتالي يكون أول تجربة أبوية يختبرها الزوجان اللذان يحاولان أن يعملا كل ما في وسعهما لتحقيق صورة الطفل الحلم التي في بالهما. ويخف وهج تحقيق هذا الحلم مع قدوم ابنهما الثاني الذي يزيح الأخ البكر عن عرشه ثم يليه الأخ الثالث والرابع إلى أن يقرّر الوالدان بالاكتفاء بعدد الأبناء. وغالبًا ما يوجد تفاوت في السن يصل أحيانًا إلى العشر سنوات أو أكثر بين أول العنقود و آخر العنقود.

واللافت أن الأخوة الكبار يعاملون شقيقهم الطفل بمحبة وكأنه ابنهم فيهتمون بمأكله ومشربه وتدريسه ونزهته و اختيار ملابسه، وأحيانًا يصطحبونه إلى السينما ليشاهد فيلمًا كرتونيًا وكأنهم يستعدّون لتجربة الأبوّة قبل أن يتزوجوا.

 وعلى النقيض من ذلك، نجد بعض الأخوة المراهقين يتذمّرون من وجود أخ صغير نظراً إلى ما يتمتع به من امتيازات منحه إياها والداه. فهو مثلاً قد يسمح له بمشاهدة التلفزيون حتى ساعة متقدمة من المساء من دون أن توجّه إليه ملاحظة، أو يسمح لآخر العنقود بأن يقود السيارة في سن صغيرة...

- فماذا ينصح اختصاصيو علم النفس الأهل لتحافظ العائلة التي لديها أبناء في أعمار متفاوتة على توازنها في الأسلوب التربوي خصوصًا عند وجود ابن مراهق وابن لا يزال طفلاً ؟

الالتزام بالأسلوب التربوي الحازم نفسه

يمر الطفل والمراهق بمرحلة المطالب الكثيرة والمعارضة المستمرة، حتى وإن كانت اهتماماتهما مختلفة، فمثلاً يفكّر المراهق في الخروج مع الأصدقاء، بينما الشقيق الطفل يريد الحصول على لعبة. يعترض المراهق على قوانين العائلة ويحاول خرقها ليثبت استقلاليته، بينما الشقيق الطفل يرفض الخضوع لطلب والدته ليختبر قدرتها على الالتزام بالقواعد التي وضعتها. لذا على الوالدين أن يضعا لكل واحد منهما إطارًا محددًا من الحقوق والواجبات المناسبة لسنهما، وإلزامهما بقواعد منزلية واضحة لا يجوز لأحدهما خرقها. فالتساهل مع أحدهما قد يؤدي إلى غيرة الآخر لأنه يشعر بالظلم. فمثلا عندما يسمح الوالدان للأخ  الصغير بالسهر لمشاهدة التلفزيون، ويمنعان في الوقت نفسه الابن المراهق من الخروج مع أصدقائه، فإنه سوف يغضب من شقيقه الجالس المستمتع بمشاهدة برنامجه المفضّل، لأنه يفعل أموراً كثيرة كانت ممنوعة عليه حين كان في سنّه.

عدم إهمال الابن البكر

يظن الأهل أن الابن أصبح شابًا وناضجًا  ولم يعد في حاجة إليهم ليشرحوا له كل الأمور. وهذا خطأ، فرغم أن المراهق يطالب باستقلاليته وبهامش كبير من الحرية، فإن  ولادة أخ بعد كل هذه السنوات قد تقلب حياته رأسًا على عقب وقد يشعر بالغيرة التي يعبّر عنه إما بتراجع أدائه المدرسي، أو المطالبة بفضائه الحيوي الخاص، أو التسرب من المدرسة... إذا لاحظ الوالدان هذا الأمور على ابنهما المراهق عليهما التحدث معه وطمأنته إلى أن مكانته محفوظة كابن بكر، ويجب أن يعبرّا له عن الحب الذي يكنّانه له. ولا مانع أن يقدّما له هدية عند ولادة شقيقه حتى لو كان في سن متقدمة من مرحلة المراهقة، فهذه الهدية تشير إلى أن والديه يفكّران فيه رغم أنهما منشغلان بالمولود الجديد.

تخصيص الوقت لكل ابن

من المعروف أن المراهق يفضّل الحوار مع أصدقائه أكثر من والديه، نظرًا إلى أنهم يشاركونه الأحلام والطموح والنظرة إلى المستقبل. مما يجعله قليل التواصل مع والديه. ولكن هذه ليست حجّة مقنعة لإهمال الحوار معه. فرغم انشغال الوالدين فإنه من الضروري التعرف إلى اهتمامات المراهق وتخصيص الوقت للحوار معه لأن ذلك يشعره بالسعادة، وبأنه لا يزال مصدر اهتمام والديه. فمن حق كل ابن أن يمضي أوقاتًا مميزة مع والديه.

عدم ترك المراهق القيام بدور الراشد مع شقيقه الصغير

عندما يرغب المراهق في أخذ زمام تربية أخيه الصغير، أو ينتقد أسلوب والديه التربوي، فهذا مؤشر لأنه لم يعد في مكانه الصحيح في العائلة، مما يعني تحقيق الخيال في الواقع. ورغبته في تربية أخيه الصغير تشير إلى أنه يريد أخذ مكانة والده أو والدته، لذا يجدر بالأهل تذكيره بموقعه في العائلة. أمّا تحويله إلى جليس أطفال فليس أمرًا سليمًا، وإذا وافق على ذلك بلطف فإنه من الممكن أن يشعر بأنه يعمل بالسخرة، وإذا جزاه  والداه بالنقود في مقابل بقائه مع شقيقته أثناء خروجهما للسهر، فإن ذلك قد يؤدي إلى أن تتحوّل علاقة الأخوّة إلى مصلحة مادية وتزول روح التعاون والتعاضد العائلي في المستقبل. لذا من الضروري أن يتنبه الأهل إلى ضرورة المحافظة على مكانة المراهق أو الشقيق البكر بين أخوته و إلى أنه لا يمكنه أن يحل مكان والديه، فلكل فرد في العائلة دوره الخاص به.