بمذاقها الحامض اللذيذ وفوائدها المذهلة، تبقى"التبولة" صاحبة الحضور الأقوى على المائدة، والأطيب مذاقاً والأكثر ذكرا على مدار السنة. هي من المقبلات الشرقية البسيطة التي صدرها لبنان إلى العالم، وتتكون من البقدونس المفروم فرماً ناعماً، والبرغل، والليمون، وزيت الزيتون، والطماطم، ويمكن إعدادها بطرق مختلفة تبعا لكل بلد. واكتسبت هذا السلطة الاسم من مصدر كلمة "توابل"، بسبب إضافة التوابل المختلفة عليها وخلط مكوّناتها الناعمة.

هبة دنش

إعدادها
وتقتضي"التبولة" الفرم الناعم لمختلف مكوناتها: البقدونس والطماطم والنعناع والبصل والخسّ ودبس الرمان وعصير الليمون والبرغل. وهي انطلقت من بلاد ما بين النهرين، بحسب تقديرات البعض، حيث اخترعها الكلدانيون في العام 1800 قبل الميلاد، بحسب مخطوطات أكادية، ثم استقرت قرب شواطىء البحر الأبيض المتوسط. الا أنها، وبعد أن استوطنت في لبنان وأصبحت جزءا من مطبخه التقليدي، شدّت الرحال مجدّدا، وهاجرت مع اللبنانين الذين استقروا في أميركا اللاتينية، إذ نجد أنّ هذه السلطة موجودة أيضا في البرازيل.

وتشرح فاطمة طريقتها في تحضير السلطة الشهية فتقول: "نفرم البقدونس والنعناع فرما ناعما جدا، وكذلك البصل والطماطم، ويضاف الى البقدونس البرغل والملح وزيت زيتون وعصير الليمون ورشة فلفل أسود حسب الرغبه، وتقلب، وغالبا ما تقدم مع المشاوي".

التبولة غذاء كامل
تعد التبولة من أنواع السلطة المشهورة في بلاد الشام، كفلسطين وسوريا والأردن، وتمتاز بإحتوائها على الألياف والكربوهيدرات والمعادن، بالإضافة إلى كميات قليلة من الدهون والسعرات الحرارية. لهذا تساعدك على الشعور بالامتلاء ولكن بسعرات حرارية أقل.

التبولة بالكينوا
وتعتبر التبولة من أشهر الأطباق المناسبة للرجيم، وتتميز بقيمة غذائية عالية، ويجربها متبعو الحميات الغذائية بوصفات عصرية، من خلال استبدال البرغل بالكينوا المسلوقة (نوع من الحبوب)، ما يضفي طعما فريدا ومميزا.

غينيس
وبهدف التأكيد على أن التبولة صناعة وابتكار لبناني 100 في المائة، سجل 300 طباخ لبناني رقما قياسيا في كتاب "غينيس" بتحضيرهم أكبر صحن "تبولة" تحت إشراف ممثل "غينيس" للأرقام القياسية في وسط بيروت، وقاموا بتقطيع أكثر من 3.5 طن من البقدونس والطماطم والبصل والنعناع. وبلغ قطر الطبق الفائز الذي صنعوه 5 أمتار، بعدها أضافوا إليه عصير الليمون الحامض وزيت الزيتون والمتبلات.

نزاعات
أخيرا، شكلت سلطة "التبولة" موضوع نزاع عربي- إسرائيلي، بعدما حاول الإسرائيليون نسبها إليهم وترويجها في العالم على أنّها "طبق تراثي يهودي". لكنّ المخطوطات التاريخية التي كانت بحوذتهم حديثة جدا مقارنة بالمخطوطات التي تؤكّد اختراع ووجود التبولة أولّا في العراق ثم في لبنان. وكمبادرة لحفظ هذا التراث المطبخي، يحتفل اللبنانيون كلّ سنة بـ"اليوم الوطني للتبّولة" في السبت الأوّل من شهر يوليو/تموز، منذ العام 2001، إذ يشكّل جزءا من التقاليد اللبنانية والعربية.